الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

فضيحة ‮"‬الجارديان"‭ ‬المهنية‭ ‬تفوح‭ ‬منها‭ ‬رائحة‭ ‬"البترو‭ ‬ـ‭ ‬قطر"

د. شريف درويش اللبان
د. شريف درويش اللبان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نشرت صحيفة «الجارديان» البريطانية الخميس ٢٧ مايو الماضى بيانًا لقرائها قالت فيه «إن الصحفى جوزيف مايتون الذى عمل لفترة مراسلًا لها من القاهرة، قد انتهك قواعدها والثقة التى منحته إياها». وأشارت الصحيفة إلى أنها قامت بحذف ١٣ تقريرًا كتبه المراسل، وحذفت ما لم تستطع التحقق من صحته من معلومات وتصريحات نقلًا عن مصادر، بعدما أنكرت عدة مصادر أنها تحدث مع المراسل. وعندما لم يستطع «مايتون» أن يقدم دليلًا مقنعًا عن المقابلات التى أجراها فى تقرير منشور فى فبراير الماضى، لجأت الصحيفة إلى محقق خاص لدراسة عمله السابق فى الصحيفة، ووجد أن هناك مقالات احتوت على فبركة محتملة أو مؤكدة، منها تقريران قال المنظمون للأحداث فيها إن الصحفى لم يحضر، كما أن عددًا من المصادر لم يتم التوصل إليها، إما لأنهم غير موجودين على الإنترنت أو لأنهم مجهولون، كما أن عددًا من المصادر نفي أن «مايتون» تحدث معها، أو أن تكون قد أدلت بالتصريحات المنسوبة إليهم.
وهكذا انكشف الغطاء عن «الجارديان» البريطانية التى كانت وسائل الإعلام المصرية والعالمية تضعها فى مَصَافِ الصحف العالمية الكبرى مثل «واشنطن بوست» و«نيويورك تايمز» الأمريكيتيْن، و«لوموند» الفرنسية. انكشف الغطاء عن المهنية الإعلامية التى عهدناها فى وسائل الإعلام البريطانية بداية من «بى بى سى» ومرورًا بـ «التايمز» وانتهاءً حتى بأكثر الصحف فضائحية وإثارة مثل «ديلى ميرور»، التى تهتم رغم ذلك بالمهنية وعدم التلفيق، وتدفع ملايين الجنيهات الإسترلينية من أجل صورة أو قصة خبرية تحقق بها سبقًا صحفيًا.
انكشف الغطاء عن الصحيفة ليس فى ٢٧ مايو الماضى فقط، ولكن منذ فترة ليست بالقصيرة حينما ادعت إبان ثورة ٢٥ يناير أن مبارك يمتلك ثروة تُقدر بسبعين مليار دولار، وهو ما أدى إلى إصرار ثوار الميدان على رحيل مبارك، لأن هذا التقرير هو ما أدى إلى تأجيج مشاعرهم بشأن الثروة المزعومة لمبارك وحجم الفساد الذى كان يمارسه نظامه. ورغم اعتذار الصحيفة عن هذا التقرير المفبرك، إلا أن هذا لا ينفى أنه كان مقصودًا للإسراع بعملية إزاحة مبارك عن سُدة الحكم لكى تصل إليه جماعة الإخوان، بتنسيق كامل مع الولايات المتحدة وبريطانيا. واللعبة ليست جديدة، ولم تمارسها «الجارديان» وحدها، بل سبقها إلى ذلك موقع «ويكيليكس» و«جوليان أسانج» صاحب الموقع الأمريكى ذو الخلفية المخابراتية، الذى سرب وثائق مزعومة عن ثروة أسرة الرئيس التونسى زين العابدين بن على وأسرة زوجته، وهى التقارير التى ساعدت أيضًا فى تسريع عملية الإطاحة به، وهروبه فى النهاية، لكى تتسلم حركة النهضة «الإخوانية» مقاليد الحكم فى البلاد. ومما يقوم دليلًا على تماهى «الجارديان» مع مصالح جماعة الإخوان الإرهابية، ما كتبه «الأفّاق» جوزيف مايتون بتاريخ ١٦ أغسطس ٢٠١٣، أى بعد يومين من فض اعتصام رابعة، حيث قال إنه تحدث مع مصريين عبر الهاتف وتولد لديه إحساس عام باليأس، وأن المستقبل بدا أكثر قتامة، ونقل عن صحفى قال إنه يعمل لصالح مؤسسة أمريكية كبرى قوله إن الوضع سيئ ومروع، وإن العنف فى ازدياد وأن لا أحد متفائل على الإطلاق. ولم يكشف «مايتون» فى مقاله عن اسم أى ممن تحدث معهم، وقال إن كاتبًا ومدونًا مصريًا قال له إن مصر بلد يكافح من أجل الحرية، لكن يبدو أن العنف وحده هو المستمر. ولكن رغم اعتذار صحيفة الجارديان عن تقريرها المزعوم عن ثروة مبارك منذ فترة، واعتذارها الأخير عن التقارير المفبركة لمراسلها «الأفاق»، إلا أن هذا لا ينفى أن وراء الأكمة ما وراءها، حيث كان العرض القطرى لشراء غالبية أسهم «الجارديان» حاضرًا فى تقريرها الأول عن ثروة مبارك، كما أن إتمام الصفقة القطرية بشراء ٨٠٪ من أسهم الصحيفة، هو ما يسر لهذه التقارير المفبركة الواردة من ذلك المراسل «الأفاق» الطريق للنشر على صفحات صحيفة كانت «محترمة»، استولى عليها القطريون ليستبدلوها بقناة «الجزيرة» التى أصبحت سمعتها المهنية فى الحضيض بعد مشاركتها فى تحريض وحشد الشعوب فى المنطقة العربية ضد حكامها وأنظمة حكمها برعاية أمريكية لعملية الفوضى الخلاقة، لإعادة تقسيم هذه المنطقة بما يخدم مصالح الدولة اليهودية. لا تصدقوا ادعاء «الجاريان» للمهنية، وأن اعتذاراتها المتوالية بشأن تقاريرها المفبركة عن مصر، جاءت عفو الخاطر دون قصد، بل كانت مقصودة ومتعمدة، وتنفذ أجندة أمريكية إسرائيلية قطرية باتت واضحة المعالم، وإلا لماذا كانت تقارير الصحيفة الواردة من القاهرة فقط هى التى عانت من انعدام المهنية، على عكس التقارير الواردة من كل عواصم العالم؟!. أمر آخر وهو أن الصحف الكبرى فى عواصم العالم غالبًا ما تكون أداةً من أدوات السياسة الخارجية للدول التى تنتمى إليها، وبالتالى فإن السياسة الخارجية الأمريكية والبريطانية التى رأت أن ثورة ٣٠ يونيو تهدد مصالحها فى المنطقة العربية، لم تجعل من المستغرب أن تنحاز صحفها الكبرى لهذه السياسة المضادة للدولة المصرية بعد إزاحة جماعة الإخوان الذراع المعتمدة للولايات المتحدة فى المنطقة بعد ثورات الربيع العربى. أيًا ما كان الأمر، فإن رائحة السياسة العفنة ورائحة البترو ـ قطر تفوحُ من قَطَرَاتِ الحبر المسمومة فى تقارير «الجارديان» البريطانية، وحاولت الصحيفة المغموسة فى «وحل» عدم المهنية الصحفية أن تغتسل وتتطهر وتستر عوراتها بهذا الاعتذار، وهو الاعتذار الذى ينتظره الشعب المصرى من صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية أيضًا.