الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

علي التركي يكتب: العلاقة بين الصحفي والمصدر «تجارة رقيق» «14»

علي التركي مدير تحرير
علي التركي مدير تحرير البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"لماذا تشتري صحيفة إذا أمكنك شراء صحفي؟"، قد تكون عبارة تدغدغ مشاعر "السياسيين والرياضيين والفنانين وقبلهم المسئولين"، وتراقص عقولهم، لكنها بالقطع محنة شديدة ومخاض عسير أصبح الخلاص منه صعبًا، والوقت يمر والموت بدأ يدق ناقوسه، في انتظار إطلاق رصاصة الرحمة على "صاحبة الجلالة" لترقد بسلام وسط أنقياء غادروا عالمنا. 
زميلي الصحفي.. سيدي القارئ.. شريكي مصدر أخباري، دعونا نتفق على أننا في حاجة إلى الاصطفاف من جديد، فالعلاقة بينا لم تعد تليق بنا جميعًا، اختلت الموازين، أصبحت الصحف مجرد مكتب بريد ونحن "البوستاجية"، والقارئ متسولاً يبحث عن الحقيقة بين "أكوام قمامة" تركها المصدر قبل أن يطير إلى منتجعه ليستمتع بجلسات السمر بعيدًا عن هذا المشهد العبثي الممل، والنتيجة "أناس لا يجيدون الكتابة يقابلون أناس لا يجيدون التحدث لأناس لا يجيدون القراءة"، والكل خاسر. 
في الماضي علمتنا الراحلة "نوال عمر"، أن الصحفي هو عين العدالة، وعلاقته بالمصدر لا يجب أن تبنى على "الحب والكره"، فقط أكتبوا الحقيقة واجعلوا من القارئ قاضيًا يحكم عليهم، وقال الأستاذ محمد حسنين هيكل عن أمير الصحافة المصرية محمد التابعي: "كان ظاهرة مستجدة على العلاقة بين الصحفي والأمير، ولذلك كان احتمال الخلط واردًا.. وكان المأزق في تجربة التابعي أنه وهو يعايش الأمراء تصور أن يجاريهم بظن أنه ليس أقل منهم، ولم يكن بالفعل أقل منهم بل لعله كان أفضل، فهو أمير بالقيمة والآخرون- ودون تعميم- أمراء بالألقاب"، وقال عنه مصطفى أمين: "كانت مقالاته تهز الحكومات وتسقط الوزارات، ولا يخاف ولا يتراجع، وكلما سقط على الأرض قام يحمل قلمه ويحارب بنفس القوة ونفس الإصرار"، فيما قال التابعي نفسه: "رسالتي الصحفية أن أحارب الظلم أيًا كان، وأن أقول ما أعتقد أنه الحق".
لكن شتان بين ما كان يفعله العظماء وما نفعله نحن الآن، لم نعد سوى عبيد في "سوق رقيق"، نكتب ما تريده المصادر، نرتعد خوفًا من غضبهم علينا، نلتقط معهم صور "سيلفي"، نتباهى بهم في مواقع التواصل الاجتماعي، نفعل كل ما بوسعنا لننال رضاهم، فضاعت قيمة الصحافة عند "المصدر والقارئ". 
ذات يوم، هاتفني زميل صحفي وتسابق تنهيداته صوته، وكأن الكارثة وقعت، يطلب مني تعديل خبر وحذف بعض الفقرات لأن المصدر غاضب من نشرها، فدار بيننا هذا الحوار: 
سألته: هل قال المصدر ما كتبت؟
أجاب: نعم
فقلت: هل طلب منك عدم النشر؟
فأجاب: لم يطلب
فقلت: إذا لماذا نحذف ما قاله بلسانه؟ 
فأجاب: ممكن حضرتك تكلم المصدر
فقلت: يا ريت 
صوت الهاتف مرة أخرى.. فما أقبحه فهو مثير للاشمئزاز بغض النظر عن هوية المتصل 
قلت: أهلا بيك يا فندم
المصدر: كنت طلبت حذف بعض التصريحات وحضرتك رفضت 
قلت: لماذا نحذف هل ما قلت حقيقة؟ 
المصدر: نعم.. لكن التصريحات أغضبت الوزير الفلاني
فقلت: وما علاقتنا نحن.. هل يرتكب أخطاء أم لا؟ 
المصدر: يرتكب أخطاء لكن لدينا مصالح متبادلة ولا أريد أن تحدث مشاكل 
فقلت: حضرتك تستخدمنا لتحقيق مصالحك أنت والوزير؟ 
المصدر: هذا تجاوز غير مقبول. 
فقلت: التجاوز الحقيقي هو ما تريدني فعله الآن ورجاء حار إذا اتصل بك أي محرر أغلق في وجهه الهاتف.. أشكرك يا فندم. 
في الحقيقة لم يكن الحوار بكل هذا الهدوء، بل كان عنيفًا للغاية، فلا يصح أن تستمر العلاقة بين الصحفي والمصدر بهذا الشكل، ولن أحدثكم عن بعض محرري الحوادث وكم الخنوع لضباط الشرطة، أو المندوبين في الوزارات وصحافة إرضاء المسئول، أو الزملاء في أقسام الفن والرياضة الذين أصبحوا أبواقًا للفنانين ولاعبي كرة القدم، أو من يتقاضون رواتب شهريًا مقابل نشر أخبار عن المشاهير والأحزاب الكارتونية، والمكاتب الصحفية في القنوات الفضائية، لكن نقول فقط إلى متى سنظل عبيدًا للمصادر، غرباء عن السيد الحقيقي وهو القارئ. 
زميلي الصحفي، باسم كل المقدسات حاول أن تكون أكثر اعتدادًا بنفسك، فخورًا بمهنتك، المصدر ليس أكثر من وسيلة للحصول على معلومات تهم القارئ، في أمريكا يقولون "يحكم الرئيس لأربع سنوات، أما الصحافة فإنها تحكم للأبد"، أنت باحث عن الحقيقة، فحطم الأصنام في كل المحاريب.


للتواصل:

علي التركي

مدير عام تحرير موقع «البوابة نيوز»

Ali_turkey2005@yahoo.com

 

مقالات تهمك:-

مبادرة لإنقاذ الصحافة الإلكترونية «1»

لماذا «جوجل» منقذ الصحافة الإلكترونية؟ «2»

لماذا تخسر المواقع الإخبارية مع «جوجل»؟ «3»

كيف تربح المواقع الإخبارية؟ «4»

الكيان المؤسسي في المواقع الإخبارية.. الفريضة الغائبة «5»

فن صناعة المواقع الإخبارية.. «التخطيط» «6»

تصور مبدئي لإنشاء موقع إخباري ناجح «7»

شركات الإنترنت وتدمير «صحافة الفيديو».. «8»

كيف تحمي موقعك من النصابين؟ «9»

7 يفسدون موقعك الإخباري «10»

«مسمار جحا» في قانون الصحافة «11»

«أنا منافق إذا أنا موجود».. «12»

عن أزمة الصحافة.. كيف تصنع بطلًا من ورق؟ «13»

العلاقة بين الصحفي والمصدر «تجارة رقيق».. «14»

«التصميم التجاوبي» والمواقع الإخبارية «15»

«الذهنية الورقية» تحرق المواقع الإخبارية «16»

الصحافة الورقية «ماتت».. والإلكترونية مريضة بـ«التوحد»! «17»

«الصحافة» و«فيس بوك» صراع دائم وهدنة مؤقتة «18»

عبدالله كمال ونبوءة المحتوى المتعمق في المواقع الإخبارية «19»

هل تستطيع «الذهنية الإلكترونية» صناعة صحيفة ورقية؟ «20»

كيف جعلت الصحافة الإلكترونية «العلم في الراس والكراس»؟ «21»

لماذا تلجأ المواقع الكبرى إلى «الزيارات الوهمية»؟! «22»

المعايير الرئيسة لتقييم جودة المواقع الإخبارية «23»

لماذا كتاب «صناعة المواقع الإخبارية»؟ «24»

"صناعة المواقع الإخبارية".. مهام فريق التسويق «25»

صناعة المواقع الإخبارية.. التسويق لا يعني الزيارات فقط! «26»

10 أخطاء تسويقية تقع فيها المواقع الإخبارية؟ «27»

الخطة التسويقية للمواقع الإخبارية «28»

كيف نختار المعلومات الصالحة للنشر؟ «29»

دراسة السوق وتحديد الأهداف التسويقية للمواقع الإخبارية «30»

استراتيجيات ومحاور خطة التسويق في المواقع الإخبارية «31»

6 مهام رئيسة لقيادات المواقع الإخبارية «32»

«دورة النشر» في المواقع الإخبارية «33»

هل اجتماعات التحرير مضيعة للوقت؟ «34»

المشكلات التحريرية في المواقع الإخبارية «35»

السياسة التحريرية.. لعنات وتجاوزات «36»

4 عناصر تتحكم في السياسة التحريرية «37»

كيف نضع السياسة التحريرية للموقع؟ «38»

المحتوى الصحفي القصير.. المشكلات والتحديات «39»

المحتوى المتعمق.. نكون أو لا نكون! «40»

كيف نختار موضوعات الـ«Top Story»؟ «41»

المراجع التحريري.. المهام والصلاحيات والمسئوليات «42»

المراجع اللغوي.. المهام والمسئوليات والصلاحيات «43»

سكرتير التحرير.. المهام والصلاحيات والمواصفات «44»

رئيس القسم ونوابه.. المهام والصلاحيات والمواصفات «45»

مدير التحرير.. الواجبات والمسئوليات «46»

رئيس التحرير.. المهام والمسئوليات والصلاحيات «47»

الاستراتيجيات الصغيرة.. كيف يفكر مديرو المواقع الإخبارية؟ «48»

كيف يفكر مديرو المواقع الإخبارية الكبرى «49»

كيف يفكر مديرو المواقع الإخبارية المتوسطة؟ «50»

الميزانيات الكبيرة تصنع مواقع صغيرة أحيانًا! «51»

كيف تعمل المواقع الإخبارية متناهية الصغر؟ «52»

كيف تدار المواقع الإخبارية الصغيرة؟ «53»

كيف تدار المواقع الإخبارية المتوسطة؟ «54»

التنظيم المؤسسي للمواقع الإخبارية «55»

10 خطوات لإعداد الهيكل التنظيمي للمواقع الإخبارية «56»

بعد 7 سنوات.. نتائج هجرة المصريين إلى «فيس بوك» «57»