الأربعاء 17 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الإيمان بالخرافة

إسلام الغزولي
إسلام الغزولي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أكثر من ثلاثة آلاف ضحية وحوالي اثنان مليون جنيه جمعت فى أقل من ستة أشهر، هي حصيلة القبض على عصابة "الشيخة أم خديجة المغربية" بعدما نجحت مباحث الآداب فى القبض على عصابة من سبعة أشخاص يستخدمون تسعة وعشرون خط تليفون للنصب على ضحاياهم، حتى أن إحدى هؤلاء الضحايا تورطت فى تحويل كروت شحن بأكثر من ثمانية وعشرون ألف جنيه لأفراد تلك العصابة.
لا شك أن الحملات الإعلانية المكثفة التي شهدتها بعض القنوات الفضائية المتعارف على تسميتها بقنوات "C" عن الشيخة أم خديجة المغربية والشيخ حسن الكتاتنى قد جاءت لتكشف عن حالة من الانهيار فى الشخصية المصرية ومدى ما أصابها من تجريف، فحين يتلقى مجموعة من النصابين تحويلات لأمول من أكثر من ثلاثة آلاف ضحية خلال فترة أقل من ستة أشهر، على الرغم من أن أيا من هؤلاء الضحايا لم يتحدث للشيخة أم خديجة المغربية، ونجح النصابون فى إقناع ضحاياهم أن الشيخة "خرساء" وأنهم مكلفون بجمع تفاصيل المشكلات من جمهورها وإطلاع الشيخة عليها.
والسؤال المطروح الآن علينا جميعا والذي يجب أن نتوقف أمامه كثيرا، هل يعقل أن يتقبل المجتمع المصري فى الوقت الحالي كل هذا الكم من الإيمان بالخرافة والدجل والقوى الخفية وأن هناك أشخاصًا يمتلكون قدرات خارقة لا يمتلكها البشر العاديين.
كيف يعقل أن تخوض الدولة المصرية معركة التقدم التى أساسها العلم ونحن مغيبين إلى هذه الدرجة، ألا يكفينا الدخول إلى عصر التكنولوجيا الحديثة متأخرًا بسبب ما نعانيه من معوقات للتنمية نتيجة الكثافة السكانية وإهدار الموارد والوقت والتنظيم وافتقادنا للرؤية والإدارة في غالبية المواقع القيادية في الوقت الذي نسعى للتوسع فى تنفيذ مشروعات تعتمد على أحدث تكنولوجيا فى العالم من محطات كهرباء وتحلية مياه والمفاعلات النووية السلمية، وللأسف لا يواكب كل هذا القدر من التنمية الحرص على نشر ثقافة تقدمية، تحافظ بل وتضاعف إمكانيات التنمية.
كيف كان سيتغير شكل المجتمع المصري حال تحويل المبالغ التي استطاعت عصابة واحدة جمعها لو قرر أصحابها الاستفادة منها في مشروعات تدر عليهم الربح بدلا من جلب الحبيب.
هؤلاء النصابون جمعوا كل هذه المبالغ فى فترة وجيزة، فى وقت نحتاج فيه إلى إدارة رشيدة لكل مواردنا، وتشجيع الصناعات الصغيرة ومتناهية الصغر، لتوفير فرص عمل والمساهمة في زيادة الناتج القومي المحلى.
المفجع أن جميع التقارير الصحفية تقول: إن غالبية الضحايا من رجال الأعمال والجامعيين والنساء، ألا يعنى ذلك أن هذا الجمهور الذى يبحث عن الدجل والشعوذة فاقد الإيمان بذاته وقدراته على الإصلاح والتغيير ومواجهة أموره بشكل علمي مباشر وصريح ومكاشفتها، ويسعى وراء وهم القوى الخفية التي تبرر ضعفه وأنه مسلوب الإرادة وأنه لا يد له فيما يواجهه فى حياته الشخصية أو العملية من مشكلات، ففى الوقت الذى إبعاد من ينشرون أجواء الإحباط والهزيمة والضعف على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، يجب أن نلتفت إلى أن هؤلاء يحققون نجاحًا فى أغراضهم الخبيثة؛ لأن هناك تربة فى المجتمع المصري خصبة صالحة لهذا النوع من الابتزاز، وأن كثيرًا منا لا يؤمنون بقدراتهم على حل مشكلاتهم الشخصية والعائلية فهل سيؤمنون بأن لهم قدرة على التغيير السياسى وتحقيق إصلاح اقتصادي وتعديل مسار وطنهم للأفضل.
إننا مطالبون بحماية هذا المجتمع، مطالبون بإعادة بناء المجتمع من جديد.