الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

السيسي والمستذئبون

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حضرتُ الأسبوعَ الماضى حلقةً نقاشية عقدَها قطاعُ الإسلامِ السياسى بمؤسسةِ «البوابة نيوز» بعنوانِ «الإخوانُ المسلمون بين الصراعِ علی السلطة والصراعِ علی قيادةِ التنظيم»، أدارَها المفكرُ الكبير الأستاذ السيد ياسين، وتحدثَ فيها الدكتور كمال الهلباوى المتحدثُ باسمِ الإخوان فى أوروبا سابقًا، والأستاذ أحمد بان الباحثُ فى شئونِ الحركاتِ الإسلامية، والأستاذُ طارق أبوالسعد أحدُ قياداتِ الإخوان السابقين، وهى الندوةُ التى أطلقَ فيها القيادى الإخوانى المفصول من جحيمِ الجماعة الأستاذ طارق أبوالسعد مصطلحَ «الذئابِ» على الإخوان، وتحولَهم من طبيعةِ الحِمْلانِ المسالمة إلى طبيعةِ الذئابِ المفترسة، وخاصةً إذا كان الأمرُ يتعلقُ بالصراعِ على السلطةِ سواءَ داخلَ الجماعةِ أو خارجَها.
والذئبُ مخلوقٌ مكروه ارتبطَ اسمُه بالغدرِ، والخُبْثِ، والمكرِ، والشراسة، وكلنا عرفنا منذ طفولتِنا قصةَ «ليلى والذئب» وأثرت فينا كثيرًا، وصرنا نربطُها دائمًا بكُرْهِنا للذئب، إضافةً لقصصٍ كثيرة عن «الراعى والذئب» و«الخرفان الثلاثة والذئب»، وغيرها من تلك القصصِ الشهيرة عن مكرٍ وخُبْثِ الذئب، ناهيكَ عن الفيلمِ الشهير «الرجلِ الذئب أو المستذئب» الذى يتحولُ فيه إنسانٌ إلى وحشٍ مخيفٍ ذئبى كلما ظهرَ بدرُ منتصفِ الشهرِ القمرى.
تُرى مَنْ عقرَ حِملانَ الإخوان ليتحولوا إلى تلك الذئابِ الشرسة التى نطالعُها فى عَتْمَةِ الليلِ الأسود، الذى يجعلنا نشتاقُ إلى طلوعِ النهار؟ تُرى مَنْ الذى طورَ الطبائعَ الذئبيَة لأعضاءِ الجماعةِ، حتى يخرجوا علينا حالَ اكتمالِ القمرِ بدرًا أو حتى فى حالِ عدمِ اكتمالِه؟ هل كان «حسن البنا» هو الذئبُ الذى عقرَ عبدالرحمن السند، وأعضاءَ النظامِ الخاصِ للجماعة، فحولَهم إلى ذئابٍ تنهشُ من يقفُ فى طريقِ الجماعة؟ وهل كان سيد قطب هو الذئبُ الثانى الذى عقرَ رفاقَه من الجماعة ليصيروا أكثرَ ذئبيةً وعنفًا وشراسة؟
بيْد أن أكبرَ حالةٍ من الاستذئاب أصابت حِمْلانَ الجماعة، هى التى تلت أكبرَ عمليةِ عقر لقطبيى الجماعة «نسبةً إلى سيد قطب» لأعضائِها من صِغَارِ الحِمْلانِ، وذلك أثناءَ اعتصاميْ رابعة والنهضة، حيث لم تصدق الذئابُ المسعورة أنهم خارجَ السُلطة، التى اعتقدوا أنها دانت لهم لبضعِ مئاتٍ من السنين، فإذا بها تُنْتَزعُ منهم بعدَ عامٍ واحد، هو ما أدى إلى أكبرِ حالةٍ من الاستذئابِ فى تاريخِ الجماعة، تحولَ فيها الحِمْلانُ كبارُهم وصغارُهم إلى ذئابٍ شرسة ووحشية، تسيرُ فى طُرِقَاتِ الوطنِ، وحواريه وجبالِه، وسهولِه، ومناطقِه المزدحمة، وفيافيه، ولعلَ هذا ما يفسرُ انتشارَ الإرهابِ الأسود فى ربوعِ الوطن، ويفسرُ إراقةَ كلِ هذا الكم من الدماء وخاصةً فى صفوفِ أبناءِ الوطن من الجيشِ والشرطة، فالمستذئبون من الإخوان لديهم حساسيةُ مفرطة من البدلة الميرى لأنها تمثلُ لديهم رمزَ السُلطة التى يريدون أن يُسْقِطُوها حتى ينقضوا عليها تارةً أخرى.
ومَنْ يَرْقُبُ الأوضاعَ قبيلَ الذكرى الخامسة لثورةِ ٢٥ يناير المجيدة، وتحديدًا منذ أواخرِ أكتوبر الماضى يلحظُ أن المستذئبين من الجماعة قد تلقوا الأوامرَ لعَقْرِ كلِ من له مشكلةٌ مع النظامِ الحالى.. ظهرَ ذلك جليًا من خلال تدشينِ شبابِ الجماعة عدةَ صفحاتٍ على مواقعِ التواصلِ الاجتماعى من بينها: «٢٥ يناير ٢٠١٦.. هنسقط الاستبداد»، «٢٥ يناير ٢٠١٦.. ثورة تانية»، «٢٥ يناير ٢٠١٦.. ثورة الغلابة»، «٢٥ يناير ٢٠١٦.. ثورة الفقراء».. وغيرها، وتداعبُ هذه الصفحات بلا شك فئةَ الشباب التى ما زالت الدولةُ فى جفوةٍ ظاهرةٍ معها، ولم تشق سبيلًا لتجسيرِ الفجوة وتحجيمِ الجفوة، ولا شكَ أن محاولةَ تداركِ ذلك قبلَ شهرٍ واحد أو أقل من ذكرى الثورة لم تكن خطوة موفقة على الإطلاق، لأن ذلك قد يؤدى إلى نتيجة عكسية، أو هو قد أدى إلى هذه النتيجة فعلًا.
ويحاولُ ذئابُ الإخوان عَقْرَ أساتذةِ الجامعات لكى يثوروا على اقتطاعِ نسبةٍ من مرتباتِهم بإشاعةِ أن الرئيسَ مرسى هو من رفعَ مرتباتِهم، ليأتى الرئيسُ السيسى ويقتطعُ جزءًا كبيرًا منها، علاوةً على تجميدِ الزيادةِ السنوية فى المرتبات لكى يأكلَها التضخمُ مع مرورِ السنين، ويحاولُ ذئابُ طلابِ الإخوان عَقْرَ زملائِهم من طلابِ الجامعات، لكى يثوروا على الدولةِ، بعد أن قامَ وزيرُ التعليمِ العالى فى خُطْوَةٍ غيرَ محسوبة بإلغاءِ نتيجةِ انتخاباتِ الاتحاداتِ الطلابية، ليدللوا على استبدادِ النظامِ وعدمِ ديمقراطيته، لأن الانتخاباتِ الطلابية، لم تأتِ بطلابٍ يهللون للوزيرِ وسياساتِه، أضف إلى ذلك ممارساتُ بعضِ أفرادِ وضباطِ الشرطة، وارتفاعِ الأسعار، وموجةِ الغلاءِ التى يعانى منها البسطاء.
إن كلَ هؤلاءِ المستذئبين من الإخوان وممن عَقَرَهم الإخوان فى الآونةِ الأخيرة مستغلين فى ذلك بعضَ أوجهِ الخللِ فى إدارةِ بعضِ الملفات، يستهدفون الرئيسَ السيسى فى المقامِ الأولِ والأخير، وهم يعلمون جيدًا أن الرئيسَ هو رمزُ هذا النظام وجوهرُه، وإذا غابَ عن الصورة ـ لا قدر الله ـ فلا دولة ولا نظام.. بل هى الفوضى التى يريدُونها، لكى يبنوا على أنقاضِها حُطَامَ دولتِهم المتلهفةِ للانتقامِ من المصريين، الذين ثاروا ضِدَهم فى ٣٠ يونيو.
سيدى الرئيس: أنت فى خِضَمِ معركةٍ فارقة فى توقيتٍ فارق.. وأنت كقائدٍ عسكرى لا يصح حتى أن تُفَكِرَ فى الانسحابِ من المشهد.. فهذا هو ما يريدُه أعداءُ هذا الوطن، ليتحققَ لهم ما أرادوا.
سيدى الرئيس: لا تخش الذئابَ، وإذا كانت الذئابُ من طبيعتِها المكر.. فاللهُ أشدُ مكرًا وأشدُ تنكيلاً.