الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

«بُشرة خير» أطلقها نواب الشعب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
خلال الخمسة أعوام الماضية، ومنذ ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ تعايش الشعب المصرى مع موجات متباينة من المشاعر، كان أبرزها هى ثقة الشعب المصرى بنفسه عندما كسر حاجز الخوف الجاثم على صدره عشرات السنين. واتسم شعور المصريين بالوحدة والتضامن خلال ١٨ يومًا بميادين التحرير فى أنحاء الجمهورية حتى تنحى مبارك عن الحكم.
وعندما انهار جهاز الأمن تضامن الشعب المصرى جنبًا إلى جنب بتشكيل اللجان الشعبية، واستطاع الشعب المصرى بوحدته وإرادته تجاوز هذه المحنة الرهيبة، ومع الإعلان الدستورى الأول فى مارس ٢٠١١ والذى واكبه حالة من الاستقطاب الحاد، والتى أطلقها تيار الإسلام السياسى، مما أسفر عن حالة من الانقسام فى صفوف الشعب المصرى، حيث أعقبها أول استحقاقات المرحلة الانتقالية الأولى بالانتخابات التشريعية، والتى تمت فى إطار الاستقطاب الدينى الحاد، أسفر عن اكتساح تيار الإسلام السياسى لمجلسى الشعب والشورى.
وبنفس المعايير والروح السابقة، تشكلت لجنة الدستور وقامت بصياغة دستور يؤسس لدولة دينية، حتى أن بعض فقرات هذا الدستور اقتربت من مفهوم ولاية الفقيه. كان انتخاب مرسى رئيسًا للجمهورية هو امتداد لحالة الاستقطاب الدينى التى عاشها الشعب المصرى، وفى محاولة تيار الإسلام السياسى السطو على مؤسسات الدولة، وتنفيذ مخطط التمكين تراجعت شعارات الثورة الحقيقية واستحقاقاتها. مارس نظام حكم الإخوان والداعمون له أبشع الممارسات من محاولة أخونة جميع مؤسسات الدولة والتلاعب بسيادة مصر على أرضها، حتى وصل بهم الأمر لدرجة خيانة هذا الوطن، والتفريط فى سيادته. لقد نجح نظام الإخوان فى إعادة الشعب المصرى للاصطفاف جنبًا إلى جنب فى مواجهة ممارسات حكم الإخوان. وأعلنت جميع مؤسسات الدولة رفضها نظام حكم الإخوان حتى جاء ٣٠ يوليو ٢٠١٣ ليؤكد الشعب المصرى للعالم أجمع على وحدته وتماسكه فى مواجهة نظام حكم رجعى. لقد استطاع الشعب المصرى إقصاء نظام الإخوان بوحدته وانحياز أجهزة الدولة للشعب المصرى، خاصة الجيش والشرطة، وجاءت المرحلة الانتقالية الثانية بمراحلها المختلفة، حيث كان هناك إجماع على الدستور، ثم انتخابات الرئاسة، أما الاستحقاق الثالث وهى الانتخابات البرلمانية، وقد أحيطت بالجدل حول قانون تنظيم الانتخابات، وتقسيم الدوائر، ومع ذلك فإن الشعب المصرى اعتبرها فرصة جديدة أن يكون هناك برلمان منتخب يسعى لتحقيق مطالب الثورة «عيش ـ حرية ـ عدالة اجتماعية ـ كرامة إنسانية»، اتضح من الجلسات الأولى لمجلس النواب أن معظم النواب فى حالة تحفز شديدة للتعبير عن مواقفهم داخل المجلس. حتى إن التكتلات التى تمت قبل الانتخابات انهارت بعد دخول الأعضاء المجلس، خاصة القائمة الأكبر وهى قائمة «دعم الدولة» أو ما يعرف بقائمة «فى حب مصر»، ونحن نؤكد أن الكثير من أعضاء القوائم كان سيخالفهم الحظ لو ترشحوا على المقاعد الفردية، ولولا القائمة لما وطأت أقدامهم مجلس النواب خاصة هؤلاء المعروفين بانتماءاتهم للحزب الوطنى. ومن البروتوكول المعتاد أن يصدق المجلس على مشاريع القوانين التى أصدرها رئيس الجمهورية باعتباره السلطة التشريعية فى ظل غياب مجلس تشريعى. وقد يكون التصديق بالرفض أو بالإيجاز أو بالموافقة. وهنا يجب أن نؤكد أن السادة المستشارين القانونيين للرئيس السيسى، جانبهم الصواب فى إصدار هذا الكم من القوانين التى من المفترض ألا تصدر إلا فى أضيق الحدود وفى حالات حرجة جدًا. وتلاحظ أن معظم القرارات كانت لصالح رجال الأعمال والمستثمرين، تحت دعوة جذب رؤوس الأموال وتوفير فرص عمل لحل أزمة البطالة، كما أن مشرعى القوانين لم يعتنوا بمبدأ المشاركة الشعبية فى صياغة القوانين، وتم تجاوز رأى الأحزاب والمنظمات والنقابات والجمعيات الأهلية والعمال والفلاحين علمًا بأن مصر تزخر بالعديد من الكوادر المهنية والقانونية لمناقشة جميع القرارات التى صدرت، وكان على رأس هذه القوانين قانون التظاهر وقانون المحاجر والمناجم وقانون الخدمة الوطنية، وقانون الهيئات الرقابية.. إلخ ونأتى إلى قانون الخدمة المدنية، والذى تم رفضه بالأغلبية من أعضاء البرلمان، ووضح تماما انحياز معظم أعضاء البرلمان إلى مطلب الشعب المصرى وفى مواجهة الحكومة. وكانت المناقشات التى جرت حول هذا القانون تتسم بالحكمة والجراءة والانحياز للشعب المصرى، وعفوًا إذا قلت إن رفض القانون بيّض وجه مجلس النواب وأصبح الشعب المصرى يثق بنوابه كحائط صد أمام حكومة لا تزال منحازة إلى رجال الأعمال والمستثمرين وكبار الموظفين. إنها حقًا بشرة خير فى هذا المجلس الذى يخشى نوابه من الرقابة الشعبية، حيث بدأت تتكون جمعيات مراقبة أعمال المجلس، ولا بأس أن تكون إحدى آليات الدولة الحديثة فى الرقابة الشعبية على النواب. إن المرحلة القادمة يجب أن تشمل تشريعات طموحة تتوافق مع حلم الشعب المصرى، وأهمها العدالة الانتقالية الناجزة، استرداد حقوق الشعب المصرى المنهوبة، معالجة آثار سياسة الخصخصة، دعم الصناعات الكبرى «صناعة الحديد والصلب ـ صناعة المنسوجات ـ صناعة المواد البتروكيماوية.. إلخ» الحفاظ على الهوية الوطنية، تفعيل مواد الدستور الخاصة بالحريات العامة وحقوق الإنسان والمواطنة، تفعيل دور الهيئات الرقابية، قوانين تحمى المصريين من فساد المحليات.
وأخيرًا الشعب المصرى يفتح ذراعيه مرحبًا بنوابه وبمرحلة جديدة، فهل سيكون النواب على مستوى المسئولية، أم نعود إلى مجلس الموافقة والتصفيق؟