الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

بالمستندات.. مذكرة نائب رئيس محكمة النقض إلى عبدالعال.. "بطران": استقلال القضاء ضمانة أساسية لحقوق وحريات المواطن وليس منحة من "النواب".. والتعديل إهدار لمبدأ الفصل بين السلطات

 محكمة النقض - أرشيفية
محكمة النقض - أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

حصلت "البوابة نيوز" على المذكرة التي أرسلها المستشار فرحان بطران نائب رئيس محكمة النقض لرئيس مجلس النواب تحت عنوان "مذكرة الرأي" بشأن الاقتراح المقدم من بعض أعضاء مجلس البرلمان، حول تعديل المادة 44 من قانون السلطة القضائية، على نحو يمنح رئيس الجمهورية الحق في اختيار رئيس محكمة النقض.


وقال المستشار فرحان بطران نائب رئيس محكمة النقض: "بداية لا خلاف على حق مجلس النواب في دوره الرائد في التشريع والرقابة فهو حق أصيل لا يمكن الانتقاص منه أو التدخل فيه، ولكن يجب أن يمارس دوره التشريعي في إطار الشرعية الدستورية ومراعاة مبدأ الفصل بين السلطات، الذي هو وثيق الصلة بمبدأ استقلال القضاء".

وأضاف بطران: أننا نود أن نضع تحت بصر أعضاء مجلس النواب الموقر بعض الأسباب والاعتبارات، التي دعت مجلس القضاء الأعلى إلى عدم الموافقة بالإجماع على مشروع القانون:


أولا: أن استقلال القضاء وحيدته ليس منحة للقضاة، ولكنه ضمانة أساسية لحقوق وحريات المواطنين التى تحرص القيادة السياسية الحالية على دعهما، فاستقلال القاضى الذى وكلت حقوق الناس إليه وأصبحت أموالهم وأرواحهم وديعة بين يديه يجلس فى محراب العدالة وقبلة القسطاس المستقيم وغايته إحقاق الحق وإنصاف المظلوم لا سيف من نقل أو عزل يسلط عليه ولا تهديد ولا وعيد ينال منه بل يتخلى فى صومعته المقدسة هادئة نفسه مطمئنا ضميره يبحث وينقب ويراجع ويقلب حتى يصل إلى ما يستريح إليه ضميره وليس من رقيب عليه سوى علام الغيوب، فمن واجب الدولة بكافة مؤسساتها أن تهيئ له ذلك.

ثانيا: أن استقلال القضاء لا يتحقق باستقلال ميزانيته فقط بل يجب حتى يتحقق له الاستقلال الكامل بإدارة الشئون الإدارية أيضا، ينبغى أن تكون تلك الصلاحيات الإدارية بيد الهيئة المستقلة دون تدخل من أية سلطة أخرى؛ لأن إعطاء أى صلاحيات إدارية لسلطة أخرى فى مواجهة السلطة المستقلة هو اقتناص من استقلالها وتحول من الاستقلال الكامل إلى الاستقلال الجزئى فى حقيقته ومعناه، وعلى هذا الأساس يجب أن تنفرد كل سلطة من السلطات المستقلة بتنظيم شئونها الإدارية دون تدخل من السلطات الأخرى ولهذا نص الدستور فى المادة 188 منه على: أن يختص القضاء بالفصل فى كافة المنازعات والجرائم ويدير شئونه مجلس أعلى وكما نصت المادة 185 منه على أن تقوم كل جهة أوهيئة قضائية على شئونها.

وتنص المادة 139 من الدستور الواردة فى الفصل الثانى منه تحت باب السلطة التنفيذية على: أن رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورئيس السلطة التنفيذية وعندما عرض لاختصاصات رئيس الجمهورية فى باقى المواد فلم يفرق المشرع الدستورى بين الاختصاصات التى يمارسها رئيس الجمهورية بصفته رئيسا للسلطة التنفيذية، وإنما وردت فى الدستور إجمالا دون تخصيص فيؤدى منحه حق اختيار رئيس محكمة النقض رئيس السلطة القضائية بصفته رئيسا للسلطة التنفيذية هو فى حد ذاته عدوان من السلطة التنفيذية على السلطة القضائية وإهدار لمبدأ الفصل بين السلطات الذى هو وثيق الصلة بمبدأ استقلال القضاء، ولا يمكن أن ترد على ذلك بأن هذا الاختصاص يمارسه رئيس الجمهورية بصفته رئيسا للدولة وليس رئيسا للسلطة التنفيذية؛ لأنه يجمع بين الصفتين حسبما جاء فى المادة 139 من الدستور الذى أورد اختصاصات رئيس الجمهورية إجمالا دون تخصيص.

وما يؤكد ذلك ويزكيه ما أوردته المادتان 148 و160 من الدستور ذاته، إذ أعطت الأولى الحق لرئيس الجمهورية فى تفويض رئيس مجلس الوزراء فى بعض اختصاصته وجاء بالمادة الثانية أنه إذا قام مانع مؤقت يحول دون مباشرة رئيس الجمهورية لسلطاته حل محله رئيس مجلس الوزراء، قمة السلطة التنفيذية.

وهو ما أكد عليه الإعلان العالمى لاستقلال القضاء والذى أورد فى المادتين الرابعة والسابعة منه استقلال القضاء هو أن تكون السلطة القضائية مستقلة عن السلطتين التنفيذية والتشريعية ولا يجوز أن يكون للسلطة التنفيذية أية رقابة على السلطة القضائية.

ثالثًا: لا يجوز الاحتجاج على هذا المقام بأن رئيس الجهمورية يصدر القرار بتعيين معاونى النيابة والقضاة؛ إذ إن ذلك مردود عليه بأن تعينهم من اختصاص مجلس القضاء الأعلى عملًا بنص المادة 77 من قانون السلطة القضائية والتى تعرض على رئيس الجمهورية للتصديق عليها فقط، فلا يملك بصفته رئيسًا للسلطة التنفيذية إجراء أى تعديل فى حركة تعيينات أو ترقيات رجال القضاء، فقراره فى هذا الشأن قرار كاشف، وليس منشئا، فإن كان ذلك فى شأن معاونى النيابة والقضاة، فما بالك باختيار قمة السلطة القضائية.

رابعًا: لم يلزم النص الدستورى فى المادة 185 أخذ رأى القضاة فى مشروعات القوانين المنظمة لشئونهم عبثًا، ولكن كان منه لحكمة ارتأها، وهى أنهم أدرى بشئونهم وحرصًا منه على ألا تكون هذه المشروعات ماسة باستقلالهم وموطنا لشبهة عدم الدستورية، فأوجب أخذ رأيهم فيها حتى يكون هذا الرأى محل اعتبار عند نظر تلك القوانين ومناقشتها من جانب البرلمان.