السبت 01 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

وقفة قبل المُنحدر.. مع الاعتذار لأستاذنا علاء الديب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

بالفعل هي وقفة قبل المنحدر، والعنوان مقتبس من أحد كتب أستاذنا «علاء الديب»، شفاه الله وعافاه، وقفة لا بد منها، وإلا فالمنحدر، إن لم تكن الهاوية هي المصير، ما جرى في افتتاح مجلس الشعب، وتحوله إلي وقود لتهريج الفضائيات، كان أمرًا بائسًا ومُسيئًا، إن لم تكن الوقفة قبل المنحدر، كانت الدلالة الفاضحة.
كان المشهد باعثًا علي الألم أكثر من كونه مُحرضًا علي السخرية، لم أستطع أن أمنع نفسي من مقارنة صادمة، هل يليق هذا المجلس بالاستشهاد اليومي لأولادنا علي الحدود وفي الداخل؟!.. كيف يتسق البذل النبيل بلا انتظار لعائد غير حماية هذا الوطن وبين «مساخر»، حيث يطل الناس في أولى جلسات مجلسهم التشريعي، الذي عليه مراقبة الأداء التنفيذي، وهو «العين الساهرة»، لا أدري هل كان مقصودًا أن تخرج في الساعات الأولي تلك التسريبات القبيحة، من نواب عن اسموه بـ«الجلسات الناشفة» التي لا تبشرهم بأكل وفلوس؟!.. أو هل كان مقصودًا تلك العبثية في اختيار أعضاء اللجان ورؤسائها، حتى ليترأس اللجان شخصيات بعينها، وكأن الأمر تم ترتيبه بعينه وبقصد، فطوال الوقت كانت المقارنة حاضرة في ذهني بين باكورة مشاهد مجلس الشعب، الدافعة نحو الشعور بانتفاء النموذج اللائق بما تمر به البلد، وبين الباذلين أرواحهم من الشباب، الذين تتوافد علينا أسماؤهم طوال الوقت، وهل ينتمون لنفس البلد؟.. هل الظروف واحدة؟.. هل هم من نفس الماعون.
يكشف المجلس عن استمرارية لنوعيات عصرناها في مجالس سابقة، نوعيات «انتمت» بنفس درجة الحماس والانفعال، لأنظمة وكانت تفخر بكونها من أقرب الأقربين، وصرخت أمام الكاميرات، مِئات الكاميرات، وتكسبت أضعاف الأضعاف ما أعطت، هذه النوعيات بعد أن أقرت أعينها بالثروات التي لا يسألها أحد عليها، تتفرغ الآن لشعار «فيها أو أخفيها».
استقالة النائب السكندري المخضرم «كمال أحمد»، لأنه وجد نفسه في «سيرك»، وليس في مجلس نواب، هذا المُعارض الذي يُذكرنا بفصيل من النواب المُعارضين في أعتى الظروف، يقول إنه لم يرَ مثيلًا لما جرى في هذا المجلس، الذي عليه أن يتحمل المسئولية ونحن «علي الحافة»، بالتأكيد المجلس به عناصر وطنية جادة، تملك رؤية وعقلًا، وبالتأكيد أيضًا المشهد الصادم، يظلم مثل هذه العناصر، التي نجحت واستحوذت علي ثقة الناس، والشارع عبر إطلالات وتاريخ أُتيح للناس أن يلمسوه، لكن السؤال، كم تبلغ نسبة هؤلاء الذين دخلوا المجلس وأول ما بحثوا عنه مراقبة أحذية النائبات وتبادل القُبلات بين النواب؟.
كل الإشارات الآتية من هذا المجلس مُفزعة، تشير إلي أن «درك هاو» حتي الذين يتولون مهامًا إدارية أو كتابية، لا يمكن أن تكون مصادفة، أن توجه دعوة إلى أعضاء اللجان لآجل اجتماع، دعوة من خمسة أو ستة أسطر بها أكثر من اثنتي عشر خطأ إملائيًا ناهيك عن الأخطاء اللغوية، إن الدعوة التي وصلت إلي شاشات التواصل الاجتماعي، ببشاعة أخطائها، ليست أمرًا ثانويًا ولا تافهًا، لكنها جزء من دلالة الانحدار الذي لا بد من إيقافه، لا يمكن لا في مصر، ولا بلاد ما وراء الشمس، أن يستمر التدهور والسكوت عليه، حتي لا نجد من يكتب داخل مجلس الأمة، جملة سليمة.
الصدمة الكبرى في الحقيقة، كانت في الكلمة التي ألقاها السيد الدكتور سيد عبدالعال، رجل القانون، الذي يترأس مجلس الشعب الموجع، الواقع إنني استحي وأنا أكتب هذا الكلام، استحي القول إن ضعفًا ووهنًا، وخللًا، كانوا السمة الغالبة علي كلمة «قانوني مصري»، يترأس مجلسنا الموقر، فاللغة العربية هنا ليست مكملًا، ولا مجرد وسيلة، اللغة سياق وفكر، ولا أعتقد أن مشتغلًا بالقانون، يمكنه التمكن الفقهي القانوني دون تمكن لغوي، تلك بديهيات لم أكن أبدًا التخيل أنها لم تصل إلي مقعد الرئاسة في مجلس الشعب، نحن وصلنا إلي هاوية حقيقية وخلل في كل المواصفات والشفرات، إن كان هذا التهاوى هو ما يجري في واحدة من المؤسسات التي من المفترض أنها أعلي الأبنية المؤسسية، فما البال بباقي البناء.
بجملة الأوجاع المُحزنة والتي لا بد أن تنتقل إلي حيز يقاوم ويوقف الانحدار وإلا هي «الهاوية».