الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

هلك حبارة وبقيت أفكاره

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم أسعد كثيرا بتنفيذ حكم الإعدام على المجرم المفسد القاتل المدعو عادل حبارة، بوضوح شديد ودون مقدمات ولا فلسفات فسعادتي «معلقة» و«مؤجلة» فى رحم المستقبل، لحين إعدام الأفكار التى اعتنقها عادل حبارة أولا، فالأفكار المسمومة حرة طليقة يتنفسها الآلاف والملايين ونحن ننظر اليها فى بلاهة مستفزة، أفكار عادل حبارة تنمو وتتكاثر فى وحول مستنقعات الجهل والتخلف والرجعية، أفكار عادل حبارة منتشرة على أوسع نطاق ومتاحة للجميع ودون ضوابط ودون شروط ومجانًا وربما يدفع لمن يحملها الكثير والكثير، أفكار عادل حبارة موجودة فى مناهج التعليم وفى برامج التليفزيون وفى صفحات الجرائد والمجلات.. موجودة فى المكتبات وشوارع بيع الكتب القديمة فى كل مكان.. أفكاره تنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعى بشكل يفوق الوصف والتصور.. أفكاره ليست من بنات أفكاره.. هو فقط حامل لها.. فلم يخترعها ولم يؤلفها ولم يبحث فيها.. فقط هى وصلت إليه كما وصلت إلى الملايين وقام بدوره لتوصيلها إلى ملايين أخرى.. لذلك أرى أن عادل حبارة وكل عادل حبارة ليس هو المستهدف ولا يجب أن يكون هو الهدف.. الهدف لا يجب أن يكون اصطياد البعوض لا يجب أن يكون الهدف هو تجفيف المستنقع الذى ينمو ويتكاثر فيه البعوض، لذلك أنا لم أسعد كثيرًا ولا قليلا بإعدام حبارة وأنا أنظر إلى قضية الشذوذ الفكرى والعقيدى المنتشرة حول العالم. 
يا سادة الانتحاريون لا يقرأون الدساتير .
وحتى لا نفرط فى التفاؤل بأن تعديل القوانين ذات الصِّلة بالإرهاب أو حتى تعديل بعض مواد الدستور سيكون حلًا جذريًا وناجعًا وكافيًا لمواجهة الإرهاب والقضاء عليه من جذوره، فالانتحارى الذى يلف جسده بحزام ناسف لن يخاف من سجن مشدد أو مؤبد أو إعدام.
فالقوانين لا تردع إلا الأسوياء، والسؤال الأهم كيف نجعل هؤلاء أسوياء؟ وهل حقا يمكن أن يصبح هؤلاء أسوياء؟ 
يا سادة.. مواجهة الإرهاب تحتاج إلى أدوات وآليات مختلفة تمامًا تبدأ من الفكرة.. كيف نواجه الفكرة؟ والأخطر من يواجه الفكرة؟
لكن السؤال الصادم هو: هل نحن جادون حقا فى مواجهة الإرهاب؟ 
أقصد بنحن.. نحن.. نحن جميعًا لا أستثنى أحدًا، كل منا يفتش فى نفسه بينه وبين نفسه، هل يحمل ولو نذرا يسيرا من العنصرية؟ هل يعانى من تمييز، على أى أسس.. عرق أو دين أو جنس؟ 
هل فعلًا يحب ويكره كإنسان؟ أم يحب ويكره كقطيع الخرفان؟ هل الدولة جادة فى مسعاها نحو مواجهة الإرهاب وتجفيف منابعه؟ هل المؤسسة الدينية بكافة أدواتها مقتنعة ومتفهمة ومؤمنة بالقضاء على الفكر المتطرف والمتعصب والشاذ؟ أم أنها وظيفة وموضة وتعليمات؟ 
أنا أسأل نفسى قبل أن أسألكم.. ماذا نحن فاعلون تجاه وطن ينزف من ثقوب الوعى؟ أفلا نتدبر ونعقل وننتفض؟
أنا على يقين أن الوقت الحالى هو الوقت المثالى للمواجهة.. مواجهة النفس بصدق قبل مواجهة الإرهاب.. 
وللحديث بقية