الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

عبدالرحيم علي: العالم العربي يعيش على "برميل بارود".. وعلى العقلاء إنقاذه.. وإيران استغلت النعرات الطائفية بالعراق وأشعلت حربًا دينية عقائدية حصدت أرواح الملايين من أبناء الشعب

عبدالرحيم على في
عبدالرحيم على في حواره مع محمد الباز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يستطيع عبدالرحيم على أن يعبر عن أفكاره ببساطة، لا يعرف اللف ولا الدوران، أحيانًا يخضع لحماسه وهو يتحدث، فيفصح عن كل ما لديه، فهو لا يجيد فن الإخفاء، وربما لهذا السبب امتدت بينى وبينه الحوارات الصحفية لما يقرب من ثمانى سنوات، شكلنا ما يشبه العلاقة المهنية المميزة، التي تقوم على التحاور فيما لدينا من أفكار، فعلنا ذلك كثيرًا عندما كانت هناك مواجهة واضحة مع جماعة الإخوان المسلمين، وهى مواجهة قمنا بها وظهرنا إلى الحائط تمامًا، فلم يكن أحد يساندنا، لا النظام الذي كان يدعى أنه خصم للجماعة، رغم أنه ينام كل ليلة في فراشها، ولا الناس الذين استطاعت الجماعة أن تخدعهم وتقنعهم بأنها تعمل من أجل الله وحده، رغم أنها لم تكن كذلك أبدًا، ولن تكون. 
آخر حوار دار بيننا كان على هامش ترشحه للجنة الشئون العربية في البرلمان، اعتقد البعض أنه كان حوارًا دعائيًا، فأنا رئيس التحرير التنفيذى لجريدة يرأس هو مجلس إدارتها وتحريرها، ولا ألوم من يعتقد ذلك، لكنى أرغب في توضيح أمر مهم، وهو أننى أتعامل مع عبدالرحيم على في هذه المساحة تحديدًا كشخصية عامة، نائب برلمانى، يحمل على كتفيه قضية، ومن حقه أن يشرحها للناس، وهو ما لا يجعلنى أتردد مطلقًا، في أن نجلس معا نتحاور، ونتبادل أطراف الحديث حول ما يريد أن يقوله أو يفعله.
هنا نجلس سويًا على امتداد الخط الذي بدأناه، فانتخابات اللجان النوعية في مجلس الشعب على مقربة أيام منا، وهو يملك ما يقوله وما يفعله. 
أذكر فقط قبل أن أبدأ حديثى الجديد معه، أنه وبعد أن أجريت معه آخر حوار، كتب هو في زاويته الأسبوعية: «وصلتنى ردود فعل كثيرة، ومتباينة، على الحوار الذي أجراه معى الزميل محمد الباز، ونشر في جريدة (البوابة)»، كان واضحًا أن الرسالة التي قصدتُها وصلتْ تمامًا، وكان واضحًا أن هناك من كان يعتقد - خطأً - أنه يمكن أن يضعنا في خانة الدفاع عن النفس، وهو ما لم- ولن- يحدث، ولأن معركتنا القادمة تشغلنا أكثر من أي شيء آخر، وهى الوصول إلى رئاسة لجنة الشئون العربية، فإننى أعيد هنا التأكيد على مجموعة من الأفكار والمبادئ التي أثبتها في حوارى أمس. 
ذكر عبدالرحيم على أنه فكر في لجنة الشئون العربية- على وجه التحديد- لعدة أسباب، بعضها موضوعى وبعضها ذاتى، فالمشهد الذي كان يعرفه جيدًا بعد ٣٠ يونيو، أكد له أن التجربة المصرية لاقت تأييدًا عربيًا كبيرًا، ويمكن القول الآن إنه لولا وقوف عدة دول عربية في ظهر قرار الشعب المصرى بالثورة على نظام الإخوان، لواجهنا صعوبات كثيرة، هذا الدعم الكبير وفر علينا سنوات طوالا من العمل والمواجهة، وعليه - ولأنه يعرف أن لجنة الشئون العربية في البرلمانات السابقة كانت أقرب إلى اللجنة البروتوكولية، مجرد لقاءات واستقبالات وتكريمات، دون أن يكون هناك عمل حقيقى، وإنجاز مثمر- فقد رأى أنه من المناسب أن يتم تطوير هذه اللجنة، ليتناسب دورها مع التطور الهائل الذي تشهده العلاقات العربية الآن. 


واصل عبدالرحيم على تفسير ما قصده، يقول: إننى أعرف جيدًا كم المخاطر التي تعترض طريق العمل العربى المشترك، ويمكن أن أزيد على ذلك أن هناك تحديات أكبر، فلن تنسى الولايات المتحدة الأمريكية لمصر أنها قادت الدول العربية في لحظة محددة لكسر طوق تبعيتها، ولذلك فالأمن العربى بشكل عام مهدد، والتعاون الاقتصادى العربى في خطر، كما أن هاجس الفقر يلح على كثير من الدول العربية، وهو خطر داهم أيضًا لابد أن ننتبه له، كما أن هناك مهمة أساسية أعتقد أن العرب لا بد أن يقوموا بها من الآن، فأزمات الخطاب الدينى - الذي يحتاج إلى تجديد - لا تلاحق الإسلام وصورته في العالم فقط، ولكنها تلاحق العرب أيضًا، فرغم أن الإسلام دين عالمى، إلا أنه يلتصق بالعرب أكثر. 
قدم عبدالرحيم على بعد ذلك بين يدى رغبته في ترشيح نفسه للجنة الشئون العربية وما يرى أنه دوافع سياسية وواقعية للقرار، يقول: ما لا يعرفه الكثيرون أننى خلال الثلاث سنوات الأخيرة تواصلت مع عدد كبير من الزعماء العرب، وهو تواصل معلن ومعروف للجميع، كما أننى - من خلال المركز العربى للبحوث والدراسات - أنجزت مجموعة من الدراسات المهمة التي تخص الشأن العربى في جميع المجالات، وهى دراسات عندما تدخل نتائجها النظرية حيز التطبيق، يمكن أن تشكل نقلة مهمة جدا في حل كثير من المشكلات التي تعترض طريق العمل العربى المشترك. 
ثم يقطع عبدالرحيم على الطريق على من حاولوا تشويه ما أراده بترشيح نفسه للجنة الشئون العربية عندما يقول: ما أريد أن أقوله بوضوح أن ترشحى للجنة الشئون العربية لن يكون من باب «الشو السياسي»، فلست في حاجة لأى شو من أي نوع، ولن تكون اللجنة مغنمًا بل هي مغرم، وسنعمل من اللحظة الأولى على مكافحة الإرهاب الذي تعانى منه كل الدول العربية، وهو الخطر المحدق بمشروعات التنمية، وسنعمل على مواجهة الفقر بكل أشكاله، ولدينا مشروع محدد لإنشاء صندوق عريض موحد، يكون الهدف منه - بشكل أساسى - القضاء على كل أشكال الفقر، كما سنعمل على كشف كل المخططات التي تستهدف الأمن القومى العربى، فالمتربصون كثيرون، ولا يكفون عن العمل ليلا أو نهارا، كما ستكون هناك مهمة أساسية وهى وضع برنامج علمى لتطوير الخطاب الدينى، يقوم على عدم مخاصمة الواقع، أو تجاهل ثوابتنا الدينية، فليس من المنطق أن نهدم كل شيء ونحن نعمل على تطويره.
■ ■ ■


هذا إجمال يحتاج إلى مزيد من التفصيل، ولذلك كان مهمًا أن نتحدث مرة أخرى، ليس عن الرغبة في الترشح هذه المرة، ولا عن الدافع لها، ولا عن الإجراءات التي يقوم بها على الأرض ليفوز باللجنة، وهو ما يعتبره أمرًا محسوما له، ولكن عن الأفكار، ما الذي يفعله عندما يتولى قيادة هذه اللجنة، ماذا لديه من أفكار ومشروعات. 
■ قلت له: ما الذي لديك، ودعنى أسجل هنا أفكارك التي يمكن أن نعتبرها وعودًا واضحة، يمكن للنواب ومن ورائهم الشعب أن يحاسبوك عليها إن لم تتمكن من إنجازها؟ 
قال: قبل أن أسجل ما لدى دعنى أقول لك إن الأمن القومى العربى يتعرض لمخاطر هائلة بعد أن أصبحت غالبية الدول العربية مهددة ليس فقط في كيانها ووحدة أراضيها بل أيضا في هويتها وثقافتها ومذهبها وعقيدتها، وذلك بعد أن تراجعت فكرة التمسك بالدولة الوطنية المؤسسية مقابل التمسك بالمكونات الأولىة مثل المذهبية والطائفية والقومية والقبلية ومناطق النفوذ، مما يهدد وحدة الدول ويفتح الباب أمام التدخل الخارجى في شئون الدول العربية بحجة حماية الأقليات أو العرقيات أو المذاهب الدينية.
ويبرز هذا الواقع في تدخل إيران في شئون بعض الدول العربية بحجة حماية الشيعة، والتهديد الأخير الذي أطلقته ضد المملكة العربية السعودية بعد إعدام الداعية الشيعى «نمر باقر النمر».
ولأن هذه التحديات تفتح الباب أمام الصراعات الداخلية والحروب الأهلية ما يؤدى لغياب حكم القانون وسيادته وتحوله إلى سيادة منقوصة أو غير موجودة مثلما يحدث حاليًا في بعض الدول العربية، فإن الأمر يتطلب تحركا سريعا وعاجلا لمواجهتها، وسد الطريق أمام كل المحاولات الخارجية لاستغلال أزمات الدول العربية والمشكلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لتأليب الرأى العام وتغذية الفوضى وإثارة الفتن، فضلًا عن إيجاد حلول حقيقية وشفافة لتلك الأزمات وعلى رأسها الفقر والبطالة وتطرف الخطاب الدينى وتعزيز النعرات الطائفية.


■ هذا عن الخطر الذي تراه، وأعتقد أنك ترصده بوضوح، هل لديك رؤية بالوضوح ذاته للحل؟ 
- في اعتقادى أن أولى خطوات معالجة الخلل ومواجهة المشكلات في واقع أمننا العربى هو توسيع مفهوم هذا المصطلح ليتخطى القضايا القديمة المتمثلة في العمل على حماية واستقرار الدول في كل المجالات (السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعسكرية والعلمية والتكنولوجية) ضد جميع التهديدات الداخلية والخارجية سواء كانت إقليمية أو عالمية، والعمل على إعداد البشر وتهيئة المناخ العام لمشاركة فعالة من الشعوب في مواجهة هذه الأخطار، وإيجاد نوع من التعاون والتكامل بين الشعوب العربية في المحيط الإقليمى والأمنى لحماية الأمن القومى وهزيمة كل الظروف التي تمثل خطرا وجوديا على أمتنا العربية.

■ عندما تتحدث عن الحل يتخيل البعض على الفور أنك تتحدث عن حكومات فاعلة تقوم بدورها، ماذا عن دور الشعوب التي يتهمها السياسيون دائما أنها سلبية؟ 
- الشعوب لا بد أن تكون في القلب من هذه الرؤية، فهى تضمن المشاركة الفعالة للشعوب ممثلة في مؤسسات ومنظمات غير حكومية وكيانات ونقابات تعبر عن طوائف المجتمعات العربية وكذلك البرلمانات والكيانات الدستورية المنتخبة. نشر ثقافة الأمن القومى العربى وإيجاد واقع قوى على الأرض وظهير شعبى يمثل الدعم الفعال لمؤسسات الدولة يساعدها على أداء دورها ويحصنها من الانهيار أو الاختراق.
وتأتى أهمية الدور الشعبى وتوسيع مفهوم الأمن القومى ليكون مفهوما شعبيا، بتعزيز عمليات التوعية للمواطنين بخطورة المرحلة الحالية وتحدياتها، التي تختلف جذريا عما كان مألوفًا قديمًا، مع تغير أشكال الاستعمار وأساليبه وخططه للسيطرة والهيمنة على الدول العربية ولكن ليس باحتلالها عسكريا ولكن بتفتيتها وتحويلها إلى طوائف وفرق متحاربة تسيطر على أجزاء من الأرض يسهل استنزاف ثرواتها مقابل توفير السلاح والاحتياجات الأساسية لتلك الجماعات التي ستكون في حاجة ماسة للمساعدة.


■ أعتقد أن أي كلام عن الأمن العربى لا ينطلق من الدول المأزومة سيكون كلامًا منقوصًا؟ 
- معك تماما فيما تقول، وهو ما جعلنى أرصد بدقة ما يحدث في هذه الدول التي وصفتها بأنها مأزومة، ودعنى أشرح قليلًا ما توصلت إليه. 
أولًا: في العراق... كانت مقسمة فعليا على الأرض، منذ الغزو الأمريكى في ٢٠٠٣ وإسقاط نظام صدام حسين، حيث كانت الحكومة المركزية ضعيفة، واختفت دولة العراق الوطنية ومؤسساتها الحاكمة فعليًا على الأرض، وحوصرت الحكومة المركزية في المنطقة الخضراء، بينما كانت السيادة لميليشيات وجماعات مسلحة شيعية وسنية وكردية تحكم مناطق نفوذ خاصة بها، تحت إشراف المحتل الأمريكى، وهو ما سمح للشركات الأمريكية بنهب مليارات الدولارات وتعيين حكومات وإدارات فاسدة أنفقت ثروات العراق ونفطه مقابل عمليات إعادة إعمار وبنية تحتية وهمية، وبناء جيش ظاهره وطنى وباطنه طائفى مهلهل غير مدرب انهار في أيام قليلة أمام تنظيم داعش الإرهابى، والذي احتل ثلث مساحة العراق تقريبًا.
كما ظهرت إيران كقوة احتلال حقيقية في العراق استغلت النعرات الطائفية وأشعلت حربًا دينية عقائدية حصدت أرواح الملايين من أبناء الشعب العراقى، وأنشأت ميليشيات شيعية مسلحة ولاءها الأول والأخير لملالى إيران ولا تعنيهم عروبتهم أو وطنيتهم أو دولتهم العراق، وهو ما أضر كثيرًا بالأمن القومى العربى.
ثانيا: في سوريا كانت هناك محاولات لتكرار النموذج العراقى، ونجحت القوى الخارجية إلى حد بعيد في استغلال ما عرف اصطلاحًا بالربيع العربى، وتطلعات الشعوب العربية المشروعة نحو مزيد من الحرية والديمقراطية والقضاء على الفساد وتوفير سبل العيش الكريم والظروف الاقتصادية الملائمة والقضاء على البطالة، بتحويل سوريا إلى دولة فاشلة ممزقة تتنازعها التنظيمات الإرهابية والمتطرفة المتناحرة فيما بينها، في ظل عجز تام من جانب النظام السورى ومؤسساته سواء الجيش والأمن في السيطرة على البلاد وفرض سيادة الدولة، وذلك بعد أن فتحت تركيا حدودها ليتدفق منها السلاح والإرهابيون من جميع أنحاء العالم إلى الأراضى السورية.
وأصبحت سوريا أهم أجنحة الأمن القومى العربى والقوة الفاعلة والمؤثرة في مواجهة إسرائيل ساحة حرب بين قوى إقليمية ودولية، واختفت الدولة الوطنية أمام أطماع القوى الخارجية، لتمثل جرحًا غائرًا في قلب العالم العربى، ومنح الفرصة لإيران لمزيد من العبث والإضرار بالأمن القومى العربى. 


ثالثًا: في اليمن لم يكن الوضع أفضل حالًا، حيث تعرضت البوابة الجنوبية للدول العربية وحارسة باب المندب إلى اختراق إيرانى كبير ودخلت في حالة فوضى وتحولت إلى دولة فاشلة بعد أن تلاعبت بها الأيادى الخارجية متمثلة في إيران، بتعاون مع ميليشيات مسلحة أنشأها الرئيس المخلوع «على عبدالله صالح» لتنقض على الشرعية في اليمن وتحاصر الرئيس «عبدربه منصور هادي» وتفرض سيطرتها على البلاد بقوة السلاح.
ويخرج المسئولون الإيرانيون ليعلنوا أنهم سيطروا على العاصمة العربية الرابعة، وهى صنعاء، بعد سيطرتهم على بغداد ودمشق وبيروت بمساعدة حزب الله اللبنانى، وهو ما زاد من التحديات أمام الدول العربية وهدد بمزيد من الحرب الطائفية والمذهبية التي كان من الممكن أن تمتد إلى دول أخرى خاصة في الخليج، فهبت مصر والسعودية والدول العربية لإنشاء تحالف عربي إسلامي، أطلق عليه عاصفة الحزم لإنهاء حكم الميليشيات الإيرانية المسلحة وإعادة الشرعية للبلاد.
رابعا: وفى ليبيا أخذت الأزمة شكلًا آخر ودخلت البلاد في دوامة حرب أهلية قبلية، بين مدن وقبائل تسعى للسيطرة على ثروات البلاد وفرض إرادتها بقوة السلاح، وكان للإخوان دور خطير على الساحة الليبية حيث نجحوا من خلال ميليشياتهم المسلحة «فجر ليبيا» المدعومة عسكريا من قطر وتركيا في السيطرة على العاصمة طرابلس ومنع البرلمان الشرعى المنتخب والحكومة المعترف بها دوليًا من ممارسة مهام عملهم ودخول العاصمة طرابلس، بل وتعاونوا مع تنظيمات متطرفة وإرهابية أخرى منها «أنصار الشريعة» إحدى جماعات تنظيم داعش، في محاربة الجيش الوطنى الليبى، ومهدوا الأرض لظهور التنظيم الإرهابى في ليبيا وسيطر داعش على سرت وبات يهدد الأمن القومى العربى وشمال أفريقيا بحرب استنزاف طويلة الأمد، لثرواته ومقدراته.


■ وماذا وراء هذا الرصد الجيد؟ 
- أعتقد أنه أمام كل هذه التطورات، لا بد من موقف عربى موحد وقوى ليس فقط على المستوى الإستراتيجي والسياسي والعسكري والأمنى بين الدول العربية، ولكن أيضا على المستوى الثقافى والدينى والإنسانى ويكون للشعوب دور مهم في المواجهة.
■ حتى الآن أنت تتحدث على المستوى السياسي، متى سيظهر البرلمان ودوره.. ولجنة مثل لجنة الشئون العربية في حديثك؟ 
- هذا ما أريد أن أتحدث فيه الآن تحديدًا، فنظرًا لأن البرلمانات والهيئات الدستورية المنتخبة تمثل أصوات الشعوب وأدواتها القوية للتغيير وفرض إرادتها، فإنها يجب أن تكون في الطليعة وتضطلع بالدور الأكبر في تلك المعركة سواء بتوجيه الحكومات والأنظمة وتصحيح مسارها وتهيئة الأجواء لها للقيام بدورها ثم محاسبتها إذا ما أخطأت أو قصرت، أو في مد جسور التعاون بين الشعوب العربية لتشكيل حائط صد قوى أمام محاولات اختراق الصف وإشعال الفتن والنزاعات، على أن يكون مفهوم الأمن القومى العربى ذاته متسقًا مع الأمن الوطنى لكل قطر، وأن يستمد منه بعض قدراته ومساهماته.
■ وما الذي يجعلك متفائلًا من أن البرلمانات العربية تستطيع أن تفعل ما عجز عنه المسئولون في الدول العربية؟ 
- البرلمانات تستطيع أن تفعل الكثير، يساعدها في هذا أنها تتمتع بحرية الحركة بعيدا عن التعقيدات السياسية والقيود التي يواجهها المسئولون، فضلا عن ابتعادها التام عن تأثير القوى الخارجية والضغوط التي قد تمارسها قوى دولية على الحكومات لوقف تحركاتها، وهو ما يفتح الباب أمام تكامل إنسانى حقيقى بين الدول العربية يشكل بداية حقيقية وراسخة لتكامل اقتصادى وثقافى ودينى يساعد في حل المشكلات الاقتصادية والفقر والبطالة ويتصدى للأفكار المتطرفة، ويعزز جهود محاربة الإرهاب.
يجب أن نعلم أن العالم العربى الآن يعيش على ما أصفه بـ«برميل بارود» ويحتاج عقلاء لإنقاذه.