الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

المصالحة الحرام في ليالي رمضان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الخلايا الإخوانية النائمة لا تهدأ، ومع موجات الحر تتمدد وتتمدد وتتمدد، حتى أنها وصلت إلى السلطة التنفيذية ورأس الأغلبية البرلمانية.
المبادرات غير الطيبة بعقد مصالحة مع إخوان وأبناء حسن الساعاتى شغالة وكأننا فى موقف العتبة، والمبادرون يتصايحون «نفر واحد مبادرة»، «نفر واحد مصالحة».
صيحة المصالحة بدأت فى الماضى القريب بالسادة أصحاب المقام الرفيع من الدكاترة والمستشارين الإخوانجية «النائمين فى الدرة»، حتى جاء اليوم الذى تنطلق فيه صيحة المصالحة من داخل الحكومة وعلى لسان المتحدث الرسمى لها أمام الشعب والنواب. إسهال المبادرات لا يتوقف وكل من يبادر عامل عبده العبيط.. يتحدثون عن المصالحة بينما دماء المصريين تسيل من كل فج عميق فى الشوارع والميادين والكمائن وأقسام الشرطة وحتى فى الأفراح وليالى الملاح.
كنا قد كتبنا مرارًا وتكرارًا عن تلك المبادرات التى لا شاغل لها إلا عودة الأوضاع لما كانت عليه قبل ثورة ٣٠ يونيو.. وفى كل مرة تتعدد الأسماء لكن الموت واحد.. مرة سليم العوا وأخرى طارق البشرى وثالثة أحمد أبوالمجد ورابعة وخامسة وسادسة.. وبالمناسبة كلهم دكاترة وأسماء لامعة.. وأصحاب مقام رفيع فى المجتمع والجماعة، لكنهم يشتركون جميعًا فى مرض أصابهم على كبر هو عمى الألوان.. وكانوا يتحدثون فى مبادراتهم دائمًا عن رؤيتهم لحل الأزمة بين طرفى النزاع ناسين أو متناسين أن طرفى الصراع بعد كل الدماء المستباحة هى بين الجماعة الإرهابية وعموم الشعب المصرى، وكأن هؤلاء الدكاترة من كوكب آخر أو هبطوا علينا من مركبة فضائية، بينما نعلم جميعًا أن كلا منهم له صحيفة سوابق مع إخوان حسن البنا.
وكان آخر المنضمين لتلك الكوكبة من أصحاب مبادرات السرفيس هو الأخ حسن نافعة الذى لا يكل ولا يمل، ورغم أن إخوانه فى الجماعة قالوا عن مبادرته «خليه يبلها ويشرب ميتها»، لكنه لم يتوقف وظل يصرح ويصرح حتى جاءه الفرج على يد الحكومة، عندما تبرع السيد وزير الشئون القانونية ومجلس النواب السيد المستشار الدكتور مجدى العجاتى فى حواره مع «اليوم السابع» بتصريح غريب قال فيه: إن مشروع قانون العدالة الانتقالية يستهدف أن يعود المجتمع المصرى نسيجا واحدا، مشيرا إلى إمكانية أن يكون هناك تصالح مع عناصر جماعة الإخوان، ممن لم تتلوث أيديهم بالدماء، موضحًا أن عناصر تابعة لجماعة الإخوان لا يزالون موجودين فى وظائف عديدة بالوزارات، وقال الأخ العجاتى، إن قانون العدالة الانتقالية ليس سهلًا، فى هذا القانون لا بد أن نحدد ماذا حدث، ومن المسئول، ومن أُضير وكيفية تعويض الضرر، وطرح أُطر للمصالحة الوطنية.
وعندما سأله المحرر: عدد كبير من النواب قالوا: إن هذا القانون يتضمن ألغامًا تضع البرلمان فى مأزق، هل تتفق معهم؟ 
قال الأخ العجاتى: إن المشكلة فى التصالح مع من تلوثت يده بالدم، وليس من السهل إجراء تصالح معه، لكننا نستعين الآن بتجارب من دول أخرى، والمشروع فى طور الإعداد. والدستور يريد إنهاء تلك المسألة الخلافية، وأن نعود نسيجا واحدا، ليس هناك إخوان وغير إخوان، ومرسى وغير مرسى، هذا هو هدف المُشرع، لكن ممكن نتصالح مع الإخوانى إذا لم تُلوث يده بالدم، لأنه مواطن فى النهاية، ما دام لم يُنسب إليه أى فعل إجرامى، فلماذا لا نتصالح معه ويدخل ضمن نسيج الشعب المصرى.
على الفور سارع اللواء سعد الجمال، رئيس ائتلاف «دعم مصر»، بالتصريح لـ«الشروق»، على عدم ممانعة «دعم مصر» صاحب الأغلبية النيابية، فى المصالحة مع جماعة الإخوان.
أما حديث الأخ العجاتى عمن لم تتلوث أيديهم بالدماء فهو كلام مصاطب، ولنا فى اغتيال الشهيد فرج فودة عبرة، من أطلق الرصاص كان أميًا جاهلًا لم يقرأ كلمة مما كتبه الدكتور فرج فودة، ولكنه اتبع فتوى المشايخ من أمثال صلاح أبوإسماعيل والغزالى والأزهرجية الذين كفروه وأحلوا دمه.
وماذا يقول الأخ العجاتى وسيادة اللواء الجمال فى أصحاب فتاوى حرق وتدمير الكنائس وتهجير الأقباط، وتكفير جنود مصر فى الجيش والشرطة وحل دمائهم حتى فى نهار رمضان، وكل هؤلاء المشايخ لم تتلوث أيديهم بالدماء ويأكلون بالشوكة والسكين، ونجوم على الفضائيات، وأرقام حساباتهم فى البنوك والمصارف تزيد على العشرة أرقام. ولنا فى الأخ القرضاوى أسوة حسنة.
كان أهم رد فعل على كلام الأخ العجاتى هو شاهد من أهلها، حيث وصف الدكتور ثروت الخرباوى، القيادى السابق بجماعة الإخوان، تصريحات العجاتى بأنها فى منتهى الخطورة، مضيفا: «السؤال الذى يطرح نفسه: لسان من الذى يتحدث به العجاتي؟».
ويرفض الخرباوى فكرة التصالح مع الجماعة وأشباهها وأتباعها، وتابع الخرباوى عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»: «هل تعلم يا أخ مجدى أن فكرة الصلح مع الأفراد لا مجال لها فى القوانين لأن القانون قاعدة عامة مجردة، أم تراك لم تدرس هذه القاعدة فى كلية الحقوق يارئيس مجلس الدولة السابق؟! أم أن الدكتور الذى كان يدرس لك المدخل لدراسة القانون قد شطب هذا الدرس من المقرر وقتها! الصلح المقصود الذى تريد التسلل من خلاله ووضعه فى قوانين يا أخ مجدى هو مع جماااااعة، جمااااااعة يا رجل، ليست جماعة فقط ولكنها جماعة إرهابية، ليست إرهابية فقط، ولكنها قتلت وسفكت الدماء ودمرت وحاربت ولا تزال تحارب، هل تعلم من تحارب تلك الجماعة يا ساكن البرج العاجى؟ قتلت المصريين وحاربت وتحاول أن تدمر مصر، مصر يا سيادة الوزير الذى يجهل أبسط ما يعرفه أهل مصر، لا تصالح مع الإخوان أيها الرجل الغريب».
وأضاف القيادى المنشق عن الجماعة: «كنا ننتظر منك أن تبشر بمشروع قانون لتطهير مؤسسات الدولة من الإخوان وأشباههم، ولكنك لم تفعل ولن تفعل وأتحداك إن فعلت، ومع ذلك قد نقبل منك أن تكون صديقا حميما لعصام سلطان فكثير منا كان من أصدقائه، وقد نقبل ونفهم أن تكون صديقا لعصام العريان فبعض كبار الإعلاميين كانوا يسعون عنده لا غضاضة فى ذلك، وقد نعرف أنك كنت من المقربين لسليم العوا، فبعض الناس كانت تسعى إليه فى زمن من الأزمنة، وقد نفهم قطعا علاقتك كتلميذ من تلاميذ المستشار طارق البشرى، فكثير من رجال مجلس الدولة كانوا من تلاميذه، وقد نفهم الدواعى التى جعلتك فى زمن مبارك تصدر العديد من الأحكام القضائية لمصلحة الإخوان، وقد نفهم الدواعى التى جعلتك ترفض الحكم ضد الدعوة المشبوهة بتعديل الدستور بعد الثورة والتى كانت دعوة دينية عنصرية، لا شك أن حكمك وقتها ساعد على استتباب الأمر للإخوان وتمهيد الطريق لهم، ولكن قد تكون لك رؤيتك القانونية، ولكننا لا نفهم أبدًا أن تخلط علاقاتك الشخصية والعاطفية بمهامك التنفيذية أيها الوزير، أيها الأخ الوزير إما اعتذرت وإما اعتزلت».
انتهى قول الدكتور ثروت، لكن الكلام لم ينته بعد، وإذا كان النظام قد أطلق الأخ العجاتى كبالونة اختبار، فإنه لم يحسن الاختيار، ولم يحسن التوقيت، نحن فى شهر الصيام حيث هناك الكثير من المحرمات أولها الصفقات الحرام فى ليالى رمضان.