الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

نتائج انتخابات الرئاسة الأمريكية.. الآثار والتداعيات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
المزاج النفسى الأمريكى الآن ليس على ما يرام، الشارع السياسى مضطرب بعد نتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية التى هزت أمريكا بعنف، كما لو كان إعصارًا قد أحاط بها. نجح رجل المال والأعمال الأشهر فى الولايات المتحدة، نجح مرشح الحزب الجمهورى دونالد ترامب الملياردير الشجاع الواضح الذى لم يعمل بالسياسة، وليست له أى خبرة فى مجال الاستراتيجية والعلاقات الدولية، ولكنه عرف كيف يخاطب عقلية ومشاعر وآلام وأحلام الأمريكيين، وسقطت هيلارى كلينتون السياسية المحنكة صاحبة الخبرة السياسية الكبيرة التى عملت فى المطبخ السياسى الأمريكى طوال سنين عمرها، سقطت سيدة أمريكا الأولى إبان رئاسة زوجها بيل كلينتون للولايات المتحدة، سقطت وزيرة الخارجية السابقة فى فترة الحكم الأولى للإرهابى الرئيس أوباما، سقطت مهندسة المصائب والنكبات التى تعاونت مع أوباما فى تدمير المنطقة العربية، فنشرت الفوضى الخلاقة التى أدت إلى ثورات الخراب العربى ونشر الإرهاب والدمار والنار والدم بين ربوع الوطن العربى، ساندت ودعمت جماعة الإخوان الإرهابية ودفعت بهم إلى حكم مصر، بعد أن اتفقت معهم على تنفيذ المخطط الأمريكى الصهيونى الغربى لإسقاط المنطقة العربية وتقسيم دولها، واتفقت معهم على تجميع إرهابيى العالم فى سيناء لتصبح مصر مركزًا للإرهاب وعمليات التجسس والتنصت والاستخبارات وسوقًا لتجارة السلاح والمخدرات، وحينما أعلن المرشد السابق عاكف «أنه لا يوجد شيء اسمه وطن، وأن الوطن ليس إلا حفنة من التراب» شعرت وقتها الإدارة الأمريكية بأن هدفها الأسمى قد تحقق، فاتفقت مع جماعة الإخوان الإرهابية بعد أن تقلدت الحكم فى مصر أن تقتطع جزءا من سيناء (٧٠ كيلو مترا)، لضمها إلى غزة تحت سيطرة جماعة حماس الإرهابية، لإنهاء الصراع العربى الإسرائيلى، لتنفرد إسرائيل بالأراضى الفلسطينية المحتلة.
وكانت من أهم نتائج الانتخابات الأمريكية أنها أنهت تمامًا ونهائيًا على جماعة الإخوان والتنظيم الدولى الإرهابى إلى الأبد، وكتبت شهادة وفاة حكام قطر، وانهارت هيلارى وأخذت تبكى وتصرخ، ولطم أوباما الذى بدد أموال الشعب الأمريكى من أموال دافعى الضرائب، وحولها إلى جماعة الإخوان فى مصر، التى أعطاها عدة مليارات لتنفيذ المخطط من خلال عمليات التدريب والتسليح، وتهيئة من سماهم بالثوار والنشطاء السياسيين للقيام بنشر الفوضى وأعمال التخريب لكل مرافق الدولة وأجهزتها المهمة خاصة جهاز الشرطة، كما جند أعضاء الطابور الخامس من الإعلاميين والصحفيين الخونة المعروفين لأجهزة الأمن الذين تمكنوا من تعبئة الرأى العام ضد النظام والدولة وأجهزتها.
وأظهرت عملية الانتخابات أن الإعلام الأمريكى إعلام فاسد لا يوجد مثيل له على وجه البسيطة، وأن الأغلب الأعم من دوائر ومراكز استطلاعات الرأى مرتشية ومنحرفة، وتم شراؤها بأموال قطر وتركيا والتنظيم الدولى للإخوان، لمساندة هيلارى مرشحة الحزب الديمقراطى، ومهاجمة ترامب المرشح الجمهورى، دون مراعاة لميثاق العمل الصحفى من حيادية وأمانة وموضوعية، وسقط القناع الذى كان يغطى وجه الحقيقة، ليعرف العالم كله أن الولايات المتحدة دولة ليس لها مبادئ وقيم، ولا تعرف الديمقراطية ولا حقوق الإنسان، فقد تابع العالم هذا السقوط الكبير للإعلام الأمريكى الذى فقد مصداقيته، ولم تعد أى دولة تثق فيه.
لقد كان الإعصار الذى أحاط بالولايات المتحدة شديدًا وعنيفًا ومدمرًا، أظهر الولايات المتحدة أمام العالم بأنها دولة فاسدة باغية إرهابية. فالجميع اليوم داخل هذه الدولة مشتبكون فى جدل سياسى حاد وصاخب، وفى صراع أيديولوجى وعقائدى عنيف حول رؤى المستقبل، بعد أن نزل الأمريكان إلى الشوارع فى عدة ولايات يحطمون الممتلكات العامة والخاصة، ويثيرون الرعب والفزع بين المواطنين، كما بدأت بعض الأصوات فى ولاية كاليفورنيا تطالب بالاستقلال.
المهم أن المواطنين كل ما يعنيهم الآن وفورًا تصحيح الأوضاع الأمنية والاقتصادية الداخلية، وإصلاح البيت الأمريكى ذاته وليس العالم، وإعادة مبادئ الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان التى دافع من أجلها المؤسسون الأولون، بعد أن انتهكت فى الانتخابات الأمريكية الأخيرة على يد أوباما، والمرشحة الديمقراطية هيلارى كلينتون، وأيضًا إعادة هيبة واحترام وقناعة دول العالم بأن الولايات المتحدة فعلًا تؤمن بحقوق الإنسان والديمقراطية، وأنها أصبحت القوة العظمى الوحيدة فى الدنيا بعد انهيار الاتحاد السوفيتى وإفلاس موسكو أيديولوجيًا. كل ما يثير خواطر وشجون معظم الأمريكيين الآن ويؤرقهم صباح مساء هو أحوال الاقتصاد الأمريكى غير الطيبة.
المشكلة الآن أن الاقتصاد الأمريكى يعانى من حالة ركود، ولا توجد روشتة عاجلة وواضحة للعلاج، وهى مشكلة بالغة التعقيد، والإفلات منها قد يبدو عسيرًا فى المستقبل المنظور، والسبب أن المشكلة الاقتصادية التى سببتها الولايات المتحدة عام ٢٠٠٨، وامتد تأثيرها إلى العالم أجمع أصبحت مشكلة عالمية تعانى من وطأتها اقتصاديات العالم، خاصة الدول الأوروبية واليابان، وهو ما يزيد من صعوبة محاولة إنعاش الاقتصاد الأمريكى، فقد وصل حجم الديون الخارجية الأمريكية لنحو ٢٠ تريليون دولار، ووصل حجم البطالة لنحو ٢٠ مليون عاطل، وحجم الفئات التى ليس لها دخل ولا مأوى لنحو ٧ ملايين أمريكى.
ورغم ذلك، فإن الأمريكيين فى عام انتخابات الرئاسة قرروا فيما يبدو، أن يضغطوا بعنف على المرشحين للرئاسة لطرح خطة أو برنامج للإنعاش الفورى للاقتصاد، وهذا بالتحديد هو المأزق الذى واجه مرشحة الحزب الديمقراطى هيلارى كلينتون، خاصة أن الغالبية لم تعد تحفل كثيرًا بإنجازات إدارية هشة فى مجال السياسة الخارجية، بما فى ذلك انفرادها بقيادة النظام الدولى. والمفارقة هى أن أمريكا بدأت ترتاب فى مستقبلها هى بالذات، وفى نظامها السياسى والاقتصادى، بل حتى فى القيم التى شيدت على أساسها، ذلك فى لحظة بدا فيها العالم بأسره واقعًا فى قبضة ما يمكن أن نسميه بالنموذج الأمريكى.
ولقد كانت كلمة السر للفوز فى انتخابات الرئاسة الأمريكية هى كلمة فرصة العمل الجديدة للعاطلين، كما كانت هذه الكلمة تفرض نوعًا من الحصار السياسى على الحملة الانتخابية لهيلارى كلينتون، فهى لم تستطع أن تتواصل سياسيًا ووجدانيًا مع جمهور الناخبين القلقين والغاضبين من سياسات أوباما الرئيس الديمقراطى، والمساند بطريقة بشعة وعلنية لكلينتون المرشحة الديمقراطية ووزيرة خارجية فترة ولايته الأولى، ومهندسة المخطط الإجرامى لإشعال النار فى الوطن العربى وإسقاطه وتقسيمه. وأعتقد أن أحد أسباب سقوط كلينتون فى انتخابات الرئاسة الأمريكية هو وجود أوباما فى المشهد الانتخابى مساندا لهيلارى بطريقة مستفزة للناخبين، وهو الشخصية المثيرة للقلق والرفض من فئات عديدة داخل المجتمع الأمريكى.
وبصراحة ووضوح فإن البلاغة السياسية وحدها لم تجد، وأن تقديم هيلارى كلينتون نفسها بأنها صاحبة الخبرة السياسية العميقة وأنها مارست السياسة منذ نعومة أظافرها، وبالتالى فهى الأحق والأفضل فى الفوز فى الانتخابات، خصوصًا أن ترامب ليس له أى خبرة سياسية، وأنه شخص غير مناسب بتاتًا لقيادة أكبر دولة فى العالم، وتدعى أنه مريض نفسيًا، فهذا الهجوم على المنافس الجمهورى ترامب لم يفد كلينتون بل كان أحد أسباب هزيمتها، فالمواطن الأمريكى يكره الاستعلاء ولا يهمه فى المعركة الانتخابية ولا يلتفت إلا للمرشح الذى يقدم له برنامجًا اقتصاديًا واجتماعيًا يلبى مطالبه واحتياجاته، ويثير خياله فى مستقبل أفضل.
وقد نجح دونالد ترامب فى مخاطبة الناخبين حينما ركز على أن أمريكا فى حاجة إلى ثورة اجتماعية اقتصادية وليست فى حاجة إلى أن تسمع عن أعمال الغزو والحروب خارج حدودها، وأكد أن الخبرة السياسية التى أشارت إليها هيلارى هى التى أدت إلى وجود الإرهاب فى المنطقة العربية والعالم، فقد كانت ليبيا هادئة، ومصر مستقرة وهى الدولة الحليفة والصديقة للولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك سوريا كانت دولة آمنة وأيضًا العراق وتونس واليمن، فتم تدمير هذه الدول، وشجعت الجماعات الإرهابية «جماعة الإخوان وداعش والنصرة والقاعدة وغيرها» على التغلغل فى المنطقة، فانتشر الإرهاب فى العالم، وطال الدول الأوروبية، وأصبحت الولايات المتحدة نفسها معرضة للإرهاب، لقد جعل أوباما هذا البلد مثل غابة تعيش على مبدأ البقاء للأقوى، وجرى تعليم الناس على أن يشقوا طريقهم قدمًا دون اعتبار، حتى لو أدى ذلك إلى إلقاء حلفائهم فى لجة الهاوية.
وانتقد ترامب أيضًا سياسات الحزب الديمقراطى نحو فتح الحدود الأمريكية للمهاجرين الذين خربوا الاقتصاد الأمريكى، وحجبوا فرص العمل عن المواطنين الأمريكيين، ووعد بطرد كل من يقيم إقامة غير شرعية، الولايات المتحدة لا بد أن تكون الأفضل والأعظم دائمًا، لقد أقام أوباما وهيلارى فى أثناء الحملة الانتخابية وليمة كبرى لا طعام فيها سوى الغش، لقد كانت البلاد تزداد فقرًا طول فترة حكم الديمقراطيين، فى حين أن أغلب الناس كانوا يشعرون ظاهريًا بأنهم باتوا أكثر غنى، لقد انتهت الوليمة الآن، ولا بد من دفع الفاتورة، لقد عادت فراخ الطير إلى مأواها. ووعد ترامب بمحاكمة أوباما وهيلارى فور إعلان فوزه فى الانتخابات، ووعد بالقضاء على الإرهاب وداعش وجماعة الإخوان، وإعلان جماعة الإخوان جماعة إرهابية محظورة فى الولايات المتحدة، والأهم خلق فرص عمل للمواطنين ليعود التفاؤل والحلم إلى المواطن الأمريكى. إن الإعصار الأمريكى أنهى تمامًا ونهائيًا على جماعة الإخوان الإرهابية وأحلام التنظيم الدولى للإخوان فى حكم العالم، كما أسقط القوى السياسية الإقليمية المساندة للإرهاب وعلى رأسها قطر وتركيا، وأسقط الإعلام الأمريكى الفاسد، وقبل هذا وبعده كسبت مصر صديقًا وحليفًا واضحًا وصريحًا ومحبًا لمصر والرئيس عبد الفتاح السيسى.