السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الأنبا مكاريوس ودولة القانون

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كان خطًأ فادحًا الانسياق وراء مصطلح الفتنة الطائفية، والاستسلام لجلسات المصالحة العرفية الوهمية، سنوات طوال ونحن نكرر الخطأ، كان همنا هو حقن الدماء بين المصريين، وكانت هذه الطريقة العرفية بمثابة خدمة جليلة قدمها الجميع لنظام مبارك وللمتطرفين، فعاش النظام بعيدًا عن أرض الجريمة الرخوة المسماة فتنة طائفية، وعاش الإرهابيون فوق القانون فازدادوا غشومية وجهلًا وغرورًا.
لم ينتبه أكثر التقدميين منا إلى هذا الفخ المحكم وتصدر المشهد منصات تضم شيخًا وقسيسًا وهما يتباوسان، وما أن تنهدم المنصة حتى تعود ريما إلى عادتها القديمة ويصبح الطرف المتشدد، وهو هنا بوضوح أبناء الفكر الظلامى فى التيار الإسلامى، متفرغًا لابتكار أشكال جديدة للعنف ضد مصريين كل ذنبهم أنهم يدينون بالمسيحية. مع مرور الوقت تجذرت داعش فى كل بيت، ينطلق العنف من عين الإرهابى قبل استخدام يديه، أتذكر أن تلك الموجة لم تكن موجهة ضد المسيحيين وكنائسهم فقط، بل إنها فى سنة حكم الإخوان السوداء كانت ضد كل من لا ينتمى إلى فكر الإرهاب الأسود، فالمسلمة غير المحجبة كانت هدفًا رئيسيًا لهم للتنكيل بها واحتقارها، والشاب المسلم الذى لا يرتدى جلبابًا قصيرًا طالقًا لحيته هو أيضًا هدف لهم، فى التاريخ القريب نتذكر كيف قتل متسلفون مجرمون شابًا مثل الورد بمحافظة السويس كل جريمته أنه كان يقوم بتوصيل ابنة خالته إلى منزلها، عندما اتصل بى والد الشاب مستنجدًا وكان ابنه يتلقى العلاج فى مستشفى الجامعة بالإسماعيلية، هرع أصدقائى المسيحيين قبل المسلمين إلى المستشفى للدعم والمساندة والتبرع بالدم، ولكن كان الفتى قد مات ولن أنسى ما حييت دموع مسعد حسن على المسلم وبكاء قلب مدحت منير وفريد حنا قهرًا على الشاب المسكين الذى كان يحلم بأن يكون مهندسًا. لذلك تكمن حكمة وفطنة الأنبا مكاريوس أسقف عام المنيا وأبوقرقاص الذى رفض من اللحظة الأولى فى جريمة تعرية أمنا سعاد ثابت اعتبار تلك الواقعة مجرد فتنة ستزول بعد قدوم أشاوس الأزهر وبيت العائلة، ولكن الرجل قال ببساطة إن هذه جريمة جنائية حيث اقترنت التعرية بالضرب وحرق البيت، وإننا فى دولة محترمة لها قوانينها التى لا بد من فرضها على الجميع بغض النظر عن الديانة. هذا الموقف للأنبا مكاريوس هو ما يجب البناء عليه، وأن يدافع عن ذلك الموقف المسلم قبل المسيحى، فإذا كانت الشكوى العامة للشعب المصرى هى افتقاد الأمن وانتشار البلطجية للتثبيت والسرقة والقتل والتحرش، فقد جاءت الفرصة الآن للشعب المصرى للمطالبة والإصرار على تطبيق القانون بكل حسم، فنحن لا يخيفنا فى تطبيق القانون أن يكون البلطجى ملتحيًا أو غير ذلك المهم هو العقاب على الجريمة وعدم الإفلات منها لا بجلسات مصالحة مكذوبة ولا بضغط من مسئول ليفلت قريب له، ولا برشوة المجنى عليه للتنازل، ولا بحيلة لمحامى فاقد الضمير، كل ما نقوله إنه لكى تكون الدولة المصرية دولة جادة عليها العمل بما يقال عنه حق المجتمع، فأطراف المشكلة ليسوا هم محورها ولكن تخريب المجتمع هو لب القضية. نعود إلى نيافة الأنبا مكاريوس وأنا لا أعرف كم الضغوط التى يواجهها خاصة أنه رفض المشاركة فى اجتماع يحضره المحافظ ومناديب من الأزهر، هل سيصمد من أجل إقرار دولة القانون؟ أم سيتراجع بسبب عنف الضغوط، فمؤسسة الأزهر التى رفضت تكفير الدواعش فى سوريا والعراق ليست بالمؤسسة السهلة التى يمكن رفض أوامرها الإجبارية بالتصالح والتباوس كذبًا، صحيح أن السيدة سعاد طرف المشكلة قد صرحت بأنها سامحت من اعتدوا عليها، ولكن هل سيتسامح المجتمع مع هكذا جرائم؟!.. تلك هى المشكلة.