الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الملك السابق.. في بيت "ماما" "1-2"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أحد فنادق القاهرة الكبرى المطلة على النيل.. استقل مصعد الفندق رجلان، أولهما فى الستينيات من العمر، والتالى شاب أنيق، توقف بهما المصعد أمام أحد أجنحة الفندق، وتقدم الشاب ليدق جرس الجناح. 
بعد برهة فتح لهما الباب رجل طويل القامة يرتدى بيجامة النوم والروب «دى شامبر»، على وجهه كانت علامات الإرهاق بادية، رحب بهما فى هدوء، وفتح لهما الطريق ليدخلا إلى صالون الجناح. 
همس الرجل الطويل وهو يتجه ناحية الحمام: دقائق.. وأقوم بتغيير ثيابى وأكون جاهزًا.. أعتقد أن العزاء سيكون فى ضاحية المعادى.. أليس كذلك؟
رد الشاب الأنيق: هو كذلك.. يا أخى.
الرجل ذو الستينيات كان اللواء طبيب إسماعيل باشا فهمى، زوج ناريمان ملكة مصر السابقة.
أما الشاب الأنيق، فكان نجلها أكرم أدهم النقيب، الذى يعمل محاميًا بالنقض.
أما نزيل الجناح فى الفندق، فقد كان الملك السابق أحمد فؤاد، وأما العزاء، فقد كان فى منزل السيدة علية هانم البندارى، صديقة العائلة التى كانت تعمل فى هيئة الأمم المتحدة فى جنيف، والتى حضرت فى الليلة السابقة مع أحمد فؤاد والأميرة فريال فى الطائرة القادمة من سويسرا، والتى كانت تحمل جثمان الأميرة الراحلة فادية صغرى بنات الملك السابق فاروق، والذى تم دفنه إلى جوار قبر والدها فى مسجد الرفاعى بالقلعة.
دقائق وغادر الرجال الثلاثة الفندق إلى ضاحية المعادى فى سيارة مرسيدس سوداء!
كان صوت القرآن الكريم ينبعث من جهاز راديو فى صالون بيت علية هانم البندارى.
بينما امتلأت المقاعد ببعض أفراد أسرة محمد على ممن يعيشون فى القاهرة، سيدات أنيقات فى ملابس الحداد، ووسطهن كانت تجلس الأميرة فريال وهى ترتدى نظارة سوداء، وإلى جوارها ابنتها الجميلة ياسمين والدموع فى عينيها على خالتها الراحلة.
فى الصالون المجاور..
جلس أحمد فؤاد وإلى جواره شقيقه أكرم النقيب، وإلى جوار الدكتور إسماعيل فهمى جلس صديق العائلة السفير نبيل العربى وبعض أفراد الأسرة، وبين سعيد أورلوف زوج الأميرة الراحلة وولديهما شامل وعلى أورلوف.
ومضت ساعة دون أن يتكلم أحد.
والجميع ينصتون إلى القرآن الكريم.
لكن أحمد فؤاد كان كل بضعة دقائق ينظر إلى ساعة يده فى قلق، ثم يتبادل النظرات مع شقيقه أكرم النقيب الذى أخيرًا نهض من مقعده، بعد أن وضع يده فى يد أحمد فؤاد واتجه الاثنان نحو باب الشقة وخلفهما الدكتور إسماعيل فهمى، وعندما لمحتهما الأميرة فريال نهضت من مكانها فى هدوء وأسرعت تستوقف أكرم النقيب.
وسألته: إلى أين؟
استدار ناحيتها وهمس فى أذنها.
فؤاد.. يرغب فى رؤية ماما!
فى الطريق إلى مصر الجديدة..
ظل أحمد فؤاد على صمته الذى التزمه منذ الليلة السابقة عند حضوره مع جثمان شقيقته الراحلة الأميرة فادية، لكن انفعاله كان واضحاً.
سأل الدكتور إسماعيل فهمى: هل تعلم أمى أننى قادم لرؤيتها؟
رد عليه: نعم.. لقد أخبرتها مساء أمس أنك أبلغتنى فور وصولك مطار القاهرة برغبتك فى زيارتها، بعد الانتهاء من مراسم دفن الأميرة فادية.
عاد أحمد فؤاد ليسأله: وهل صحتها طيبة؟
أجابه الحمد لله.. المهم أنها استيقظت مبكرا هذا الصباح، وهى مسرورة لأنها ستراك.
نظر أحمد فؤاد عبر زجاج نافذة السيارة التى كانت تتخذ طريق صلاح سالم إلى جوار مقابر منطقة الدراسة، ثم أغلق عينيه.
وهمس: أصلها.. وحشتنى!
العلاقة بين الملك السابق أحمد فؤاد ووالدته الملكة السابقة ناريمان مثل علاقة أى أم بابنها، علاقة رحمة ومودة، رغم أن كلا منهما لم يعش مع الآخر هذه الحياة العادية التى يعيشها الابن فى حضن أمه أو التى تعيشها الأم وهى ترى طفلها يكبر وينمو فى حضنها وبين ذراعيها. 
ناريمان أخذت معها طفلها أحمد فؤاد رضيعًا فى «اللفة» على ظهر الباخرة المحروسة يوم غادر الملك السابق فاروق مصر إلى الأبد، حيث عاشت معه فى إيطاليا أسوأ شهور عمرها التى انتهت بعودتها ثم طلاقها من فاروق.
الأسبوع القادم نكمل...