الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

تداعيات انضمام طرف رابع لـ"كامب ديفيد"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إن أخطر التداعيات التى نتجت عن الإعلان السعودى والمصرى فيما يخص المباحثات على جزيرتى «تيران» و«صنافير» هو أسلوب إدارة كل من النظامين السعودى والمصرى للمباحثات التى استمرت لسنوات طويلة وإصرار كل من النظامين على إقصاء الشعوب العربية من المشهد السياسى حتى فى أخطر قضايا الأمن القومى، علما بأنه على الطرف الآخر فإن إسرائيل وأمريكا كانتا تعلمان بتفاصيل الاتفاق، ولما حاول وزير خارجية السعودية فى لقائه مع قناة «سى بى سى» المصرية مساء الأحد ١١ إبريل حيث حاول أن يقنع الجمهور بأنه «لا شيء يربط بين السعودية ومصر فيما يتعلق بالجزيرتين أو حتى مشروع الجسر البرى الذى اصطدم فى فترات سابقة برفض إسرائيل»، لكن سرعان ما أتت تصريحات وزير حرب إسرائيل موشيه يعالون ليؤكد أن حكومته تلقت وثيقة تضمنت تعاهدا صهيونيا بالتزامها لما جرى الاتفاق عليه بين الجانبين المصرى والإسرائيلى فى اتفاقية كامب ديفيد كما أكد أن مشروع الجسر عرض مسبقا على تل أبيب لتحديد موقفها وقد وافقت عليه.
وبموجب المادة الخامسة من معاهدة كامب ديفيد يعتبر الطرفان أن مضيق تيران وخليج العقبة من الممرات المائية الدولية المفتوحة لجميع الدول دون عائق أو إيقاف حرية الملاحة والعبور الجوى، كما يحترم الطرفان حق كل منهما فى الملاحة والعبور الجوى من وإلى أراضيهما عبر مضيق تيران وخليج العقبة.
إذن الإقرار السعودى بهذا البند يؤسس فعليًا إلى انضمام السعودية كطرف رابع لاتفاقية كامب ديفيد، وهو ما يعد أول خرق عربى من ناحية الاعتراف بإسرائيل، كما أنه يفرض تنسيقا مشتركا بين الجانبين، إذ إن العلاقة بين تل أبيب والرياض تسير فى وتيرة سريعة أكثر مما يتوقعه الخبراء السياسيون ولم يعد هنا الحديث عن تسريبات عبر مواقع التواصل الاجتماعى، بل إنها وصلت إلى مراكز صنع القرار فى البلدين، حيث كشفت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أن المشروع كان قد تم طرحه من رئيس وزراء إسرائيل فى إحدى جلسات المجلس الوزارى المصغر فى الشئون الأمنية والسياسية منذ أسبوعين، والسؤال هو: لماذا اتخذت المملكة السعودية هذا المسار بهذه السرعة؟ هل هى محاولة لإبراز دور السعودية الإقليمى فى المنطقة؟ خاصة أن جميع ملفات الصراع سواء فى سوريا أو لبنان أو العراق أو اليمن أو البحرين بعيدة كل البعد عن الحل السياسى، حيث إن هناك أطرافا إقليمية لا تقل عن السعودية فى المنطقة، فإيران قاسم مشترك فى جميع مناطق الصراع، وهناك أدوار خاصة لتركيا وأمريكا وروسيا، ويخطئ من يتصور أنه قادر على لعب الدور الإقليمى الأهم، خاصة إذا نظرنا إلى الواقع على الأرض، فأغلب مؤسسات دول الصراع منهارة والأوضاع الأمنية وصلت لمراحل بالغة من السيولة، وملايين من السكان مهاجرون ولاجئون، عموما فإن النظام السعودى تاريخيًا حاول أن يلعب الدور الإقليمى وأن يتماس مع دولة إسرائيل سواء فى مباحثات أو مسارات لإقرار السلم فى المنطقة، وسنستعرض هنا بعضًا من المنعطفات التى مرت عليها المملكة السعودية فى محاولة التقرب بشكل أو بآخر لدولة إسرائيل، وفى مواجهة العدو الإيرانى الذى تعتبره السعودية أكثر خطرا من إسرائيل، لأنه يعبث بجميع ملفات الأمن القومى السعودى والعربى فى المنطقة ومن هذه الممرات تاريخيًا:
قمة فاس الأولي ١٩٨١ والتى شكلت أول اعتراف عربى جامع بإسرائيل حيث استطاع فهد بن عبد العزيز إقناع كل من سوريا والعراق والجزائر ومنظمة الاتحاد الفلسطينية وليبيا بالاعتراف ضمنيًا بدولة إسرائيل وعلى أن يكون لها حق مع جميع دول المنطقة فى العيش فى سلام مقابل إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس، ولكن جاء الاجتياح الإسرائيلى للبنان عام ١٩٨٢ لوأد المشروع.
فى قمة بيروت ٢٠٠٣ اقترحت السعودية مبادرة تعترف بإسرائيل وتطبيع العلاقات معها مقابل إنشاء دولة فلسطينية معترف بها دوليًا على حدود ١٩٦٧ وعودة اللاجئين والانسحاب من هضبه الجولان ولكن إسرائيل رفضت هذا العرض.
عاشت فترة من اللقاءات غير الرسمية بين البلدين حول القضية الفلسطينية ومواجهة العدو الإيرانى.
على مدى ١٧ شهرا «من يناير ٢٠١٤ حتى مايو ٢٠١٥» عقدت كل من السعودية وإسرائيل ٥ جلسات ثنائية للتنسيق لمواجهة العدو الإيرانى.
فى يونيو ٢٠١٥ طالب أنور ماجد عشقى، وهو لواء سابق فى المخابرات السعودية بتحقيق السلام بين العرب وإسرائيل وتغيير النظام السياسى فى إيران وإنشاء قوة عربية بمباركة أمريكية وأوروبية، لحماية الدول العربية ضد الخطر الإيرانى. إذًا لقد قطعت العلاقات السعودية الإسرائيلية شوطا بالغ الأهمية، فهل يمكن لإسرائيل التى غالبا ما تختلق المشاكل أن تتعايش حسب الشروط السعودية وفى مواجهة عدو مشترك؟ أم أن إسرائيل ستنتظر تفعيل هذه الاتفاقية والتصرف من خلال المعطيات القادمة؟ وأخيرا هل الدور الإقليمى لأى نظام حكم، يعنى أنه يشارك فى جبهات عديدة وخطرة قد تهدد مستقبل المنطقة بأسرها؟.