الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

من تاريخ اليسار.. صحفيون ونبلاء "4"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
السادس.. البرنس «لطفى الخولى»، فى خلال الاحتفال بمرور ١٤٠ عامًا على تأسيس الأهرام منذ أعوام، جرى التطرق لعدد كبير من الكتاب والصحفيين، الذين كان لهم باع مؤثر، وكما قال الكاتب الصحفى محمد أبوالفضل: يظل الراحل لطفى الخولى واحدًا ممن كان لهم دور بارز، فى ريادته الدائمة لتقديم الأفكار، والصفحات التى تتواءم معها لتستوعبها، ناهيك عن تبنى رؤى ناضجة لازمته على الدوام، والمساعدة فى تقديم كتاب وصحفيين توسم فيهم خيرًا للوطن.
منذ التحاقه بجريدة الأهرام عام ١٩٦٢ وحتى رحيله عام ١٩٩٩، كان الرجل واحدًا من العلامات البارزة، لجرأته المتناهية فى طرح رؤاه السياسية والفكرية، وحيويته المستمرة التى لفتت الانتباه إليه مبكرا، منذ أن كان محاميا خلال الفترة من ١٩٤٩ - ١٩٦٢، علاوة على إدمانه العوم وسط الأمواج العاتية، وقدرته على السباحة ضد المزاج العام.
كان الخولى حريصًا على التميز، لم يعتد طرق الأبواب السهلة، بل يختار أصعبها غالبا، فى زمن حفل بالمفكرين والمثقفين والكتاب الكبار، ونجح فى أن يحفر له مكانا فوق الهضبة الثقافية وسط هذه الكوكبة الكبيرة، منذ أن أسندت إليه مسئولية تأسيس صفحة لمقالات الرأى بالأهرام، عقب التحاقه مباشرة بالجريدة، وانتقى من الكتاب أفضلهم، ومن الصحفيين أكثرهم اجتهادا، ليبدأ بهم مهمته القتالية الدقيقة عندما أسس باب الرأى فى الأهرام، اختار له شعارًا «ليكن الوطن محلًا للسعادة للجميع، نبنيه بالحرية والفكر والمصنع»، وهى كلمات كتبها رفاعة رافع الطهطاوى، تؤكد فى المعنى النهائى أنه كان مصرًا على المضى قدما على درب الريادة والنهضة.
أسس لطفى الخولى مجلة «الطليعة»، التى حصلت على ترخيص قانونى عام ١٩٦٤، وتولى رئاسة تحريرها خلال الفترة من ١٩٦٥ - ١٩٧٧ ولقيت دعمًا رسميًا من قبل الدولة، ومؤسساتيًا من جانب رئيس تحرير الأهرام فى ذلك الوقت الأستاذ محمد حسنين هيكل.
كانت هذه المحطة من أكثر محطات الخولى شراسة فكرية، ومشاكسة سياسية، ومناكفة ثقافية، لأن المجلة ضمت عددًا معتبرًا من الكتاب اليساريين، الذى درجوا على اختراق الكثير من التابوهات، حتى أضحت «الطليعة» مقرًا لفئات مختلفة من التيار اليسارى، يضم جميع الأجنحة الموجودة فوق الأرض وتحتها، ومكتب رئيسها فى الأهرام تحول إلى مزار لشتى النخب اليسارية العربية، وعنوان لكثير من مفكرى اليسار، من الشرق والغرب.
يجمع من عاصروا مرحلة تأسيس وغلق وإعادة فتح ثم ورواج مجلة «الطليعة» على أنها جذبت إليها مجموعة متميزة من الشباب، صار أغلبهم نجوما بعد ذلك فى عالم الصحافة والسياسة، بسبب قدرتهم الفائقة على اقتحام الكثير من المحرمات الثقافية، وأصبحت المجلة ورئيس تحريرها مصدر إزعاج دائم للرئيس الراحل أنور السادات، لأنها لم تكف عن نقد سياساته، الداخلية والخارجية، حتى إنه لم يتحمل كلمات كتابها المتناثرة على صفحاتها، خاصة مع انتفاضة يناير فاتخذ قرارا نهائيا بإغلاقها عام ١٩٧٧.
وعندما حاول المفكر الكبير إعادة إصدارها فى منتصف الثمانينيات من القرن الماضى، واتخذ من نقابة الصحفيين مقرا لها، فشلت التجربة، ولم تنجح محاولات أخرى قام بها كتاب يساريون فى إعادة إصدارها بجهود فردية.
السابع.. نفس المدرسة أديب مصرى وُلد بالقاهرة فى ٢٤ مارس ١٩٢٤، ينتمى لأسرة بسيطة، تخرج فى كلية الحقوق جامعة فؤاد الأول «القاهرة حاليًا» عام ١٩٤٤، حيث عمل بالصحافة.
إنه فتحى غانم، الأديب الذى يحاول أن يتعايش مع الصحفى، والصحافة بالنسبة له عمل، لكن الأدب حياة.
ورغم كونه صحفيًا ورئيس تحرير لأكثر من جريدة، فقد حاول أن يروض الأديب الثائر فى داخله الذى يدفعه أن يكون حرًا بلا قيود العمل والتزاماته ويتفرغ للفن والأدب.
فى البوابة نيوز كتب زياد إبراهيم العام الماضى: كان الأديب داخل الكاتب الراحل الكبير فتحى غانم يأخذ سمات من شخصية معينة أو مواقف أو حدث ارتبط بشخص ويدخلها فى تكوينه الأدبى لتتحول إلى كائن يتحرك، لأنه ببساطة ليس كاتب سير.
بدأ عمله كمفتش فى وزارة المعارف مع أحمد بهاء الدين ثم انتقل للصحافة، وكانت روزاليوسف هى المدرسة التى تعلم فيها الفن الصحفى، ولقد ذكر أنه فى بداية عمله طلب منه كتابة موضوع والالتقاء بأسرة أحد الذين دبروا محاولة اغتيال الرئيس جمال عبدالناصر من جماعة الإخوان فى المنشية وحين ذهب وجد أسرة تعيش فى حالة من البؤس والفقر الشديد فوصف ما رآه من مظاهر التعاسة والفقر مما أغضب القيادة السياسية، واعتبرت أنه سيؤدى إلى إثارة التعاطف مع المتآمرين. 
أصبح رئيسا لتحرير ورئيس مجلس إدارة جريدة الجمهورية، ولكن حبه الأكبر كان لصباح الخير وروزاليوسف، بسبب علاقة الحب والمودة التى كانت تربطه بالسيدة روز اليوسف، لقد كان يشعر أن روز اليوسف بيته الحقيقى.
فتحى غانم فنان فى تعامله مع البشر هادئ الطبع إلا حين يكون فى حالة إعداد وكتابة لإحدى رواياته، فيصبح كتلة من الأعصاب والأحاسيس وأى تصرف بسيط يثير ثائرته. 
رغم أن الجو الصحفى بطبيعته جو يدخل الفرد فى دائرة العلاقات الاجتماعية فإنه كان يميل للعزلة، وكانت هوايته الرئيسية لعب الشطرنج فى نادى الجزيرة، وكان أحد أبطال مصر فى تلك اللعبة.
كان صلاح حافظ من أقرب الناس إليه وأدهم حنين وعلاء الديب وكامل زهيرى ود. جابر عصفور، ود. صلاح فضل، إضافة إلى الحاجة سعاد مدير الإدارة لروزاليوسف. 
تعرض للوقف عن العمل والعزل فى عهد الرئيس السادات هو وصلاح حافظ بسبب ما يسمى بانتفاضة الحرامية، حيث خرجت روزاليوسف عن المألوف فى بقية الصحف، وكتبت أن الانتفاضة وراءها سوء الأحوال الاقتصادية فعزله من رئاسة التحرير ومنعه من الكتابة، ولقد أفادهما فى التفرغ لكتابة «سيناريو زينب والعرش».
كان حريصًا فى آخر أيامه رغم مرضه على الكتابة والتواصل مع قراء روزاليوسف وصباح الخير، وقد واجه حقيقة مرضه بكل شجاعة وإيمان، وكان الشيء الوحيد الذى يحرص عليه ألا يراه أحد فى فراش المرض ضعيفًا، ولذلك كان يرفض الزيارة، والوحيد الذى سعد بلقائه والتقاه قبل وفاته بأيام كان الرسام بهجت وكان سعيدًا به وأهداه رسمًا له كتب تحته من بهاجيجو إلى فتاتيحو.
تقلد محمد فتحى غانم العديد من الوظائف منها: رئيس تحرير صباح الخير من عام ١٩٥٩ إلى عام ١٩٦٦، رئيس مجلس إدارة وكالة أنباء الشرق الأوسط، عام ١٩٦٦، رئيس تحرير جريدة الجمهورية (١٩٦٦ وحتى ١٩٧١)، رئيس تحرير روزاليوسف (١٩٧٣ وحتى ١٩٧٧)، وكيل نقابة الصحفيين (١٩٦٤ وحتى ١٩٦٨).