السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

شبكات التواصل الاجتماعي بين المأساة والملهاة "1"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رغم عديدٍ من المشكلات التى يأن تحت وطأتها الإعلام التقليدى إلا أن «الإعلام البديل» يعانى أيضاً من مجموعة من المشكلات الأخرى قد لا تجعله الحل الأمثل، وقد تجعله أكثر خطراً على المنظومة الثقافية للأمة العربية، حيث يعانى الشارع العربى من مشكلات جمة فى التفكير تجعل آراءه أقرب إلى السطحية والتعميم ومرتبطة أكثر بالشائعات والشعارات الأيديولـوجية التى تلاقى هـواه، حتى لو لم يقـف المنطق إلى جانبها ولم يؤيدها التاريخ والعلم.
وتتسم مواقع الشبكات الاجتماعية بعديدٍ من السمات كالاندماج والمشاركة والانفتاح وغياب الحدود، والنمو الكبير الذى شهدته مواقع الشبكات الاجتماعية يفرض عددا من التحديات على سياسات الإعلام التقليدية وما يتعلق بتنظيمها، فعلى الرغم من الإيجابيات الكثيرة لمواقع التواصل الاجتماعى إلا أن هناك عديدا من السلبيات والمخاوف المرتبطة بهذه المواقع، وتتمثل فى الخصوصية وحماية البيانات وانتشار خطاب الكراهية والتحريض والبلطجة، وقضايا الملكية الفكرية أو حق المؤلف، وأيضا انتشار الشائعات المجهولة المصدر.
ويمكن حصر التأثيرات السلبية لهذه المواقع فى مجموعة النقاط التالية:
بث الأفكار الهدامة والدعوات المنحرفة والتجمعات الفاسدة: وهذا البث مما يحدث خللاً أمنياً وفكرياً، وخاصة أن أكثر رواد الشبكات الاجتماعية من الشباب ما يسهل إغراءهم وإغواءهم بدعوات لا تحمل من الإصلاح شيئا بل هى للهدم والتدمير، وقد تكون وراء ذلك منظمات وتجمعات، بل ودول لها أهداف تخريبية.
عرض المواد الإباحية والفاضحة والخادشة للحياء: لقد ذكرت وزارة العدل الأمريكية فى دراسة لها أن تجارة الدعارة والإباحية تجارة رائجة جداً يبلغ رأسمالها ثمانية مليارات دولار ولها أواصر وثيقة تربطها بالجريمة المنظمة، وتشمل تجارة الدعارة وسائل عديدة كالكتب والمجلات وأشرطة الفيديو والقنوات الفضائية الإباحية والإنترنت، وتفيد إحصاءات المباحث الفيدرالية الأمريكية «FBI» أن تجارة الدعارة هى ثالث أكبر مصدر دخل للجريمة المنظمة بعد المخدرات والقمار.
التشهير والفضيحة والمضايقة والتحايل والابتزاز والتزوير: وهى مشكلة أخلاقية تظهر على الشبكة بشكل عام لسهولة التدوين والتخفى، وهى أخلاقيات لا تحتاج بالضرورة إلى معرفة تامة بالبرمجة والبرمجيات، ولا تستند فى الغالب العام إلى مستند شرعى حقيقى، فلا يحتاج صاحبها للتدليل أو التعليل أو الإثبات، كل هذا تقابله أنظمة وقوانين لا تملك الرد الرادع لمثل هذه التصرفات.
والابتزاز قد يكون أخلاقياً بصور أو مقاطع فيديو خاصة أو أخذت كرهاً وغصباً وهى من أكثر صور الابتزاز على الشبكات الاجتماعية، وقد يكون مالياً من قبل أشخاص أو من قبل عاملين فى مؤسسة أو شركة خاصة عند ترك العمل أو الفصل، فقد تكون بحوزته معلومات فيساوم صاحب المؤسسة أو الشركة على تلك المعلومات.
والتزوير من أكثر جرائم نظم المعلومات انتشاراً على الإطلاق، ويتم التزوير فى صور شتى منها على سبيل المثال إدخال بيانات خاطئة أو تعديل البيانات الموجودة، ومن صورها على الشبكات الاجتماعية تزوير البيانات الخاصة للشخص مثلا الجنس أو العمر أو وضع صورة مخالفة للواقع.
انتهاك الحقوق الخاصة والعامة: الخصوصية الشخصية الخاصة أو الخصوصية الاعتبارية للمواقع من الحقوق المحفوظة والتى يعتبر الاعتداء عليها جرماً يستحق صاحبها العقاب والتجريم، وقد أدى انتشار الشبكة وخاصة الاجتماعية بما تحمله من خصوصية اجتماعية للشخص والمواقع إلى سهولة هتك ستار الحقوق والتلاعب بها إما بالتعطيل أو التغيير أو الاستغلال السلبى لها ولمعلوماتها.
ويتم انتهاك الخصوصية من خلال عدة طرق، منها انتحال الشخصية الخاصة للأفراد أو الاعتبارية للمواقع والشركات، فلكل شخصية فردية واعتبارية حقوقها المحفوظة، وخاصة الشخصيات المهمة والمتميزة وأصحاب الرئاسات الكبرى، وكذلك الحال مع المواقع الشهيرة والمتميزة، استغلالاً للنفوذ والشهرة والثقة الاعتبارية لكثير من الشخصيات والمواقع.
ومن هنا أثار موضوع الشبكات الاجتماعية عديداً من المفاهيم والقضايا الخلافية حول أخلاقيات الشبكات الاجتماعية والجهة المنوطة بذلك إذا تم الاتفاق على مفهوم الأخلاقيات، وتم وضع أطر ومعايير حاكمة لها، وهنا يثور التساؤل حول من سيملك صلاحية التطبيق لتلك المعايير: هل لجهة منظمة أم المؤسسات السياسية أم مطورى برامج الشبكات الاجتماعية أنفسهم؟ وكيف يمكن أن نجعل كلمة المعايير مفهومة ومتاحة لجماعات مختلفة من المستخدمين ذوى اهتمامات وخلفيات ومرجعيات وتوجهات مختلفة؟ وما القوة المحركة التى تدفعهم للالتزام بها؟ وما الذى يجبرهم على الاستمرار فى الالتزام إن لم يلتزم الطرف الآخر فى المقابل؟
ونحاول فى المقال القادم الإجابة عن هذه التساؤلات.