الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

مصر الأخرى "غنية ومفترية".. استوردت سيارات ماركات عالمية بـ 35.8 مليار جنيه في 2016.. 100 شخصية يمتلكون 700 سيارة فارهة.. ونسبة الفقر تقفز إلى 27.8%.. وخبراء: السبب غياب العدالة الاجتماعية

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مصر الأخرى تركب فيراري ولامبورجيني ومازيراتي وبي إم دبليو وهامر، ومصر الفقيرة يائسة ومكتئبة تبحث عن لقمة العيش وحماية من برد صقيع في عشة صفيح بمنطقة عشوائي بالضواحي، الأرقام تقول إن مصر استوردت سيارات ماركات عالمية بـ35.8 مليار جنيه خلال العام الحالى، وأن ما يَقرب من 100 شخصية يمتلكون 700 سيارة فارهة وأحدث صيحة، في مقابل فقرٍ متصاعد بين محدودي الدخل. 




وكشفت آخر الإحصائيات أن نسبة الفقراء فى مصر قفزت إلى 27.8%، وزيادة نسبة البطالة لعشرات الملايين مع صعوبة الحصول على السكن والمأوى. 
وقالت تقارير عن سوق السيارات فى مصر: إن 3.6 مليون سيارة ملاكى مرخصة فى مصر، تحتل القاهرة منها 28%، ثم الجيزة 12%، ثم الإسكندرية 9%، وفى عام 2014 تم بيع 208 آلاف سيارة بقيمة 30 مليار جنيه، بينما فى عام 2013 تم بيع 133 ألف سيارة.
ولفت تقرير صادر عن مصلحة الجمارك المصرية، إلى أنه بلغت قيمة السيارات المستوردة حتى أبريل 2016 "35.8 مليار جنيه"، بينما فى عام 2015 بمبلغ قدره 26.6 مليار جنيه، وفى عام 2014 بمبلغ 14.48 مليار جنيه، ما يعني أنه خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2016 زادت نسبة استيراد السيارات إلى 35%، بينما فى عام 2012 كانت قيمة السيارات المستوردة بمبلغ 14.3 مليار جنيه، وفى عام 2013 أصبحت 17.4 مليار جنيه.
فيما رصدت أشهر أنواع السيارات المارّة بشوارع مصر مثل فيراري ولامبورجيني ومازيراتي والمرسيدس وبى إم دبليو وهامر، حيث تصدرت السيارة بى إم دبليو "535" قائمة السيارات الفارهة الأعلى مبيعًا "سعة فوق 2000 سى سى" خلال 11 شهرًا بحصة بلغت 21% فى مصر، تلتها السيارة بى إم دبليو "740 إل اى" بحصة 14%، واحتلت المركز الثالث السيارة كيا كارنفال بحصة 13%، فيما احتلت بى إم دبليو "نيو 335 اى" المركز الرابع بحصة 12%، وجاءت كرايسلر تاون كونترى بالمركز الخامس بحصة 10%، تلتها دود تشارجر بحصة 7%.

ورصد تقرير نشرته صحيفة "كوريير ديلاسيرا" الإيطالية، أن 100 ثري مصري يمتلكون أكثر من 700 سيارة من السيارات الفارهة لا يمتلكها أثرياء بالاتحاد الأوروبي.
وفى المقابل أعلن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، فى آخر تقرير له فى يونيو الماضى، أن 27.8% من السكان فى مصر فقراء ولا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم الأساسية من الغذاء وغير الغذاء، وأن 57% من سكان ريف الوجه القبلي فقراء مقابل 19.7% من ريف الوجه البحري، وتعد محافظتا سوهاج وأسيوط الأكثر فقرًا بنسبة 66%، تليها قنا بنسبة 58%، والأقل فقرًا محافظة بورسعيد بنسبة 6.7%، تليها الإسكندرية بنسبة 11.6%، كما أن 18% من سكان القاهرة فقراء.
وأضاف التقرير أن نسبة الفقر عام 1999 كانت 16.7% زادت فى عام 2000 إلى 21.8%، ثم في عامى 2008 و2009 أصبحت 25.2%، وزادت فى عامى 2012 و2013 إلى 26.3%، لترتفع عام 2015 إلى 27.8%، إضافة إلى أن 27.9% من أرباب الأُسر فى مصر لا يعملون، وأن 2.3% من الأسر فى مصر ما زالت تَستخدم التليفزيون الأبيض والأسود، إضافة إلى أن متوسط الاستهلاك الفعلي السنوي للأسرة على الطعام والشراب خلال عام 2015 بلغ 12.6 ألف جنيه.

فيما كشفت ورقة بحثية أعدّها المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، عن ارتفاع نسبة الفقراء في الريف إلى 85% من السكان، بينما تبلغ نسبتهم في الحضر 42%، ويعيش 48% من مجموع الفقراء في الوجه القبلي، بينما يعيش 36% في الوجه البحري، كما أن اللحوم والأسماك لا تدخل ضمن قائمة الفقراء التي يتناولها حوالي 51.2% من الفقراء إلا حسب الظروف، بينما لا يشتري 33% منهم الفواكه؛ لعدم قدرتهم، بينما يكتفي 58.8% منهم بوجبتين فقط في اليوم، فيما يعتمد 61% من الفقراء في طعامهم على البقوليات (الفول والعدس). 
وأشارت الورقة البحثية إلى تضخم ثروات الطبقة الغنية في مصر التي يمثل أعضاؤها 20% فقط من المصريين، يمتلكون 80% من الثروات، بينما يمتلك الـ80% من مجموع الشعب المصري 20% فقط من الثروات، وذكر التقرير أن هناك 1% فقط من أعضاء الطبقة الغنية يمتلكون 50% من حجم ثروات هذه الطبقة، بينما يشترك الـ99% الباقون في ملكية الـ50% الباقية.
هنا يقول الدكتور مجدى عبدالفتاح، مدير مركز البيت العرب للدراسات والبحوث: إن هذا الوضع تمر به مصر منذ فترة، وسببه غياب العدالة الاجتماعية فى التوزيع العادل، وهذا يحدث منذ سنين طويلة خلقت الفجوة بين الطبقات وأدت لانهيار الطبقة الوسطى، مضيفًا أنه ليس هناك حل سحري للخروج من الأزمة الحالية، لكن الحل فى إعادة البناء، وهذا مرتبط بإعادة تشغيل المصانع المتوقفة، إضافة إلى وضع نظام ضريبي عادل ويجب خلق نظام الضرائب التصاعدية التى ترفضها الحكومة الحالية لرفضها من قِبل مَن يسيطر على الأوضاع الاقتصادية فى مصر من رجال الأعمال رغم أنها مفيدة جدًّا؛ لأنه كلما ارتفع الدخل ارتفعت الضرائب، ومن ثم قدرتنا الاجتماعية التفاوت فيها يمكن محاصرته ونضع له سقفًا، موضحًا أن مصر في الثمانينيات كانت الملابس وأثاث المنازل فى المسلسلات هو نفسه الموجود في منازل الطبقة الوسطى؛ وهذا لأنه كانت هناك طبقة وسطى عريضة، والدخول لم تكن بهذا الحجم الكبير من التفاوت، وما فعل ذلك هو الانفتاح وسيطرة رجال الأعمال على الحركة الاقتصادية في مصر ورفع يد الدولة عن حركة التصنيع.
وأضاف عبدالفتاح أننا يمكن أن نقلل هذه الفجوة بأن نبدأ الإنتاج وعمل ضرائب تصاعدية حسب دخل كل شخص، ومن ثم نحافظ على المستويين الصحي والتعليمي وعدم وجود تفاوت كبير بين الطبقات، موضحًا أن الطبقات الفقيرة في مصر زادت لأكثر من 65% في ظل المتغيرات الجديدة؛ لأن هذه المتغيرات لم يحدث لها أى أفكار لها علاقة بالعدالة الاجتماعية، وما حدث من متغيرات اقتصادية سيساعد فى انخفاض مستوى الأفراد المعيشية وزيادة معدلات البطالة والعنف، فكان لدينا 86% من القوى العاملة في مصر يعملون في مشروعات صغيرة يقل عدد العاملين فيها عن 10 عمال كمحال البقالة والوِرش الصغيرة، والآن بدأت بعض المشروعات الصغيرة تخفِّض عدد العمال، وبعضها تم إغلاقه، ما أدى لارتفاع نسبة التضخم وانهيار المستوى الاجتماعي.

ورأى الدكتور جمال صيام، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، أن السبب فى ذلك هو السياسات الاقتصادية السيئة في مصر، ومن المفترض أنه مِن ضمن شروط صندوق النقد الدولي عمل شبكة أمان اجتماعي للفقراء، وهى من الإصلاحات الاقتصادية، وما حدث هو إلغاء الدعم، والقيمة المضافة وارتفاع أسعار الطاقة ولم يحدث شبكة أمان اجتماعي، مضيفًا أن الآن هناك تفكير لحذف نصف المستفيدين من الدعم التمويني، مؤكدًا أن الرقم الرسمي للفقراء فى مصر يصل إلى 27.8% رغم أن الرقم الحقيقي على أرض الواقع يقترب من 40%، معنى ذلك أن السياسات الاقتصادية لا تراعي الفقير فى حسبانها.
وأضاف صيام أن الضريبة التصاعدية من ضمن شروط صندوق النقد الدولي ولم يتم تنفيذها، فلماذا تكون الضريبة 22% متساوية بين جميع الموظفين فى وقت واحد "غنى وفقير موظف ورجل أعمال معًا"، ومن المفترض أنها تختلف من شخص لآخر، موضحًا أن الفقراء ينفقون أكثر من 90% من دخلهم على الطعام، لكن الأغذية الشعبية التي يعتمد عليها الفقير ارتفع سعرها أيضًا، فقد وصل العدس إلى 35 جنيهًا، وغيره من السلع.

وأوضح محمد أبو الفتوح نعمة الله، مدير مركز وادى النيل للدراسات الاستراتيجية والاقتصادية، أنه إذا نظرنا إلى الغنى والثراء سنجزم بعدم وجود فقر فى مصر، والحقيقة أن لدينا مجتمعًا شديد الثراء والغنى والترف، وأيضًا مجتمعات شديدة الفقر والحرمان إلى حد الموت جوعًا أو بسبب الافتقار لثمن الدواء، بينما نجد آلاف السيارات الفارهة والمباني الشاهقة بالقاهرة والمدن الكبرى ربما يكفى ثمن سيارة واحدة من سيارات عِلية القوم لشراء حي سكني من تلك الأحياء الفقيرة على حافة المدن، وقد يزيد ثمن الوحد السكنية المتوسطة ببعض الأحياء على المليون دولار، بل سنجد أن ثمن وجبة غذاء فردين فى أحد الأماكن السياحية على النيل قد تصل لأضعاف راتب موظف من الطبقة الوسطى طوال شهر كامل، حتى فى حفلات الزفاف والحفلات نجد أن الحفل قد تُوزع به هدايا على الأصدقاء والمدعوين قد تصل لعدة ملايين من الدولارات فى حفل زفاف بين عائلتين ينتمون بصلة قرابة لبعض الزعماء الراحلين، وكلاهما من كبار رجال الأعمال فوجدنا حفل زفاف فى إحدى المدن الأوروبية يتم نقل المدعوين إليه بالطائرات مع حجز للمبيت في أرقى الفنادق الأوروبية كجزء من الدعوة ثم إعادتهم بالطائرات فى اليوم التالي، ورأينا فساتين زفاف تصل قيمتها إلى المليون دولار.
وأضاف نعمة الله أن سبب هذا التباين هو الفساد فى المقام الأول، فضلًا عن التخبط الاقتصادي وغياب مشروعات فعالة وجادة لنشر التنمية العادلة فلو تتبعنا تاريخيًّا مستويات الثروة لدى المصريين وجدنا الغالبية كانت تعيش فى فقر مُدقع وفئة صغيرة من متوسطي الحال تتصل بالطبقة الحاكمة ثم طبقة من الحكام والأمراء شديدي الثراء يملكون كل شيء تقريبًا وذلك أمر متأصل منذ العصر المملوكي ثم العثماني، حيث كانت تنهب ثروات البلاد نهبًا منظمًا لصالح طبقة حاكمة كانت فى الغالب ممثلة للاحتلال الأجنبي، ومصر منذ القدم مجتمع مفتوح يجذب الأثرياء والمستثمرين بل المغامرين واللصوص أيضًا، فمنذ تجربه محمد على زاد الاهتمام بثروات مصر وضرورة العمل على تنميتها والارتقاء بها.
وتابع: ان محمد على، استطاع ان يحول بلد صغير فقير الى قوه اقتصادية وعسكرية ضخمة خلال سنوات واضاف لمساحة مصر نحو المليونى فدان من الأراضي الجديدة لكنها ذهبت كإقطاعيات لا بناء وامراء الاسرة وكبار موظفي الدولة وعملاء الاحتلال البريطانية فيما بعد وتلك الاسر الثرية قد استطاع الكثير من ابناءها تجميد ثرواتهم والخروج بها خارج مصر إبان ثوره يوليو 1952 ثم العودة اليها بعد الانفتاح، ونجد اخرين قد ارتبطوا بثوره يوليو واثروا ثراء فاحشا حتى ان منهم مليارديرات حاليا يتمتعون بنفوذ ضخم وثروات طائلة نتيجة تسهيلات ومزايا حصلوا عليها بسبب قربهم من دوائر صنع القرار والنفوذ او بسبب تواطؤهم ومشاركتهم فى شبكات الفساد، حتى ان اموال رموز النظام السابق المجمدة بسويسرا وفرنسا والولايات المتحدة واوروبا تكفى لسداد ديون مصر وحل ازمتها الاقتصادية.
ولفت نعمة الله إلى أننا لدينا موازنة تقارب التريليون جنيه سنجد فيها قطاعات وبنود تفوق قيمتها المائة مليون سنويا سنجد انها تذهب لشركات معينة، ففى قطاع كالعقارات سواء ارضى او انشاءات او استثمار سياح سنجد قيمة الأراضي تم منحها لشركات او اسر بمبالغ زهيدة تعادل دولارا للمتر وبالتقسيط بينما لا يستطيع مواطن عادى الحصول عليها الا بمئة ضعف هذا السعر وتكرر ذلك فى المدن الجديدة فنجد شركات تحصل على ارضى بالمجان لإنشاء مساكن لمحدودي الدخل على نسبة منها فنجد هذه الأراضي المجانية قد بيعت كقصور بالملايين حتى شقق محدودي الدخل المدعمة من الدولة لتباع بنحو اربعين الف جنيه قد بيعت بأربعة اضعاف هذا السعر على الاقل لشقق لا تتجاوز الخمسين متر، بينما نجد منذ سنوات تغيير قانون المزايدات والمناقصات والمشتريات واعمال مقاولات كبرى كانت تتم بالإسناد بالإمر المباشر لشركات ومستثمرين بعينهم وهذا امر متكرر فى قطاعات اخرى كالاستثمار الزراعي واستصلاح الأراض وقطاع التعدين والبترول وغيرهم ناهيك عن شيوع الاحتكارات بالأسواق والتوسع فى اعمال المضاربة، على اسعار السلع والعملات ناهيك عن التخبط فى السياسات الاقتصادية والمالية التى استفاد منها المضاربين على الدولار بعشرات المليارات نتيجة للفارق بين سعر الصرف فى البنوك والسوق الموازية او السوق السوداء لهذا نجد ان ثروات كبار مليارديرات مصر قد تضاعفت خلال الخمس سنوات الماضية طبقا لفوربس.
أوضح مدير مركز وادى النيل، أنه يجب البدء فى العلاج الفوري اولا بإطلاق منظومة متكاملة لمكافحه الفساد والنهب والإهدار المنظم لموارد مصر وثرواتها وتفعيل نصوص الدستور التى تنادى بتنمية الثروات والموارد واطلاق البحث العلمي، فلا يمكن منطقيا الحديث عن موازنه لا تزيد استثماراتها عن 20 مليار جنيه ان تحقق التنمية المأمولة بينما سداد المديونية واعباءها يلتهم ما يزيد عن 500 مليار جنيه والاجور والمرتبات تلتهم ما يزيد عن ربع الموازنة، وللأسف فطبقا للحلول التقليدي لا يمكن ان نخرج من عنق الزجاج الا بمعجزه وبتكلفه اقتصاديه واجتماعيه باهظه قد لا يستطيع المجتمع والدولة تحملها، ولكن الحل يكمن فى استخدام تقنيات جديده والانفتاح على البحث العلمي، فمثلا سبق ان طرحت عده مشروعات على مجلس الوزراء لتطوير الاقتصاد المصري واحداث ثوره اقتصاديه شامله تضاعف الدخل القومي لعده اضعاف خلال فتره لا تتعدى الخمس سنوات ويمكن من خلالها توفير عشرات الملايين من فرص العمل ورفع القيمة المضافة في الاقتصاد بل وزراعه واعمار نصف مساحه مصر وتطوير الصائد والبحيرات والمسطحات المائية، وهو ما يمكن من خلاله خلال فتره قد لا تتجاوز الثلاث الى خمس سنوات زراعه 30 مليون فدان بموارد مياه غير مستخدمه مسبقا منها مياه البحر بدون تحليه وتربيه اكثر من 60 مليون راس حال زراعه 10 ملايين فدان فقط وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الحبوب والزيوت واللحوم والالبان ولاسماك وغيرها بل وتصدير جزء رئيسي من منتجاتها، ومنها غابات ومراعى طبيعية على مياه الامطار باستخدام ذات المعدلات السائدة، وكذلك استخدام مياه الصرف بعد تنقيتها بيولوجيا لإنتاج الوقود الحيوية والاشجار الخشبية بعائد يفوق أربعين ضعف العائد الحالي فى مصر من الوقود الحيوي والاخشاب، بخلاف وجود تقنيات لتعظيم الاستزراع السمكي الى استزراع مائي متكامل.