الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

كنائس ألمانية توفر "آخر بارقة أمل" لطالبي اللجوء

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بعد رحلة لألمانيا استغرقت ثلاثة أشهر، وجد أحمد نوري نفسه يائسًا وليس مرتاحًا، فبعد مغادرته من شمال أفغانستان، وعبوره البحر المتوسط ثم التنقل برًّا عبر العديد من الدول، تحولت سعادته الأولية على الفور إلى صدمة.
وكانت الشرطة المجرية قد أخذت بصمات أصابع نوري (28 عامًا) في إطار الإجراءات اللازمة لاستكمال طلب اللجوء. وأعطته ألمانيا فرصة 25 يومًا لمغادرة البلاد والعودة إلى المجر، إلا أنه فر وأصبح ينام في الشوارع ليتجنب الترحيل. ثم خرج أحد المحامين بخطة: على نوري أن يسعى للجوء داخل إحدى الكنائس.
وعلى مدار عقود ظلت الكنائس في ألمانيا توفر ملاذًا مؤقتًا للفارِّين من الاضطهاد والتمييز والتعذيب وحتى الموت في بلدانهم؛ انطلاقًا من أن حماية المضطهَدين أمر متجذر في الفكر المسيحي.
تقول جينيا شينكه بليش، مديرة اللجنة المسكونية الألمانية للجوء الكنسي، وهي جمعية تضم الأبرشيات المسيحية التي توفر اللجوء فى الكنائس: "نسجل حاليًّا 323 حالة لجوء تشمل ما لا يقل عن 547 فردًا، بينهم 145 طفلًا".
وتضيف بليش أن كثيرين من أصحاب حالات اللجوء الكنسي مهاجرون من سوريا وأفغانستان وإيران.
ويقول المسئولون الكنسيون: إن معظم طالبي اللجوء هم من "حالات دبلن". ووفقًا لقواعد دبلن المعمول بها في الاتحاد الأوروبي فإنه يتعين تقديم طلب اللجوء في أول دولة يتم الدخول إليها من دول الاتحاد الأوروبي، ما يعني أن مقدِّمي الطلبات الموجودين في ألمانيا مطالبون فنيًّا بالعودة إلى أول دولة وصول في الاتحاد الأوروبي.
إلا أن هذا النظام انهار عام 2015، عندما أدى تدفق المهاجرين إلى أوروبا إلى اقتتال سياسي، وإلى تدهور الأوضاع في مخيمات اللاجئين دون إعادة بعضهم إلى دول الوصول.
وأوى كثيرون من طالبي اللجوء الذين طُلب منهم مغادرة ألمانيا إلى الكنائس انتظارًا لمواعيد ترحيلهم. وفي الكنيسة يكونون بعيدًا عن أيدي الشرطة، ما أثار استياء الحكومة الألمانية.
غضب الحكومة
وكان وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزير قد شن هجومًا على الكنائس قبل عامين، وقال إنه لا ينبغي أن تكون فوق القانون.
وكنت نتيجة الجدل الساخن اتفاق بين الدولة الألمانية وكبرى الطوائف المسيحية يقوم بموجبها المكتب الاتحادي للاجئين والهجرة بإعادة دراسة حالة اللاجئين الموجودين في الكنائس، كل على حدة.
وتتم المراجعات بناء على ملف يساعد لاجئون ومحامون وجهات مجتمعية في وضعه، وغالبًا ما تكون النتيجة هي السماح للاجئين بالبقاء في ألمانيا في الوقت الحالي عادة؛ لأنه يتم هنا النظر في طلبهم للجوء أو لأنهم مرضى أو لأن لديهم أقارب في البلاد أو لأنهم سيكونون في خطر إذا ما عادوا إلى بلادهم.
وفي مقابل موافقة الحكومة الألمانية على هذا التنازل، أصبح يتعين على قادة الكنائس التوضيح للجمهور أن اللجوء الكنسي أمر لا يمكن منحه إلا كـ"ملاذ أخير" لحالات فردية ولفترة محدودة فقط.
ووفقًا للمكتب الاتحادي للاجئين والهجرة، فإن منح اللجوء الكنسي تم تطبيقه لنحو 800 حالة فقط منذ فبراير 2015 واتفقت جميع الأطراف على أن هذا الإجراء نجح بصورة أساسية.
وقال المتحدث باسم مؤتمر الأساقفة الكاثوليك، ماتياس كوب: "التجربة حتى الآن تظهر أن المراجعات الجديدة للحالات التي تقدم بها ممثلون عن الكنيسة حالت دون حدوث مواقف صعبة ووفرت الفرصة لمنح إجراءات اللجوء في ألمانيا".
سيادة القانون
تقول مارجريتا تريند المسئولة بكنسية لوثرية بشمال برلين: "اللجوء الكنسي لا يعد انتهاكًا للقانون.. على النقيض إنه دليل على سيادة القانون، الذي يُذكّر الكنائس بحدودها ويوفر فرصة تخدم مصالح الناس".
وتضيف أن كنيستها توفر حاليًّا المأوى لستة أشخاص، بينهم أحمد نوري. كما توفر الكنيسة مائتي يورو (211 دولارًا) كمصروف جيب لطالب اللجوء، إلى جانب تذاكر للحافلات والقطارات. كما استأجرت شقة.
وتريند غير سعيدة بسياسات اللجوء التي تنتهجها الحكومة، التي تهدف بصورة متزايدة إلى منع الدخول وكذلك إعادة الناس.
وتضيف "كدولة، نحن لم نستنفد قدراتنا ورغم ذلك فإننا نغلق حدودنا"، مضيفة أنها تشعر أنها "تمت مكافأتها" بالأشخاص الذين يسعون إلى اللجوء لكنيستها لأنهم قدموا الكثير في المقابل.
ويشعر المسلم أحمد نوري بالامتنان، خاصة للطريقة التي يساعده بها المسيحيون، مؤكدًا أن "اللجوء الكنسي كان فرصتي الأخيرة".
وبينما يتعلم الألمانية ويبحث عن فرص للعمل بالكمبيوتر، يقول نوري: إنه وصل إلى الخطوة الأولى على طريقه للأمام: ألمانيا تراجع رسميًّا طلبه للجوء.