السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

سائق البابا شنودة في الذكرى الخامسة لرحيله: 30 عامًا في خدمة العملاق أقود سيارته لم يخذلني خلالها.. كنت رسوله في معتقل السادات.. لم يرد فقيرًا و"كان اللي في جيبه مش ليه".. لمست حرصه على قراءة القرآن

البابا الراحل شنودة
البابا الراحل شنودة الثالث بابا الاسكندرية وبطريرك لكرازة ال
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
على صوت التراتيل التقت "البوابة القبطية" عم يحيى سائق البابا الراحل شنودة الثالث بابا الإسكندرية، وبطريرك لكرازة المرقسية، أمام مدخل كنيسة الأنبا رويس بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، وامتزجت دموعه مع صوت أجراس الكنيسة، وهز جسده الكهل الاشتياق والحزن لفقدان سيده وتاج راسه على حد تعبيره.
فور سماعه اسم البابا شنودة وحلول الذكرى الخامسة لرحيله لم يتوقف لسانه عن المديح وعيونه عن الدموع بقوله: "سيدي وتاج راسي – عايش في خيره أنا وأولادي – مفيش زيه - حبيبي عايش جوايا" معبرًا عن اشتياقه له: "وحشني الغالي بشوفه في أحلامي وبحس أنه موجود حواليا وفي بيتي، لما بشتاق له بروح أزوره في الدير "دير الأنبا بيشوي بوادي النطرون، حيث مثواه الأخير، وأملِّي عيني من العربية في المزار بالدير".
قال سائق البابا الراحل: "30 عاما في خدمة العملاق أقود سيارته، لم يخذلني خلالها، وكان عندما أخطئ يظهر على وجه انطباعات ضيقه، وبالتالي يبدو علي ملامحي الضيق، فيقوم بدوره بكسر جو التوتر ويفاجئني بخفة ظل متسائلًا: "هو الكوبري ده رايح فين" مع إني أعلم علم اليقين انه يعرف كل شبر في مصر وذهنه عبارة عن مجلد تاريخي لكل شبر في القاهرة.
وأضاف: كانت السيارة مكتبه الخاص، حيث تم تصميم حامل علي شكل مكتب بالكرسي الخلفي، ليستثمر الوقت خلال قيادتي للسيارة في القراءة تارة والكتابة تارة أخرى، فكانت الرحلة من القاهرة للدير، وقته المفضل في الاطلاع والكتابة، فيغوص في ذهنه وكأنه في حجرة مغلقة لا يظهر في المشهد سوي قلمه وكتابه.
وداعبت ذاكرته معتقل البابا لمدة 4 سنوات في عصر الرئيس الراحل أنور السادات، وتحديد محل إقامته بدير الأنبا بيشوي، فقال: "في بداية الاعتقال رحت الدير علشان أقعد معاه، بعدها جه قرار وطلبوا مني أرجع الكاتدرائية فى العباسية لأني موظف، وكان صعب علي، ودعته وقلت له لو احتاجتني أطلبني، بعدها جالي تليفون وطلب مني البابا أن أرجع الدير، وقعدت الأربع سنين معاه أعمل مشاوير خاصة به، اوصل رسائل منه لعائلته ومرات للأساقفة".
وفي لفتة إنسانية راقية بين البابا شنودة وعم يحيى قال: "أصبت بأزمة قلبية عنيفة، وشخصت بضرورة تغيير صمام في قلبي، وكان وقتئذ البابا خارج البلاد فأجرى اتصالا هاتفيا بأحد الأساقفة، وطلب منه أن يتولي نقلي إلى أفضل مستشفى في مصر لأتلقى العلاج، وتكلف قداسته جميع مصروفات العملية".
وارتفعت نبرة صوت يحيى ممتزجة بالفرح، وكأن حدث عظيم حدث للتو فقال: "أول ما رجعت بعد العملية وكان البابا واقفًا وسط جمع كبير من الأساقفة والنخب، وعندما لمح وجهي ترك الجميع وجاء راكضًا، وهدأ الصوت قليلًا وردد ثانية: "وسط الناس كلها جري عليا وعبط في واحد زي أنا "مرددًا "واحد زي أنا" وعادة الدموع تتلألأ في عيونه، والابتسامة تداعب شفتيه " أنا مين علشان البابا يعمل معايا كدا".
وقالها متفاخرًا: "لم يرد يومًا فقيرا واللي في جيبه مش ليه"، مشيرًا إلى أنه "كان جيبه دايمًا فيه فلوس ويمشي يوزع على كل الناس".
واستطرد: في أحد الأيام كان البابا في فيلته "مكان خلوته" بالمقر البابوي بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، وجاء أحد الفقراء يطلب المساعدة سائلًا عن البابا فجميعنا أجبناه أن البابا انتهي من أعماله ولن ينزل مرة ثانية للمقر، وفوجئنا أن البابا خارج من الأسانسير وأخرج النقود وأعطاها للفقير، حتى انتابنا جميعًا الذهول كيف عرف البابا أن الفقير يسأل عنه".
وعن موقف رأى فيه البابا حزينًا قال: " عندما سمع عن حرق دار الوثائق المصرية بالقاهرة عقب ثورة يناير، أصابه الذهول والغضب علي وثائق مصر، فقد كان مقدرًا لتك المخطوطات والتي تحمل الحضارة، وكان كثير القراءة ولديه مكتبة ضخمة وكنت أراه وهو يقرأ في القرآن وكتب إسلامية، وأكد كان البابا يمتلك بعض المخطوطات الاسلامية وأرسلها لدار الوثائق بعد معرفته بالحريق".