الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

هل تردع العقوبات السعودية حزب الله؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أعلنت السعودية يوم الجمعة ١٩ فبراير ٢٠١٦ عن وقف المساعدات للبنان تقدر بنحو ٤ مليارات دولار، وهو القرار الذى جاء تعبيرًا عن الغضب السعودى تجاه السياسة الخارجية اللبنانية، وتخصص المساعدات لتسليح الجيش اللبنانى من فرنسا بمقدار ٣ مليارات دولار، إضافة إلى وقف مساعدة عسكرية أخرى تبلغ قيمتها مليار دولار مخصصة لمساعدة الأمن الداخلى اللبنانى، مع تأكيد المملكة على استمرار مؤازرتها للشعب اللبنانى الذى لا تمثل الإدارة الحالية موقفهم. 
جاء ذلك فى بيان عبر وكالة «واس» الرسمية الذى صرح مصدر مسئول بها بأن المملكة اتخذت القرارات الآتية: 
أولا: إيقاف المساعدات المقررة من المملكة لتسليح الجيش اللبنانى عن طريق الجمهورية الفرنسية، وقدرها ٣ مليارات دولار أمريكى. 
ثانيًا: إيقاف ما تبقى من مساعدة المملكة العربية السعودية المقررة بمليار دولار، لقوى الأمن الداخلى، وقد أكد الجانب السعودى أن القرارات الأخيرة جاءت «نظرًا لعدم انسجام المواقف اللبنانية مع العلاقة الأخوية بين البلدين»، كما أكدت أن «المملكة وقفت بجانب لبنان فى جميع المراحل الصعبة التى مر بها وساندته، دون تفريق بين طوائفه وفئاته، ورغم هذه المواقف المشرفة، فإن المملكة العربية السعودية تقابل بمواقف لبنانية مناهضة لها على المنابر العربية والإقليمية والدولية، فى ظل مصادرة حزب الله اللبنانى لإرادة الدولة، كما حدث ذلك فى مجلس جامعة الدول العربية، وفى منظمة التعاون الإسلامى من عدم إدانة الاعتداءات السافرة على سفارة المملكة فى طهران والقنصلية العامة فى مشهد»، ومن المعروف أن لبنان امتنع عن التصويت على قرار الإدانة فى كل من المحفلين، وقد أشارت السعودية إلي « أن تلك الاعتداءات التى تتنافى مع القوانين الدولية والأعراف الدبلوماسية حظيت بتنديد من جميع دول العالم ومن مجلس الأمن الدولى، والمنظمات الدولية الأخرى» وأكد المسئول السعودى الذى تحدث إلى وكالة الأنباء السعودية، «أن المملكة العربية السعودية تقدر المواقف التى صدرت من بعض المسئولين والشخصيات بمن فيهم دولة رئيس الوزراء تمام سلام والتى عبروا من خلالها عن موقفهم من المملكة وتضامنهم معها، وتعرب عن اعتزازها بالعلاقة التى تربط المملكة العربية السعودية بالشعب اللبنانى الشقيق وتحرص المملكة دائمًا على تقديرها وتطويرها» وقد أعربت كل من البحرين والإمارات عن تأييدهما الكامل لقرار السعودية، ودعت الإمارات فى بيان أصدرته خارجيتها ونشرته وكالة الأنباء الرسمية لبنان واللبنانيين إلى إعادته الى محيطة العربى بعيدا عن التأثيرات الإيرانية التى يتبناها حزب الله وأكدت وزارة الخارجية الإماراتية فى بيان أن «قرار المملكة العربية السعودية يأتى فى أعقاب تكرار المواقف السلبية اللبنانية تجاه الإجماع العربى بصورة واضحة ومسيئة، ومثيرة للاستياء والاستغراب، رغم التواصل مع الجهات المهنية».
وطوال الأشهر الماضية، أخذ حزب الله على عاتقه الهجوم على السعودية عن السياسة الإيرانية فى المنطقة والحروب بالوكالة من سوريا إلى اليمن، مرورًا بالعراق والخليج ولبنان، خاصة بعد إطلاق السعودية «عاصفة الحزم» وفى نفس السياق فقد تضاربت المواقف اللبنانية من عاصفة الحزم، ففى حين أكد رئيس الحكومة تمام سلام وقوف لبنان بجانب الصف العربى، خرج موقف واضح من وزير الخارجية اللبنانى حليف حزب الله جبران باسيل، حين أعلن «أن لبنان مع اعتماد الحلول السياسية السلمية للأزمات العربية، وليس مع التدخل فى الشئون الداخلية للدول العربية»، وبهذا عبر باسيل عن موقف حزب الله، بلهجة دبلوماسية رسمية، فخرج لبنان عن الإجماع العربى، ولم يوقع على البيان الصادر فى الجامعة العربية، وعقب إصدار القرار السعودى كانت ردود الأفعال متباينة على الجانب اللبنانى، فقد صدر عن رئيس الوزراء تمام سلام بيان قال فيه: «تلقينا بكثير من الأسف قرار المملكة العربية السعودية المفاجئ، القاضى بإيقاف المساعدات المخصصة لتسليح الجيش وقوى الأمن الداخلى»، واعتبر تمام «أن هذه الخطوة أولا وأخيرًا شأن سيادي تقره السعودية وفق ما تراه»، واختتم البيان «نتمنى إعادة النظر بالقرار الخاص بوقف المساعدات عن جيشنا وقواتنا الأمنية».
بينما أصدر السيد سعد الحريرى بيانًا قال فيه «تلقى اللبنانيون بمشاعر الأسف والقلق قرار المملكة العربية السعودية، بوقف المساعدات المقررة للجيش اللبنانى والقوى الأمنية، فى خطوة غير مسبوقة من المملكة ردًا على قرارات متهورة بخروج لبنان من الإجماع العربى، وتوظيف السياسة الخارجية اللبنانية فى خدمة محاور إقليمية». 
وسيظل موقف الحكومة اللبنانية فى سياستها الخارجية، مختطفًا لصالح حزب الله، استغلالًا لحالة الفراغ السياسى نتيجة لعدم التوافق بين القوى السياسية اللبنانية على انتخاب رئيس جمهورية، وبالتالى عدم القدرة على إجراء أى تغيير حكومى، نظرًا لأن الدستور ينص على أن رئيس الجمهورية هو المعنى بإجراء هذا التغيير، وقد تتوافق القوى السياسية اللبنانية على أن تصبح الحكومة الحالية، حكومة تسيير أعمال، حتى يتم التضييق على نفوذ حزب الله على السياسة الخارجية، وأخيرًا فإن الشعب اللبنانى الذى يعانى الكثير من المشاكل، هو الضحية الأولى لهذه الأوضاع.