الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

الأب "كميل اليسوعي": المرأة تساوي الرجل.. وأنا مع سيامتها قسًا.. ومجلس كنائس مصر ظهر في فترة توترات بين البابا شنودة وبطريرك الروم الأرثوذكس

قال إن الأفكار والنظريات تتطور بتطور المجتمع

الأب كميل اليسوعي
الأب كميل اليسوعي ومحرر البوابة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

لجان مجلس الكنائس استنساخ من نظيرتها لـ«الشرق الأوسط» 
ترجمة «فاندايك» للكتاب المقدس استخدمت طريقة غير احترافية فى ضبط المعانى
الكنيسة تعيش فى العالم وتتفاعل مع المجتمع وتخضع لتطوراته وتساهم فيها وتتأثر بها

الأب «كميل وليم سمعان اليسوعي»، كاهن قبطى كاثوليكى، خدم كراعٍ بعدة قرى فى صعيد مصر فى الفترة من 1978 وحتى 1982م، قبل أن يسافر إلى روما للحصول على درجتى الماجستير والدكتوراه فى الكتاب المقدس، وتناول فى رسالة الدكتوراه سبع ترجمات لسفر يشوع بى سيراخ، أحد أسفار الكتاب المقدس، وبعد عودته عُين عميدًا لكلية العلوم الدينية بالسكاكينى، وهو الآن مدير لبيت السامرى الصالح وأستاذ ببعض كليات اللاهوت فى مصر وله العديد من الآراء والنظريات الخاصة بأمور الكنيسة من كل النواحى

«البوابة» التقت بالأب وليم سمعان للتعرف منه على كثير من الأسئلة الغامضة فى عدد من الأمور الخاصة بالكنيسة ومنها القضايا الشائكة فى ترجمات الكتاب المقدس، ونظريات التطور الكونى، ووضع المرأة داخل الكنيسة، وإلي نص الحوار


توجد أكثر من ترجمة للكتاب المقدس فى اللغة العربية؟ هل تطلعنا على بعض من هذه الترجمات؟ وهل هذه الترجمات تعتبر نشاطًا حديث العهد؟ 
- هناك نظريات عديدة لترجمات الكتاب المقدس، منها ما يعود لما قبل ظهور الإسلام، ويرى بعض العلماء، ومنهم «يوليوس بن هوزين» أن عرب الجزيرة من اليهود والمسيحيين كان لديهم كتابات دينية بالإضافة لنصوص الكتاب المقدس فى اللغة العربية المتداولة وقتئذ، وكانت قبائل بنى كالب، والطائيين، والغنامين من القبائل التى انتشرت وسطها المسيحية، ويؤيد هذا الرأى المستشرق الفرنسى فرانسوا، ولا يشك أحد اليوم أن المسيحيين كان لهم وجود فى الجزيرة العربية قبل الهجرة، وهو ما يؤكد المؤرخ لويس شيخو، وبالطبع كانت المدينة مهيأة للرسول محمد «عليه الصلاة والسلام» وهناك بعض الأحاديث النبوية التى تعكس نصوصًا كتابية من سفر «يشوع بن سيراخ»، منها «تَصَدَّقُوا وَلَوْ بِتَمْرَةٍ، فَإِنَّهَا تَسُدُّ مِنَ الْجَائِعِ، وَتُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ، كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ»، وكذلك «فتصدقوا فإن الصدقة فككم من النار»، وقد جاء هذان الحديثان فى السيوطى، وهذان الحديثان خلفيتهما موجودة فى سفر يشوع بن سيراخ «كما تطفئ الماء النار المشتعلة»، كذلك الصدقة تكفر عن الخطايا ويوجد العديد من النماذج المشابهة.
ويكتب بطليموس السكندرى أن التوراة ترجمت من اللغة العبرانية إلى اليونانية فى الإسكندرية، وهو ما يعرف بالترجمة السبعينية وكان ذلك قبل ميلاد السيد المسيح. وقد ترجمت هذه النسخة إلى لغات كثيرة منها اللغة العربية، ومن المعروف أن حنين بن إسحق له باع فى ترجمة التوراة، كذلك سعديا الفيومى، الذى ترجم التوراة كاملة إلى اللغة العربية.
وهناك العديد من الترجمات التى قامت بها الكنيسة الكاثوليكية، منها ما ترجم فى مجمع انتشار الإيمان الكاثوليكى، باللغتين اللاتينية والعربية، وبعدها جاءت بعض الترجمات الأحدث مثل ترجمة الآباء الدومنيكان بالموصل العراق.
وبالقطع لا يمكن أن ننسى ترجمة سيمث فانديك والبستانى، ثم ترجمة الآباء اليسوعيين ببيروت، ثم ترجمة جامعة الكاثوليك، والترجمة البوليسية، والترجمة الطقسية للكنيسة المارونية، ترجمة دار المشرق اليسوعية، وأخيرًا الترجمة العربية المشتركة.
تعتبر ترجمة سميث فاندايك هى الأشهر فى التداول فى الأوساط المسيحية العربية؟ ما رأيك، وهل من تحفظات على هذه الترجمة؟
- طبعًا، هناك العديد من الملاحظات على ترجمة فاندايك، أولًا، النص الذى اعتمد عليه فاندايك، هو النص الأنطاكى، الذى كان متداولًا فى سوريا وبلاد آسيا الصغرى، والقسطنطينية، والجزيرة العربية وفلسطين ومصر، ومن المعروف أن هذا النص ليس الأفضل ليكون مصدرًا يؤخذ منه ويُترجم عنه.
ثانيًا: طريقة الترجمة التى اعتمد عليها فانديك، فقد كان يلجأ إلى رجل الشارع ليسأله إن كان فهم النص المترجم فى اللغة العربية المتداولة آنذاك أم لا؟ وهذه ليس طريقة احترافية فى الترجمة وضبط المعانى، مع أنَّ الذى قام بمراجعة النص النهائى لهذه الترجمة الشيخ حسين بن يوسف الأسيرى وهو من خريجى الأزهر.
ثالثًا: لا بد من الأخذ بعين الاعتبار للزمن، فلقد مرَّ على هذه الترجمة زمن طويل، تغيرت فيه مفردات اللغة، وألفاظها، وثقافة متحدثيها، وإن كانت كل الترجمات تشترك فى الخاصية الأخيرة.

ما رأيك إذًا فى الترجمة العربية المشتركة؟ وهل من تحفظات عليها، ولماذا لم تنتشر على نطاق واسع كفاندايك؟
- تعتبر الترجمة المشتركة، نشاط أقرب إلى التكامل لوجود اشتراك أكثر من طائفة من البلدان العربية فى ظهورها، ولكن هذه الترجمة اعترض عليها بعض اللاهوتيين منهم موريس تواضروس الذى اعترض على الترجمة كلها لا لسبب إلا أن المرجع النهائى لهذه الترجمة كان لبنانيًا، وبحسب تواضروس كان شريبًا للعرق.
كذلك تحاملت الكنيسة الإنجيلية على هذه الترجمة، واعتقد أن السبب الحقيقى لهذا التحامل يعود للارتباط العاطفى أو لملكية حقوق النشر الخاصة بترجمة سميث فاندايك.
ترجمات الكتاب المقدس تعبر عن التطور اللغوى، ما رأيك فى نظريات التطور الطبيعي للكون والإنسان؟ 
- طبعًا، إن التطور أمرٌ حادث لا محالة، وينكره كل جاهلٍ، انظر إلى أى إنسان، إن لم يتطور بعد ولادته ليصير طفلًا ثم شابًا فرجلًا، إن لم يحدث ذلك فهذا معناه خلل فى بنيته كإنسان طبيعى، وهكذا التطور الطبيعى، فأنا أقبل الكثير من نظريات التطور الطبيعى للكون وعندما يتناول الكتاب المقدس هذا الأمر فى الفصلين الأول والثانى من سفر التكوين، وبطريقتين مختلفتين تماما الواحدة عن الأخرى، فهو لا يريد أن يعلمنا تاريخ نشأة الكون، لكنه يشرح أصل الكون فى علاقته بالإنسان وعلاقة هذا وذاك بالله، أى أن مصدر كل حياة هو الله هو الذى خلق الكون بما فيه من جماد وكائنات حية وأنه أولى الإنسان مكانة خاصة عبر عنها فى القصة الأولى فى سفر التكوين والإصحاح الأول بأنه خلقه على صورته ومثاله وهو ما لا يقوله عن باقى المخلوقات وفى سفر التكوين أيضا والإصحاح الثانى أشركه فى العمل إذ جعله يعطى المخلوقات أسماءها وأنه يتميز عن باقى المخلوقات إذا لم يجد له شبيها بينها.
فإذا كان الله تعالى تدخل فى لحظة ما وأولى كأنه موجود الخاصتين اللتين تجعلان منه شبيها له أى العقل المميز والإرادة الحرة فإن هذا لا يناقض النص الذى يقول إنه صنعه من التراب ونفخ فيه نسمة الحياة، أى جزء مادى وجزء روحى.

هل ترى أن رسامة المرأة تعبير آخر عن التطور فى العبادة المسيحية، وما رأيك فى رسامة المرأة قسًا؟ 
- الكنيسة تعيش فى العالم وتتفاعل مع المجتمع وتخضع لتطوراته وتساهم فيها وتتأثر بها ففى فترة همشت المرأة فى المجتمع فتأثر موقف الكنيسة بذلك، وإن كانت الكنيسة تحاول أن تعيد للمرأة كرامتها التى منحها الله لها إذ جعلها منذ لحظة الخلق مساوية للرجل.
خلق الله الإنسان على صورته، على صورة الله خلقه ذكرًا وأنثى خلقهم، وهنا نجد مساواتهما مساواة تامة. ولقد تأثرت الديانات بالمجتمع وهمشت المرأة، والكنيسة تحاول أن تعيد للمرأة مكانتها، لذا نرى أن المرأة تقوم فى الكنيسة الآن بخدمات تكاد أن تكون مساوية للرجل حتى فى تعليم اللاهوت والكتاب المقدس والخدمات العديدة الأخرى التى تؤديها فيها
أما عن سيامتها الكهنوتية فسألت أحد أساتذتى وهو الكاردينال البيروفانو وكان ذلك عام ١٩٨٥ عن إشكالية إمكانية سيامة المرأة فكانت إجابته أنه لا يوجد ما يحول دون ذلك «سيامتها» لا كتابيًا ولاهوتيًا، كما أكد على أن العشاء الأخير لم يقتصر على الرجال فقط بحسب ترتيبات الشريعة التى تقتضى أن تشترك الأسرة كلها فيه وإن لم يكن باستطاعتها أكل الحمل الفصحى فكانت عليها أن تدعو جيرانها إلى ذلك وبالتالي يكون كلام السيد المسيح «اصنعوا هذا لذكرى» موجها لكل المشاركات والمشاركين فى العشاء.
أما عن زمن تحقيق ذلك فهو يدخل فى علم الله ويخضع لمشيئته وعندما يقرر ذلك فلن يتأثر قراره لا بمحاربة ونضال النساء للوصول إلي ذلك ولا بمقاومة الرجال للحيلولة دون ذلك. وبالتفكير العميق أرى معقولية رأى أستاذى هذا وأشاركه فيه.
تحتفل الكنيسة الإنجيلية فى العالم بمرور ٥٠٠ عام على الإصلاح الإنجيلى الذى قاده مارتن لوثر، كيف ترى الكنيسة الكاثوليكية هذا الحدث؟ وهل تفاعلت معه؟ وهل حقًا رفعت الكنيسة الجرم عن لوثر؟ 
- صحيح بعد إصلاح مارتن لوثر قامت الكنيسة الكاثوليكية بإصلاح قراراتها وذلك فى المجمع التريدنيتى ١٥٤٦ فأصلحت الكثير من الأمور التى انتقدها فيها مارتن لوثر وأوضحت الكثير من الأمور التى غابت عنه أو أساء فهمها واستمرت فى هذه المسيرة إلي أن وصلت إلي المصالحة مع ذاتها بإصلاح أخطائها والمصالحة مع الآخرين بطلب العديد من الباباوات الصفح مما أساء للكنيسة فهمهم أو معاملتهم وكان قمة هذا ما حدث فى احتفال الكنائس اللوثرية بمرور ٥٠٠ عام على الإصلاح، وقد شاركت فيه، وعبرت عن رأى الكنيسة الكاثوليكية، وقلت إنى «لا أذيع سرًا أنى قلت إن مارتن لوثر يتمتع الآن فى الكنيسة الكاثوليكية بتقدير يفوق تقدير الكنائس المصلحة».
أخيرًا، ما رأيك فى مجلس كنائس مصر، ظروف نشأته وتقييمك لدوره الحالي؟
- أرى أن نشأة مجلس كنائس مصر لم تكن نشأته نشأة طبيعية، ففى الوقت الذى لا ينكر أحد فيه رغبة الجميع أن يمثلوا فى كيان يجمع كنائس مصر، إلا أن الظروف والزمن الذى نشأ فيه يلقيان الظلال على هذه الرغبة، إذا إنه نشأ فى فترة توترات فى العلاقة بين البابا شنودة الثالث من جهة ومجلس كنائس الشرق الأوسط وخاصة مع بطريرك الروم الأرثوذكس فى القدس مما أدى بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية إلى تجميد أنشطتها به فى هذا الإطار والظروف، ومن هنا ظهرت رغبة إنشاء مجلس كنائس مصر، كما أرى أن التأسيس لم يأخذ وقته الكافى لوضع دستور جيد، ولائحة جيدة، فجاء الدستور به بعض النقاط الغامضة.
كما أرى أن معظم لجان المجلس كما تنص عليه اللائحة هى استنساخ لمجلس كنائس الشرق الأوسط، إلا أن المجلس أصبح الآن واقعا ويجب التعامل معه وقد ساهم المجلس فى تقريب وجهات النظر فى نقاط عديدة وحسن من العلاقات بين قيادات الكنائس ومؤمنيها.