السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

النادمون على المشاركة في "30 / 6"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بينما تحتفل مصر بثورة ٣٠ يونيو الحاسمة في تاريخ مصر الحديث، خرجت بعض الأصوات النشاز تعلن عن ندمها لمشاركتها الشعب المصرى في ذلك الخروج الكبير، تلك الأصوات وهى لم تكن مؤثرة بأى حال في ذلك الحدث الجلل، تخرج اليوم لتدّعى دورا لها في ثورة أراها تقترب في أهميتها من نصر السادس من أكتوبر، وبرغم معرفتهم بأهمية ٣٠ يونيو إلا أنهم يتراجعون اليوم ليبعثروا بعض التراب على واجهة الحدث، معتذرين لأنفسهم في مشهد تمثيلى فج عن مشاركتهم في تلك الملحمة.
هذا المشهد يمكن قراءته بأكثر من طريقة: الأولى وهى الأقرب للحقيقة هي أن طابور النادمين ومعظمهم من تيار التمويل الدولارى لم يكونوا يومًا في صف الشعب وأحلامه بالتغيير، وهم في التوصيف الأدق مجرد موظفين لدى من يمنحهم الأمان لفسادهم، لم تنعقد خصومة حقيقية بينهم وبين الإخوان الإرهابيين الذين هبطوا على عرش مصر في غفلة من الزمن، ومازال وصفهم للمتأسلمين بأنهم فصيل وطنى قيد الذاكرة، لذلك لا عجب من ندمهم اليوم وتأسفهم على خروجهم يوم ٣٠ يونيو العظيم.
القراءة الثانية هي أن مجموعات النادمين ولولا اقتراب العيد لذكرت أسماءهم من باب العكننة عليهم هم انتهازيون صغار دون مؤهلات، مشتاقون لموقع قريب من السلطة، لا يفهمون عن الثورة إلا أنها كعكة يريدون قطعة منها، ولما لم يتحقق لهم ذلك استداروا بخسة ووضاعة ليشوهوا أي قيمة لمعركة التغيير التي بدأت ببيان ٣ / ٧ الذي وضع النقاط على الحروف في معركة داخلية وخارجية صعبة.
ما أعرفه في العمل السياسي هو أن فكرة النقد الذاتى تختلف عن فكرة المكايدة السياسية، فلا يوجد سياسي عاقل يعتذر أو يتأسف عن موقف اتخذه كان يعتقد أنه صحيح، يستطيع تفسير أسباب موقفه الذي اتخذه في لحظة ما، من خلال مقدمات أدت إلى نتائج، وبناء على ذلك قرر مقتنعًا اتخاذ ذلك الموقف في تلك اللحظة، هذا ما يفرضه العقل والمنطق والشرف، أما أن يتجلى الغاضبون في مأتم كريه وشاذ في يوم سيكتبه التاريخ لاحقًا فهو الخلل والجنون بعينه.
والمدهش هو أن ذلك التيار العجيب يريد وبوضوح وبدون تعب تنظيمى أو جهد فكرى أن يقوم الغير بتنفيذ متطلباته الثورية، بينما هو مستريح على كيبورد الفيس بوك، ذلك الغرور الذي يقترب من الغباء لا يبنى وطنًا ولا يحقق حلمًا ولا يعرف العدالة الاجتماعية التي هي هدف أصيل لعملية التغيير، ذلك الغرور المقترب من الغباء لا يقيم دولة القانون التي ننشدها صباح مساء، ذلك الغرور يصب وبشكل مباشر في خانة الخصم المستبد الذي قمنا ضده في ٣٠ يونيو، ذلك الخصم المستبد لن يجد أبواقًا فقدت عقلها أكثر من تيار المستثورين، ولا عجب أن نقرأ سبابًا وليس نقدًا على صفحات من ينتسبون لبعض الأحزاب المدنية مواليد ما بعد ٢٥ يناير، ليس سبابًا شخصيًا ولكنه سباب مباشر للقيمة التي اسمها مصر.
من الذي أرضع هؤلاء كل هذا التخلف، هل هي حالة السيولة التي عاشها الوطن، أم عدم وجود خطة حقيقية تتبناها الدولة لخلق جيل جديد مؤسس على الوعى والانتماء، سوف أتبنى في السبب الغياب الجزئى للدولة وضعف مستشاريها وبيروقراطية حكومتها، لأن الرهان على الزمن لاختفاء تلك التشوهات الصغيرة هو رهان خاسر، بدون تخطيط علمى ومدروس سوف نحصد الفراغ، وهو ما لا يتفق مع طموح البنية الأساسية التي تجتهد الدولة في إقامتها الآن، ولا يتفق مع الانتصار الكبير الذي حققه تحالف الجيش والشعب في ٣٠ يونيو وتتويجه ببيان ٣ يوليو.