الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

الشعراوي.. إمام الوسطية في مواجهة الإرهاب

الشيخ الشعراوى
الشيخ الشعراوى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مع مطلع القرن العشرين بدأت موضة الجماعات والتنظيمات الإرهابية تتزايد، خاصة بعد شروع وانضمام عددٍ ممن يطلق عليهم لقب عالم أو شيخ، مستندين في أفكارهم إلى عدد من النصوص الدينية.
ومع مرور الوقت كشفت هذه الأفكار الخبيثة نتيجة أفعالهم الإرهابية أو تفنيد وكشف حقيقتهم الخبيثة على أيدي علماء وسطيين يدعمون التنوير.
فالجميع يعلم أن هناك علماء كانوا يحاولون الحفاظ على وحدة الأمة وعدم إلصاق الإرهاب والدم بثيابها، وكان من أبرزهم الشيخ محمد متولي الشعراوي.
ورغم اتفاق أغلب علماء المسلمين وعامتهم على أن الشعراوي صاحب راية الوسطية في القرن العشرين، لكنك تشعر بصدمة كبرى عندما تشاهد الإعلامي مفيد فوزي وهو يلصق اتهامات للشعراوي بقوله: إنه "مهّد الطريق أمام الفكر المتطرف لكي يظهر ويتفشى في المجتمع المصري".
ومن خلال تتبع بعض الدروس العلمية التي ألقاها الشيخ الشعرواي نكتشف أنه أبعد ما يكون عن هذا الاتهام، فهل "الشعراوي" حقيقة كان داعمًا للإرهاب من خلال أفكاره؟ 
تستند الجماعات الإرهابية لتبرير أعمالها الإجرامية إلى آيات من كتاب الله تعالى التى يفسرونها بما يوافق أهواءهم حتى يقنعوا الناس بمشروعية ما يفعلونه من سفك دماء الناس واستباحة أعراضهم، ويأخذون بظاهر الآيات، تاركين الأحكام التى مِن أجلها شرع الله تعالى الجهاد، والأسباب التى يجب توافرها حتى يجوز للمسلمين أن يخرجوا للجهاد.
وفي مقطع صوتي شهير تحدَّث الإمام عن الإرهاب موجهًا رسالة للإرهابيين: "من يقول عن مصر إنها أمة كافرة إذًا فمَن المسلمون؟ مَن المؤمنون؟.. ستظل مصر رغم أنف كل حاقد هنا أو خارج هنا مصر الكنانة.. مصر التي قال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم: أهلها فى رباط إلى يوم القيامة.. مصر التي صدَّرت علم الإسلام إلى الدنيا كلها، صدَّرته حتى إلى البلد التي نزل فيها الإسلام، هي التي صدَّرت لعلماء الدنيا علم الإسلام، أنقول عنها إنها أمة كافرة؟! ذلك هو تحقيق العلم في أزهرها الشريف وأما دفاعًا عن الإسلام فانظروا إلى التاريخ: مَن الذى ردّ همجية التتار عنه؟ إنهـا مصــر.. مَن الذي رد هجوم الصليبيين على الإسلام والمسلمين؟ إنهـا مصـر.. وستظل مصر دائمًا رغم أنف كل حاقد أو حاسد، أو مستغِل أو مستغَل مدفوع من خصوم الإسلام هنا أو خارج هنا، إنها مصر ستظل دائمًا".
أما عن تسويق فكرة الجهاد بأنها جاءت لتنشر الإسلام بالسيف، حسبما يحاول بعض المستشرقين للطعن في الدين، أو استخدامها من قِبل بعض الجماعات الإرهابية بأنها فرض عين على كل مسلم، فقد ردّ الإمام الشعراوي في أحد دروسه، قائلًا: 
إن "الجهاد في الأساس يكون على غير المسلمين، وذلك إذا بدءوا في الاعتداء أولًا".
وأضاف: أن "المجاهدة لغير المسلمين لأمرين، الأول: لا يعارض الدعوة، أن يقف في سبيل الداعي، فثبط عن الدعوة لله، والثاني أن يستبيح في الأرض لتعلو كلمة الله بلا إكراه في الدين، فالدين لا إكراه فيه، وأما السيف الذي حمل في الإسلام لم يحمل ليفرض دين وإنما حمل ليحرر اختيار الشخص للتدين في أن يختار أي دين وتحرير اختياره إنما ينشأ بإزاحة العقبات التي يفرضها عليه دين آخر، ثم يستقبل الأديان كلها بحرية الدين الثاني، والدليل هو دخول عدد كبير إلى الإسلام من دون أن يستطيع الإسلام أن يحميهم".
وفي قصة رواها الشيخ الشعراوي أثناء مناقشته مع أحد الشباب المتشدد، حكى قائلًا: كنت أناقش أحد الشباب المتشددين فسألته: هل تفجير ملهى ليلي في إحدى الدول المسلمة حلال أم حرام؟ 
فقال لي: طبعًا حلال، وقتلهم جائز. 
فقلت له: لو أنك قتلتهم وهم يعصون الله، ما مصيرهم؟
قال: النار طبعًا.
فقلت له: الشيطان أين يريد أن يأخذهم؟
فقال: إلى النّار طبعًا.
فقلت له: إذن تشتركون أنتم والشيطان في نفس الهدف، وهو إدخال النّاس إلى النار! وذكرت له حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لمّا مرّت جنازة يهودي أخذ الرسول يبكي. فقالوا: ما يبكيك يا رسول الله؟ قال: نفس أفلتت منّي إلى النار.
فقلت: لاحظ الفرق بينكم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى يسعى لهداية الناس وإنقاذهم من النار.
وفي موقف جديد يثبت أن الشيخ الشعراوي كان الأكثر دعوة إلى المواقف الوسطية، وذلك بعدما عاد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، بعد نجاته من محاولة الجماعة الإسلامية اغتياله في أديس أبابا عام 1995م، فقال: "لن يحكم في حكم الله إلا بمراد الله، وإذا كان عادلًا نفعه الله بعدله، أما إن كان ظالمًا، بشعه الله بظلمه، وقبحه في نفوس الناس، فالإرهاب ليس من الدين".
وواصل كلامه قائلًا: "وإننا والحمد لله قد تأكّد صدق الله في كلامه بما جاء من الأحداث، فكيف كنا نفسر الآيات التي تقول "يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين".
واستكمالًا لدعوة الوسطية، والمواقف التي تعوَّد الشعب المصري عليها، فبعد وفاة الفنان عبدالحليم حافظ بالخارج، كان من المقرر وصوله إلى المطار فجرًا على أن يتم نقله إلى مستشفى المعادي، ويُنقل في الصباح إلى مسجد عُمر مكرم، لكن الشيخ الشعراوي طلب من وزير الأوقاف أن يتم فتح مسجد عُمر مكرم طوال الليل ليوضع فيه الجثمان، ليُحمل إلى مثواه الأخير في الـ11 صباحًا.