السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

لأول مرة.. أسرار من الأوراق الخاصة لـ"أمن الدولة"

انفراد يكشف جانبًا من التاريخ الذى لا يعرفه أحد

أبوالفتوح  ...  الشاطر
أبوالفتوح ... الشاطر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«أبوالفتوح» قال لـ«الشاطر» بعد «25 يناير»: حل الجهاز أهم من تنحى «مبارك»
عبود الزمر ألقى محاضرة للضباط باعتباره شخصية عامة.. ودعوة «حمزاوى» و«العوا» لـ«ندوات تثقيفية» فى مقر «أمن الدولة»

يجب التوقف كثيرا أمام الحادث الإرهابى الأخير الذى استهدف مبنى الأمن الوطنى بشبرا الخيمة، فالعبرة فى تحليل الحادث تتجاوز حصر التلفيات، وحجم الدمار الذى لحق بالمبنى ومحيطه أو تحديد مدى القصور الأمنى والقياس عليه للتدليل على فشل أو نجاح العملية.
ما بين أهداف تكتيكية لمنفذى العملية فى توقيتها الذى جاء تاليًا لصدور قانون الإرهاب لاختبار مدى جدية الدولة وأجهزتها فى تنفيذه، فضلا عن إيصال رسالة للداخل والخارج أنه لم ينجح فى صد هجوم إرهابى استهدف الجهاز المعنى أصلا بتطبيق هذا القانون ومكافحة الإرهاب.. كل ذلك جاء متزامنا مع حملة داخلية وخارجية فى معزوفة اعتدناها السنوات الأخيرة بين الأمريكان وحلفائهم للهجوم على القانون. وكذا ربط الأخبار عن الحادث فى وسائل الإعلام بجهاز الأمن الوطنى ليضفى مزيدا من الأهمية فى التعامل مع الحادث، وهو الفخ الذى وقع فيه إعلام الداخل وسعى لتضخيمه والاستفادة منه إعلام الخارج.

استراتيجيًا .. ٢٥ يناير ٢٠١١ تاريخ فارق بين الإخوان والأمن الوطنى فى طبعته السابقة ـ أمن الدولة ـ حيث تحددت طبيعة العلاقة لتصبح معادلة صفرية بين الطرفين الذين تربطهم علاقة مقصية.. فكلاهما مشدود للآخر بحكم وظيفة الجهاز وطبيعة التنظيم الإرهابى وكلاهما يسير فى اتجاه مخالف.. فلم يعد هناك سبيل لمناورة.. فبقاء أى طرف معناه باختصار القضاء على الطرف الآخر.. ولما فشل الإخوان فى تفكيك الجهاز والركوب عليه أمنيًا انتقلوا إلى الحل الأخير.. تفجيره.
ما بين محاولة التفكيك والتفجير قصة تستحق أن تروى.
التشويه
وقفت عجلة الخيال الفنى عند آلة عرض أفلام «الكرنك» و«زوار الفجر»، صورة نمطية لجهاز الأمن السياسى وأسلوب تعامله فى فترة معينة من تاريخ الوطن لها ظروفها وملابساتها وانتهت.. فى كل مرة يتم استدعاؤها من الذاكرة وإعادة تغليفها فى قالب معاصر سواء فى «بريء» وحيد حامد أو «فوضى» خالد يوسف أو حتى «هروب» بلال فضل.
مياه كثيرة جرت تحت الجسور، تغيرت البلاد والعباد والحكام والظروف ومازالت الصورة الذهنية كما هى، من أساطير الأولين تنسج القصص والحواديت، بمجرد ذكر السيرة «أمن الدولة» ترتجف القلوب ويذهب ذهنك بعيدًا لبيت الرعب بكل أشباحه، ضخمتها الآلة الإعلامية والنخب السياسية، حيث وجدت فيها شماعة فشلها وخيبتها السياسية أو حتى إلصاق التهم بالنظم والحكام على اختلافهم.
حقيقة الأمر أن جهاز الأمن الداخلى الأول فى البلاد ارتضى وسكت.. ربما أن حملة تشويهه أضافت دون أن تدرى هيبة مقدسة للجهاز تسهل مهمته فى التعامل مع العناصر الإرهابية الأشد خطورة على الإطلاق، حتى جاءت اللحظة الفارقة، وقررت دول أجنبية بمعاونة عناصرها الداخلية القضاء على الجهاز والإجهاز عليه، حتى تنطفئ الأنوار فى عيون صاحب القرار، وتجرى عملية تغمية عيون مصر، بهدف اختطافها ومن ثم إسقاطها فى أصعب لحظة هددت الأمن القومى المصرى.
ومع هذا لا يمكن أن نغفل واقعتين كان للدراما علاقة بهذا الجهاز.. الأولى تتعلق بحادث استشهاد المقدم «محمد مبروك»، حيث جاء تحليل حادث اغتياله يبدو متطابقا بشكل كربونى مع مشهد صاغه «علاء الأسوانى» ونفذه خيال «مروان وحيد حامد» فى فيلمهما «عمارة يعقوبيان» بعد أن جرى استنساخها من قبل المنفذين وطبقوها عمليا وكان ضحيتها الضابط الشهيد.
ثانيها بطلها «خالد يوسف» الذى حرض بأفلامه على الجهاز وقدم نفسه وفنه بالعمل التثويرى ضد أمن الدولة، ثم اتجه لمبنى الجهاز بعد عودته ليتوسط من أجل ابن أخيه رغبة منه وعائلته ليكون الضابط الشاب فى جهاز أمن الدولة وهو ما تم فعلا .. شيزوفرينيا.
بين الهيبة والعيبة.. استطاعت مصر أن تبنى أكبر جهاز أمنى لمكافحة الإرهاب فى الشرق الأوسط، وحتى مع بعض التجاوزات استطاع أن يقضى على الإرهاب فى العشرية السوداء من منتصف الثمانينيات حتى منتصف التسعينيات، وكذا القضاء على ومجابهة الجماعات المسلحة والأفكار المتطرفة حتى صنفت مصر من أكثر الدول أمانًا على مستوى العالم رغم اشتعال المنطقة من حولنا.. نجاحات الجهاز امتدت إلى خارج حدود القطر، ضم داخله كوادر وخبراءً مميزين فى الإرهاب الدولى واستطاع أن يستبق العالم ويحذر الولايات المتحدة من هجمات ١١ سبتمبر قبلها ـ لا تزال الشكوك حول التخطيط والتنفيذ والهدف منها ـ كانت فارقة فى نظرة العالم لهذا الجهاز وكفاءته، وعدد ضباطه لا يتجاوز ١٢٠٠ فقط.. فكان القرار بالقضاء عليه.
التفكيك
قبيل تنحى مبارك وأثناء اشتداد وطأة ٢٥ يناير، كان أن كلف الرئيس الأسبق مدير مخابراته «عمر سليمان» بالجلوس مع الشباب والقوى السياسية والاستماع إلى مطالبهم.
فى اللقاء الأول الذى اعترفت فيه الحكومة المصرية ولو ضمنا بجماعة الإخوان، ودعتها لهذا اللقاء للخروج من الأزمة، كانت المرة الأولى التى يدخل أحد أعضاء مكتب الإرشاد سدرة المنتهى والمنطقة المحرمة عليهم فى قصر الاتحادية وأرسلوا مرسالهم «محمد مرسى».
كانت الأجواء عاصفة والآراء متباينة والصورة ضبابية، ومع ذلك كان أول مطلب للإخوان عبر وسيطهم «مرسى» استبعاد اثنين من لواءات جهاز أمن الدولة وحددوهما بالاسم.
الثانية.. بعد تولى المجلس العسكرى قيادة البلاد كانت الواقعة الثانية فى لقاء جرى رصده جمع الإخوة الأعداء (خيرت ـ أبو الفتوح) بعد أن خرج الأول من سجنه وفيه كانت نصيحة الثانى أنه إذا لم يتم العمل على حل جهاز أمن الدولة، فكأننا لم نقم بشىء حتى لو رحل مبارك، فالجهاز الأهم لا يزال قائما ويناصبنا العداء، ولن يسمح لنا بالعمل والتحرك لقدرته على اختراقنا ولو كان فى أضعف حالته.
إذا مددت الواقعتين على استقامتهما تصل لحجم الضغوطات التى مورست من جانب الإخوان، وحشد القوى الثورية لاقتحام مقر أمن الدولة والضغط على المجلس العسكرى لحل الجهاز نهائيا، والذى وصف بأنه القرار الأسوأ أمنيا وسياسيا للمجلس العسكرى، وأعلن ندمه وأصيب بالعمى فى إدارة البلاد، لكن حجم الضغوط رهيبة وزاد من حدتها أن أيد هذا التوجه النخب السياسية والإعلامية على اختلافها.
المفاجأة أن سيناريو الانتقام الإخوانى من جهاز أمن الدولة كانت بشائره مهدها الولايات المتحدة الأمريكية وتحديدا فى ٢٠٠٤ والتى شهدت ما يسمى ببرنامج «الزائر الدولى» الذى استضاف حينها عددا من الصحفيين والإعلاميين المصريين ـ بعضهم نجوم فضائيات حاليا ـ على أراضيها ضمن جولة فى كبريات الصحف الأمريكية ومراكز صنع القرار فى واشنطن وتضمن جدول الزيارة محاضرات كانت أهمها وجرى التركيز عليها بعنوان «هيكلة الأجهزة الأمنية المصرية».
رغم أن عنوان المحاضرة يشتمل الأجهزة الأمنية فى مصر جميعها، إلا أنها انصبت على جهاز أمن الدولة فقط حيث وصفته بالخطير وعددوا خطورته حسب وجهة النظر الأمريكية فى عدة نقاط: ارتباط الجهاز بوزارة الداخلية، مما يتيح له أن يستقى معلوماته من فروع وإدارات وزارة الداخلية وليس مصادره فقط.
أمن الدولة هو الجهاز الأمنى الوحيد الذى يعمل فى الـ ٢٧ محافظة وله أفرع فيها ترتبط ببعضها، وأن هذه الآليات غير موجودة إلا فى الدول البوليسية. وانتهت المحاضرة بالتوصية بضرورة حل الجهاز وتفكيكه ووضعت آليات جرى تنفيذها بالحرف فى ٥ مارس ٢٠١١.

المؤامرة
حين تفترش أجهزة الأمن المصرية خريطة التنظيمات الإرهابية على مصراعيها تجد منبعها عند الإخوان ومصبها عند الأمريكان.. بين المنبع والمصب تستطيع أن تضع كل التنظيمات بداية من القاعدة انتهاء بداعش وجبهة النصرة إلى ما لا نهاية.
لذا كان سيناريو التخلص من الجهاز ضروريًا للخارج وعناصر الداخل على السواء بهدف إسقاط الدولة وتغمية عيونها.. فلم يكن السيناريو المرسوم فى أمريكا فى أوائل الألفية، وكشفت عنه محاضرة «الزائر الدولى» ونفذته عناصر الإخوان مدعومة بغطاء ليبرالى من الطابور الخامس لاقتحام الجهاز إلا تنفيذًا دقيقًا لهذا المخطط، حتى إن كاميرات المراقبة داخل مقراته رصدت عناصر فلسطينية حمساوية فى عملية الاقتحام والاستيلاء على ملفاته.
ضد الإسلام
لعبت الدعاية الإخوانية السلبية على تصدير صورة عن الجهاز أنه علمانى كافر يناهض الفكر الإسلامى، وهو ما قد يلقى قبولًا من شعب يتعاطى الدين كالأفيون، متصورا أن مهمة جهاز أمن الدولة ملاحقة كل ملتحٍ وكل منتقبة.
فكرة باطلة بنى عليها الإخوان أسطورتهم لتهييج الجماهير وتثويرهم ضد الجهاز الذى صلب عقيدته هى المحافظة على الإسلام السنى الوسطى ومكافحة التطرف والأفكار الدينية الشاذة التى علقت بالدين الحنيف وأضرت بصورته. فحسب مهام جهاز أمن الدولة التى يتصدرها مكافحة التطرف، وباعتباره جهاز الاستخبارات الداخلى، فهو معنى أيضا برصد العناصر الأجنبية داخل البلاد والمصريين الذين يخضعون لمحاولات استقطاب وتجنيد ورصد محاولات الاختراق والتخابر مع الجهات الأمنية الأجنبية، بل والمحافظة على العقيدة المسيحية المعتدلة المعترف بها فى مصر عبر الكنائس الثلاث وبالتالى مكافحة حركة جماعة «شهود يهوة» وتنظيم البهائيين ومحاولات نشر المذهب الشيعى والفكر الصهيونى. ليس هذا فحسب، بل يتولى الجهاز متابعة التمويلات الأجنبية وأهدافها ورصد الجمعيات والأفراد التى تتلقى هذه التمويلات بالمخالفة للقانون وبما قد يضر الأمن القومى المصرى، كذلك التنسيق مع جميع مؤسسات الدولة فيما يتعلق برصد المشكلات الداخلية ومخاطرها وتقديم حلول لها. إذا وضعت كل ما تقدم فوق بعضه، فأنت تقف أمام واحد من أهم الأجهزة الأمنية الداخلية فى العالم، وهو ما كان يزعج الأمريكان والإخوان على السواء فى سبيل تنفيذ مخططهم لإسقاط الدولة المصرية، وأصبح التخلص منه وتفكيكه أمرًا مفروغًا منه.
العراب 
لم يكن يمكن ذبح جهاز أمن الدولة التابع لوزارة الداخلية إلا بيد أحد أبناء الوزارة.. هكذا هى قواعد اللعبة التى يجيدها الإخوان جيدا.. لتكون عملية نظيفة تحقق أهدافها القذرة.. فوقع الاختيار على اللواء «حامد عبد الله» الذى تنطبق عليه جميع المواصفات المطلوبة.
رغم أنه نهل من جنة الوزارة التى صعدت به لمنصب مدير الأمن ومد له حبيب العادلى خدمته رغم ضعف كفاءته كضابط عمل فى السلك الإدارى ـ شئون الضباط ـ قبل دعوة الإخوان له ليترأس الجهاز فى نسخته الجديدة تحت مسمى «الأمن الوطنى» الذى لم يكن يمر فى أحلامه، فانسحق أمام الجماعة الإرهابية ورضى أن يكون المعول الهادم للجهاز، ومن ثم هدم الوطن.
حسبما هو متوافر من معلومات، فإن اللواء حامد عبد الله على صلة قرابة عائلية بمسئول المكتب الإدارى للإخوان فى القليوبية، حيث جرى ترشيحه إلى خيرت الشاطر الذى ضغط من أجل وصوله على رأس الجهاز لإعادة هيكلته وتغيير عقيدته والركوب عليه.
أمن الدولة قبل حله كانت قوته تضم ١٤٥٠ ضابطا وتم نقل أكثر من ٤٥٠ ضابطا إلى ديوان وزارة الداخلية، تم توزيعهم على إدارات وقطاعات الوزارة، حيث تم استبعاد ٧٥٪ من اللواءات و٧٠ من العمداء و٥٠٪ من العقداء و٢٠٪ من الرتب الأدنى.
وكان معيار إبعادهم تقارير أعدها الإخوان وأشرف عليها خيرت الشاطر بنفسه، وحددت ضباطًا بالاسم حسب طبيعة أعمالهم السابقة والأنشطة التى توقفت مثل النقابات والاتحادات الطلابية والأحزاب، والجماعات الإسلامية والتطرف والملف الطائفى، وتم الإبقاء على من لم يكن عليهم أى ملاحظات، وكانت مهامهم تتعلق بأنشطة أخرى. جريمة مكتملة الأركان تستحق المحاكمة والمحاسبة لكل من شارك فى هذا استبعاد خبرات وكفاءات الجهاز يدفع ثمنها الوطن حاليا، بعدما جرى تجريف الجهاز وتعطيل عمله لتسهيل توطين الإرهاب على الأراضى المصرية.. فكل عملية شهدتها البلاد منذ ذلك التاريخ حتى الآن يجب أن يحاكم عليها حامد عبدالله وخيرت الشاطر.. فما يلى يكشف كيف انبطح «حامد عبد الله» للإخوان الذين رشحوه بعد ذلك لتولى وزارة الداخلية بديلًا للوزير منصور العيسوى وتوسط وضغط له الشاطر لدى المجلس العسكرى الذى لم يستجب لمثل هذا الأمر، وكان سببًا لأزمة مكتومة بين الإخوان والمجلس العسكرى.
لا أدرى أضع ما يلى تحت عنوان المفاجأة أم المصيبة .. فبمجرد أن تولى «حامد عبد الله» رئاسة جهاز الأمن الوطنى وسعى لتغيير عقيد الجهاز فنظم محاضرة تثقيفية للإرهابى «عبود الزمر» ـ قاتل السادات وعضو الجماعة الإسلامية ـ مع ضباط الجهاز بصفته شخصية عامة. كما دعا «عمرو حمزاوى» و«سليم العوا» لإعطاء عدد من المحاضرات التثقيفية لضباط الجهاز تحت عناوين عريضة عن الديمقراطية وثورة يناير، وكان الهدف منها هو إعادة تقديم الإخوان كجماعة سياسية تتولى حكم البلاد وتحسين صورتها أمام الضباط وإجبارهم على تقبل الوضع الجديد.
ليس هذا فحسب بل تواصل «حامد عبد الله» مع «بلال فضل» بهدف تعيينه مستشارا إعلاميا لرئيس جهاز الأمن الوطنى، وهو الذى يعلم جيدا أن بلال فضل اليمنى الجنسية والده هو مسئول التربية والدعوة فى حزب الإصلاح الإخوانى بصنعاء وأمه مصرية عضوة فى تنظيم الأخوات بالإسكندرية وزوجته إحدي مؤسسى موقع إسلام أون لاين، وبلال نفسه حصل على منحة دراسية أمريكية، ويتنقل منها إلى لندن حيث احترف الكتابة والظهور فى قنوات ومواقع إخوانية.
حتى إن الإرهابى عاصم عبد الماجد ذهب بنفسه لزيارة «عبد الله» فى مكتبه من أجل التوسط لعودة الضابط المفصول من الجهاز «أحمد عبد الجواد» بعد ١٣ سنة من الاستبعاد من الخدمة والذى كان عين خيرت الشاطر داخل الجهاز، وجرى تطهير الجهاز منه بعد ثورة ٣٠ يونيو. إجمالًا يمكن اختصار موقف «حامد عبد الله» فى حوار جمعه مع ضباط الجهاز الذين استفسروا منه عن استراتيجية التعامل مع جماعة الإخوان المحظورة فأجاب: «دى جماعة سياسية وحزب إنما أنتم الجهاز المحظور».
الجاسوس
بمجرد صعود الجاسوس «مرسى» لعرش مصر كان أن أصدر قرارا بإدراج ضباط جهاز أمن الدولة المستبعدين والموجودين فى الخدمة على قوائم الممنوعين من السفر .. مما أثار غضبة مدوية داخل وزارة الداخلية وتطايرت شظاياها حتى قصر الرئاسة.. الأمر الذى دفع «مرسى» لإرسال «هشام قنديل» ـ رئيس وزرائه ـ ليلتقى بضباط جهاز الأمن الوطنى وسألهم لماذا لا يعملون كسابق عهدهم قبل ٢٥ يناير؟!.. فحاصره الضباط باتهامات موجهة له بالعمل على أخونة الدولة التى حاول أن ينفيها عن نفسه.. لكن الرسالة كانت قوية ومكشوفة من الضباط لقنديل ورئيسه وجماعته.
تلقف مرسى وجماعته الرسالة، وجاء قرارهم بإعادة هيكلة ثانية لجهاز الأمن الوطنى لتشمل هذه المرة إعادة تفكيك وتركيب وزارة الداخلية بأكملها تحت شعار براق «هيكلة وزارة الداخلية» ليداعب به ثوار يناير ومن على شاكلتهم.. لتحصل جماعة الإخوان الإرهابية على دراسة متكاملة عن هذا الأمر أعدتها «كانديز بوتنامو» القنصل الأمريكى فى الإسكندرية التى سبق لها إعادة هيكلة الشرطة فى باكستان، وهى فى الأصل أحد عناصر الـCIA والمتخصصة فى إعادة تفكيك وهيكلة الأجهزة الأمنية. استلم الإخوان المشروع الأمريكى واكتفوا فقط بتغيير غلافه وأعادوا تقديمه من خلال محمد على بشر ـ وزير التنمية المحلية وقتها ـ كمشروع قانون للبرلمان الإخوانى تحت مسمى «الشرطة المحلية» التى تلغى من الأصل وزارة الداخلية وتحويل الأمن المركزى إلى وحدات منفصلة تتبع المحافظ باعتباره حاكم الإقليم.
وبعدها مباشرة أرسل «هشام قنديل» خطابا إلى مساعد وزير الداخلية للأمن المركزى وقتها اللواء «أشرف عبد الله» يطلب فيه حصر بأعداد وأسماء وأماكن معسكرات الأمن المركزى وقوام قواتها من ضباط وأفراد وتسليح .. وظل الرجل يماطله فى الرد حتى قامت ثورة ٣٠ يونيو.
بالتوازى .. وتحديدا فى ديسمبر ٢٠١٢ زار مصر وفد إيرانى ضم رئيس جهاز الاستخبارات و٨ عناصر آخرين من المخابرات الإيرانية وأقاموا فى فندق ماريوت بالزمالك والتقوا حينها كلًا من «محمد مرسى» و«عصام الحداد» وسلموا لهما دراسة بعنوان «كيفية السيطرة على الأجهزة الأمنية» وشرحوا لهما التجربة الإيرانية فى هذا الملف وكيفية إنشاء أجهزة أمنية موازية. بمجرد سفر الوفد الاستخباراتى الإيرانى طلبت رئاسة الجمهورية أن تحصل على توصيلات من الأحوال المدنية تمكنها من الكشف المباشر والدخول مباشرة على قاعدة بياناتها، والتى تشمل أيضا المرور والجوازات كخطوة أولى لسحب اختصاصات الوزارة تدريجيا. ومن أجل هذه المهمة خصصوا وحدة كاملة بالشاشات والحواسب والشبكات وأخذوا من قصر عابدين مقرًا لها وقاموا بتعيين عدد من الموظفين المدنيين الإخوان للعمل عليها..وكانت هذه النقطة وهذا المقر تحديدًا أحد أهم الأماكن الحيوية التى تحركت القوات المسلحة للسيطرة عليها فى ٣/٧.