الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

مسيحيات تحت "مشرط الختان"

«البوابة» تكشف فى تحقيق جرىء

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا فرق بين مسلمة ومسيحية تحت مشرط الختان، فالعادات القبيحة التى توارثتها الأجيال لا تفرق بين الأديان، خاصة فى ظل انعدام حملات التوعية الموجهة للإناث حول معاناة ضحايا الختان، التى تبدأ من البرود الجنسى، وحتى صعوبة الإنجاب، بينما يختلف رجال الدين المسيحى حول تحريم العملية، ففى الوقت الذى يعتبرها بعض الكهنة جريمة فى حق المرأة، يعلن البعض الآخر تأييده لها على اعتبار أنها سبب فى «العفة»، مما جعل الجريمة تنتشر بين المسيحيات، خاصة فى محافظات الصعيد، لتخلف من ورائها نساء مدمرات، يفتقدن أدنى قدرة على الاستمتاع بالحياة.
فى هذا التحقيق، تفتح «البوابة» الملف الشائك حول ختان القبطيات، على لسان ضحايا جريئات فضلن فضح الجريمة التى مورست فى حقهن، أملًا فى إنقاذ أقرانهن من آلامها وآثارها البشعة، كما نرصد دور المنظمات الحقوقية والنسائية فى مواجهة الموروث الكارثى، الذى يعد عودة إلى العصر الجاهلى، لكن بالوأد النفسى بالإضافة إلى إلقاء نظرة على التشريعات الجنائية التى غلظت عقوبة الشخص الذى يجري الختان بالسجن من ٥ إلى ٧ سنوات، وإذا تسببت العملية فى عاهة مستديمة أو أدت للوفاة تصل العقوبة إلى السجن المشدد لمدة ١٥ عاما.. إلا أن تلك العقوبات مازالت غير كافية لردع قتلة المرأة معنويا!.


الضحايا:
تفاصيل «ليلة الدم» محفورة فى ذاكرتنا

الجريئة «سماح»: «جوزى قال لى لازم تتعالجى بس للأسف مفيش علاج ولن أسقى بناتى من كأس الختان مهما كانت الضغوط»

«اليوم ده بيفضل محفور فى الذاكرة.. مبيتنسيش أبدًا.. تبقى أم تبقى جدة هتفضلى فاكرة اليوم ده».. بتلك العبارة بدأت «ر.ح» صاحبة الـ٣١ سنة تحكى مأساتها، فقالت «وأنا عمرى ٨ سنوات أمى خدتنى للداية عشان تختنى لكنى مش ناسية اليوم ولا عمرى هنساه».
وتابعت «كنا عايشين فى قرية مسرع بأسيوط ومحدش وعى أهلى بأضرار ختان الإناث، ومحدش فيهم كان معترض لأن عندنا فى الصعيد ده عادى، العادة دى أهالينا بتوارثها من غير تفكير، مستكملة «بشوف البنات اللى مش متختنين بيحسوا بمتعة فى العلاقة الزوجية أنا بنفر منها وبقول ياريت اللى عندى كان له علاج».
وأوضحت أن عائلتها كانت معتقدة خطأ أن عادة ختان الإناث عفة وطهارة للبنت، كما أن هناك مقولة سائدة بقريتها، أن الختان يساعد البنت على الإنجاب، مؤكدة أن قلة التوعية من جانب رجال الكنيسة والمجالس المعنية بحقوق المرأة والطفل السبب فى ختان معظم بنات قريتها.
وأشارت إلى أنه عندما جاء الدور على مريم ومادونا بنات أشقائى رفضت أن يحدث لهن ما حدث لها وأقنعت أشقاءها بأن العفة بالتربية السليمة وليس فى بتر الأعضاء التناسلية، وقد استجاب أشقاؤها ونجت مريم ومادونا بفضل ما قالته لهم، ومن هنا أكدت أن التوعية والحديث المباشر مع الناس له مفعول السحر فى تغيير المعتقدات المتوارثة منذ سنوات.
وأبدت استياءها من تهميش المجالس لحقوق المرأة والطفل بقريتها وعدم توعية سكانها بما سيلحق ببناتهن من أضرار جراء ختنهن، مشيرة إلى اشتراط أغلب شباب قريتها عند إقدامهم على الزواج أن تكون الفتاة غير مختنة.
فيما اعتبرت سماح غطاس، صاحبة الـ٣٧ سنة، أن ختانها وهى فى الثانية عشرة من عمرها جريمة، قائلة «فاكرة أدق التفاصيل مكنتش عارفة أمشى مش عارفة أدخل دورة المياه واجهتنى مشاكل فى العلاقة الزوجية، جوزى قال لى لازم تتعالجى بس للأسف مفيش علاج».
وتابعت «حماتى كنت مصممة أنى أختن بناتى، بس طبعا رفضت بعد اللى شفته ازاى أسقيه بناتى بيدى من نفس الكاس»، وحماتى قالتلى «ازاى تطمئنى على بنتك وهى فى جامعتها ولا مع خطيبها قولت لها «بالتربية وإقناعها بالجملة اللى سمعتها من جمعية بتوعى بأضرار ختان الإناث بمنطقتنا، أن أغلب العاهرات فى بيوت الدعارة مختنات فإزاى بقى الختان طهارة وعفة، مضيفة: «أخت جوزى قالت له متسمعش كلام مراتك أنا هختن بناتى لكن أقنعتها متختنهمش».
وأوضحت أن عدم توعية أهلها بأضرار ختان السبب هو السبب فى المأساة التى تعيشها، مؤكدة أن التوعية المباشرة أثرت تأثيرا فاعلا على أبناء منطقتها.
ونوهت بأن التوعية بأضرار ختان الإناث من خلال الحملات الإعلامية لم تؤثر بشكل فاعل، مطالبة بمزيد من التوعية المباشرة فى كل القرى والنجوع.
فيما قالت «ع.ف» صاحبة الـ٤٤ عاما «شفت بعينى الخطر محدش قالى، حرمت وبحكى للناس اللى حصلى عشان يتعظوا»، موضحة أنها ختنت ابنتها الكبرى «ك» دون أى مشكلة وعند ختان بنتها الثانية «أ» أصابها نزيف حاد ما جعلها تشعر بالذنب تجاه بنتها ولا تختن أختيها الاثنتين.
وتابعت «دى تقاليد ولازم كنا بنعملها زمان اتعلمنا من أهلينا فى الصعيد كده كانوا معتقدين إنها طهارة للبنت ومحدش قال لنا إنها مضرة».
وقالت ابنتها ك «متذكرة ما حدث لى وأنا صغيرة بأدق التفاصيل، فقد اتجهنا إلى طبيب حينما رفضنا جاءتنا داية إلى المنزل، أصيبت بأضرار نفسية نتيجة تلك العملية علاوة على شلل فى الحركة دام لأيام ومستحيل أختن بنتى».


الحقوقيات:
الختان عودة لـ«العصر الجاهلى» لكن بـ«الوأد النفسى»
العراقى: منظمات المجتمع المدنى مقصرة.. والحسينى: ليس له مرجعية دينية

اعتبرت عبير العراقى سفيرة الاتحاد العالمى لحماية الطفولة بمصر، أن ختان الإناث، يمثل وأدًا نفسيًا وجسديًا واجتماعيًا للبنات، مشيرة إلى عدم وجود أى إثبات أن عادة ختان الإناث من تعاليم الدين.
وقالت العراقى، إن أضرار ختان الإناث من الناحية الطبية قد تصل إلى وفاة البنت خلال إجراء العملية لها ومن الممكن أن يصيبها نزيف، إضافة إلى الآلام التى تلحق بها بعد الانتهاء من العملية ورغبتها فى الابتعاد عن المجتمع.
واتهمت العراقى، منظمات المجتمع المدنى بالتقصير فى التوعية بأضرار الختان، والدليل على ذلك النسبة المرتفعة جدًا لختان الإناث فى مصر، مشيرة إلى إهمال الجهات المختصة بحقوق المرأة الانتهاكات التى يتعرض لها الأطفال وتركيزها على ما يخص المرأة فقط، مشيرة إلى ضرورة تبنى هيئات حكومية، حملات توعية بخطورة ختان الإناث فى كل قرية فى أنحاء البلاد، نظرًا لأهمية القضية، موضحة أن الختان لم يضر فتاة فقط بل إنه يضر المجتمع بأكمله، حيث إنه من الطبيعى أن تورث الفتاة الأضرار النفسية التى أصابتها جراء عملية الختان والانطواء عن المجتمع لأولادها، ما سيؤثر على اقتصاد الدولة بالكامل.
وقالت العراقى، إن وزارة التربية والتعليم أكثر الجهات المنوطة بها لنشر علاج مرض الختان، لانتشارها على مستوى الجمهورية، حتى يصل لكل أسرة أن الختان ليست حماية للفتاة إنما وأد لها. كما أن الحماية تتمثل فى التعليم الصحيح ومعرفة حقوقها وواجباتها.
وتابعت قائلة: «لا توجد هيئة بمصر مهتمة بحقوق الطفل، والهيئة الوحيدة التى بها أطفال وهى وزارة التربية والتعليم ليس لها دور تثقيفى»، مستكملة «من المفترض ألا يقتصر دور وزارة التربية والتعليم على حشو عقول الأطفال بمعلومات، فدورها أيضًا تثقيفهم بالموضوعات الخاصة بهم». 
واقترحت حلولًا لمنع ختان الإناث فى مصر على رأسها تثقيف المواطنين وتوعيتهم بالآثار السلبية لختان الإناث، وفرض عقوبات مشددة على الطبيب المنفذ للعملية وأهل الفتاة لإحداث ردع عام، ومتابعة كل القرى والنجوع.
وأعربت عن أملها، أن تحصل الفتاة على حقوقها فى المجتمع، لأنها تقوم بدورين، الأول يتمثل فى المشاركة فى المجتمع كمرأة عاملة تقدم خدمة مجتمعية وهى داعمة للمجتمع ضعف دعم الرجل. 
واختتمت العراقى حديثها قائلة: «تلك القضية فى منتهى الخطورة، فقد رجعنا ببناتنا للعصر الجاهلى فى زمن المفروض فيه وجود تكنولوجيا وتعليم، كما أننا جهودنا ضعيفة جدًا إن لم تكن غير موجودة».
ونفت رانيا الحسينى عضو المجلس القومى للمرأة، أن تكون لعادة ختان الإناث أى مرجعية دينية، مبرهنة على كلامها بعدم وجود تلك العادة فى الدول العربية، خاصة السعودية التى تعتبر بلد السنة والقرآن.
وأضافت الحسينى، أن ختان الإناث عادة فرعونية متوارثة عبر الأجيال شأنها شأن شم النسيم الذى يحتفل به المصريون بالوراثة عن أجدادهم الفراعنة، مشيرة إلى اقتصار تلك العادة علي بعض الدول العربية على رأسها السودان ومصر، لخضوع السودان للحكم الفرعونى فى وقت من الزمن.
ونوهت بأن المصريين شعب عاطفى بطبعه، ومن الطبيعى حين ترتبط تلك العادة بتعاليم الدين أن يتبعها المصريون، وأكدت أن إحصائيات الطب الشرعى أثبتت أن معظم العاهرات ضبطن فى بيوت الدعارة مختنات، مشيرة إلى وجود تقصير من جانب رجال الدين بالتوعية بأضرار ختان الإناث، نظرًا لعدم اكتمال المعلومة لديهم، والحرج من التحدث بالموضوعات الجنسية، وأكدت حرص المجلس القومى للمرأة على تواجد رجال الدين بحملات التوعية بأضرار ختان الإناث، لتصحيح المعلومة المغلوطة لدى الكثيرين بأن ختان الإناث من تعاليم الدين، وإيمانًا من المجلس بدوره المؤثر جدًا فى المجتمع.
وأكدت رانيا، أن تأثير حملات التوعية المباشرة فى إقناع الأهالى بالإقلاع عن هذه العادة، يفوق تأثير الحملات الإعلامية، لوجود حوار متبادل بين القائمين على الحملة أو الأهالى وإمكانية الاستفسار إذا لم يقتنع الأهل بكلام ممثلى الحملة، مشيرة إلى أن معظم عمليات ختان الإناث تجرى بتكتم شديد من أهل البنت والطبيب، كى لا يتعرضوا للمساءلة القانونية، مؤكدة أن الأضرار النفسية للفتاة تفوق الأضرار الجسدية، فتلك اللحظة لا تنساها البنت طيلة حياتها.
وناشدت عضو المجلس القومى للمرأة الرئيس عبدالفتاح السيسى بالنظر للقوانين الخاصة بالمرأة لما تحمله من ظلم، قائلة إنه من غير المعقول ألا تعدل القوانين الخاصة بحقوق المرأة منذ الخمسينيات.
وقالت نجاح التلاوى، مقررة المجلس القومى للمرأة بالمنيا، عن تبنى المجلس لمبادرة «لا لزواج القاصرات لا للختان» وتكثيف حملات توعية فى كل قرى المحافظة، مؤكدة ضرورة توعية الأهل بخطورة تلك العادة السيئة، حيث إنها تتم بمباركتهم. 
وأشارت التلاوى إلى تجاوب أهل القرى مع الحملات، نظرًا لتقديم المعلومة لهم ببساطة والتحدث معهم بأسلوب مبسط يقتنعون به وليست فى شكل محاضرة أو ندوة.
وتابعت قائلة: «تلك العادة السيئة تؤثر على نفسية البنت وتسبب لها مشكلات زوجية لا حصر لها، ولكنها لا تملك قرارها فى وقت إجراء تلك العادة لها». 
وأوضحت أن طغيان العادات والتقاليد لدى الشعب المصرى فى كل الأفعال، حتى على الدين والتشريعات ووراثة ما كان يفعله الآباء والأجداد دون تفكير، وراء ارتفاع نسب ختان الإناث فى مصر، مشيرة إلى أن التوعية المباشرة أكثر فاعلية من التوعية الإعلامية لوجود حوار متبادل، منوهة باستحالة إغفال دور الوسائل الإعلامية سواء إذاعية أو تليفزيونية أو بالصحافة. 
وأكدت تلاوى، ضرورة أن تكون قضية ختان الإناث على رأس الاهتمامات كى تأتى بنتائج مثمرة، مشيرة إلى عدم تقصير المجلس القومى للمرأة فى التوعية بأضرار ختان الإناث. 
أبدت انتصار السعيد مدير مركز التنمية وحقوق الإنسان، استياءها الشديد من عدم إدراك الكثير من المصريين أن عادة ختان الإناث «جريمة فى حق الإنسانية»، فضلًا عن اعتقاد البعض الخاطئ أن تلك الجريمة من تعاليم الدين.
وانتقدت السعيد تهاون بعض الأمهات بالأضرار النفسية والجسدية التى تصيب البنت عند تعرضها للختان، استنادًا إلى عدم إلحاق ضرر بهن لأنها تجري لهن وهن صغيرات.
وأوضحت أن الانخفاض الطفيف الذى شهدته البلاد فى نسب ختان الإناث خلال عامين، حيث هبطت النسبة الكلية من ٩٧٪ إلى ٩٢٪، يوضح أن كل الحملات لم تحقق نتيجة على أرض الواقع بالشكل الفعال، مشيرة إلى الحاجة الماسة لعمل جميع المنظمات بمصر على الخطة الاستراتيجية الوطنية لمناهضة ختان البنات بشكل أقوى مما عليه الآن، لنشر التوعية بين الأهالى والأطباء بأن ختان الإناث ليست من العادات والتقاليد أو من تعاليم الدين. 
وتابعت قائلة: «إن الفتاة تتعرض لعنف جسدى، لأن التجربة التى تمر بها لا تنساها ويتم انتهاك حقها فى سلامة جسدها، ما يحدث لها عاهة مستديمة، وينتج عنها مشكلات طبية بعد ذلك».


الطب النفسى:
«الاكتئاب والبرود الجنسى».. نتيجة طبيعية لـ«الجريمة»
قال محمد رمضان، أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر، إن عادة ختان الإناث نوع من أنواع الاعتداء البشرى، ولا تمت للدين أو الناحية الطبية بأى صلة، موكدًا أنه عند ختن الفتاة تصيبها العديد من الأضرار النفسية والطبية دون أى داع. 
ولفت إلى إصابة الفتاة جراء عملية الختان باضطرابات، كما يصلها إحساس بالخوف والقلق والاكتئاب، مشيرًا إلى احتمالية حدوث صدمة لها فيما بعد وينتابها الرعب من الزواج، لافتًا إلى احتمالية أن تصاب الفتاة بنوع من البرود الجنسى نتيجة استئصال جزء مهم حساس فى الجسم، وقد يحدث لها تشوهات تؤثر على الزواج بصورة كبيرة. 
وأرجع رغبة الأهالى فى ختن بناتهم لفهمهم الخاطئ أن ختان الإناث نوع من أنواع الحماية للبنت من الانحراف، مؤكدًا أن ذلك غير صحيح على الإطلاق فالتربية السليمة هى الأساس فى حماية البنت.
ونادى أستاذ الطب النفسى بتنظيم ندوات للتوعية بأضرار ختان الإناث بشتى المحافظات، وخاصة بالمناطق الأكثر فقرًا لانتشار تلك العادة، مشيرًا إلى ضرورة تواجد علماء الدين بالندوات لتوعية الناس أن ختان الإناث غير مرتبط بالتدين وأنه نوع من أنواع الاعتداء البشرى.
ووجه «رمضان» نصيحة للآباء أن حسن التربية هو الأساس فى الحفاظ على العفة وفهم تعاليم الدين الصحيحة هو الحماية من الخروج عن العادات والأخلاقيات، مشددًا على أن ختان الأنثى تصرف غير مسئول وانتهاك لحقوقها وله تأثيرات بالغة على الناحية النفسية والصحية والجسدية الفتاة. 
ومن جهته، قال محمد هانى، استشارى الصحة النفسية والعلاقات الأسرية والزوجية، إن ختن الأنثى له تأثيرات نفسية بالغة عليها قبل إجراء العملية وبعدها، موضحًا أنه قبل عملية الختان تصاب الفتاة بخوف وقلق شديد مما سيحدث لها خلال العملية من بتر جزء حساس فى جسمها تحت ضغط أسرتها، مضيفَا أن التلامس فى هذا الجزء الحساس من الجسم أثناء العملية يأتى على حياء البنت وخجلها ويخدش أنوثتها، ويفقد البنت ثقتها بنفسها ويجعلها مضطربة نفسيَا ولا تتمكن بعد ذلك من التعامل مع الأهل بطريقة مساوية لشعورها تجاههم بأنهم سبب ما حدث لها، ما قد يعرضها لحالات الاكتئاب. 
وأضاف «هانى» أنه عند الزواج تظهر تأثيرات الختان بوضوح خلال العلاقة الحميمة، مشيرًا إلى أن تذكرها لما حدث لها بالصغر سيوثر عليها نفسيا فتنظر دائمًا لنفسها بعين التقصير وأنها غير قادرة على إشباع رغبات زوجها وإقامة علاقة كاملة.
وخاطب استشارى الطب النفسى الآباء- الذين يعتبرون أن الختان عفة وطهارة وأنهم بذلك يحافظون على بناتهم - بنصيحة وهى أن الاحتواء النفسى عاطفيا ومعنويا للبنت وزرع القيم والعادات والتقاليد والأخلاق ومشاركتها فى كل شى بالمنزل لإعطائها ثقة بنفسها ومراقبة تصرفاتها خاصة فى مرحلة المراهقة، سيصل بها إلى مرحلة الأمان.
الاعتقاد السائد أن ختان الإناث من تعاليم الدين كارثة
قال سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع، إن ارتفاع نسبة ختان الإناث فى مصر وتجاوزها الـ٩٠٪، يرجع لاعتقاد الكثيرين أن ختان الإناث من تعاليم الدين، وأنها عادات وتقاليد يجب اتباعها، واصفًا ذلك بأنه «كارثة بكل المقاييس». ولفت صادق إلى أن الأضرار النفسية التى تلحق بالفتاة عند ختنها لا علاج لها، كما أن تلك العادة من علامات التخلف والجهل، مضيفًا أن احتمالات وفاة البنت أثناء العملية واردة نظرا لأنه لا يوجد شخص دارس قواعد تنفيذ تلك العملية، حتى الطبيب لم يدرسها بكلية الطب. 
ولفت إلى رؤيته لحالات تقدر بالمئات لفتيات مختنات واجهتهن مشكلات بعد الزواج، موضحًا أن الفتاة المختونة تكون غير قادرة على إشباع رغبات الرجل، حيث إن بتر جزء حساس من جسدها يجعلها تنفر من العلاقة الحميمة، فيلجأ زوجها إلى الحشيش وقد يكون علاقات غير شرعية.
ونصح أستاذ علم الاجتماع الآباء بالاستماع إلى الكلام العلمى والكلام الدينى الذى جرم الختان، وعدم الانصياع لجهل بعض الناس.

الكنيسة 
الكهنة يختلفون حول التحريم.. ويتفقون على الأضرار
الأب لوقا: المسيحية تجرم الختان.. والأب عمانوئيل: جريمة فى حق المرأة.. والأنبا أغابيوس: أؤيده

الأب لوقا راضى، وكيل مطرانية القوصية بأسيوط، يقول: إن المسيحية تجرم ختان الإناث، لأن تلك العادة ضد الإنسانية، مشيرًا إلى دور الكنيسة فى إرشاد رعاياها، وقال إن فاعل تلك العادة يخالف تعاليم المسيحية.
وأكد الأب لوقا، محاربة الكنيسة لعادة ختان الإناث، لما تسببه من مشاكل أسرية وخلافات قد تؤدى بنهاية المطاف إلى الانفصال، منوهًا بأن تعرض أى إنسان لأذى أو إساءة يفقده نضجه النفسى وسلامه الاجتماعى، وبالتالى لا يستطيع أن يقدم للآخر ما يفرح قلبه.
ونفى الأب لوقا، تقصير الكنيسة فى التوعية بأضرار ختان الإناث لدواعى الحرج أو عدم الاهتمام، لافتًا إلى أن الكنيسة تقيم الكثير من الندوات، وتستضيف بها أطباء متخصصين للتوعية بأضرار ختان الإناث بأغلب المناطق المنتشر بها.
وأشار إلى محاربة الأنبا توماس، أسقف القوصية، عادة ختان الإناث منذ ٢٨ عامًا، وذلك بالتعليم وتوجيه النصائح والإرشادات للآباء الكهنة وشعب الكنيسة، ما أدى إلى إقلاع معظم شعب القوصية بأسيوط عن هذه العادة. 
أرجع الأب لوقا، عادة ختان الإناث لقساوة القلوب وعدم الفهم الصحيح لخليقة الله، واستضعاف المرأة واعتبارها كائنًا أقل، ولمفاهيم خاطئة للناحية الأخلاقية والشرف.
ووجه وكيل مطرانية القوصية، رسالة للآباء المقبلين على ختن بناتهم بأن خليقة الله صالحة، وأن الله لم يخلق فينا شيئًا معيبًا ولا شىء يحتاج لتدخلات الإنسان، وأن الله عندما خلق الإنسان قال إنه رأى الإنسان حسنًا جدًا، وطالبهم بالرجوع للكتاب المقدس الذى ذكر به ختان الذكور فقط من أجل الحالة الصحية لهم.
ومن جانبه قال الأب عمانوئيل، مطران إبراشية الأقصر للأقباط الكاثوليك، إن المسيحية ترفض ختان الإناث رفضًا تامًا، وتعتبره جريمة فى حق المرأة، مشيرًا إلى أن الكنيسة الكاثوليكية تكثف مجهوداتها لمحاربة ختان الإناث، عن طريق إقامة كثيرا من الندوات والمحاضرات لجميع الأجيال لتوعيتهم بأضرار تلك العادة. 
وأكد الأب عمانوئيل، حرص الكنيسة على وجود أطباء متخصصون ملتزمون دينيًا بالمحاضرات التوعوية لشرح جميع الأبعاد ومدى الأضرار الطبية والنفسية للفتيات جراء ختنهن، لافتًا إلى إمكانية الاستعانة بحالات لفتيات تعرضن لأزمات نتيجة لختنهن كى يتعظ الجميع.
وأوضح أن لختان الإناث تأثيرًا بالغًا بعد الزواج، حيث يؤدى إلى خلل فى العلاقة الزوجية، لوجود طرف تفاعله أقل، منوهًا بأن ذلك لم يعد سببًا لإباحة الطلاق أو إعطاء بطلان زواج، فالكنيسة الكاثوليكية لا تسمح بالطلاق على الإطلاق.
وانزعج الأب عمانوئيل، عندما علم أن نسبة ختان الإناث فى مصر ٩١٪، وأرجع تلك النسبة لعدم وعى وقلة ثقافة الآباء الذين يقومون بختن بناتهم، وربط العديد منهم، وبالأخص سكان الصعيد، ختان الإناث بالعادات والتقاليد.
واختتم الأب عمانوئيل حديثه قائلًا «علينا دور كبير جدا فى قضية التوعية بمخاطر ختان الإناث ومدى نتائجه السلبية المباشرة على الفتيات، وتأثيره الشديد جدًا بعد الزواج».
فيما شدد الأب جرجس رياض، كاهن كنيسة العذراء والملاك ميخائيل بشبرا، على عدم وجود أى أساس لعادة ختان الإناث بالمسيحية، مشيرًا إلى أن الكتاب المقدس الذى يعد مرجعًا رئيسيًا للكنيسة لم يذكر به ختان الإناث على الإطلاق.
وأشار الأب جرجس، إلى أن الختان فى المسيحية مقتصر على الذكور فقط، حيث قال الله لإبراهيم بسفر التكوين بعهد الكتاب المقدس القديم «اختن ابنك فى اليوم الثامن»، مضيفًا أن العفة والطهارة بالقلب وتأتى من خلال التربية السليمة وليست بالختان، والدليل أن أغلب الساقطات فى الملاهى الليلية مختتنات. 
وأرجع إجراء تلك العادة للفتيات المسيحيات لاختلاط ذويهم مع غير المسيحيين، وتأثرهم بهم، وجهل الأهل وقلة وعيهم بالأضرار النفسية التى تلحق بالبنت نتيجة لتلك العملية، والمشاكل التى قد تواجه الفتاة فى العلاقة الزوجية، مشيرًا إلى أن الكنيسة تحاول بقدر الإمكان توعية شعبها بسلبيات تلك العادة.
واعترف الأب جرجس، بوجود تقصير من جانب بعض رجال الدين فى الحديث عن عادة ختان الإناث، موضحًا أن قلة التوعية قد تكون لاهتمام الآباء الكهنة بالجوانب الروحية دون غيرها، أو نابعة من الحرج فى التحدث فى الموضوعات الجنسية بمنابر الكنائس.
ولكن للأنبا أغابيوس، أسقف دير مواس ودلجا بالمنيا، رأى آخر فأعلن تأييده لختان الإناث.
فقال الأنبا «إيه المانع لو واحد حب يشيل حاجة زائدة فى جسمه هى مش تاعباه بس عايز يشيلها، وعندنا فى الصعيد الموضوع ده عادى».
وأشار إلى أنه إذا أثبتت الدراسات الطبية أن لختان الإناث أضرارا على حياة الفتاة، فمن واجب الكنيسة أن تنادى بالإقلاع عن تلك العادة، فكل ما يهم الكنيسة هو صحة الإنسان، لافتًا إلى عدم وجود أى حرج فى التحدث بالموضوعات الجنسية بالكنائس.
الصحة:
«الفصل» فى انتظار أى طبيب يجرى العملية
استشاريو «نساء وتوليد»: الأضرار تبدأ من «النزيف» حتى «صعوبة الإنجاب»
«عباسى»: المختونة لا تصل لـ«النشوة الجنسية».. و«حسن»: تؤدى إلى نقل الأمراض

قال أطباء، إن أضرارًا واسعة تلحق بالفتيات نتيجة تعرضهن للختان، تصل لصعوبة الإنجاب، إضافة، إلى التأثير على العلاقة الزوجية. 
قال عمرو عباسى، استشارى النساء والتوليد، إن الأضرار الطبية التى تلحق بالفتاة نتيجة تعرضها لعملية الختان لا حصر لها، مشيرًا إلى احتمالية إصابة الفتاة بنزيف أو التهاب خلال العملية أو تشوهات فى المنطقة التناسلية تؤدى إلى التهاب فى الأعصاب، إضافة إلى الأضرار النفسية التى تلحق الفتاة.
وأضاف العباسى: «لعملية ختان الإناث تأثير بالغ على العلاقة الجنسية، حيث إن الفتاة المختونة لا تصل لدرجة النشوة أثناء العلاقة الحميمية، وإذا حدث إفراط فى بتر العضو التناسلى أثناء إجراء العملية سينتج عنه إغلاق لفتحة المهبل ما يؤدى إلى صعوبة فى الإنجاب».
واستنكر العباسى، إجراء بعض الأطباء لعملية ختان الإناث باعتبارها ضد مبادئ الطب والإنسانية، مطالبًا بعقاب رادع للطبيب الذى يجرى تلك العملية باعتباره خالف اليمين التي أقسم عليها بعدم إلحاق ضرر بأى شخص.
وقال عمرو حسن مدرس استشارى نساء وتوليد بقصر العينى، إن هناك ظاهرة بمصر تسمى «تطبيب ختان الإناث» وإن ٨٠٪ من الذين يجرون عمليات ختان الإناث أطباء.
وأضاف حسن: «هناك اعتقاد خاطئ أن الختان يقلل الرغبة الجنسية، ويحمى البنت من الانحراف»، مؤكدًا أن الختان ليس له أى علاقة بالرغبة الجنسية من قريب أو من بعيد، وأن ما يحمى البنت من الانحراف دينها وأخلاقها وثقافتها». 
وشرح حسن الأضرار الناتجة عن الختان قائلًا: «هناك أضرار على المدى القريب، تتمثل فى الصدمة النفسية التى تتعرض لها البنت، إضافة إلى فقدان الثقة فى الآخرين، وقد يحدث لها نزيف لأن عملية الختان تجرى ببرنامج غير مجهز، كما أن الأدوات المستخدمة غير معقمة ما يؤدى إلى نقل الأمراض من فتاة لأخرى، بينما أضرار المدى البعيد تظهر خلال العلاقة الزوجية، حيث إن الختان عبارة عن قطع جزئى أو كلى للأعضاء التناسلية الخارجية للأنثى وهذا الجزء غنى جدًا بالأعصاب وهو الذى يجعل السيدة تشعر بالعلاقة الزوجية. فمن ثم لا تشعر الفتاة المختونة بتلك العلاقة، فيشتكى زوجها من برودها الجنسى، وقد يتوهم الرجل أن لديه قذفًا مبكرًا».
وتابع حسن: «يحدث بمرور الوقت احتقان بالحوض لدى الفتاة يؤدى إلى ألم فى المبايض والبطن والظهر، فتتحول العلاقة الجنسية من عملية ممتعة إلى مؤلمة»، مشيرا إلى أن عملية الختان تقلل فرص الولادة الطبيعية وتزود احتمالات الولادة القيصرية. 
وأبدى حسن استياءه من تصميم بعض الأسر على إجراء عملية ختان الإناث لبناتهم لاعتقادهم الخاطئ بأنها عفة وطهارة للبنت وهم لا يدركون النتائج المترتبة على تلك العملية، وقال: «الآلام التى تلحق بالمرأة بالعلاقة الزوجية قد تدفعها إلى تناول الترامادول لتسكينه، ولا يجد زوجها أمام برودها الجنسى سوى الزواج بأخرى، وقد يلجأ إلى التحرش والأفلام الإباحية، والترامادول والمنشطات الجنسية». 
وأشاد بتغليظ عقوبة ختان الإناث وتحويلها من جناية إلى جنحة قد تصل إلى الحبس ٧ سنوات نتيجة لوفاة فتيات خلال ختانهن، مؤكدًا أن تغليظ العقوبة وحده لا يكفى، مشيرا إلى ضرورة وجود برامج توعية، بخطورة الأمر.
واختتم حسن حديثه لـ «البوابة»، قائلًا: «إذا رفض الأطباء إجراء عملية الختان ستختفى تلك العادة من البلاد».
وشدد محمد نوح وكيل وزارة الصحة بأسيوط، على منع وزارة الصحة إجراء أى عملية لختان الإناث سواء بالمستشفيات الحكومية أو الخاصة أو المراكز الطبية، وأن الطبيب الذى يجرى تلك العملية يقع تحت طائلة القانون ويفصل تمامًا من نقابة الأطباء ولا يسمح له بممارسة المهنة مرة أخرى، مشيرا، إلى أن حبس الطبيب ولو ليوم واحد وصمة عار علي جبينه طوال حياته، مؤكداً، على مجهودات الوزارة لنشر الثقافة الصحية بين المواطنين، وأن أهم النقاط التى تركز عليها الأضرار النفسية والجسدية لختان الإناث، مشيدًا بالدور الذى قامت به الحملات التوعوية المباشرة والإعلامية فى التقليل من نسب عمليات الختان فى مصر.
وأكد جمال زرزور، معاون مستشفيات جامعة عين شمس، منع إجراء أى عملية لختان الإناث داخل المستشفى منعًا تامًا، مضيفًا أنها عادة متوارثة من أيام الفراعنة، مشيرا، إلى لجوء العديد من الأهالى منذ أكثر منذ عدة سنوات إلى الأطباء بالمستشفى لإيقاف نزيف حدث لابنتهم أثناء إجراء عملية الختان لها، موضحًا أن الحالات التى وردت عليه أغلبها من الفلاحات وتتفاوت أعمارهن من ٨ إلى ١٢ عامًا ومنهن المسلمات والقبطيات.
واختتم معاون مستشفيات جامعة عين شمس حديثه قائلًا، «إن المستشفى منذ ٥ سنوات يرفض استقبال الفتيات اللاتي تعرضن لإصابات نتيجة إجراء عملية الختان ويحول المستشفى الفتاة للطب الشرعى، ما يجعل أهل الفتاة يلجأون لعيادات الأطباء لمعالجة الفتاة فى الخفاء مقابل مبلغ كبير من المال خشية المساءلة القانونية».

قانونيون:
تغليظ العقوبة هو الحل لردع «الأبوين»
النجار: الفاعل الأصلى للعملية والمحرض عليها يقعان تحت المساءلة القانونية
البدوى: تطور تشريعى بمادة القانون الخاصة بختان الإناث وتحويل التهمة من جنحة إلى جناية
قال المستشار القانونى، يحيى السيد، إن القانون غلظ عقوبة ختان الإناث، حيث تنص المادة ٢٤٢ وفقًا لتعديلات عام ٢٠١٧، على معاقبة الشخص الذى يجرى عملية ختان الإناث بالسجن من ٥ سنوات إلى ٧ سنوات، وإذا أحدثت أثناء العملية عاهة مستديمة أو أدت إلى الوفاة تصل العقوبة إلى السجن المشدد لمدة ١٥ عامًا.
وأشار إلى معاقبة القانون للأب أو الأم الذى وافق على إجراء عملية الختان لابنته، تكون من سنة إلى ٣ سنوات، مطالبًا بتغليظ العقوبة كى تكون رداعًا للأب والأم ومنفذ العملية، فجمعيهم مسئولون أمام القانون.
وقال مدحت النجار، المحامى، إن عملية ختان الإناث تعد جرحًا قطعيًا وفقًا للقانون، موضحًا أن الفاعل الأصلى للعملية والمحرض عليها يقعان تحت المساءلة القانونية.
وأشار «النجار» إلى أن ختان الإناث عادة قبلية متوارثة من أيام الفراعنة تنفذ فى جميع محافظات الجمهورية، خاصة بالصعيد والأرياف، منوهًا بعدم ذكر تلك العادة بأى نص دينى، مسيحى أو إسلامى.
وتابع قائلًا: «هناك اعتقاد خاطئ لدى البعض أن تلك العملية تجعل البنت فى خمول جنسى، مؤكدًا أن الرغبة الجنسية غريزة فى الفكر تبدأ من العين وليست لها علاقة بالأعضاء التناسلية». 
وطالب بتغليظ عقوبة ختان الإناث، وفصل مرتكب ذلك الجرم من عمله فصلًا نهائيًا سواء كان طبيبًا أو حكيمًا أو غير ذلك، كى يفكر المنفذ ألف مرة قبل تنفيذ ذلك الجرم. 
وانتقد تقصير رجال الدين فى نصح وإرشاد الشعب بأضرار ختان الإناث، قائلًا «الكنيسة بها تقصير لأن الآباء الكهنة يخشون التحدث فى الموضوعات الجنسية ويتحدثون عنها فى الغرف المغلقة مع أشخاص بأعينهم».
ولفت إلى أن حملات التوعية بوسائل الإعلام ساهمت فى التقليل من عادة ختان الإناث، مطالبًا الإعلام بتسليط مزيد من الضوء للحد من هذه العادة. 
فيما يرى رفعت أبوالإسعاد، المحامى بالنقض، أن تغليظ عقوبة ختان الإناث عام ٢٠١٦ وتحويلها من جنحة إلى جناية، لم يحد من تلك الظاهرة، نظرًا لأن الأغلبية العظمى من تلك العمليات تتم فى تكتم شديد من الأهل، والشخص المنوط به إجراء العملية سواء كان طبيبًا أو غير ذلك كى لا يقعوا تحت طائلة القانون، موضحًا أن الحالة الوحيدة التى تصل بعملية ختان الإناث للقضاء ويحاسب مرتكبها هو حدوث عاهة مستديمة للبنت أو أن تودى العملية بحياتها.
وتابع قائلًا «إن ذلك التكتم الشديد يشير إلى ناقوس الخطر بالاستمرار فى إجراء تلك العمليات دون أى خوف من المساءلة القانونية، ومن هنا نجد أن التوعية تلعب دورًا أساسيًا فى إقلاع أهالى الفتيات عن تلك العادة السيئة، خاصة إن جاءت من رجال الدين الإسلامى والمسيحى لاقتناع الكثيرين أن ختان الإناث من تعاليم الدين». 
فيما قال المحامى محمود البدوى، خبير حقوق وتشريعات الطفل، إن ختان الإناث عادة إفريقية، انتقلت لمصر منذ سنوات طويلة عن طريق التجارة، مضيفًا أنها عادة متجذرة فى المجتمع لتوارثها بمفاهيم خاطئة سواء من المنظور الدينى بادعاء البعض ورودها بأحاديث ومن المنظور الأخلاقى باعتبار أنها عفة وطهارة للبنت.
وأشار إلى حدوث تطور تشريعى بمادة القانون الخاصة بختان الإناث وتحويل التهمة بها من جنحة إلى جناية، نظرًا لأنها أدت إلى وفاة فتاتين وأحدثت تشوهات فى الأعضاء التناسلية لكثير من الفتيات، ولفت إلى انخفاض نسب ختان الإناث بمصر، نظرًا للتوعية بأضرارها والتطور الفكرى وملاحقة القانون لمن يقوم بتلك العملية. 
وتابع قائلًا «توجد قوانين مستنيرة تكافح تلك العادة السيئة، ولكن هناك تحديات تصطدم بهذا القانون يأتى فى مقدمتها، وجود موروث دينى مغلوط فى اعتقاد البعض بوجود أحاديث عن الختان، وأن ذلك أمر أخلاقى يساعد على عفة البنت، ومن هنا يتضح أن التوعية هى الحل».
وأكد ضرورة تضافر جميع الجهود الإعلامية، والمجالس القومية المتخصصة كحقوق الإنسان، والمجلس القومى للمرأة والأمومة والطفولة، منوهًا بأهمية تنظيم حملات يرأسها رجال دين وأطباء متخصصون للتوعية بأضرار ختان الإناث من الناحية الطبية والنفسية، وإعادة التأهيل الفكرى لدى الناس، وحثهم على عدم التسليم للموروثات الثقافية الدينية المغلوطة وتوصيل صحيح الدين لهم، وأن عفة الإنسان ليست فى إزالة جزء من جسده، إنما فى أدبه وأخلاقه وتربيته.
وطالب «البدوى»، بلغة خطاب تتواءم مع الخلفية الثقافية والاجتماعية والعلمية بالحملات التوعوية، وعرض حالات واجهتهن مشاكل جراء عملية الختان، لتكون عبرة لمن لا يعتبر، منوهًا بوصول الكثير من الفتيات اللاتي تتعرضن لختن بالصغر إلى الطلاق، لعدم قدرتهن على إشباع رغبات أزواجهن الجنسية. 
وناشد خبير حقوق وتشريعات الطفل، وزارة التربية التعليم إضافة أضرار ختان الإناث بالمناهج الدراسية بالمرحلتين الإعدادية والثانوية لتوعية الطلاب كآباء وأمهات المستقبل وأولياء أمورهن بتلك الأضرار.

التعليم
مغيث: لا بد من بيان أضراره فى منهج لـ«التربية الجنسية»

قال كمال مغيث، الخبير التربوى، إن ختان الإناث عادة سخيفة، تستهدف التقليل من حقوق الأنثى وتهدر حقها فى الحياة بشكل طبيعى، مبديًا أسفه من النظر لجميع الموضوعات التى تتعلق بالجنس أنها غير علمية وغير أخلاقية.
وأكد «مغيث» ضرورة تدريس التربية الجنسية بالمناهج الدراسية، مشيرًا إلى أنه من غير المنطقى أن يصل الطلاب لسن المراهقة ولا يعلمون تركيب أجسامهم وما علامات البلوغ!.
وأشار إلى أن إهدار حق الطلاب فى توعيتهم بالموضوعات الجنسية بالمدارس يترتب عليها لجوئهم للمواقع الإباحية، مؤكدا وجود تقصير بالمناهج لعدم احتوائها علي موضوعات تخص التربية الجنسية بوجه عام وأضرار ختان الإناث بوجه خاص.
وشدد علي أن التوعية بمخاطر عادة ختان الإناث بالمناهج ستؤثر تأثيرا بالغا فى الإقلاع عنها، مقترحًا أن تدرس بمادة العلوم بالمرحلة الإعدادية كى تصل تلك المخاطر إلى الطلاب وأولياء الأمور والمدرسين.
وطالب الخبير التربوى بتنوير المعلم حتى ينقل أفكارا سليمة للطلاب، وعقابه إذا عزم على نشر أفكار متطرفة لطلابه، لافتًا إلى أن توجهات المعلم التى ينقلها إلى الطلاب جزء من مشاكل التعليم، فمناهج التعليم تهدف إلى المواطنة وتحكيم العقل وبعض المدرسين المتطرفين ينقلون للطلاب عكس ذلك.