الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

فاروق حسني.. بين عبقرية الفن وجمال الصورة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الفنان فاروق حسنى عرفته منذ أن كان فنانًا ومستشارًا ثقافيًا بباريس وكان ما يقدمه من «تابلوهات» عبارة عن قطعة فنية نادرة، وكانت تنشأ دعابة بيننا حينما أعجب بأحد تابلوهاته وأقتنيه، فيقول لى إذا قررت أن أشتريها: «بصراحة تمنيت ألا تطلب هذا التابلوه بالذات، لأنى أحبه وما أحبه لا يمكنني أن أفرط فيه».
ومن حسن حظى أننى تمكنت من أن أمتلك عدة تابلوهات حازت تقدير وإعجاب كثير من هواة الفن.
وأعجبنى فى شخصية فاروق حسنى عزة النفس وإعجابه بفنه وذوقه العالى. وكان من حظه أيضًا أنه تجول فى عدة أماكن أتاحت له فرصة أن يعرض فنه فى أماكن أخرى وكان من بينها روما، وبجانب الفن كان فاروق حسنى أيضًا قادرًا على جذب اهتمام الشباب بالثقافة بجانب الفن.
وكان لفاروق حسنى مكانة كبيرة لدى الدكتور عاطف صدقى المستشار الثقافى قبل أن يصبح رئيسًا للوزراء.
ثم جاء دور فاروق حسنى ليصبح وزيرًا للثقافة، وتألق فى مكانه وكانت مكانته عند رئيس الجمهورية مهمة وكبيرة، وكذلك لدى حرم الرئيس التي أعطته مكانة وتقديرًا.
وبعد أن ترك فاروق حسنى منصبه كوزير للثقافة، وأصبح شخصية عامة يحترمها الجميع، ويتذكرون بكل تقدير ما قام به الفنان والمسئول الثقافى وقدر له الجميع كيف احترم دائمًا حرية الرأى.
وأذكر له دائمًا كيف كان يحترم ضيوفه ويتعامل مع الجميع بدماثة خلق.
وعودة إلى تابلوهات فاروق حسنى وحصص مهمة وأحد هذه التابلوهات كان عبارة عن تجميع رائع بين السماء والأرض والسحاب، وما زال معى هذا التابلوه من مصر إلى باريس، ثم إلى شاطئ محيط الأطلنطى بجانب مصممة شهيرة تسمى «كيبرون»، وكان بيتى هناك مزارًا من شخصيات عديدة أجنبية، وتوقف عدد كبير من الأصدقاء أمام هذا التابلوه وهم معجبون بما رسمته ريشة الفنان فاروق حسنى، وعندما جاء الأصدقاء الأجانب إلى زيارة مصر بعد أن جمعتهم الصدف برؤية التابلوه الذى جمع الأرض والسماء والسحاب، وأبدوا لفاروق إعجابهم الشديد به وتقبل إعجابهم بفنه بكل تواضع.
واحتفظت فى منزلى بالقاهرة بمجموعة نادرة من تابلوهات فاروق حسنى لم تزد علي أربعة حصلت عليها من معارضه فى باريس، ولكن أحد هذه التابلوهات مع التى تحدثت عنها أنها تجمع بين الأرض والسماء والسحاب.
صحبته إلى بيتى الريفى فى فرنسا، وبقى هناك معى منذ أن تركت بيتى بباريس، وما زلت أذكر أن هذا التابلوه حصلت عليه من المعرض الذى نال نجاحًا كبيرًا فى معرض العالم العربى بباريس.
حاز فاروق حسنى بعلاقات محبة ومودة وإعجاب بكثير من الجاليات والشخصيات الأجنبية التى تعرف عليها أثناء إقامته بالخارج، وأعرف شخصيًا كثيرًا منهم الذين كان لهم دور إيجابى بجانبه أثناء حملة ترشيحه لرئاسة اليونسكو رغم أن الحظ لم يكن بجانبه.
ومن بين الصدف الجميلة أن هناك تشابهات كثيرة ربطت بين شخصيات متفردة فى مجال الثقافة والفن مثل وزير الثقافة الدكتور ثروت عكاشة وفاروق حسنى الفنان الكبير، والاثنان يعتبران فى مجالهما عمالقة وفنانين من نوع متفرد، العملاقان أيضًا عاشا مدة طويلة بباريس وارتبط كلاهما بفنانين ومثقفين على مستوى عالٍ وسيكتب لهما التاريخ مكانًا متفردًا.
ومن حسن حظى أن علاقتى بالدكتور ثروت عكاشة وفاروق حسنى كانت علاقة يجمعها الود والاحترام.
ونقول إنه لو كرّس فاروق حسني جهده وشخصيته لينقل فنه وثقافته إلى جيل يود أن يتعلم، لاغتنى المجتمع بأثره فنًا وثقافة.
وسيبقى فى ذاكرتى المرحلة التى أدار فيها فاروق حسنى المركز الثقافى فى مقره بالحى اللاتينى، وكان هذا المقر محل لقاء بين فاروق حسنى والطلاب والمثقفين، ليحل مشاكلهم ويستجيب إلى مطالبهم، وكان الشباب والطلاب وقتها لهم وجهات نظر فى قضايا سياسية يتفقون ويختلفون حولها.
ولا أذكر أن فاروق حسنى أدار المركز بطريقة المناورات، بل بالهدوء والتعاون مع الجميع.
وفى هذه المرحلة من الزمان كان أعضاء البعثة من رجال القانون والقضاء، وأذكر منهم الصديق الراحل الدكتور ممدوح البلتاجى، وكان سياسيًا ووطنيًا ومثقفًا على مستوى عالٍ من العلم والثقافة، وبعد أن انتهى من دراسات البعثة وحصل على الدكتوراه فى الاقتصاد والعلوم السياسية، التحق بمكتب الإعلام بسفارة باريس، وكان لى شرف أن أساهم فى ترشيحه بحكم أننى وقتها كنت مستشارًا إعلاميًا لرئيس الجمهورية الرئيس محمد أنور السادات، وساعدنى فى ترشيح الدكتور البلتاجى الراحل الفريق كمال حسن على، الذى كان وقتها وزيرًا للخارجية، وذهبنا سويًا للقاء الراحل الكاتب الكبير، وزير الثقافة يوسف السباعى الذى رحب بترشيح الدكتور البلتاجى للالتحاق بمكتب الإعلام. أقول ذلك لأذكر بأسماء عالية المستوى التى تتدخل لأداء واجب لخدمة العمل العام، رحم الله هؤلاء العمالقة.
وأكمل الدكتور البلتاجى طريقه بأن أصبح رئيسًا لمصلحة الاستعلامات ثم وزيرًا للإعلام، وكان أداؤه عاليًا مشرفًا.
وحينما أسمح لنفسى بأن أستعرض أيضًا التاريخ المشرف لجهاز الاستعلامات ووزارة الإعلام، ثم أشير بالانهيار الذى أصاب الاستعلامات فى المرحلة الأخيرة.
وعودة إلى عمالقة آخرين مثل الدكتور ثروت عكاشة والفنان فاروق حسنى والكاتب والمفكر والوزير يوسف السباعى حينها سنتذكر عهدًا ذهبيًا وكان حظى أن أعيش هذه المرحلة، وأن أتعرف على هؤلاء الذين ساهموا فى إثراء مصر بأكملها.