الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

"أستانة"... من الأمل إلى الإنجاز

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم يكن اللقاء المرتقب فى أستانة خيارا سوريا، لقد أراده الروس بعد أن حققوا بالتعاون مع الفرس ما رأوه انتصارا تاريخيا على أحياء حلب الشرقية، وتمكنوا بعد حرب ضروس من إخراج الفصائل المسلحة، ثم دعوا إلى هدنة استثنت «داعش» و«النصرة» مما جعلهم يعلنون أنهم حققوا ما عجز عنه الأمريكان من فصل بين مَن يصنفونهم (إرهابيين) وبين من قبلوا أخيرا بتسميتهم معتدلين، ولا بد أن نلحظ دور تركيا فى تعديل المزاج الروسى فى النظر إلى الفصائل الثورية، وأن نلحظ أن الفصائل وبخاصة فى الشمال تقدّر أهمية الدور التركى، وتثق بأن تركيا تحرص على مصالح السوريين، لا سيما أنها تكبّدت الكثير فى موقفها السياسى الداعم للشعب السورى فى ثورته، ويبدو أن روسيا بعد معركة حلب أرادت استثمار انتصارها العسكرى لتبدأ مرحلة جديدة تبدو فيها وسيطا للخروج من كونها طرفا رئيسا فى الصراع، وأرادت أن تتحاور مع الفصائل دون الهيئات والتنظيمات السياسية المعارضة، مما يجعل المحادثات ذات طابع عسكرى محض، رغم ما نتوقعه من محاولة الروس إضفاء طابع سياسى عليها.
ولقد حرصنا فى «الهيئة العليا للمفاوضات» على أن نتفاعل بإيجابية مع أى مبادرة توقف شلال الدم السورى، وما دامت الدعوة إلى أستانة ستبحث تعزيز الهدنة ووقف إطلاق النار فلا بد من أن ندعم وفد الفصائل، وقد أعلنَّا أننا نؤيد أى جهد دولى يسعى نحو الحل السياسى وإنهاء معاناة شعبنا، وكان إصرارنا على أن تكون مفاوضات الحل النهائى فى جنيف، كى يكون الحل بإشراف الأمم المتحدة دون أن ينفرد بالقضية السورية طرف يفرض رؤيته وحدها، وأعلنَّا حرصنا على الحضور العربى وعلى حضور «مجموعة دول أصدقاء سوريا»، لأن ما نمضى إليه فى رؤيتنا للحل السياسى هو ما حدده بيان «جنيف ١» وما أصدرته هيئة الأمم من قرارات كان أهمها القرار «٢٢٥٤» وقد جاء بمثابة خريطة طريق ترسم الحل المرتقب.
ولم تكن لدينا أى شروط، فقد كنا نطالب بما حدده هذا القرار لمرحلة (بناء الثقة) وقد تحدثنا مطولاً عن البنود ١٢ و١٣ و١٤ من القرار فظن بعضهم أنها شروط إضافية، وتجاهل أنها حدود وضعها مجلس الأمن لمرحلة تسبق المفاوضات وتؤسس لها، وهى البنود التى تتحدث عن ضرورة وقف إطلاق النار وفك الحصار وإدخال المساعدات الإنسانية وإطلاق سراح المعتقلين.
ما نأمله من لقاء أستانة المقبل هو البحث فى هذه البنود من القرار الدولى، فإنْ تمكن الروس من تحقيق مرحلة بناء الثقة التى يرفض النظام تحقيقها فسيكون ذلك إنجازا كبيرا يمهد لمفاوضات جادة فى جولة جنيف المقبلة فى شهر فبراير ٢٠١٧، وربما تستطيع روسيا بذلك أن تقنع السوريين والعالم كله أنها حقا تريد التحول من كونها طرفا رئيسا فى الصراع الدموى لصالح النظام إلى دور يبحث بجدية عن حل عادل لقضية الشعب السورى. ومهما تفاءلنا أو تشاءمنا بما قد ينتج عن لقاء أستانة من اتفاقيات مقبولة أو مرفوضة، فإننا ندرك أن هذا اللقاء لن يحل القضية، ولن يكون النهاية. وبما أننا نتفاعل بإيجابية مع هذا اللقاء، فإننا نحرص على أن ينصبّ الاهتمام على شمولية الهدنة، فلن يشعر السوريون بوجود وقف لإطلاق النار ما دامت النيران تحرق وادى بردى ومناطق أخرى فى سوريا مثل غربى حلب ومحافظة إدلب، ولا بد من رؤية سياسية حكيمة تجنِّب المدنيين ما يحدث من دمار فى الحرب الدولية المعلنة على الإرهاب، وحسبنا أن نرى حقيقة أن المواطن البريء من شرور الإرهاب هو الذى يدفع حياته وقودا فى هذه الحرب، وما دام الجميع يبحثون عن حلول سياسية فلا بد من إيجاد حلول لإنقاذ المواطنين المهددين بالإبادة فى حرب ليست حربهم، بل إنهم لو تمكنوا من مكافحة الإرهاب لكانوا أول المقاتلين ضده.
نقلاً عن «العربية نت»