الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

خصوم الداخل أكثر خطرًا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نتابع ويتابع العالم ما يدور على أرض سيناء من حرب متواصلة قاربت على العامين، كان أمل خصوم الخارج رفع راية سوداء على أي بقعة أرض أو مبنى مهجور ليتم بث أفلام الفيديو القصيرة على اليوتيوب، مع إعلان انتصار مزعوم عن أرض تم احتلالها لصالح الإرهاب المتأسلم، كانوا يعتقدون أن المسلسل السورى يمكن إعادة تمثيله على الأراضى المصرية.
نتابع ويتابع العالم التضحيات المتواصلة للجيش المصرى فداءً لكل ذرة رمل مصرية، في شرق مصر وغربها، وكذلك في حذر من جنوبها الذي هرب من خلاله عشرات المجرمين المنتمين لجماعة الإخوان الإرهابية، يحدث هذا وسط خريطة عربية مرتبكة و«استهبال» عالمى يعرف خطر الإرهاب ولكنه يرعاه في أوكار لندن وواشنطن وإسطنبول وغيرها.
كل هذا في الحقيقة لا يمكن اعتباره مكامن للخطر المحدق بمصر، وذلك لأسباب كثيرة أبسطها هو أن مصر دولة مركزية على مدى التاريخ قد يصيبها الوهن ولكن لا تصيبها الهزيمة، أما أعمق الأسباب فهو ذلك التحالف المذهل بين جيشها وشعبها، الشعب عبارة عن جيش يرتدى الأفرول الميرى، والجيش عبارة عن شعب ينبض بالأحلام والثقة في المستقبل.
رغم ذلك فمكمن الخطر يتلخص في خصوم الداخل، وهم الأشد والأكثر ضررًا بمستقبل هذا البلد، ففى لحظات الوهن التي استمرت لما يقرب من أربعين عامًا تغلغل الفساد في مفاصل الدولة، الفساد الذي لا يرى إلا الدولار وطنًا وهدفًا وغاية، ذلك الفساد لم يكن مقصورًا على بعض رجال الأعمال، ولكن مع مد الخط على استقامته تعرف أنه في كل ركن حكومى هناك واسطة ودرج مفتوح لابتزاز خلق الله، ولم يتوقف هذا الداء اللعين عند بعض رجال الأعمال، وكثير من موظفى الحكومات المتعاقبة، ولكنه امتد لجزء من ضمير هذه الأمة، وهم نفر من مثقفيها ونشطائها، فصارت الحرب دامية ما بين مواصلة النهب وبين إعادة بناء مصر كما نحلم بها.
والمعروف هو أن من اتخذ الدولار وطنًا لا يهمه مع من يتحالف لبلوغ مقصده، وفى ظنى أن ذلك التحالف قد تم بالفعل، حتى لو لم تجلس تلك الأطراف على طاولة واحدة لتحديد بنوده، فالإرهاب الذي يرتدى عباءة التأسلم يحتمى الآن في ذلك الطابور الخامس الذي يعمل بهمة ونشاط لنشر الهزيمة، وذلك من خلال عدة أسلحة يمتلكها جيدًا منها تبرير العدوان الإرهابى بحجة مظلوميتهم التاريخية وشرعيتهم المزعومة التي انهارت في ٣٠ يونيو، ومنها دعاوى مكذوبة عن أولوية الحوار والديمقراطية بدلًا من مواجهة النار بالنار، ومنها مساواة دم الإرهابى بدماء الجندى المقاتل دفاعًا عن شرف وكرامة واستقلال هذا البلد.
لذلك يصبح إعلان الانتصار النهائى على الإرهاب وصانعيه صعبًا بعض الشىء إذا لم يتم الالتفات إلى كل ما سبق، ولذلك أيضًا يقف الغالبية من أنصار ٣٠ يونيو متسائلين عن سبب التردد عند مواجهة تلك المخاطر الداخلية، وهنا نسأل إذا كان الغرب والشرق لا يقيمان وزنًا لمعركة مصر الكبرى في تحديد مصيرها وإعلان انتصارها على الإرهاب هل يصبح من اللائق بمصر أن تقيم وزنًا لذلك السوس الذي ينخر في عظام الوطن تحت حجة الخوف من تقارير الإعلام الغربى؟.
تعددت منصات الخطر الداخلى بمصر منها ما هو مؤسسى ومنها ما هو فردى ولكل منهما هدف واضح، وهو العودة لزمن الفساد المبين، تعددت صور تلك المنصات ما بين تعبئة الإحباط وتعزيز قدرة الإرهاب من خلال وسائل إعلامية متنوعة، وما بين من يدعون أنهم نشطاء أو سياسيون وأن ما يطرحونه هو مجرد وجهة نظر، يحدث هذا على الرغم من بديهية مؤكدة وهى أن وحدة الجبهة الداخلية وقت الحرب هي مفتاح النصر المؤكد، لذلك فالخوف كل الخوف أن تكون تلك المنصات قد صارت وهمًا أكبر من الدولة، وهذا للأسف ما تعززه ردود الأفعال الباهتة أحيانا والصادمة أحيانا من الدولة تجاهها، فلا أدرى أي ذلة تلك التي يمسكها أصحاب الأصوات المهزومة والداعية للهزيمة على المسئولين والدولة ليكونوا دائما تحت أمرهم يلبون كل مطلب لا يعبر إلا عن بضعة أفراد من أشباههم.