الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

عصمت الصاوي القيادي بالجماعة الإسلامية لـ"البوابة نيوز": داعش لا يملك مشروعًا حقيقيًّا للخلافة.. والمراجعات الفكرية للجماعة الإسلامية تحصين للشباب العربي

عصمت الصاوي القيادي
عصمت الصاوي القيادي بالجماعة الإسلامية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ظهور داعش بسبب الاحتلالات الغربية لبلادنا وتكلس الخطاب الديني
التنظيم يهدف إلى خلق الفوضى في البلاد التي يستهدفها
هناك فرق كبير بين عنف الجماعة الإسلامية وعنف داعش
شهد معرض القاهرة الدولي للكتاب بنسخته الماضية مجموعة خاصة من الكتب التي تتحدث عن تنظيم داعش الإرهابي، ولعل أبرز تلك الكتب كتاب "حوار هادئ مع داعشي" والذي كان من أكثر الكتب مبيعًا بالنسبة للكتب التي تتحدث عن تنظيم داعش الإرهابي وماهيته.
"البوابة نيوز" حاورت عصمت الصاوي، مؤلف هذا الكتاب والقيادي البارز في الجماعة الإسلامية، لتلقي نظرة عن قرب على تنظيم داعش الإرهابي وأوجه التشابه بينه وبين بقية الجماعات الإرهابية المسلحة الموجودة في العالم.. وإلى نص الحوار:
أولًا: قص لنا أهم ما رصدته في كتابك عن تنظيم داعش الإرهابي؟
يمكننا أن نتلمس العديد من المستخلصات والتي رصدتها في كتابي حول تنظيم داعش، وأهمها أن التنظيم لا يملك مشروعًا للخلافة والتمكين كما يدعي وإنما يمتلك مشروعًا متكاملًا لتفتيت البلدان العربية والإسلامية وتهيئة المناخ لتقسيمها، كما أن علاقة التنظيم بالإسلام عمومًا هي علاقة التستر بالنصوص الشرعية لإضفاء المشروعية على التحركات السياسية والعسكرية، فضلًا عن أن التنظيم أضر الإسلام ضررًا بالغًا فاق كل الحدود المتصورة، ويكفي أن ندلل على قولنا بالإصدار الأخير للتنظيم الذي دعا فيه إلى استهداف العلماء والدعاة المختلفين مع التنظيم.
ما أبرز فصول الكتاب؟
كتاب حوار هادئ مع داعشي يقع في خمسة فصول:
الفصل الأول: التنظيم بين التهجين وسلامة التكوين، ويعالج العلاقة بين حزب البعث وتنظيم الدولة من خلال الوقوف على سمات المراحل التطورية في عُمر التنظيم، ومن خلال استعراض الموقف السياسي بالعراق بعد انسحاب القوات الأمريكية والسمات المشتركة بين ضباط البعث وعناصر التنظيم ودوافع الالتقاء والاندماج، كما نستعرض جملة التغيرات التي أدخلها البغدادي على التنظيم ليستوعب التغيرات الناشئة عن التهجين.
الفصل الثاني: داعش بين العمالة والاستخدام، ويعالج قضية العلاقات المباشرة وغير المباشرة مع المخابرات الدولية والإقليمية، والشهادات الموثَّقة من عمق التنظيم، كما يتطرق إلى سياسات النظامين الإيراني والسوري وعلاقتهما بالتنظيم.
الفصل الثالث: ابتلاع النصرة بوهم إقامة الدولة، وفيه نعالج تحوُّل البغدادي من الأيديولوجية إلى البرجماتية، وسياسات البغدادي لابتلاع جبهة النصرة، ومقارنات من قلب التنظيم بين شعارات الدولة الموهومة والواقع الميداني على الأرض.
الفصل الرابع: خلافة داعش.. ما جرى أكبر مما نرى، ويسير هذا الفصل في مسارين متوازيين، الأول هو المحطات المفصلية في عمر التنظيم في سوريا والعراق ورصد المعوقات التي كانت تعرقل مسار التنظيم وتقدمه وعلاقة إيران وسوريا بتلك المعوقات والتسهيلات والتي يمكن رصدها في أربع محطات رئيسية هي مراحل التعويم والتثبيت والتمكين ثم الإزاحة وجني الثمار، مع بيان أهداف إيران وسوريا من كل مرحلة من مراحل تطور التنظيم داخل الأراضي السورية والعراقية، وعلي مسار مواز تماما نتتبع القفزات التي كان ينتهجها البغدادي لمواجهة التهديدات الشرعية كما نتتبع السياسات والاستراتيجيات التي انتهجها التنظيم لمواجهة تنظيم القاعدة ومواجهة العلماء والشرعيين والتغلب علي ضعف التجنيد والتمويل بدء من التحول من التنظيم إلي الدولة في العراق ثم الدولة في العراق والشام ثم الخلافة الإسلامية.
الفصل الخامس: الأمم على مأدبة داعش، وفيه نقف على الأهداف الحقيقية للاعبين الأساسيين على المشهدين العراقي والسوري، ومدى تحقق تلك الأهداف، وهل أدت داعش دورًا وظيفيًّا في خدمة سياسات الدول الإقليمية والدولية؟ وهل حققت ما أرادت أم حققت القوى الاستعمارية مرادها؟ وهل يحارب العالم داعش أم يحارب بها ؟ ومدى تصادم أو تكامل مشروعات الدول الإقليمية والدولية في المنطقة مع المشروع الداعشي.
ما الفرق بين الكتاب وما هو موجود في السوق عن التنظيم؟
هناك الكثير من الكتب والدراسات حول تنظيم داعش لمجموعة من الباحثين المميزين، ولكنني كنت دومًا أشعر أن هذه الدراسات تخاطب النخب، وأن هناك ندرة في المؤلفات التي تخاطب الشباب، وهذا الكتاب معني في المقام الأول بمخاطبة الشباب، كما أتي الكتاب في إطار حواري ليناقش أفكار التنظيم ومنطلقاته لا من حيث التأطير النظري لخطأ أو صواب تلك المرتكزات وإنما من حيث التقصي العملي لواقع التنظيم الميداني علي الأرض ووضع مبادئ وأهداف التنظيم وسرديته عن نفسه على المحك العملي لاختبارها، وقد اخترت طريقة الاستقصاء لدراسة حالة تنظيم الدولة من منطلق اعترافي بوجود أزمة معقدة نابعة من خلل في التصورات والمفاهيم والاعتقادات وخلل يوازيه تماما في قراءة الواقع وتعقيداته وتشابكه، ومن منطلق سابق تواجدي في قلب التنظيم الأكثر راديكالية في مصر في تسعينيات القرن الماضي وإلمامي بالكوارث الوجدانية التي يتدثر بها من يشعر أن العالم كله يحاربه ويستهدفه.
وُتعد الطريقة الحوارية هي الأنفع في حالة تنظيم الدولة الإسلامية داعش إذ أن طريقة التجنيد الأولي تقوم علي عزل الشباب المستهدف فكريا ومجتمعيا وإدخاله وسط قوقعة مظلمة لا يري فيها إلا أفكاره ولا يسمع إلا صدي صوت أميره الذي من أطاعه فقد أطاع الله ومن عصاه فقد عصي الله فالعالم كله يتآمر عليه ويضلله وفق رؤيته، ومن ثم فلم تكن الطريقة المجردة في التعامل مع حالة داعش صالحة للتخاطب مع المتعاطفين أو المنتمين إليهم، فالأفكار النظرية المجردة مع أهميتها تذهب أدراج الرياح لأنها تدخل في حيز الجدل العقيم، أما طريقة الاستقصاء وتتبع أفعال التنظيم الميدانية علي الأرض ومقارنة ذلك الواقع الميداني بالأهداف والتصورات والشعارات وسرديات التنظيم عن نفسه ستقود الشباب إلي المعرفة والاستيعاب وتقوده إلي فهم جديد قائم على إدراك الواقع لا التعاطف معه وعلي قراءة الأحداث لا التعايش معها، فاختبار نظرية داعش على الأرض بغض النظر عن صحتها هو مدخل هذا الكتاب لسبر أغوار الشباب وهزهم بعنف ليدركوا أنهم وقود مشروع يعزز تفتيت الأمة وإضعافها بشكل عملي حتي ولو كانت الشعارات خلافًا لذلك.
ما أخطر ما رصدته عن داعش؟
أخطر ما يمكن الوقوف عليه لدي داعش أمران، الأول ممارسة أفعالها بإسم الإسلام ورفع الشعارات الإسلامية والتترس خلف ميراث الأمة الثقافي وهو ما أضر الإسلام ومشروعه الحضاري بشكل عام وخدع الشباب وغرر بهم بشكل خاص، والثاني هو استهداف النواة الصلبة للمجتمعات بهف إسقاط الدول وإدخالها في حالة من الفوضي، وهو ما يفسر استهداف داعش للجيوش باعتبارها الشرط الأساسي لبقاء الدول وضعفها وتفتيتها يعني انهيار الدولة وبذلك يتولد المناخ الملائم لنمو التنظيم وتمدده.
ما سبب ظهور تنظيم داعش الإرهابي من وجهة نظرك؟
أسباب ظهور التنظيم أعقد من ان تنتظم في سطور، ولكن يأتي علي رأسها الإجرام الدولي المتمثل في احتلال الدول العربية والإسلامية ونهب خيرات وثروات الأمة ومقدراتها،كما ياتي الانحياز الطائفي والتهميش الاجتماعي والإنغلاق السياسي وتكلس الخطاب الديني وغيره وغيره علي رأس الأسباب المؤدية لتولد تنظيم داعش. 
لماذا توحش التنظيم بهذه الطريقة؟
التنظيم مهجن من ضباط بعث صدام حسين وبقايا جماعة التوحيد والجهاد التي أسسها أبو مصعب الزرقاوي وهذا التهجين ينتج أشرس ما في الكيانين، إضافة إلي أن التوحش وصناعته هو جزء أصيل من مرتكزات داعش الفكرية، حيث أن الإطار النظري والبناء الفكري للتنظيم يؤسس لصناعة التوحش وإدارته كمرحلة أولى لبناء دولة الإسلام وفق زعمهم، كما لا ننسى الإجرام الإيراني الممنهج الذي تمارسه ميليشيات الحشد الشعبي ويمارسه الأسد ضد شعبه.
من يدعم هذا التنظيم الإرهابي من وجهة نظرك؟
الواقع الميداني علي الأرض هو الذي يتكلم، والإجابة المنطقية علي سؤال من المستفيد من التنظيم ؟؟ تجيب وبجلاء أوضح من الشمس في كبد السماء، فسوريا الأسد سهلت كل مهام داعش علي الأرض ووضعت العالم أمام خيارين إما الأسد وإما داعش، وإيران فرضت مشروعها علي المنطقة وغيرت التركيبة السكانية للعراق، وأمريكا مهدت لمشروع الفوضى الخلاقة والشرق الأوسط الكبير، وروسيا خرجت من الحصار المفروض عليها وأصبحت لاعبًا أساسيًّا في ترتيبات المنطقة حتى وضعت الدستور السوري، وإسرائيل تساقطت من حولها أربعة جيوش عربية، هذه الدول استفادت من داعش بشكل مباشر وما زالت داعش تسعى في إنهاك الجيش المصري والداخل التركي والسعودي، إذ بانهيار الدول الثلاث تنهار المنظومة العربية والإسلامية بالكلية، وهذا هو هدف داعش، وهو بعيد المنال.
كيف ترى مستقبل هذا التنظيم؟
ليس هناك أي مستقبل ثقافي أو حضاري للتنظيم، فداعش لا تمتلك مشروعًا حضاريًّا يعيش ويثمر وينمو ويتمدد، فضلا عن امتلاكها مشروعات تتصادم مع القيم والحضارة الإسلامية، أما المستقبل السياسي للتنظيم فمرتهن بمدى تحقق أهداف الدول الداعمة لوجوده، فمتى تهيأ المناخ لتحقيق أهداف تلك الدول سيتراجع التنظيم ويتقلص ولا أظن ذلك سيتحقق في المدى القصير. 
لماذا انتشر داعش في مصر وسوريا والعراق واليمن تحديدًا؟
داعش أنتشر في سوريا والعراق واليمن وليبيا ولذلك أسباب منطقية يمكن فهمها من سهولة التمدد في الفراغ السياسي الذي خلفه انهيار جيوش تلك الدول وتفكك منظومتها الأمنية والمجتمعية وانفجار الصراعات الداخلية علي أسس طائفية ودينية وعرقية، وكارتداد طبيعي للتدخل الأمريكي السافر والإجرام الإيراني في سوريا والعراق تحديدا، أما مصر فلا يمكننا أن نقول أن داعش قد تمدد في مصر رغم الدعم الأقليمي لتمدده، فهو متمركز في سيناء للعديد من العوامل أهمها أتفاقية كامب ديفيد وخاصة البنود المتعلقة بتوهين فرض السيادة الكاملة علي تلك المنطقة، كما أن عوامل ضعف التنمية في سيناء كانت من أهم أسباب انتشار التنظيم، إضافة الي حالة الانسداد السياسي والانقسام المجتمعي التي وهنت الصف الداخلي وخلقت مساحات فراغ استطاع التنظيم التمدد من خلالها، وعلي الرغم من تواجد التنظيم في سيناء إلا أن فرص بقاءه واستمراره تبقي محدودة للغاية نظرا لطبيعة المجتمع المصري الرافض للتنظيمات الراديكالية بشكل عام وأفكار داعش بشكل خاص. 
ما سر سهولة تجنيد داعش للشباب ؟
الاحصائيات المنهجية المعتمدة عن التنظيم تشير إلي أن أكثر المنضمين إلي داعش يأتون من ثلاث مناطق رئيسية، الأولي هي سوريا والعراق والثانية هي تونس والثالثة هي مناطق الشيشان وأخواتها من بقايا الاتحاد السوفيتي، وسوريا والعراق تعطي البعد المتعلق بالاحتلال الامريكي والتغول الايراني ومحاولات طمس الهوية السنية، وتونس تغطي البعد المتعلق بتوغل العلمانية في عهد بن علي ومناطق الشيشان تغطي البعد المتعلق بالقمع الروسي تجاه الاسلام والمسلمين بشكل عام، وبالتالي ستجد اينما وجد التطرف ومحاولات سحق للحالة الاسلامية ستجد في المقابل ارتدادا طبيعيا وبيئة حاضنة ومناخا داعما لتجنيد الشباب في داعش وغيرها. 
بصفتك إسلامي هل جهاد داعش هو الجهاد الإسلامي الذي ينص عله القرآن والسنة؟
المشروع الاسلامي لا يقوم علي الصدام وانما يقوم علي التعايش السلمي والتدافع الحضاري، والحرب والصدام هما صورة وحيدة من صور التدافع، والتدافع الحضاري من المنظور الإسلامي هو حركة طبيعية مستمرة تخضع لها الحضارات المختلفة بهدف انتخاب الأمثل والأفضل لتحقيق عمارة الكون والاستخلاف في الأرض، والأصل في التدافع الحضاري أن يكون تدافعا سلميا نظيفا تطرح فيه كل أمة قيمها ومبادئها ومشروعاتها وانجازاتها الحضارية والإنسانية وبقدر صلاح هذه القيم وسمو تلك المبادئ وبقدر استمساك هذه الحضارة او تلك بقيمها ومبادئها تكون لها السيادة وتتحقق لها الرفعة والبقاء في منظومة الحضارة الإنسانية، فالبقاء للأصلح لا للأقوى وللأنفع لا للضار، فالتدافع غايته هو الحفاظ علي كل ما هو نافع مفيد للبشرية والإنسانية من خلال التفاعل والتكامل بين الحضارات المختلفة والتنافس الشريف بين عطائها ومنجزاتها، وهذا هو مفهوم التدافع الحضاري في الاسلام، أما الصراع والصدام فغايته إفناء أحد المتصارعين للاخر واقصائه من حلبة الوجود الانساني، والاسلام اعترف بالحرب كخيار اخير من خيارات التدافع الحضاري بعد استنفاذ كل الوسائل الممكنة وبديلا لا مفر منه ازاء اصرار الغير علي الصدام والتعدي وهنا يحق للإسلام ان يلجأ الي القوة ليس ظلما وبغيا وعدوانا وانما ردا للاعتداء واستعمالا للحق المشروع في الدفاع عن الدين والأوطان والهوية الحضارية للأمة، فالجهاد الإسلامي هو مشروع رحمة وهداية فسيوف الاسلام لها أخلاق وضعها الشارع الحكيم تبارك وتعالي كما رسم النبي صلي الله عليه وسلم مسار هذا المشروع ووضع دستوره الذي يتسامي ويرقي بأهداف الحروب وينأى بها عن الثارات والمغامرات وهو ما يتنافى تمام مع المشروع الدعشي بل ويتصادم معه. 
كيف نواجه تنظيم داعش الإرهابي؟
تبقي المقاربة المبنية علي مناقشة الأفكار والمناهج مهما بلغ شططها ودحض الشبهات بالحجج والبراهين ومعالجة الأسباب والدوافع والحفاظ علي اللحمة الوطنية والنسيج المجتمعي وفتح أفاق للمشاركة السياسية والمجتمعية الواسعة كأحد أهم الأليات لبناء جهاز مناعة داخلي وتحصين ذاتي للشباب والمجتمع ضد أفكار التنظيم وتوجهاته ومن ثم حصار التنظيم فكريا ومجتمعيا ووقف تدفق المقاتلين إليه من منطلقات شرعية وواقعية والاستيعاب المجتمعي والتضمين الإيجابي للهجرة العكسية منه إلي المجتمع.
متى تنتهي داعش؟
داعش لن تنتهي طالما وجدت الأطماع الاستعمارية للمنطقة العربية والاسلامية، وطالما كانت هناك رغبات غربية جامحة في تفكيك المنطقة ونهب ثروات الامة ومقدراتها، ورغم عظم التحديات فبإمكاننا تحصين مجتمعاتنا من تلك الاخطار وبناء جهاز مناعة داخلي قادر علي التصدي لتلك المخاطر. 
كيف تقيم دور الأزهر في الحرب على التطرف؟
الأزهر الشريف مؤسسة ضخمه يقع عليها عبء كبير في نشر الدين الاسلامي بشكل عام ومواجهه العنف والتطرف ومعالجة الشبهات الطارئة علي المفاهيم الاسلامية المستقرة التي تقبلها الناس بالقبول جيلا بعد جيل، ورغم ذلك فهناك حالة من جمود الخطاب الديني وعدم قدرته علي مواكبة الاحداث والتطورات علي مستوي الرؤية والطرح وعلي مستوي الوسائل المستخدمة أيضا، وعلينا ان نتصور تنظيما مثل داعش يروج لمعدنه الصدئ بكافة الوسائل الحديثة حتي يبلغ كل أقطار الارض ويعجز الأزهر الشريف عن الترويج لمعدن الذهب الذي يمتلكه فيعلو الزبد ويتوارى ما ينفع الناس. 
الجماعة الإسلامية استخدمت العنف في فترة من الفترات فما الفرق بينها في تلك الفترة وبين تنظيم داعش الإرهابي حاليا؟
لا يمكن ان نقارن بين غير المتماثلين الا من باب اظهار الفوارق الجبارة بين الحالتين، فالجماعة الاسلامية نشأت كحركة دعوية اصلاحية وكان حمل السلاح واستخدام العنف في فترة زمنية محدودة هو استثناء مكروه طارئ استدعته الضروره الظرفية وسرعان ما راجعت الجماعة هذا الموقف الاستثنائي وأقرت خطأه وألقت السلاح وفككت مجموعاتها العسكرية وعادت إلي طبيعتها الإصلاحية والدعوية وانحازت الي الحفاظ علي سلامة المجتمع وامنه الداخلي ورفضت ان تلعب الدور الوظيفي الخادم لمشروعات انهاك الامة وإضعافها، بينما القتال لدي داعش هو قتال من اجل القتال والاستمرار فيه هدف في حد ذاته دون النظر الي شروطه وموانعه ومبرراته، وبينما نري الجماعة الاسلامية تستجيب للتحديات الدولية والإقليمية حفاظا علي الدين والوطن نري في المقابل المشروع الداعشي يقوم علي هدم الاوطان وتفكيك قواها المجتمعية وقوتها العسكرية. 
هل المراجعات الفكرية للجماعة الإسلامية قادرة على إنقاذ الشباب المسلم من أفكار داعش؟
تجربة الجماعة الإسلامية في مصر في تسعينات القرن الماضي هي أحد أهم التجارب الحية التي نستطيع بعثها لتحصين الشباب العربي والإسلامي ضد مخاطر العنف وآفات التطرف والتي قامت فلسفتها علي الإستجابة للتحديات الداخلية والخارجية التي تواجه مصر والأمة العربية والإسلامية أنذاك، فمراجعات الجماعه الاسلامية أرست منهجا جديدا في التفكير وأحيت فقه الواقع وفقه المألات، وفضيلة النقد الذاتي وربطت الأحكام الشرعية بالواقع الذي تعمل فيه وأعادت النظر بجرأة شديدة في القضايا المحورية التي تتبناها التنظيمات الراديكالية مثل قضايا الجهاد والحسبة والسياحة وعقود الأمان واستهداف البنية التحتية والمدنيين وقضايا التكفير وعلاقة الدولة المسلمة بدول الجوار وغيرها وغيرها، كما أنها لم تقدم حلا جزئيا أو وقتيا للصراع وإنما قدمت حلولا جذرية تقضي علي الاحتراب الداخلي وتستأصل جذوره وفق رؤية شرعية وواقعية متكاملة، كما أن كتب المراجعات الفكرية تعد بمثابة المنهج المتماسك الصالح للبناء عليه وتطويره وتوسيعه وعقد الندوات والنقاشات المتعمقة حوله وبناء تيار جامع قادر على مناقشة أفكار داعش ودحض مزاعمها وشبهاتها وتتخلق بذلك مناعة مجتمعية ذاتية قادرة على إدراك المخاطر التي تواجه أمتها ووطنها.