الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مواقع التواصل الاجتماعي وتأثيرها على الأمن القومي المصري "2"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
سعت الباحثة الدكتورة أميرة محمد محمد سيد أحمد مدرس الصحافة بكلية الآداب جامعة دمياط من خلال دراستها المهمة إلى رصد اتجاهات النُخبة الأكاديمية والأمنية والسياسية نحو تأثير مواقع التواصل الاجتماعى على الأمن القومى المصرى، وخرجت الدراسة بعدة نتائج مهمة، حيث اتفق أغلب المبحوثين على خطورة مواقع التواصل الاجتماعى على الأمن القومى بواقع ٦٨ مبحوثاً من إجمالى عينة الدراسة تراوحت بين «إلى حد كبير» و«إلى حد ما»، حيث جاءت فى المرتبة الأولى إلى حد ما بنسبة ٤٧.٨٪، يليها إلى حد كبير بنسبة ٢٧.٨٪، فى حين جاءت فئة «لا تشكل خطورة على الأمن القومي» بنسبة ٢٤.٤٪، ومن خلال الحديث مع عينة الدراسة اتضح أن مواقع التواصل الاجتماعى لا تشكل فى حد ذاتها تهديداً للأمن القومى، وإنما المشكلة الحقيقية تتمثل فى فكر مستخدميها والقائمين عليها، والأخطر من ذلك هو التوظيف الممنهج لها من قبل الجماعات والتنظيمات الإرهابية «كتنظيم داعش، وأنصار بيت المقدس» وغيرهما فى استهداف أمن واستقرار الدولة من خلال الترويج للشائعات والأكاذيب التى تتعلق بالرموز الوطنية، والتحريض على العنف والتخريب ونشر الإرهاب من خلال «تويتر» و«فيس بوك»، بغرض إلحاق الضرر بالوطن، وإثارة وتأجيج الأزمات والخلافات، فيما بين الدول عبر ما يطلق عليه الحروب الإعلامية الإلكترونية. وقد اتضح -من وجهة نظر المبحوثين- أن موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» من أكثر مواقع التواصل خطورة على الأمن القومى، حيث احتل المرتبة الأولى بنسبة ٥٠.٤٥٪، يليه فى المرتبة الثانية موقع المشاهدة «يوتيوب» بنسبة ٣٠.٦٣٪، فى حين جاء «تويتر» فى المرتبة الأخيرة بنسبة ١٨.٩٢٪، ما يدل على أن «فيس بوك» يمثل مصدراً خطيراً على الأمن القومى للدول؛ نظراً لتداوله أخباراً ومعلومات تختلق الشائعات والأخبار الكاذبة، وهو ما ينعكس على المؤسسات الرسمية للدولة ويُفقدها مصداقيتها، والتى من شأنها تكدير الأمن العام للبلاد وتعريضها لهجمات إرهابية، وهو الأمر الذى يهدد الأمن القومى. كما اتضح تعدد أسباب خطورة مواقع التواصل على الأمن القومى، وتصدر المرتبة الأولى «لأنها تنشر الصور والفيديوهات والأخبار السرية التى من شأنها تكدير السلم العام» بنسبة ١٨.٥٣٪، فالفيديوهات التى يتم تداولها على مواقع التواصل والتى تعلن فيها الجماعات الجهادية مسئوليتها عن اغتيال العديد من قوات الجيش والشرطة والشخصيات السياسية، من شأنها إلحاق الضرر بأمن البلاد الوطنى لما تحتويه من مقاطع مسيئة للنظام الحاكم، يليها فى المرتبة الثانية «لأنها تبث سموماً وأفكاراً تمس معتقدات المجتمع وتؤثر فى أفكاره وتزعزع استقراره» بنسبة ١٥.٦٤٪، يليها سبب «لأنها وسيلة مهمة للتواصل بين الجماعات الإرهابية» بنسبة ١٤.٨٪، فتلك المواقع تم توظيفها كمنبر لوجستى داعم لنشاطها الإعلامى لتشكل مجتمعاً افتراضياً إرهابياً لممارسة التحريض على اغتيال رجال الشرطة والجيش والقضاء، حتى أصبحت أداة لتجنيد المزيد من المقاتلين فى صفوفهم، فى حين جاءت فئة أخرى تذكر فى المرتبة الأخيرة بنسبة ٠.٨٢٪، وتمثلت فى ذكر أسباب أخرى ذكرها المبحوثون «لأنها تعد عنصراً للدعاية والتجنيد وجمع التبرعات للجماعات الإرهابية ونشر أفكارها وبث بياناتها كتنظيم داعش والقاعدة وأنصار بيت المقدس، وأجناد مصر، والخلافة الإسلامية، واستخدامها فى تخريب الأنظمة الحيوية داخل المجتمع». وقد تصدر سببا «لأنها تعد عنصراً رقابياً على كافة مؤسسات الدولة»، و«تساهم فى كشف فضائح المسئولين وسقوطهم أمام الرأى العام» المرتبة الأولى بنسبة ١٧.٥٪ قائمة أسباب عدم تشكيل مواقع التواصل خطورة على الأمن القومى، أى أن مواقع التواصل لها جانب إيجابى وتحقق فوائد حال استخدامها بالشكل الصحيح، حيث تعد عنصراً رقابياً فعالاً على كل أجهزة الدولة لسرعة نشرها للأخبار والمعلومات، وجمع أكبر قدر من المعلومات حول واقعة معينة ما يؤدى إلى كشف بؤر الفساد السائد فى معظم قطاعات الدولة، يليها فى المرتبة الثانية «لأنها تلعب دوراً فى الحراك الثورى الدائر» بنسبة ١٦.٢٥٪، واتضح ذلك فى ثورات الربيع العربى فى منطقة الشرق الأوسط، حيث ساهمت فى سقوط عدد من الأنظمة السياسية المستبدة، فكانت وسيلة فعالة لتجمع الشباب للنزول إلى الميادين والساحات لتحقيق مطالبهم الثورية، وجاء سببا «لأنها تلعب دوراً فى شن الحرب النفسية ضد أعداء الوطن وضعف الروح المعنوية لديهم»، و«لأنها تنشر الشائعات التى قد تضر بالمصالح القومية لأعداء الوطن» بنسبة متساوية بنسبة ١٥٪، فى حين جاء فى المرتبة الأخيرة سبب «لأنها تكشف بؤر الإرهابيين وخططهم الإجرامية ضد الوطن والمواطنين» بنسبة ٨.٧٥٪، وذلك من خلال تتبع حساباتهم وصفحاتهم على تلك المواقع، ما يساهم فى الكشف عن تلك العناصر الإجرامية. واتضح أن أغلب المبحوثين بواقع ٤٧ مبحوثاً بنسبة ٥٢.٢٪ اعتبروا قرار وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم باعتزام وزارته مراقبة مواقع التواصل الاجتماعى لرصد المخاطر الأمنية بمثابة تجسيد لآليات الدولة البوليسية العميقة وتقييد للحريات، فاعتبروا القرار عودة إلى عصر ما قبل الثورة أو تدخلا فى حياة المواطنين من قبل الأجهزة الأمنية، ومخالفا للقانون ولحرية الرأى ومجافيا للآداب العامة، ويخرج عن نطاق الأعراف والروابط الاجتماعية، ويجعل من وزارة الداخلية قاضياً وجلاداً فى الوقت نفسه، وسيعود بمصر مرة أخرى إلى عصور الظلام والتفتيش وراء المواطنين بدون حُجة حقيقية؛ لتعود أسوأ مما كانت عليه فى عهد مبارك، فى حين اعتبر ٤٣ مبحوثاً بنسبة ٤٧.٨٪ القرار ضرورة ملحة لحماية أمن البلاد ورصد المخاطر الأمنية، حيث اعتبروه أحد محاور تطوير الأداء الأمنى بما يتواكب مع الجرائم الإلكترونية المستحدثة التى تتخذ من مواقع التواصل الاجتماعى أسلوباً لتنفيذها وتسعى إلى إشاعة ونشر الأفكار الهدامة وإثارة الشائعات وتحريف الحقائق والتشهير والإساءة وتشجيع التطرف والعنف ومخالفة القانون من خلال الدعوة للحشد وتنظيم مظاهرات غير قانونية، كما أن هناك عمليات إرهابية تتم عن طريق مواقع التواصل الاجتماعى، لذا فمراقبتها قد يساهم فى تجفيف منابع الإرهاب وتتبع مصادر التمويل الإرهابى، فالإرهابيون يستخدمون صفحات الـ«فيس» للتواصل والاتفاق على مواعيد تنفيذ أعمالهم الإجرامية، و«تويتر» لبث بياناتها، والـ«يوتيوب» فى تمثيل جرائمهم الوحشية، لذلك لا بد من مراقبتها كضرورة ملحة لحماية أمن البلاد القومى.