الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

حزب "النور" يخوض معركته الدينية المقدسة والأخيرة..!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الظاهرةُ اللافتة فى الدعاية الانتخابية لبرلمان 2015 هى خلطُ الدينِ بالسياسة التى سيطرت على المشهدِ السياسى المصرى عَقِبَ ثورة 25 يناير، بعد تَشَكُلِ عددٍ من الأحزاب الدينية وتَصَدُرُها للعمل السياسى المصرى؛ هذه الظاهرة لم تَغِبْ عن الانتخابات البرلمانية الحالية، بل تجسدت الظاهرة فى جلاءٍ ووضوح فى عديدٍ من الدوائر، وكأن الشعبَ المصرى لم يَقُمْ بثورةٍ على الإخوان وحكمِهم الذى كاد يُسْلِمَ مصرَ لدولةٍ دينية يحكمُها مكتبُ الإرشاد.
ونجحت جماعةُ الإخوان فى أن يُصَدِروا «حزبَ النور» للفتاوى الغريبة على الشارع المصرى، والتى جعلت الشارعَ المصرى المسلمين منهم قبل المسيحيين يخافونَ من هذه الفتاوى التى تُدَمِرُ الهويةَ المصرية مع شركائِهم فى الوطن كالمسيحيين بعدم السلام عليهم أو المعايدة عليهم، بل تطرقوا إلى ما هو أبعدُ من ذلك حيث ذهبوا بفتاواهم إلى تدميرِ وهدمِ الحضارةِ المصرية، حيث قالوا إن الحضارةَ المصرية عفنة، ولا بُدَ من تغطية جميع التماثيل وعدم الاعترافِ بحضارةِ مِصْرَ وتاريخِها، وهذا كافٍ لأن يَحْسِمَ الشعبُ الانتخابات فى صالحِ القوى المدنية.
ومع بدايةِ الجولة الأولى من المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية، يواجهُ «حزبُ النور» الذِراعُ السياسية للدعوة السلفية أولَ اختبار لشعبيته، بعدَ الدور الذى لعبه فى الإطاحة بحكم جماعة الإخوان. وعلي الرغمِ من أن الفرصةَ أصبحت مُواتية لحزبِ النور لتمثيلِ التيار الإسلامى، بعدَ حظرِ «حزب الحرية والعدالة» الجناحِ السياسى لجماعةِ الإخوان، وتصنيفِه كتنظيمٍ إرهابى، فقد أصبحَ الأملُ الكبير لدى الدعوة السلفية هو أن تبقى موجودة فى المشهدِ السياسى دونَ الدخولِ فى صِداماتٍ قد تؤدى إلى إقصائها أيضًا.
ويقول الخبراء فى شئونِ الحركاتِ الإسلامية يبدو جيدًا أن السلفيين استوعبوا درسَ الإخوان ولا يريدون أن يحصلوا على نسبةٍ كبيرة حتى لا تظنُ الحكومة أنهم ينافسونها، فيتمُ القضاءُ عليهم بالضربةِ القاصمة ويتكرر معهم سيناريو جماعة الإخوان نفسه، ولذلك فهم راضون بهامشِ الحرية المتواضع، وأكدَوا أن «حزبَ النور» لن يكونَ بديلاً للإخوان لأن الجماعة بمثابة تنظيم، وقدرتُها المالية وحشدُها الشعبى أكبرُ بكثير، فضلاً عن أن دورَ المرأة فى جمعِ الأصوات عندَ الإخوان كان كبيرًا، بخلافِ المرأة فى الدعوة السلفية، حيثُ إنها مُنغلقة على نفسِها وعلى بيتِها.
ويرى الخبراءُ فى الحركاتِ الدينية أن وراثةَ السلفيين للإخوان تكاد تكونُ مستحيلة بسبب غياب التناغم بين مكوناتِ الدعوة السلفية وتنوعها بدرجةٍ تصلُ إلى التضاد، وهذا تسببَ فى غيابِ أيةِ إمكانية لأن يكونَ هناكَ ترك منتظم للجسدِ السلفى بحيث يكون له قوة تأثير وتغيير فعلى».
ومنذُ إعلانِ عزل الرئيس محمد مرسى فى الثالث من يوليو ٢٠١٣، خلالَ مشهدِ الخطاب الذى ألقاهُ الرئيسُ الحالى عبد الفتاح السيسى وزير الدفاع وقتها، بحضورِ أمينِ عام «حزبِ النور»، بلغَ التوتّر بين الدعوةِ السلفية وغيرِها من التياراتِ الإسلامية، خصوصًا مع الإخوان، مستوى العداءِ الصريح.
ولم يشفع لحزبِ النور دوره فى الإطاحة بحكمِ الإخوان، ومشاركتِه فى حملاتِ التأييدِ لدستور ٢٠١٤ أو دعمِه للمشير السيسى فى الانتخابات الرئاسية، حيث إنه يواجهُ منذ فترة حملةَ تشويه من قبل قوى سياسية مختلفة ومن طرفِ وسائل الإعلام، وازدادت وتيرةُ هذه الحملة مع اقترابِ موعد الانتخابات البرلمانية.
ويعتبرُ البعض أن الحملةَ ضِدَ السلفيين قد تؤثر سلبًا على شعبيةِ الحزب لأنها حملةٌ منظمة ومدفوعة من قوى الحزب الوطنى القديم التى تريدُ أن تستأثرَ بالبرلمان ومن القوى الليبرالية الأخرى التى ترى أن «حزبَ النور» هو الوحيدُ الذى يستطيعُ أن يحشدَ ١٠ آلاف شخص فى مؤتمرٍ واحد، فى حين يصفُ شعبان عبد العليم عضو المجلس الرئاسى لحزبِ النور الحملةَ بأنها «حملةٌ عنصرية تهدفُ لتكسيرِ عِظَامِ الحزب»، لكنه يرى أنها بلا تأثير على أرضِ الواقع «لأن الشعبَ مَلَ من أصحابِها».
وفى ظِلِ المَعْرَكَةِ بين السلفيين والقوى السياسية الليبرالية والعَلمانية فى مِصر، يرى المحللون أن «الدولةَ وحزبَ النور فى الوقت الراهن فى هُدنة قد تكون قصيرة أو طويلة، حسبَ مواقفِ الحزبِ المستقبلية؛ فإذا استمرت مواقفُ «حزبِ النور» فى إطارِ دعمِ الدولة المصرية فإن مدةَ بقاءِ شرعيتِه ستطول والعكس صحيح»، ويؤكد هؤلاء المحللون أنه ليس من مصلحةِ الدولة فى هذه المرحلة الدخول فى صِداماتٍ جديدة مع فصيلٍ آخر من التيار الإسلامى فى ظل معركةٍ ما زالت مستعرةً مع جماعة الإخوان.
وفى إطارِ توظيفِه للخطابِ الدينى، وفى إطارِ العلاقة الوثيقة بين السلفيين والمملكة العربية السعودية، كثّفَ «حزبُ النور» من استعداداته لخوضِ المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب، واستعانَ بعددٍ من فتاوى دُعَاةٍ سعوديين وسلفيين، تؤكدُ ضرورةَ المشاركة فى الانتخابات، واختيارَ مرشحى الحزب، وهو ما اعتبرَهُ خبراءٌ استغلالاً للدينِ فى السياسة.
خلاصةُ القول، إن الإسلاميين وعلى رأسِهم سلفيو «حزبِ النور» قد حولوا الانتخاباتِ البرلمانية إلى معركةٍ دينيةٍ مقدسة، يبغون من ورائها مواجهةَ الليبراليين والعلمانيين والحفاظَ على الشريعة، وهو ما ينفى المنافسةَ الشريفة والنزيهة فى هذه الانتخابات، لأن استخدامَ سلاحِ الدين وإشهارِه فى وجهِ الآخرين فى الطريقِ إلى برلمان ٢٠١٥ لم يتغير كثيرًا عما حدثَ فى برلمانِ ٢٠١١، وهو ما أنتجَ البرلمانَ الكارثة الذى انفجرَ فى وجوهِ المصريين.
ومَن ينظرُ للنتائجِ الأولية يَخْلُصُ إلى أن الصناديقَ قالت «لا» لحزبِ النور، لذا فإننى أعتقدُ أن «حزبَ النور» يخوضُ معركتَهُ الدينية المقدسة.. والأخيرة..!.