الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

نزار قباني.. أمير دمشقي في مملكة الشعر

نزار قباني
نزار قباني
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"إذا خسرنا الحربَ لا غرابهْ/ لأننا ندخُلها../ بكلِّ ما يملكُ الشرقيُّ من مواهبِ الخطابهْ/ بالعنترياتِ التي ما قتلت ذبابهْ/ لأننا ندخلها../ بمنطقِ الطبلةِ والربابهْ"
لم يتصور أحد أن شاعر المرأة والحب بإمكانه ان يكتب عن الحرب والسياسة، ربما ذلك يرجع لأن نزار قباني كان دبلوماسيا واعيا، بالتأكيد لم يكن متحذلقا ؛ تكفي تلك الكلمات لوصف ما ألم بالشعوب الحالمة التي استيقظت على فاجعة النكسة، وسط جعجعات الساسة وتحليلات الفلاسفة وعديد الشعراء، كشف نزار قباني كعادته الغطاء عن مساوئ المجتمع والأنظمة الحاكمة، بنفس جرأته في رومانسيته التي يعتبرها الكثيرون تصل حد الإباحية، كان مقاتلا شرسا في الحرب، كشاعر.. فقط، ربما كان يرى نزار ان الأنظمة العربية سترتكب جرائم بشعة في استعدادها للحرب، لذا قدم استقالته كدبلوماسي عام 1966.
لم يكن نزار قباني ابن دمشق الذي ولد يوم 21 مارس 1923، منفصلا عن واقعه ومجتمعه العربي يوما ما، حتى في قصائده الرومانسية كان شعره بمثابة المشرط الذي يعري ازمات المجتمع فيما يعتقده من اعراف تصل حد التخريف، منها مثلا قصيدة الخرافة التي ينتصر فيها بقوة لحرية المرأة في المجتمع العربي، ولا ينسى احد دواوينه التي نشرها عن دار النشر خاصته التي دشنها من لندن تحت اسم "منشورات نزار قباني" ؟، والتي أصدر عنها عدة دواوين اشهرها "قالت لي السمراء" و"طفولة نهد"، كان نزار شديد الحساسية تجاه المرأة، يرجع ذلك بعض معاصريه لعلاقته بأمه التي كان شديد الارتباط بها حتى شاع عنه ان امه ظلت ترضعه حتى السابعة من عمره حتى انهم قالوا انه يعاني من عقدة اوديب، ويرجعون ايضا علاقته الشفيفة بأوجاع المرأة للحادثة الشهيرة التي نشأ عليها وغيرت مجرى حياة أسرته وهي انتحار شقيقته وصال أمام عينيه، احتجاجا على اجبارها على الزواج من رجل لا تحبه.
لم تكن النكسة وانتحار شقيقته هما المآسي الوحيدة التي تلقاها في حياته، فقد شكلت حادثة وفاة ابنه "توفيق" وجعا لا ينسى لدى نزار حيث نعاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني"، اضافة الى حادثة مقتل زوجته الثانية "بلقيس" عام 1982 خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، والتي رثاها ايضا بقصيدة تعد من اشهر قصائد الرثاء في الأدب العالمي بعنوان "بلقيس".
وما بين دمشق وبيروت والقاهرة وجنيف وباريس ولندن، اثرى نزار قباني الوجدان العربي بقصائد ما زالت تعيش داخل كل مواطن عربي بين الغزل والرومانسية والحب والمقاومة والرثاء والوجع، حتى رحل عن عالمنا عام 1998 ليدفن في مسقط رأسه دمشق حسب وصيته.