الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

دار الإفتاء تجيب على سؤال "أين الله"

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ردَّت دار الإفتاء، على سؤال لمواطنٍ قال فيه "أين الله؟.. هل هو في السماء؟". وقالت الدار، عبر موقعها الإلكتروني، "إذا سأل سائل أين الله؟ أجبناه بأنَّ الله سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء كما أخبر سبحانه عن نفسه في كتابه العزيز حيث قال تعالى ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾، ونخبره بأنَّه لا ينبغي له أن يتطرق ذهنه إلى التفكر في ذات الله سبحانه وتعالى بما يقتضي الهيئة والصورة، فهذا خطر كبير يفضي إلى تشبيه الله سبحانه وتعالى بخلقه، ونخبره بأنَّه يجب علينا أن نتفكر في دلائل قدرته سبحانه وآيات عظمته فنزداد إيمانًا به سبحانه".
وأضافت: "أمَّا السؤال عن الله سبحانه وتعالى بأين كمسألة تفصيلية من مسائل علم الكلام وأصول الدين: فيؤمن المسلمون بأنَّ الله سبحانه وتعالى واجب الوجود، ومعنى كونه تعالى واجب الوجود أنَّه لا يجوز عليه العدم، فلا يقبل العدم لا أزلًا ولا أبدًا، وأن وجوده ذاتي ليس لعلة، بمعنى أن الغير ليس مؤثرًا في وجوده تعالى، فلا يعقل أن يؤثر الزمان والمكان في وجوده وصفاته".
وأوضحت الإفتاء: "إن قُصد بهذا السؤال طلب معرفة الجهة والمكان لذات الله، والذي تقتضي إجابته إثبات الجهة والمكان لله سبحانه وتعالى، فلا يليق بالله أن يسأل عنه بأين بهذا المعنى؛ لأنَّ الجهة المكانية من الأشياء النسبية الحادثة، بمعنى أنَّنا حتى نصف شيئًا بجهة معينة يقتضي أن تكون هذه الجهة بالنسبة إلى شيء آخر، فإذا قلنا مثلًا السماء في جهة الفوق، فستكون جهة الفوقية بالنسبة للبشر، وجهة السفل بالنسبة للسماء التي تعلوها وهكذا، وما دام أنَّ الجهة نسبية وحادثة فهي لا تليق بالله سبحانه وتعالى".
وذكرت الدار: "المسلمون يؤمنون بأنَّ الله سبحانه وتعالى قديم، أي أنهم يثبتون صفة القدم، وهو القدم الذاتي ويعني عدم افتتاح الوجود أو هو عدم الأولية للوجود، وهو ما استفيد من كتاب الله تعالى في قوله ﴿هُوَ الأَوَّلُ﴾، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم «أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ» وصفات الله سبحانه وتعالى كذلك قديمة فهي لا تتغير بحدوث الحوادث، وإثبات الجهة والمكان يقتضي هذا التغير، بمعنى أنَّ الله لم يكن متصفًا بالعلوِّ والفوقية من حيث الجهة إلا بعد أن خلق العالم، فقبل خلق العالم لم يكن في جهة الفوق لعدم وجود ما هو في جهة السفل، وبهذا تكون الفوقية المكانية أو العلو المكاني صفة حادثة نتجت عن حادث؛ ولذا فهي لا تصلح صفة لله سبحانه وتعالى". 
وتابعت: "يؤمن المسلمون بمخالفته سبحانه وتعالى للحوادث، وتعني مخالفة الحوادث في حقائقها، فهي تسلب الجِرْمِيَّة والعَرَضِيَّة والكلية والجزئية ولوازمها عنه تعالى، فلازم الجرمية التحيُّز، ولازم العَرَضِيَّة القيام بالغير، ولازم الكلية الكبر والتجزئة، ولازم الجزئية الصِّغر إلى غير ذلك، فإذا ألقى الشيطان في ذهن الإنسان: إذا لم يكن المولى جِرمًا ولا عرضًا ولا كلًّا ولا جزءًا فما حقيقته؟ فقل في ردك: ذلك لا يعلم الله إلا الله. راجع "حاشية البيجوري على جوهرة التوحيد". وأصل عدم مشابهة للحوادث قوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾". 
واختتمت قائلةً: "وصَف نفسَه سبحانه ووصفه رسولُه صلى الله عليه وآله وسلم بسلب المثل والنقائص التي لا تليق به، ففهم المؤمنون أنَّه سبحانه مخالف للحوادث، وعليه فلا يجوز وصف الله سبحانه وتعالى بالحوادث، ولا السؤال عنه بما يقتضي وصفه بذلك، فلا يسأل عن الله بأين بقصد معرفة جهة ذاته سبحانه ومكانها وإنما يجوز أن يسأل عنه بأين بقصد معرفة ملكوته سبحانه، أو ملائكته، أو أي شيء يجوز السؤال عنه ووصفه بالحوادث، وعلى هذا يُؤوَّل معنى ما ورد في الشرع من السؤال بأين أو الإخبار بما ظاهره الجهة.