الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

حكومة الوفاق الوطني الليبي سيناريوهات وآفاق

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فرض الاتحاد الأوروبى الخميس ٣١ مارس ٢٠١٦ عقوبات على ثلاثة سياسيين ليبيين بارزين متهما إياهم بعرقلة عمل حكومة الوفاق الوطنى، والسياسيون الثلاثة هم عقيلة صالح رئيس برلمان طبرق المعترف به دوليا ونورى أبوسهمين رئيس المؤتمر الوطنى العام وهو غير معترف به دوليا إضافة إلى خليفة الغويل رئيس حكومة الإنقاذ الوطنى المدعوم من المؤتمر الوطنى العام.
وجاءت هذه الخطوة بعد يوم واحد من وصول سبعة من أعضاء حكومة الوفاق الوطنى إلى إحدى القواعد البحرية بعاصمة طرابلس قادمين من تونس، حيث اضطر ممثلو الحكومة الجديدة إلى الوصول بحرا بعد أن أغلقت جماعات ليبية مناهضة لها المجال الجوى الليبى مدة يومين.
وقد صرح رئيس حكومة الوفاق الوطنى فايز السراج فور وصوله بأن حكومته ستعمل على عدة أهداف أهمها التوصل إلى وقف إطلاق النار فى عموم ليبيا والمصالحة الوطنية وإعادة النازحين إضافة إلى التصدى لتنظيم «الدولة الإسلامية».
وعقب وصول الحكومة أعلنت ١٠ مدن تأييدها لحكومة الوفاق ودعت فى بيان رسمى جميع الليبيين للوحدة والتضامن والوقوف صفا واحدا لدعم الحكومة الجديدة من أجل الخروج بالوطن «من المزلقنات الخطيرة» التى جرته إليها الحكومات السابقة المتعددة، كما أعلن البنك المركزى الليبى تأييده لحكومة الوفاق وكذلك أكد جهاز حرص المنشآت النفطية استعداده التعاون مع الحكومة الجديدة وإعادة فتح وتشغيل الموانئ النفطية فى مناطق الزيتونية والسدر ورأس لانوف، ورغم هذا الدعم إلا أن حكومة الوفاق الوطنى تواجه أزمة حقيقية لمعارضة قوتين سياسيتين لا يستهان بهما: برلمان طبرق شرق ليبيا والذى لم يوافق على تشكيل الحكومة الجديدة كذلك المؤتمر الوطنى العام الذى تسيطر عليه قوى مؤيدة له على العاصمة طرابلس، أما الخليفة الغويل رئيس حكومة الإنقاذ المدعومة من قبل المؤتمر العام فأسماهم «المتسللين غير الشرعيين» ودعاهم لتسليم أنفسهم واصفا حكومة الوفاق الوطنى بأنها «فاقدة للشرعية» وفى المقابل تلقى الحكومة الجديدة دعما غربيا كبيرا، حيث ينظر إليها على أنها الحكومة الشرعية الوحيدة فى البلاد القادرة على مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية وضبط حركة السواحل الليبية لمنع الهجرة غير الشرعية لأوروبا، حيث أعلن مجلس الأمن يوم ٣١ مارس عن استعداده النظر فى رفع الحظر المطلوب على الثروة السيادية الليبية فور تأكيد حكومة الوفاق الوطنى سيطرتها على الصندوق وعلى المؤسسة الوطنية للنفط إضافة إلى البنك المركزى وفى السياق نفسه عرض الاتحاد الأوروبى حزمة مساعدات تقدر بنحو ١٠٠ مليون يورو، كما عبرت الولايات المتحدة عن استعدادها للمساعدة كما أكدت الدول الغربية ومنها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا عن استعدادها للمساعدة العسكرية فى حالة ما طلبت حكومة الوفاق منها ذلك، وهذا هو بيت القصيد، ففى حالة أن تعجز حكومة الوفاق فى التعامل مع ميليشيات العسكرية المنتشرة فى ربوع ليبيا واستحواذ الليبيين على ما يقرب من ٢١ مليون قطعة سلاح، وأن ليبيا محاطة بأنظمة إقليمية عاجزة عن التصدى للتنظيمات الجهادية سواء فى تونس أو مالى أو نيجيريا أو السودان، كما أن الحدود الليبية مفتوحة على كل هذه البلدان ما يرشح ليبيا أن تصبح أفغانستان جديدة خاصة مع الهزائم التى يتعرض لها تنظيم الدولة الإسلامية فى الفترة الأخيرة سواء فى سوريا أو فى العراق.
إن تصميم الغرب على فرض سيناريو لمسار حكومة الوفاق الوطنى والإصرار على استبعاد دول الجوار بالقيام بدور حقيقى فى تسوية الصراع الليبى أو على الأقل توكل أدوارا خاصة لدول الجوار كمصر وتونس والجزائر خاصة أن القوات الخاصة والفرنسية والبريطانية تتواجد فى ليبيا وتعمل بنشاط غير عادى، بينما تقوم الولايات المتحدة ببعض الغارات فى توقيتات وأماكن محددة وتعج الأراضى الليبية بجميع أجهزة الاستخبارات الغربية فى الوقت نفسه يتم منع تسليح الجيش الليبى وعدم الاعتراف بقوات اللواء حفتر إذ ستصبح حكومة الوفاق الوطنى ورقة رابحة بيد الغرب وسيتم استغلال الأمم المتحدة كهيئة دولية للضغط على حكومة الوفاق للتدخل العسكرى إذا فرضت الظروف هذا الحل.
واقعيا لا يمكن لأى حكومة مهما كانت قدرتها على التعاطى مع المشهد السياسى الحالى بكل زخمه المسلح، ولا سبيل إلى ذلك سوى إقرار دولى وإجماع كبير لصناع القرار بالخارج قبل الداخل وخلق آلية حقيقية بأن يكون هناك تحالف إقليمى يشارك فيه عدد من دول الجوار مثل مصر وتونس والجزائر وبدعم من أطراف خليجية أهمها الإمارات وأخرى دولية مثل إيطاليا وفرنسا وبريطانيا وحزب الناتو وأن يكون التدخل دبلوماسيا ومحاولة الجمع بين الفرقاء على الأرض وعقد مصالحة بين الشرق والغرب حتى يتطور الأمر إلى المواجهة العسكرية فى حالة عدم الانصياع للقرارات الدولية، أما إذا اعتمد سيناريو فرض حكومة معينة بالقوة من قبل الغرب فإن ذلك سيزيد حدة الصراع الداخلى على السلطة ويقود أى مشاريع خاصة بإقامة دول المؤسسات المبنية على القوانين والتشريعات والعدالة الانتقالية واستبعاد سيناريو شبح التقسيم الذى يسيطر على الكثير من الليبيين لعدم ثقتهم فى أنفسهم وأن الغرب يتلاعب بمستقبل ليبيا ويحتفظ بها كالدجاجة التى تبيض ذهبا علما بأن الغرب -أوروبا بالتحديد- ستكون أكثر المتضررين من تحول ليبيا إلى أفغانستان جديدة.