الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

حبس الروائي المغربي عزيز بنحدوش في "جزيرة الذكور"

محاكمة الخيال

الروائى المغربى عزيز
الروائى المغربى عزيز بنحدوش
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أصدرت المحكمة الابتدائية في مدينة «ورزازات» المغربية، حكما بإدانة الكاتب الروائى «عزيز بنحدوش» بشهرين سجنا مع وقف التنفيد وغرامة ١٠٠٠ درهم وتعويض مدنى ٢٠ ألف درهم، بسبب رواية «جزيرة الذكور»، التي أصدرها مؤخرا. 
وقال بنحدوش لـ «البوابة»: «كُتبت رواية جزيرة الذكور عام ٢٠٠٤، زمن الإحصاء الوطنى للسكان»، مؤكدا أنه لا يمكن اعتبارها رواية من إبداع خيال المؤلف ولكنها نتاج للاستماع إلى نبض الواقع الاجتماعي، وحياة الناس. وتابع: «عرفت وأنا أشتغل كمدرس للفلسفة في بلدية «تازناخت» أن بعض الأعيان الذين أصبح لهم شأن في هذه المنطقة قد سبق أن هاجروا إلى فرنسا، لكن الأمر المثير للاستغراب هو أننى أدركت أن البعض القليل منهم، من خلال ما يتداول، قد تحايل على فرنسا البلد المستضيف، ولم يكتف بالتعويضات التي يحصل عليها بشكل مشروع لهذا قرر أن يغتنى بشكل أسرع وإن لم يكن مشروعا».
وأضاف بنحدوش: «قام البعض بتزوير شهادات الأطفال أو بلغة أخرى خلق أطفال أشباح لم تلدهم النساء ولم تتوجع في مخاضهم، لم ترضعهم، لم يُقطع لهم حبل سُرة ولكن كان بالإمكان إضافتهم إلى دفاتر الحالة المدنية وإعلان أنهم أحياء يرزقون وعلى فرنسا أن تقدم التعويضات وعلى المغرب أن يُقيم الحسابات وأن يُوفر حظهم من الرغيف والدواء وأدوات الدراسة وأشياء أخرى كثيرة».
استغربت كثيرا، فأنا أعرف الموظفين الأشباح وأسمع عن قصص الأشباح، لكننى لم أسمع يوما عن أطفال أشباح، أحسست أنه من الواجب أن أخبر كل الوطن بأن ينتبه للمخططات ويُعيد تقويم الإستراتيجيات، فبعض المواطنين حقيقيون وبعضهم الآخر أشباح. لم أعرف من قام بالتزوير ولكننى سمعت القصص من الناس، عرفت كيف كان «موغا» يختار الناس وعرفت أسباب ختم البعض منهم بالأزرق والبعض الآخر بالأحمر، عرفت كيف كان يختار عينته وكيف كان يتم تهجيرهم إلى الديار الأوروبية من أجل الاشتغال في مناجم الفحم أو ممارسة أعمال أخرى، قمت بعدها بتحويل هذا التراث الشعبى المحكى إلى رواية وعنونتها بـ«جزيرة الذكور»، التي لم تنشر إلى حدود ٢٠١٤ الزمن الذي توفرت فيه تكاليف النشر.
وقال بنحدوش: «الغاية من العمل الروائى كانت محاولة الإجابة عن الأسئلة التالية: هل يمكن لنساء ورجال التعليم أن يتجاوزوا حجرات الدرس وأن يَعْبُروا خارج القسم من أجل تدريس قيم مثل الحوار والتسامح ونبذ العنف والاعتراف بالاختلاف واحترام التعدد الثقافى واللغوى والديني؟، وما هي الأدوات المطلوبة للعمل خارج القسم حتى تكون المساهمة فعالة في المشروع التنموى الوطنى العام؟. أيمكن أن ينتصر العلم على الجهل والعدالة على الظلم؟ هل يمكن أن يأتى يوم تتراجع فيه سلطة وهيمنة المجتمع الذكورى لتشرق المرأة المغربية كما يجب؟ أنمتلك من الجرأة ما يسمح لنا بتربية أبنائنا وبناتنا تربية دينية لا تتحول إلى إرهاب وتربية جنسية تختزل كل الأمراض التي تسكن بيوتنا ومدارسنا ومساجدنا وربما كل الوطن؟».
وأوضح بنحدوش: «قاربت رواية جزيرة الذكور واقعا كما تفعل كل الأعمال الأدبية الأخرى، وكانت أهم القضايا التي طُرحت للتأمل متعلقة بفهمنا للدين والجنس والسياسة، كما دخلت الرواية فضاءات أخرى كالتعليم والصحة وأشياء عديدة لا تقل أهمية، من أجل بوح أكثر وأكبر يسمح لنا بتقويم اعوجاج أفعالنا حتى يستقيم الوطن حداثيا كما نريده لنا وللقادمين ما بعدنا.. كانت هذه صورة مختزلة بشكل كبير لرواية جزيرة الذكور، التي أعلنا على صفحتها الأولى أن كل تشابه بها ما هو إلا محض صدفة، لأننا نعلم أن الكثير من الكتاب والمبدعين قد يصيبون أهدافا لم تكن متوقعة بالنسبة لهم، وقد تؤدى إلى قتلهم كما فُعل بالمفكر فرج فودة وناجى العلى وآخرين، كما أنها قد تؤدى إلى محاولات قتل فاشلة كما حدث لعميد الرواية الواقعية نجيب محفوظ وآخرين، وكما حدث لأول مرة في تاريخ المغرب عندما حاولت جماعة قتلى لأننى كتبت رواية، علما بأننى ما زلت أجهل أسباب محاولة القتل وأعلن أنه من الضرورى معرفة تلك الأسباب، خاصة أن تهديدى وعائلتى بالقتل ما زال قائما».