الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

غموض دور الأمم المتحدة في مناطق الصراع العربي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ما زال دور الأمم المتحدة في مناطق الصراع العربية «سوريا، العراق، اليمن، ليبيا»، غير مفهوم لدى الكثير من المحللين السياسيين، ومن المعروف أن في أداء المنظمة العالمية تراجعًا شديدًا وحالة عجز مفرط. خاصة إذا كانت القضايا تهم المنطقة العربية والإسلامية، وأن المنظمة العالمية تكيل بمكيالين في حالة القضايا، فإذا كانت القضية تخص الغرب «دول أوروبا» أو أمريكا، فإن أداء المنظمة سيكون فعالًا وحاسمًا كما حدث في حروب الصرب والبوسنة والهرسك.. إلخ فقد كان أداء المنظمة واضحًا وصريحًا وسيتم تنفيذ قرارات الأمم المتحدة كما هي، أما في حالة الصراع في المنطقة العربية، فنحن نرى المنظمة تستعين بالدول الكبرى للتوسط لدى أطراف الصراع لقبول أولًا: الجلوس على مائدة المفاوضات، ثم التحايل بقبول صيغ معينة صعب تحقيقها على أرض الواقع.
عرف اليمن منذ الانقلاب المشئوم ٢١ سبتمبر ٢٠١٤ والذي أسقط الدولة الشرعية ومؤسساتها، في أيدى جماعة الحوثى المسلحة، وحيث شكلت الأمم المتحدة غطاءً سياسيًا لتلك الجماعات الإرهابية، عندما دعت هذه الأطراف إلى الجلوس على مائدة المفاوضات، ويعد هذا اعترافًا أمميًا بأحقية هذه العصابات المسلحة في اغتصاب السلطة والتفاوض على شكل الحكم، علمًا بأن قرار الأمم المتحدة ٢٢١٦ واضح وصريح بأن تقوم الميليشيات المسلحة بتسليم أسلحتها، وأن تنسحب من المدن والقرى التي احتلتها، وأن تعترف بالحكومة الشرعية للبلاد، وتعترف أن الحوار السياسي هو الطريق الوحيد لحل الأزمة في اليمن، وعلى أنه يجب احترام مؤسسات الدولة، وعدم المساس بالأمن القومى بالتعامل مع جهات أجنبية في الصراع، فهل تحققت هذه الشروط قبل بدء انعقاد جلسات الحوار؟ بالطبع لم يحدث هذا، بل إن تدخل العنصر الأجنبى الإيرانى تزايد وبشدة وتزامن معه زيادة عدد اللاجئين والمشردين وآلاف من القتلى والجرحى من المدنيين، ونأتى هنا إلى دور المملكة السعودية، فمنذ بداية الربيع العربى في اليمن حيث خرجت الملايين من الشعب اليمنى مطالبة بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وكلها مطالب مشروعة وكان على رأس المطالب الإطاحة بالرئيس عبدالله صالح الذي اعتبرته السعودية الحليف الأول لها ولدول الخليج، خاصة ضد تنظيم القاعدة والحوثيين وظلت دول الخليج والسعودية، تحافظ على وجود عبدالله صالح في المشهد السياسي على الرغم من رفضها القاطع ضم اليمن إلى منظومة دول الخليج، والذي أثر بالسلب على تطور اليمن في جميع المجالات، وكانت وجهة نظر الملك الراحل عبدالله أن تحويل مسار الثورة اليمنية إلى مؤامرة وانقسام بين أقطاب الشعب اليمنى حتى لا تصبح نموذجًا ثوريًا أمام شعوب دول الخليج، ومن هنا ساندت عبدالله صالح لآخر رمق حتى بعد أن رفضه شعب اليمن أعادوه مرة أخرى للمشهد السياسي وتركوا الحوثيين يعبثون بالشعب اليمنى تحت شعار العدالة الاجتماعية، وبعد وفاة الملك عبدالله وصعود الملك سلمان، أدرك خطورة الموقف وخطورة التحالف ورجال عبدالله صالح، فقرر شن حرب بلا هوادة ودشن ما عرف بالتحالف الدولى لمحاربة الحوثيين وعبدالله صالح وشنت ما يعرف بعاصفة الحزم، وقام بتكثيف الضربات الجوية على مواقع وتجمعات الحوثيين، وأرغمت الميليشيات الحوثية على الهروب من مدن كثيرة، تاركين أسلحتهم ومعداتهم، وفى هذه الظروف استطاعت الحكومة اليمنية أن تمارس عملها في المناطق المحررة، حتى وصلنا للمسار الأممى عن طريق اجتماعات الكويت، ليكون اعترافًا رسميًا بأن هذه الميليشيات أحد مكونات الجامع الوطنى اليمنى، وهنا يتبادر للذهن سؤال: لماذا لا تكون القاعدة ممثلة في هذه الاجتماعات وهى بالمناسبة تحتل أجزاء في جنوب البلاد، وترتبط بعلاقات قوية مع عبدالله صالح، ومع القبائل في تلك المناطق؟ صحيح أن القوات الأمريكية تقوم ببعض الغارات الجوية ولكن تنظيم القاعدة موجود وبشدة في جنوب اليمن، وعندما تكون الفرصة سانحة لهذه الميليشيات بأنها ستفرض نفسها على الواقع السياسي، وتطالب بحقها في تشكيل أي حكومة مؤقتة تكون أحد مخرجات المفاوضات، وهكذا فإن عملية تقاسم السلطة وشروط هذا التقاسم ومعاييره غير واضحة في إطار المفاوضات، وهى أخيرًا لن تخرج عن مسار الصراع الشيعى السنى، حيث لا تتوفر حتى الآن آلية معينة لنزع السلاح أو حتى فك الحصار المفروض على بعض المناطق، خاصة مدينة تعز والتي أصبحت مدينة أشباح، والعالم كله غير قادر على دعم مليوني مدنى يتعرضون لأبشع أشكال الإبادة الإنسانية، وهذا هو أكبر دليل على فشل المنظمة العالمية في إدارة الصراع، ولو تم تعميم هذا المسار الأممى على باقى مناطق الصراع مثل سوريا، فسيكون من الطبيعى أن تجلس داعش وجبهة النصرة وأحرار الشام، وعلى الملايين من الشعوب العربية أن تتقبل هذه الانحرافات الشديدة التي أخرجتها لنا الأمم المتحدة عبر مسار يشوبه الفساد والانحياز ضد مصلحة شعوب المنطقة.