الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

هل ينجح دي ميستورا في وقف نزيف الدم السوري؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في الوقت الذي تمارس فيه قوات بشار الأسد حملتها الجوية الشرسة على مدينة حلب وشن غارات متتالية على الميليشيات المسلحة المتمركزة في أنحاء المدينة وحيث راحت ضحية هذه الغارات مئات من القتلى والجرحى المدنيين وتم تدمير العديد من المنازل والمستشفيات في الوقت الذي لا تزال فيه أمريكا وروسيا تعلنان أنهما قادرتان على الحفاظ على الهدنة لضمان استمرار مباحثات جنيف، وهذا أمر يدعو للسخرية، فبعد هذا التصعيد الشديد أعلنت الجبهة التفاوضية العليا أن الهدنة انهارت بهذا الشكل وأن استمرار المباحثات أصبح أمرا صعبا والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: ما الذي دفع حكومة بشار إلى هذا التصعيد الخطير في الوقت الذي ينتظر فيه العالم مخرجا سياسيا ينتج عن مباحثات جنيف؟ والإجابة هي أن أمريكا وروسيا اعتبرتا أن المناطق التي تسيطر عليها ميليشيات تنظيم الدولة الإسلامية أو جبهة النصرة أو جند الشام أو أي مجموعات مسلحة تدين بالإسلام السياسي لا تخضع كمناطق للهدنة ويستباح فيها العمل العسكري على أنه حرب ضد الإرهاب ومن المعروف أن ثلثى مساحة سوريا تقع تحت أيدى تنظيم الدولة وجبهة النصرة ومن يدور حولهما من تنظيمات مسلحة بينما تمثل المعارضة في مباحثات جنيف بعناصر أخرى تحت اسم الهيئة التفاوضية العليا وما زالت أمريكا وروسيا تقدمان الوعود للعالم بالقدرة على الحفاظ على الهدنة، حيث أعلن عن هدنة مؤقتة وجزئية يبدأ سريانها في الساعات الأولى من يوم السبت ٣٠-٤ وتقتصر على مناطق دمشق والغوطة الشرقية ومحافظة اللاذقية، وهى بالتالى لا تشمل مدينة حلب وقد أعلن المتحدث الروسى عن الوضع في حلب أن (الوضع في المدينة يندرج ضمن مكافحة الإرهاب) كما أعلن نائب وزير الخارجية الروسى غينادى غاتيلوف صباح السبت أن موسكو لم تطلب من دمشق وقف غاراتها الجوية على حلب، ووفقا لمنظمة أطباء بلا حدود فإن عدد سكان حلب نحو ٢٥٠ ألفًا. وقد أصبح الوضع مأساويا حتى إن المدنيين لا يتمكنون من الفرار من المدينة علاوة على أن الحدود مع تركيا لا تزال مغلقة، وقد دفعت هذه الأوضاع المبعوث الدولى ستيفان دى ميستورا عن وثيقة تقع في ثمانى صفحات تشمل ١٥ نقطة توافق بين الحكومة السورية والهيئة التفاوضية العليا (المعارضة) منها تشكيل حكم انتقالى جديد محل ترتيبات الحكم الحالى، وأعلن أنه لا يزال هناك نحو ١٨ نقطة خلاف تتطلب تحديدا من الطرفين بينها كيفية ممارسة الحكم خلال المرحلة الانتقالية وعلاقته بالرئاسة والإشراف على أجهزة الأمن والاستخبارات ومعايير تأسيس جيش موحد وطنى. وجاء في الوثيقة حسب نسختها العربية أن دى ميستورا ينوى التركيز على أربعة محاور تتعلق بوظائف وسلطة مؤسسات الحكم لتحقيق الانتقال السياسي وطريقة إنشائها عبر التوافق وعملية صنع القرار وعلاقة هذه المؤسسات بمؤسسات الدولة عموما والتحول من عملية الانتقال السياسي إلى دستور جديد دائم، ويتم إجراء انتخابات جديدة في نهاية المطاف وتحت عنوان (القواسم المشتركة إزاء الانتقال السياسي)، قال دى ميستورا في وثيقته إنه تأكد من وجود خلافات موضوعية بين الطرفين المتفاوضين في شأن تصورهما للعملية الانتقالية وتفسير القرار ٢٢٥٤ قبل أن يشير إلى قواسم مشتركة، منها أن أي عملية انتقال سياسي يقودها ويديرها سوريون أنفسهم أمر لا مفر منه لإنهاء النزاع وأن الانتقال سيتم بإشراف حكم انتقالى جديد وجامع وذى صدقية يحل محل ترتيبات الحكم الحالية إضافة إلى أن الحكم الانتقالى سيكفل تهيئة مناخ الاستقرار والهدوء أثناء المرحلة الانتقالية وأن سوريا تحتاج دستورا جديدا ومن مهمة الحكم الانتقالى الإشراف على صوغ دستور بأيدى السوريين، كما شمل التوافق على تنفيذ جميع قرارات مجلس الأمن في عملية مكافحة الإرهاب أثناء المرحلة الانتقالية، وأنه سيتم الاتفاق على ترتيبات الحكم في إطار المفاوضات السورية برعاية الأمم المتحدة على أساس مبدأ التوافق. وتحت عنوان (المسائل الأساسية لتحقيق انتقال قابل للبقاء). ذكرت الوثيقة أنه يجب على الأطراف المشاركة أن تقدم مزيدا من التفاصيل في شأن الجوانب العملية حول كيفية تحقيق الانتقال السياسي، وهناك حاجة ماسة لتوضيح مدى انسجام رؤية الطرفين مع أحكام القرار ٢٢٥٤ لإقامة حكم ذاتى وجامع وغير طائفى. وذكرت الوثيقة في ملحق من صفحتين ١٨ نقطة، أنه يجب أن يحدد الطرفان موقفهما منها، بينها «كيفية ممارسة الحكم للسلطة خلال المرحلة الانتقالية بما في ذلك ما يتعلق بالرئاسة والصلاحيات التنفيذية والرقابة على المؤسسات الحكومية والأمنية وأسئلة عن الإستراتيجيات والهيئات المشتركة وآليات التنسيق لمكافحة الإرهاب وضمان حماية حدود سوريا وسلامتها الإقليمية وكيفية توفير بيئة محايدة تكفل السلامة للجميع. 
هذه أجزاء تم نشرها من وثيقة دى ميستورا في الوقت الذي تنهار فيه الهدنة عمليا بعد التصعيد الخطير على مدينة حلب وينتظر العالم في الأيام القادمة معارك أكثر شراسة في حلب، حيث تقوم وحدات الجيش السورى بحشد قواتها لمعركة تعتبرها حاسمة في موقف بشار الأسد في الوقت نفسه تستعد التنظيمات المسلحة للرد على هذا الهجوم بكل شدة ولنرى لمن سيحسم الأمر أم يظل الشعب السورى والمدنيون هم ضحايا هذه الحرب.