الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

الزهار: القاهرة تضم عددًا ضخمًا من المباني الأثرية تنسب لبعض السيدات

 سامح الزهار
سامح الزهار
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أكد سامح الزهار المتخصص فى الآثار الاسلامية والقبطية أن القاهرة الإسلامية تزخر بعدد هائل من الآثار المعمارية المتنوعة ما بين المساجد والأضرحة والخنقاوات والأسبلة والكتاتيب والمدارس والبيمارستانات والتي تنتمي إلى بعض النساء ممن شيدوها أو شُيدت من أجلهن.
وقال الزهار - فى تصريح له اليوم السبت بمناسبة احتفال مصر بعيد الأم الذى يوافق يوم 21 مارس من كل عام- إن تلك النساء أصحاب الأيادي البيضاء على العمارة الإسلامية في مصر، خاصة منهن من كانوا من أهل بيت الحكم من أمهات وزوجات السلاطين والخلفاء والأمراء والملوك والحُكام ممن اهتموا بالمعمار والبناء والتشييد، فمنهن من اهتم بالعمارة الدينية ومنهن من اهتم بالعمارة المدنية وآخريات اهتموا بالعمارة الخيرية، مؤكدا أن هذا التنوع في مصر يعد أحد أهم ما يميز العمارة الإسلامية التي اكترثت بها النساء في الحضارة الإسلامية في مصر.
وأضاف أن هناك عددا من تلك الآثار الإسلامية التي تحمل اسم (أم) وجاء ذكر لفظ الأم على بعض العمائر تكريمًا لها وإبرازًا لأهمية الدور الإجتماعي والخيري وأيضا السياسي للأم، فلم تكن المرأة في الحضارة الإسلامية مجرد تابعة للرجل، بل كانت مؤثرة في الحراك الإجتماعي والسياسي والثقافي والتنموي.
واستعرض الزهارعددا من نماذج الآثار الإسلامية التي تحمل لفظ "أم"، ومنها سبيل "أم عباس" في الدرب الأحمر وهي نموذج مهم للعمارة الخيرية في مصر، يقع هذا السبيل فى حى القلعة عند تقاطع شارعى الركبية والسيوفية مع شارع الصليبة، وهو أحد أهم نماذج الأسبلة الرائعة في مصر الإسلامية، وخصص لتوزيع مياه الشرب على الناس طلبًا للثواب، كما ألحقت به كتابًا عينت به المعلمين لتعليم الأطفال، وهو أمر توقف عنده بعض المؤرخين في ظل ما عرف عن ابنها “عباس الأول” من اتجاه نحو وقف تيار التحديث في البلاد.
وقال إن من العمارة التي تحمل كلمة "أم" في مصر الإسلامية في زمن المماليك مسجد ومدرسة أم السلطان شعبان 770هـ - 1368م والذى يوجد بشارع باب الوزير في القاهرة، وهو من أكثر عمائر المماليك تميزًا معماريًا وفنيًا كبيرًا، موضحا أن أم السلطان الأشرف شعبان هي السيدة خوند بركة وهي أيضًا زوجة الأمر ألجاي اليوسفي، واشتهرت باسم أم السلطان وعرف عنها الحسن والجمال والدين والثقافة والكرم، وكان السلطان الأشرف شعبان مولع بحب أمه ولا يعصي لها أمرًا، بل ويشاورها في كافة أمور الدولة ولا يبت برأي إلا بعد مباركتها.
وأضاف الزهار أنها عندما ذهبت للحج اصطحبت معها مائة بعير محملة بالبضائع ومائة مملوك وموسيقيين وعرف ذلك العام بعام أم السلطان، وعند عودتها خرج السلطان لملاقاتها وكان يومًا مشهودًا أقيمت فيه الاحتفالات على طول الطريق حتى صعدت إلى القلعة، فقد قامت خوند بركة بتشييد مدرسة تدرس فيها المذاهب الأربعة، لافتا إلى أنه يستدل من الكتابات التاريخية بالمبنى أن السلطان شعبان هو الذي أنشأه لوالدته، لكن المقريزي وعددا من المؤرخين ينسبون إنشاءه إلى خوند بركة، وأطلق عليه الناس مسجد أم السلطان وقد أمرت بكتابة مصحف تم تدوينه بالخط النسخ وحلي بالذهب واللازورد وضعته بمدرستها ولازال موجودًا بدار الكتب وبعد الإنتهاء من تدوين المصحف مرضت واعتل جسدها وتوفيت وحزن عليها الناس حزنا شديدا.
واشار إلى خانقاة خوند "أم أتوك" بشارع السلطان أحمد الموجود بمنطقة قرافة المماليك، وأسسها الخواند الكبرى طغاوى الناصرى "أم أتوك "، وقد كانت مملوكة للأمير تنكزيقا ثم اشتراها الناصر محمد بن الدين حتى اعتقها وتزوجها وعرف عنها أنها كانت مثقفة وجميلة وقوية الشخصية، كما يوجد بنفس المنطقة قبة خديجة "أم الأشرف" والتي تقع في شارع الوقاد وعرفت باسم خديجة أم الأشرف ويعتقد المؤرخون أن المقصود هو الأشرف برسباى لقربها من مدفنه وخانقاته بصحراء قايتباى.
واستطرد قائلا " إنه يوجد بالقرب من مسجد سيدنا الحسن واحد من أشهر الأضرحة في مصر وهو ضريح "أم الغلام" ويأتيها عدد كبير من دراويش الصوفية والمريدين طول العام لزيارة ضريحها الموجود على مقربة من مسجد الأمير أيدمر البهلوان ومسجد ابن برديك ومسجد آل الجوكندار وسبيل وكتاب أمين أفندي ومسجد العدوي وغيرها وينتشر حول "ام الغلام" نسيج هائل من الحكايات والقصص الشعبية ذات الثراء الإنساني.
وأكد الزهار أنه يوجد بمصر أعداد أخرى كبيرة جدا من آثار ومبانى النساء التي يطول الحديث عنها، وإذا نظرنا للأمر بمنظور أدبي واجتماعي فنجد أن الإحتفال بعيد الأم في العصر الحديث يكون يوما واحدا في العام، لكن التراث المعماري المصري بصفة عامة والإسلامي بصفة خاصة قد خلد ذكر عدد كبير من الأمهات من خلال اطلاق أسمائهم بصفة الأمومة على الكثير من المنشآت المعمارية التي وصلت الينا.