الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الألتراس.. من ثقافة العنف إلى الإرهاب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يجب أن يستدعى الإرهابى المقتول فى حادث الغردقة الإرهابى الذى وقع مؤخرًا، وهو شابٌ عشرينى ويُدعى محمد شيكا وينتمى لألتراس زملكاوى، انتباهنا لكى نتوقف أمام ظاهرة الألتراس وارتباطها بثقافة العنف، سواء داخل الملاعب الرياضية أو خارجها. ولم يكن حادث الغردقة الأول ولن يكون الأخير؛ فقد تم ضبط بعض أعضاء إحدى روابط الألتراس وفى حوزتهم أسلحة ومتفجرات عقب فض اعتصاميْ رابعة والنهضة، كما تواترت الأنباء عن انضمام بعض أعضاء الألتراس إلى تنظيم داعش، هذا خارج الملاعب الرياضية، أما داخل الملاعب فلا يمكن أن ننسى تلك المذبحة التى راح ضحيتها ٧٤ مشجعًا من مشجعى الأهلى باستاد بورسعيد فى مباراة الأهلى أمام النادى المصرى، وكذلك ما حدث لألتراس زملكاوى عند الدخول لتشجيع ناديه فى استاد الدفاع الجوى، ولعل هذا كله هو ما يؤجل عودة الجمهور إلى الملاعب، منعًا لوقوع كوارث جديدة.
لقد شاركت روابط الألتراس فى ثورتيْ ٢٥ يناير و٣٠ يونيو، وكانت جهودها تصب فى الاتجاه العام للمصريين نحو نُظم الحكم القائمة، سواء ضد نظام مبارك أو نظام الإخوان، إلا أن الأمور خرجت عن السيطرة عندما تمكن الإخوان أثناء حكمهم من اختراق بعض روابط الألتراس وتوجيهها وجهات سياسية معينة، رغم أنها فى الأساس روابط رياضية لا علاقة لها بالسياسة، بل إن الفكرة راقت للإخوان، فكونوا «ألتراس نهضاوى» يتبع الجماعة بشكلٍ مباشر.
وقد بدأت روابط مشجعى الأندية الرياضية المصرية تنتشر مع نهاية كأس الأمم الإفريقية ٢٠٠٦ والتى أقيمت فى مصر، وتكونت هذه الروابط من رجالٍ ونساء، وشباب وفتيات، وكبار وصغار، وأخذت فكرة روابط المشجعين حيز التنفيذ من قبل مجموعات من الشباب حسب ميولهم وانتماءاتهم للأندية الرياضية المختلفة التى يشجعونها، فكل فريق له رابطته التى تقف وراءه فى الاستادات وتسانده فى المباريات، فهم يشعرون بالسعادة عندما يكونون متكاتفين فى تحدٍ شريف أثناء المباريات، فكل رابطة تتفنن فى أن تأخذ الأضواء من الأخرى من خلال التعبيرات والإيماءات والحركات والإشارات والدخلات الرائعة التى يقومون بها والتى تعبر عن الانتماء السامى للنادى الذى يحبونه، دون تجريح أحد وبعيدًا عن الألفاظ البذيئة والاعتداءات المميتة. 
والألتراس من أبناء وشباب هذا الوطن الذين كونوا مجموعة روابط هدفها الأساسى مساندة الأندية ولكن بصور مختلفة من التشجيع والتى من وجهة نظرهم أنها من أفضل طرق التشجيع وأطلقوا على أنفسهم الألتراس (ULTRAS)، وانتشروا فى جميع المحافظات وأصبح يوجد ألتراس الأهلى والإسماعيلى والمصرى والزمالك والاتحاد السكندرى. 
وكلمة ULTRAS كلمة إنجليزية بمعنى المتطرفين، وهى مشتقة من كلمة ULTRA التى تعنى شخصا متطرفا، وهؤلاء الألتراس مجموعة من الشباب من خريجى المدارس والجامعات وذوى مستوى ثقافى عالٍ ومن أصحاب المستوى الاجتماعى المرتفع فى بعض الأحيان. 
والألتراس مجموعات متطرفة تمارس جميع أنواع الشغب والتطرف من أجل هدف واحد وهو أن تجد فرقهم متميزة دائما ولا تتقبل الهزيمة وفى هذه الحالة يتحملون كل ما يوجه إليهم من اتهامات وإهانات سواء من الإعلام أو أى جهات أخرى، وتقوم هذه الجماعات بإدخال الصواريخ النارية إلى المباريات بالإضافة إلى البانجو والحشيش والحبوب المخدرة فيقومون بقذف الصواريخ وتعاطى المخدرات بجميع أنواعها. 
ويجب أن يتم منع الصواريخ والمواد المتفجرة والألعاب النارية التى يستخدمها الألتراس من قبل الجهات المعنية والمسئولة عن الحفاظ على أمن الجمهور وسلامته واللاعبين والإداريين والحكام وكل من يتواجد فى المباريات.
ومن الملاحظ أن تلك المجموعة من شباب وشابات الألتراس يتجمعون فى الاستادات ليس لتشجيع فريقهم ولكن للاعتداء على لاعبى الفريق الآخر وتحطيم الكراسى والأتوبيسات وممتلكات الغير ويقومون بالهتاف بألفاظ وعبارات نابية وبذيئة. 
إن استمرار الظواهر السلبية والسلوكيات المتطرفة التى يقوم بها الألتراس قد ترجع إلى قصور رد فعل المسئولين سواء كانوا مجلس إدارة اتحاد كرة القدم، أو إدارة النادى الرياضى المتسبب جمهوره فى هذا التطرف والشغب، أو إدارة الاستاد الرياضى المقام به المباراة، أو الأمن أو غيرهم من المسئولين غير الظاهرين بشكل واضح ولهم تأثير كبير فى تحجيم هذا السلوك وردع هؤلاء الخارجين عن السلوك الخاطئ. 
ومن الأسباب المباشرة للتعصب الرياضى الجماهير واللاعبون والحكام والإداريون ووسائل الإعلام. ومن الأمور المؤسفة التى التصقت بالمنافسات الرياضية وخاصة فى الآونة الأخيرة، ما عُرف بظاهرة العنف الرياضى لمشجعى الرياضة، فكم من إنسان فقد حياته أو أُصيب إصابة خطيرة خلال مشاهدته لإحدى المباريات الرياضية.
ولم يخل تاريخ الرياضة عبر العصور المختلفة من بعض شبهات العنف، وربما يرجع ذلك إلى أصول المنافسات الرياضية القديمة للإنسان البدائى حيث كان لا بد أن يصل الصراع إلى نهايته، حيث كانت المباراة شكلاً من أشكال المعارك وحل النزاعات بطرق شبه سلمية. ومن جانب آخر، يعتبر تعصب الجماهير من العوامل المهمة التى تؤدى إلى زيادة سرعة القابلية للاستثارة لدى اللاعبين أثناء المنافسة الرياضية، لذا فإنه من الأهمية بمكان استخدام برامج التوعية الجماهيرية كعامل مساعد فى تقليل سرعة القابلية للاستثارة.
لا بد من استيعاب الألتراس ضمن منظومة الرياضة المصرية، وإلزام روابطها بعدم الخلط بين الرياضة والسياسة، والتخلى عن العنف داخل الملاعب الرياضية وخارجها.. هل يمكننا أن نفتح صفحة جديدة مع الألتراس.. صفحة خالية من العنف والدم والإرهاب.. صفحة عنوانها التسامح وعدم الشعور بالرغبة فى الثأر والانتقام؟!.