الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

رعب العطش.. إثيوبيا تقترب من إنهاء بناء سد النهضة.. مائيون: مصر دخلت مرحلة الفقر المائي.. وخبراء: لم نعالج الأزمة بجدية.. وتقارير: نصيب الفرد من المياه تراجع إلى 700 متر مكعب سنويًّا

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رعب العطش يتصاعد، الجميع يترقب بعد أنباء عن اقتراب إثيوبيا من إنهاء بناء سد النهضة.. وهل هذا يقلق، وهل يمكن أن نقول إن مصر دخلت حزام أو مرحلة الفقر المائي؟، مائيون أجابوا بالرد المباشر: "يقلق.. ومصر دخلت مرحلة الفقر المائي"، حتى الحكومة على لسان وزراء الإسكان والري والزراعة سبقوا أن أكدوا هذا الهاجس، ورددوا هذه الجملة "مصر على باب العطش" وأن نصيب الفرد من المياه تراجع إلى 700 متر مكعب سنويًّا.
على ما يبدو أن الأزمة المائية في مصر، تتجه نحو منعطف خطر للغاية، المخاطر المائية تزايدت في الفترة الأخيرة بشكل كبير، بدأت الأزمة بعد اتجاه إثيوبيا لإنشاء سد النهضة، والذي من المقرر الانتهاء منه العام الحالي 2017، مما يهدد حصة مصر من المياه، دوافع إثيوبيا في بناء السد بحسب ما هو معلن، تنفيذ عدد من المشروعات المهمة، من ضمنها المشروعات الرئيسية على حوض نهر النيل، ودعم حق دول المنابع في استغلال مياه النيل، إلى جانب العمل على سلب حق الفيتو من مصر، الذي يتيح لها حق الاعتراض على إقامة أي دولة لمشروعات على نهر النيل، أو الاستخدام المطلق لمياه النيل.



و"النهضة" سد إثيوبي تحت البناء يقع على النيل الأزرق بولاية "بنيشنقول قماز" بالقرب من الحدود الإثيوبية-السودانية، على مسافة تتراوح بين 20 و40 كيلومترًا، ومن المرتقب عند اكتمال إنشائه سوف يصبح أكبر سد كهرومائي في القارة الأفريقية، والعاشر عالميًا في قائمة أكبر السدود إنتاجًا للكهرباء، وتقدر تكلفته بـ4.7 مليار دولار أمريكي، وهو واحد من ثلاثة سدود تشيد لغرض توليد الطاقة الكهرومائية في إثيوبيا، ماذا يعني هذا، وكيف استعدت مصر لمواجهة هذا الخطر؟ 




ويرد الدكتور أحمد الإبياري، وخبير الموارد المائية: الواقع أن مصر تواجه خطرًا حقيقيًا، والذي بدأت ملامحه في الفترة الماضية، والذي بدوره يهدد الأمن المائي لها، مشيرًا إلى أنه في حالة إتمام بناء السد، ستقل حصة مصر من المياه لأكثر من النصف، وتواجه أزمة حادة، في نقص المواد المائية، وتلبية حاجة المواطنين، مؤكدًا أن الحلول التقليدية والرضوخ للأمر الواقع، لا يمكن تقبله ولا يليق بمصر كدولة عملاقة في الملف الأفريقي. 
أكد الإبياري، أن مصر تأخرت كثيرًا في حلولها للخروج من الأزمة، نظرًا لافتقاد البعض للرؤية والخبرة، وخاصة القائمين على الملف المائي في مصر، خلال السنوات الماضية، وفي ملف إدارة الأزمات، مؤكدًا أن الحل الآن للخروج من الأزمة هو التواصل أكثر مع الجانب الإثيوبي ومحاولة ردعه عن فكرة إنشاء السد، إلى جانب البحث في بدائل أخرى لعدم الدخول في أزمات لا يمكن توقعها.
وأوضح الإبياري أن "تحلية مياه البحر أمر موجود بالفعل في دول عدة"، إلا أن الأمر وحده غير كافٍ، ويحتاج لجهود كبيرة، في ظل انشغال مصر بتحديات أخرى منها ملف الإرهاب والأزمات الاقتصادية وغيرها من التحديات التي تواجه الدولة المصرية حاليًا، مؤكدًا أن حل أزمة سد النهضة أمر لا بد منه قبل قوات الأوان. 



وترى الدكتورة همت البسيوني، الخبير المائي، أن أزمة سد النهضة، ودخول مصر في نفق مظلم، كان يمكن الابتعاد عنه وحله منذ بداية المفاوضات، إلا أن ضعف الوفد المصري ورضوخه لما تطرحه إثيوبيا، أوصلنا إلى ما نحن به الآن، مشيرة إلى أن كل ما تملكه مصر حاليًا، هو التفاوض مع إثيوبيا لضمان حصتها من المياه.
وقالت البسيوني، إن مستقبل حصة مصر من مياه النيل، في يد إثيوبيا حاليا، وهذا ما دفعتنا له المفاوضات السابقة، متسائلًا: "بأي منطق نصل بالمفاوضات لنترك حصة المياه بأيديها دون أي ضمانات، وبالتالي من حقها تفعل ما تشاء"، مؤكدة أن الوضع الآن في غاية الصعوبة، وربما تشهد الأيام المقبلة محاولات متعددة من مصر ومفاوضات جادة لمراجعة ملف أزمة سد النهضة من جديد.



غير أن الدكتور رأفت الهلالي، أستاذ القانون الدولي، رأى أن الحقوق المائية المصرية محفوظة بمقتضى الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، لافتًا إلى أن إثيوبيا مارست حيلًا للقفز على الاتفاقيات التاريخية، مشيرًا إلى أن مصر يمكنها مقاضاة إثيوبيا دوليًا، طبقًا للمعاهدات التاريخية بين البلدين، والتي لا يمكن التلاعب بها، وتابع: "على إثيوبيا احترام المعاهدات"، قائلًا: "إثيوبيا تجاوزت المعاهدات وخالفت القوانين ببناء سد النهضة، والذي يحجز 74 مليار متر مكعب عن مصر". 




في السياق حذرت وزير الدولة لشئون البيئة الأوغندية الدكتور ماري جوريتي كيتيتو، من أن الدول الأفريقية ستعاني خلال الأعوام من 2020 إلى 2025 من فقر مائي، ودخول 27 دولة أفريقية إلى مرحلة الفقر في المياه، معظمها في شمال أفريقيا، ومنطقة الساحل والصحراء.. مؤكدة على أهمية تعظيم المصادر المائية للقارة، واستخدامها بشكل أمثل.
كما حذرت من خطورة عدم الحفاظ على النظام الايكولوجي (البيئي) في الدول الأفريقية، وعدم استخدامه حاليًا بالشكل الأفضل للسماح بزيادة المصادر المائية في هذا النظام حتى تستطيع تلك الدول أن تتقدم، وتنعم بحياة أفضل.
وأوضحت أنه كانت هناك العديد من المبادرات لكي يكون لأفريقيا صوت واحد في تلك القضية البيئية المهمة، ومنها الدعوة إلى إنشاء صندوق مالي يدعم تلك المبادرات للحفاظ على البيئة الطبيعية ومصادر المياه، وهو ما يمكن تحقيقه من خلال بنك التنمية الأفريقي للمساعدة. 
وشددت على ضرورة مضاعفة الإنفاق العام الحكومي لحماية البيئة، والرفع من كفاءة الموارد المائية، والحفاظ عليها ووضع خطط واضحة في الحفاظ على النظام البيئي في الدول الأفريقية، مطالبة بالاستعانة بمراكز الأبحاث المصرية والتعاون معها في هذا المجال.