الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

حكايات الحياة والموت على أطلال ورش الأنفوشي

"البوابة" كانت هناك قبل احتراقها بيومين

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا يحمل الطريق أي إشارة، يستدل بها القادم إلى ورشهم المتراصة على امتداد شاطئ الأنفوشى، إلا من شكلها المميز في التصميم، والرسومات الملونة على واجهاتها، والمصبوغة بألوان مبهجة تحمل نسيم البحر.. أشكال هندسية من هياكل لمراكب وسفن صغيرة، ما زالت تحت الإنشاء، يقبع بداخلها عمال مهرة، لا يخطئون قيد أنملة في تصاميمهم التي حفظوها ظهرًا عن قلب، بعد خبرة من السنوات الطويلة.. ينكسر ضوء الشمس المنعكس على صفحة المياه، فوق ظهورهم المنحنية لتقطيع ألحية الخشب الخام، وتحويلها لألواح خشبية رفيعة، بعد أن سوّت الشمس وجوههم وحمّصتها.. وعلى رمال الشاطئ تتأرجح المراكب في خفة، بعد أن اكتسبت الوجه الأخير من دهانها، في انتظار زبون جديد يشتريها.
«حطام متفحم تساوى بالأرض».. هكذا تحوّل الحال بين ليلة وضحاها، فلم يدر بخلد نجارى ورش الأنفوشى، بحى الجمرك بالإسكندرية، أنهم سيستيقظون على خراب بيوتهم وضياع أرزاقهم، فقبل يومين من احتراق «تعبهم وشقاهم»، كانوا يشكون حالهم لـ«البوابة»، ويناشدون وزارة الصناعة، أن توليهم اهتمامها، وتدعم صناعتهم الفريدة التي لا يتقنها إلا قلة منهم، توارثوها جيلًا بعد جيل.


في حب البحر.. بنينا المراكب
منذ أكثر من خمسين عاما، اعتاد أن يحمل لحاء أخشاب الكافور والسنط، بعد أن يجلبه والده من محافظة البحيرة، ليجعلها أكوامًا متراصة، ستكون بعد ذلك مراكب صغيرة، تجلب الرزق والمتعة لأصحابها..
مسعود محمد، صاحب ورشة لصناعة السفن والمراكب، أبصرت عيناه الحياة فوجد نفسه نجارًا، رغم أنه عمل لبعض الوقت في مجال الخياطة بسبب ركود الحال، لكن عشقه لتصميم المراكب غلبه، يحكي: لو كانت الدنيا لفت بيا ورجعت صغير، كنت هشتغل في المهنة دى، رغم إنى اشتغلت ترزى بسبب قلة الشغل في المراكب، لكن حبى ليها غلبنى، واتعلمت من أخويا النجارة، وأول مركب عملته كان سنى ٢٣ سنة، كانت «دنجل» صغير (قارب).


«مسعود» اختار احتراف مهنة صعبة ومكلفة، لا يتقنها إلا قلة ممن ورثوها عن أجدادهم، ومع مرور الوقت أصيب الاقتصاد بحالة من الكساد، انعكست سلبًا على سوق صناعة السفن، فضلًا عن وجود حركة استيراد وتصدير لما تنتجه الورش، يوضح: «للأسف مفيش إقبال عليها وبقت راكدة وبالطلب، لأنها صناعة مكلفة، ومحتاجة فلوس كتير»، ويضيف: «أسعار المراكب بتكون على حسب حجمها، بتبتدى من ٤٠٠٠ جنيه لمراكب الصيد الصغيرة، وبتوصل لـ٣ ملايين جنيه لليخوت والمراكب السياحية الكبيرة».
استطاع «مسعود» بخبرته الطويلة، أن يضيف ويطور في أشكال سفنه، فضلًا عن قدرته على تصميم ووضع المقاسات دون الرجوع إلى «ماكيت» مصغر يستعين به في مخرجه النهائي: «بعمل ماكيت من دماغى وبنرسمه بطريقة هندسية على ألواح خشب، ونحدد طوله وعرضه وارتفاعه، وبعد كده نعمل فورمات يتعمل منها الشكل النهائى للسفينة».
وحول صناعة السفن، يقول: «السفن عبارة عن ألواح خشب بالطول والعرض، وبنرسم المقدمة والمؤخرة ونعمل (عيَّر) ومقاسات العيدان، وبعد ما نرسمها نعملها فُرمة، ونعمل بعدها المركب من خشب الشجر، وندهنه بالبويات العادية لكن إحنا بنعمل في الطبقة الخارجية حاجه اسمها (قلفطة) بين الخشب وهو عبارة عن نوع قطن معين لعزل تسرب المياه نهائي».
ويتابع: «اليخت ساعات بيكون في العادى من غرفة لـ٨ غرف غير غرفة المحركات والمولدات، والصالون، والقيادة، واللى بيغلّى سعر اليخت هو الماكينات بتاعته، لأنها بتدخلّها في ٤٠٠ ألف جنيه على أقل تقدير، وبنعمل صيانة على الأقل كل ٦ أشهر على المركب وبنشيك على المكن والخشب وندهنه تانى ونعمله صيانة عامة».


وأضاف: «فن صناعة السفن مهدد بالانقراض، فالعاملون فيها يتوارثونها بعضهم، لكن الأجيال الجديدة منهم اتجهوا نحو مجالات أخرى، خاصة في ظل عدم وجود أي مؤسسة تتبنى تعليم الصناعة للحفاظ على هويتها»
و يشرح صلاح مسعود - نجار: «في مدارس صناعية بتعلم مهنة بناء السفن لكن مش بالجودة المطلوبة، وكمان مفيش شباب عاوزين يتعلموا، وكان زمان بيبعتولنا طلبة، لكن بطلوا يعملوا كده من نحو ١٢ سنة، والمفروض المدرسة يكون فيها مدرس من المهنة نفسها لكن مفيش الكلام ده دلوقتي».
يستنكر «صلاح» عدم اهتمام الدولة بالصناعة، وعدم تنمية العاملين فيها، وهو الأمر الذي يوقف سوقها، خاصة في ظل حالة الركود وعدم وجود استيراد أو تصدير: «إحنا لو صدرنا هنشتغل كويس لكن عدم وجود ورش نموذجية وإنترنت وتسويق خلى الحكاية مستحيلة، إحنا محتاجين تنمية عشان الصناعة دى تنهض زى زمان وترجع لسابق عهدها»، ويضيف: «البلد نايمة ومفيش شغل، والاقتصاد بيقع، إحنا كل اللى محتاجينه إن الحكومة تاخد بالها مننا شوية، وتنمى المنطقة لأنها في الأول والآخر مزار سياحى، ولو البلد كويسة واقتصادها تمام إحنا بنعلى معاها، لكن لو العكس بنقع زيها».
«صلاح» كان يتحدث عن مخاطر مهنته، لكنه لم يكن يدرك أن مخاوفه ستتحقق بعد حديثه لـ«البوابة» بيومين: «من أكتر الحوادث اللى شفناها هي احتراق ورش السفن، وطبعًا بتبقى الخساير كتيرة لو ما تلحقتش، وطبعًا بما أن المكان مش متأمن، ولا في غفر سواحل بتمر، فالشباب ممكن يرموا سجائر أو يحصل ماس كهرباء، ويمسك في الخشب ويولع».
رغم احترافه لصناعة المراكب والسفن، اتخذها هواية يتربح منها، بعد حصوله على شهادة الحقوق التي لم تشفع له، ليفتح مكتبًا يستقبل فيه الموكلون ليجلب لهم حقوقهم.. عمارة محمد، ٣٣ سنة، من محافظة البحيرة: «أنا بشتغل من لما كان عندى ٥ سنين، وحبيت أتعلم حرفة السفن دى، لأنى بحب البحر».
يقول: «حبى لمهنة صناعة السفن خلانى أجمع بين المهنتين وأتفوق فيهم، وكمان في ناس كتير أوى تتمنى إنهم يعملوا زيى عشان يزودوا دخلهم بعد حالة الكساد الأخيرة اللى لحقت بالمجال»، ويضيف: «كل شغلانة وليها ميزتها وعيبها، لأن برده الشغل في المكاتب مش بيأكل عيش، لكن العمل الحر هو اللى بيبقى في الآخر، وبعدين للأسف صناعة السفن واليخوت ماعدش عليها طلب زى الأول، ومن أيام الثورة وتردى الأوضاع الاقتصادية والسياحية ومحدش بقى معاه يعمل مركب بالشيء الفلانى، ولا يعمل مركب سياحى، حتى مراكب الصيد قليل أوى لما تلاقى حد بيطلبه، الدنيا بتروح من بين إيدينا ومحدش واخد باله، وبرده حكومتنا هتفوق بعد فوات الأوان لما يلاقوا المهنة اندثرت».
يأتى يوميًا من رشيد إلى الإسكندرية صباحًا، فإن لم يكن للعمل فيكون للاستمتاع بمنظر البحر، «أنا مقدرش أبعد يوم عن المكان ده، لأنى يعتبر اتولدت فيه، ولازم أشتغل برده كل يوم ولو ساعة لأن مهنة المحاماة بصرف عليها من جيبي».
ما لبث «عمارة» وأن بلغ سن الخامسة عشرة، حتى استطاع تصميم وبناء أول مركب حمل بصمته من الألف للياء، يحكى متفاخرا: «أنا من سن ١٥ وأنا معلم وعملت أول مركب صيد، والمهنة دى بتجرى في دمنا، ومنقدرش نستغنى عنها وبنحاول نوصل للمسئولين عشان نرتقى بالمهنة ويحصلها حالة انتعاش من جديد، ونرجع لسابق عهدنا، ونفسنا أن يكون للمهنة إقبال من الدارسين عشان يتعلموها».
وأردف قائلا: «الصناعة زمان كانت بتنشط أكتر في الصيف عن الشتاء، لكن دلوقتى لا صيف ولا شتاء، كله واحد والدنيا نايمة، يعنى أنا مثلا كل سنة لما بعمل مركب واحد مثلا بـ٦٠ ألف نجارة ومصنعية بس، غير زمان كنت بعمل بالأربعة مراكب في وقت واحد».



«كونة».. مملكة من خراب
يرتدى نظارته السميكة، ويعكف على قطعة خشبية كبيرة، يضع عليها المقاسات المطلوبة.. يفصله عن تركيزه، ارتشافه لكوب ساخن من الشاى، أعده «لزوم المخمخة».. خليل كونَّة صاحب ورشة، ٦٨ عاما، دخل إلى مجال صناعة السفن متأخرًا، بعد أن ورث ورشة والده، الذي كان يعمل صيادًا إضافة إلى تصنيع المراكب، والتي أوصاه بألا يغلقها، يقول: «بشتغل في الورشة من ١٣ سنة، واتجوزت وخلفت بنتين، دخلتهم كليات الآداب والحقوق، والحمد لله مخلفتش ولد، يورث الهم دا، لأن كده كده الصنعة هتنقرض، ومبقاش حد بيعلم حد، كل حاجة غُلب وقرف ومحدش فاضى، لحد ما المهنة اللى بتأكلنا اللقمة هتروح من بين أيدينا».
وعن سنوات عمله، يحكى «كونَّة»: «عملت سفن ويخوت كتير، لكن آخر ٧ سنين كان زى الزفت وماكنش في دخل تانى غير المعاش»، ويتابع: «الفترة اللى فاتت العمال بقوا بيمشوا، وساعات إحنا بنسرح العمال عشان مفيش شغل كويس نشتغله، واليومية مابتكفيش».
تركه لحرفته، يتساوى مع الموت.. هكذا هي حال «خليل»، الذي لم يدفعه وقف الحال، إلى إغلاق ورشته أو بيعها: «أنا عمرى ما هقفل ورشتى عشان حاجة أبدا، حتى لو الصنعة دى ماتت، هموت في مكاني»، ويتابع: «رغم المشاكل والمخاطر اللى في شغلتنا، إلا إنى عامل زى السمك اللى لا يمكن يعيش بره المية». «خليل» مشفق على حاله وزملائه من الإهمال الذي ضرب منطقة الورش في الأنفوشى، وتحولت مع الوقت لمقلب للقمامة: «أول ما بدءوا يصنعوا يخوت وسفن كان من الأنفوشى مش من مكان تانى، والإهمال بقى محاوطنا من كل ناحية، والشباب ييجوا يرموا زبالة هنا، ويناموا في اليخوت ويعملوا بلاوى ومفيش لا غفر ولا حد يحرس المكان، حتى مستخسرين ينضفوا الواجهة اللى على الشارع، اللى قصادها قصر رأس التين ودة مزار سياحي».
أمام ورشة «المعلم كونَّة» اعتلى إبراهيم ألمظ، الذي تجاوز العقد السادس من عمره، سطح سفينة متوسطة الحجم، ما زالت تحت البناء، يحمل بيده اليمنى علبة دهان حمراء، وباليسرى فرشاة يطلى بها الأخشاب بعد أن أخذت وجه «المعجون» الأبيض.. يتحرك بخفة بين الألواح الخشبية المتفاوتة المسافات، من الداخل والخارج، يحكي: «أنا بشتغل من وأنا عندى ١٥ سنة مع أبويا».. «ألمظ» يرفض أن يمتهن أبناؤه صناعة المراكب الخشبية، لأنه يعلم مدى مشقات العمل بها، وسوء الأحوال التي أصابتها منذ أكثر من عشرين عاما: «عيالى كلهم متعلمين ومش عاوزهم يتعلموها عشان عاوزهم يبعدوا عن البحر، عاوزهم ما يتعبوش زيي».



سر «يخوت» حرس الحدود
زبائنهم من كبار الدولة والأثرياء، وتخصصهم صناعة اليخوت والسفن السياحية، مقرهم جنبًا إلى جنب قوات حرس الحدود والقوات البحرية بالإسكندرية.. تعامل معهم جميع الوزراء والفنانين.. لا يخافون سيطرة الضالين على سفنهم، ولا اتخاذ يخوتهم مقرًا للخارجين على القانون يعبثون به كيفما شاءوا، فالأسوار محاطة بورشهم بإحكام، وعليها حراسات مسلحة بعناية على البوابات المؤدية للمصنع، ولكن منذ أكثر من ٤ سنوات، ركدت المهنة «مفيش حد دلوقتى ممكن يضحى بـ٣ ملايين جنيه، عشان يخت يتفسح بيه كام يوم في عرض البحر»، حسبما قالوا.
ناصر خلف الله، يعمل نجارًا لليخوت البحرية في إحدى الشركات الكبرى، منذ أكثر من ربع قرن، واعتاد على العمل في المراكب البحرية الفخمة، وبعد أن بلغ العقد السادس من عمره، أصبح له باع وصيت في المجال، وتحولت خبرته من نجار إلى مشرف: «من صغرى وأنا بشتغل جوه المراكب والسفن، ولكن صناعة اليخوت بيفرق كتير عن تصميم القوارب، لأن تصميمها فارغ مفيهوش حاجة، وممكن ماكينة صغيرة تمشيه، لكن اليخوت غير كده نهائى ومحتاجة خبرة وتركيز أكتر، وأنواع معينة من الأخشاب والماكينات اللى أغلبها ضخمة وبتكون مكلفة أكتر من ماكينات القوارب والمراكب».
يخوت متناثرة على امتداد الشاطئ، بأحجام وتصميمات مختلفة، في مشهد ربانى بديع، يتهيأ صانعو اليخوت للعمل في هدوء وسكينة وسرعة غير معتادة: «أهم حاجة الراحة النفسية لكل واحد بيشتغل على يخت عشان يقدر يبدع فيه ويطلع فيه موهبته وخبرته، وإحنا بنهتم جدًا بالموضوع ده لأن العملاء بتوعنا من كبار الناس في البلد، والغلطة في الحاجات دى بفورة وبتكلف كتير أوى، وإحنا معندناش مجال للغلط في وضع مسمار بطريقة غلط في اليخت».



صغير السن.. لكن «حمَّال قسية»
حب المهنة لا يفرق بين كبير وصغير، فقد شغف إسلام صابر، ١٧ سنة، بها، وقرر أن يكمل تعليمه، ليحصل على الشهادة، لكنه لن يبتعد عن مهنة أجداده.
يجلس ساعات طويلة، يرقب عن كثب تحركات والده، ويستمع إلى تعليماته وإرشادته، يسأل طوال الوقت فيما لا يعرف، ليكتسب منها صفات الرجال، يقول: «بشتغل مع بابا من سن ٧ سنين وعلمنى حاجات كتير وبساعده في كل حاجة»، ويتابع: «بشتغل في الإجازة، ولما أخلص دراستى هشتغل هنا، لأنى حاببها، وكل حاجة فيها حلوة وممتعة، وبتحمل كل الصعوبات، لأنى اتعلمت من البحر الصبر، واتعلمت من أبويا النجارة والسباكة والكهرباء والميكانيكا».


المهندس بحار «الميكانيكا عشق»
يجوب البحر ليل نهار، بحثًا عن لقمة العيش.. عشقه للإبحار، جعله يدرس هندسة الميكانيكا الخاصة بالسفن، فعمل مساعد مهندس على السفن التجارية.. حسن إبراهيم تجاوز منتصف عقده الرابع، متزوج ولديه من الأبناء اثنان، أجبرته مرارة لقمة العيش وضيق ذات اليد، خاصة بعد ركود المهنة، ألا يقتصر عمله على صيانة المحركات والتبريد والكهرباء وسط الشطآن، بل امتدت في أحيان أخرى للصيد أيضًا.
«صنعتى واحدة مبعرفش أبنى سفن لكن بصلح وأعمل محركاتها والميكانيكا بتاعتها»، هكذا بدأ «حسن» الحديث عن مهنته: «الغلطة عندنا بفورة، ولازم وأنا بعمل المحركات، أضمن للزبون أنها مش هتتعطل لفترة طويلة، خاصة قبل الرحلات البحرية الطويلة، ولازم يتعملها صيانة كل ٦ أشهر على الأقل، عشان لو في حاجة ممكن تتلف نكون على علم بيها ونشوف لها قطع غيار في الحال».
للبحر مواقف كثيرة مع «حسن»، ولا يعتبرها مغامرة على الإطلاق، فلقد نجا من الموت مرارًا بأعجوبة بسبب أخطاء عشوائية غير مقصودة، ولكن خبرته ساعدته في أن يتفاداها وينقذ حياة الركاب، يوضح «حسن» قائلًا: «أكتر موقف تعرضت له ولا يمكن إنى أنساه، كان على مركب تجارى، والعمود الرفاص اللى بيحرك المركب وبيديله دفعة اتكسر في وسط البحر وكنا خارج السيطرة، وساعتها كنا في مرسي مطروح وقعدنا ٧ ساعات بنصلح فيه، بحيث إن المركب ميتعطلش في عرض البحر، وكنا ساعتها فاقدين الإشارة ومشينا بيها بالعافية، لحد ما لقطنا إشارة وبعتنا رسالة استغاثة لخفر السواحل وأنقذونا ووصلونا للبر». يتشارك «حسن» في المعاناة التي طالت الجميع في مهنة صناعة السفن، وذهب ليصنع لحاله مركبًا صغيرا للصيد: «أنا عارف إن الحكومة منعت التراخيص ومش بترخص المراكب، لكن كان إلزام عليا إنى أتصرف لأنى عندى أطفال لازم أربيهم وأدخلهم مدارس محترمة، ولو اعتمدت على المراكب التجارية يبقى كده الرحلات اللى بطلعها مش هتكفى مرتب عامل صغير شهر».