الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

الخروج الثاني "6".. خبراء تربويون: ما ينفعش ندرس للطلبة حقيقة اليهود في مصر.. والآثار: منع التصوير في المعابد لأسباب أمنية.. ونرصد رواد اليهود ودورهم في صناعة الصحافة المصرية

رواد اليهود ودورهم
رواد اليهود ودورهم في صناعة الصحافة المصرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
" أنا مابحبكيش.. إنتى عاهرة يهودية".. بتلك الكلمات وصفت ابنة ماجدة هارون أمها وهى طفلة صغيرة، تلك الجملة التي طالما عانى منها اليهود في مصر قبل خروجهم لما كان يمارس ضدهم من تشويش لكن أن تصل بأن تصف إبنة لوالدتها اليهودية بأنها عاهرة هنا كان السؤال "ما الذي يجعل طفلة في مثل هذا العمر الصغير تصف والدتها بالعهر لمجرد أنها يهودية؟" تكمن الإجابة على هذا السؤال في مدى وعى المواطنين بالفارق الكبير بين اليهودى والإسرائيلي، ولكى نجد هذا الوعى كان علينا أن نبحث فيما يدرسه هؤلاء الأطفال داخل أروفة المدارس حيث لم نجد في المناهج التعليمية كلها أي فارق بين صهيونى احتل القدس ويهودى كان رافضا لهذا الاحتلال، لم يكن هناك سوى أن كل يهودى هو إسرائيلي مغتصب للبلاد، كما تم اجتزاء حياة اليهود التي ذكرناها وذكرنا موقفها من المناهج التعليمية فلا مكان لليهود في ثورتى عرابى و1919 لا مكان لهم في القضايا الوطنية المصرية ضد النظام الحاكم، دائما ما تجدهم يتصدرون خانات الجواسيس كلما ذكرت قضية الصراع العربى الفلسطينى، لذا كان من الطبيعي أن يتولد داخل هؤلاء الأطفال شعور العداء والكراهية لكل ما ينتمى لليهودية، وهو ما جعلهم لا يرغبون في اللعب مع ابنة ماجدة هارون باعتبار أمها عاهرة يهودية، في هذا الاتجاه أجابنا سالم الرفاعى خبير التعليم المعروف قائلا "إنت عاوزنى أقول لطفل في السن ده اليهودى غير الإسرائيلي، إلى انت بتقول عليه ما ينفعش أدرسه غير في التعليم ما بعد الجامعى أو على الأقل في التعليم الجامعى لكن غير كده صعب".
وأكمل: "من الصعب أن يدرك الطالب ما قبل الجامعى أن اليهودى لا علاقة له بما يحدث في إسرائيل وفلسطين، فأنا أزرع فيه منذ الصغر حقيقة ما تفعله إسرائيل في الشعب العربى، فكيف لى أن أقول له مثلا أن يعقوب إبن كلاس اليهودى كان له دور كبير أثناء الحكم الفاطمى، فلن تستوعب تلك العقول الصغيرة هذا الفارق الذي هو بمثابة شعره صغيرة".
لم ينكر الرفاعى أي من الحقائق التاريخيه التي ذكرناها في الحلقات السابقة ولكن كان مصرا على أن الطالب الذي يدرس في أي من مراحل التعليم ما قبل الجماعى لا يمكن أن يستوعب مثل تلك المعلومه ليبقى هنا السؤال " هل سيتولد حالة من التخبط وفقدان الثقه لدى هذا الطالب بعدما تخرج من جامعته إكتشف معظم تلك الحقائق التي ظل لسنوات عديده يدرس عكسها تماما؟.. بل ستزيد الطين من البلل حيث أنه من الممكن أن هذا الاصطدام بالحقيقة سيجعله يتعاطف ولو بجزء صغر مع إسرائيل ؟".
كل تلك الأسئله لم نتطرق لها في حديثنا مع الرفاعى ولكن سألناه ما الذي منع الدولة في أن تدرس مادة الدين اليهودى لليهود على غرار مادتى الدين المسيحي والإسلامى؟ في البداية أجاب قائلا "هما فين اليهود إلى في المدارس دلوقتى علشان نعملهم الماده دى" وقتها قاطعته وأخبرته أننى أتحدث عن حقبة الخمسينيات حين كان هناك العديد من اليهود المصريين في نفس الوقت الذي استحدثت فيه مادة الدين فهى لم تكن تدرس قبل ذلك، الحديث في هذا الموضوع يذكرنا بما قالته ماجدة هارون أنه في حصة الدين كان يظل المسلمون في الفصل ويذهب المسيحيون إلى فصل آخر ويظل اليهود في فناء المدرسة إلى أن تنتهى الحصة، كما أن شحاتة هارون والدها قد أرسل من قبل للرئيس الراحل جمال عبد الناصر يسأله قائلا "بنتى هاتمتحن في إيه وهى ماعندهاش مادة دين؟ " فتم امتحانها في ذلك الوقت في ماده شبيهة بالتربية الوطنية، رغم اعتراف الدولة بالديانه اليهودية وإقرارها كديانة سماوية واعتراف الأزهر بأنهم أهل ذمة لم يتم التعامل مع طلاب اليهود بالشكل الذي تم التعامل فيه مع طلاب المسيحيين.
يجيبنا على هذا السؤال الرفاعى قائلا "من وجهة نظرى الشخصية أن السبب الذي منع إدارة التربية والتعليم وقتها في عدم وضع إضافة مادة الدين اليهودى في المنهج كانت لظروف سياسية "بحتة حيث أن تلك الفترة شهدة أكبر صراع إسرائيلي عربى كان من الصعب وقتها أن توضع تلك المادة في وقت تحارب فيه الدولة كيان بأكمله.
لم تكن إجابة الرفاعى مقنعة ولكنها كانت حقيقية حيث أن الدولة بالفعل استطاعت وعلى مر السنين أن تمحى جزءا من مصر من عقول الأجيال الصغيرة التي باتت بدورها لا تعرف شيئا عن حقبة تاريخية كانت مهمة في تاريخ بلادهم.
أنهينا حديثنا معه واحترمت فيه عدم إنكاره لحقيقة تاريخ اليهود ومن أمام لافتة "ممنوع التصوير" داخل معبد بن عزرا اليهودى، بدات أتساءل لماذا يمنع التصوير في مزار أصبح سياحيا لا علاقه له بالدين؟! هذا المعبد يتواجد بأرض الأديان والتي تضم الكنيسة المعلقه ومسجد عمرو إبن العاص وهو أول مسجد بنى في مصر وبجانبهما معبد بن عزرا اليهودى الذي دارت حوله الكثير من القصص حول نشأته، تلك الأرض الصغيره المتواجدة أمام محطة مترو مار جرجس بمصر القديمة بمجرد أن تبحث عنها تجد أمامك الكثير من الكلمات التي تصب في "الوحده الوطنية ووحدة الأديان السماوية" والكثير من الكلمات الإنشائية التي لا يطبق معانيها سوى على الورق فقط، رغم أن الدين الإسلامى ينص على حرمة التصوير، ورغم أن للكنيسة حرمتها حيث أنها بيت للصلاه وليس للهو لم تمنع وزارة الآثار التي تخضع لها المنطقه بالكامل التصوير في تلك المناطق ولكن في المعبد اليهودى تختلف الموازين، ويمنع فيه التصوير لأسباب غير منطقية وغير معروفه، أولها أن الفلاش الخاص بالكاميرات يصيب الجدران والنقوش التي عليها على عكس ما يحدث في الكنيسة والمسجد، ثانيهما الوزارة "هي للى مانعة التصوير.. روح اسألهم" واحدة من تلك الجملتين يتم الرد بهما على كل من يرغب من الزائرين أن يلتقط صورا تذكارية بجانب نجمة داود كما يحدث مع الصليب والمنابر في الجوامع.
على هذا النسق بدأنا نحاول في أن نسأل الوزارة عن منع التصوير وكانت المفاجأة، تواصلت مع نحو أربعة مسئولين، الأول كان محسن الربيع مدير عام الآثار اليهودية وكانت إجابته "أنا طلعت على المعاش" تلك الإجابة ليست بمبرر باعتبار أنه من الممكن أن يرد على السؤال بواقع خبرته.


أما الثانى فكان الأستاذ عبدالحليم نورالدين أمين عام المجلس الأعلى للآثار سابقا حيث قال "عادى هي مجرد قوانين محطوطة وبس" ولم يجب بأكثر من ذلك.
أما الثالث فكانت المفارقه الطريفة فكان "يوسف خليفة رئيس قطاع الآثار المصرية قال "المنطقة كلها تبع الآثار الإسلامية القبطية اللى يرد عليك في ده حد يكون في نفس السياق الإسلامي القبطى" لست أعلم ما هي علاقة خبير الإسلامى القبطى بأثر يهودى أرغب في معرفة لماذا يمنع التصوير فيه؟.
في النهاية نصحنى أحد زملائي الصحفيين بأن أتحدث مع الدكتور مختار الكسبانى المسئول عن الآثار الإسلامية، في البداية استنكرت ولكن تواصلت معه أخذا بنصيحة يوسف خليفة حين قال لى أن اتحدث مع من له علاقة بالآثار الإسلامية القبطية، وعلى هذا النحو أكد الكسبانى "أن منع التصوير في المعبد هو موضوع أمنى خوفا من أن تحدث أي تفجيرات في المعبد خصوصا لما يكنه بعض أطياف الشعب لليهود، وليس هناك أي تدخل في هذا الأمر فالوزارة هي التي وضعت القرار على مسؤليتها التامة".
ولعل من الغريب ما قاله نصا "المعبد دة تحت وزارة الآثار يعنى لو خدت تصريح من رئيسة الطائفة نفسها مالوش لازمة لازم الوزارة هي اللى توافق".
وعن موقف الوزارة مما حدث للمعبد اليهودى الذي تم تحويلة لحضانة ومكتب للشئون الإدارية والذي تحدثنا عنه في الحلقة الأولى الكائن في شارع ولى العهد بحدائق القبة قال "مش كل المعابد تحت حماية وزارة الآثار لأن المعبد لازم يكون عدى عليه 100 سنة غير كدة يبقى الوزارة غير مسئولة عن ذلك".
رغم أنه خبير في الآثار الإسلامية ولكنه أجاب إجابة إلى حد ما واقعية في ظاهرها، وتخفى في باطنها حقيقة منع التصوير ليكون بذلك نوع آخر من أنواع الطمس الذي يمارس في حق اليهود حتى لا تنتشر صور المصريين بجانب أحد رموز الديانة اليهودية، ما سيجعل الكثير من الشباب يقومون بالبحث حول الغموض الذي يحوم حول تلك الطائفة، وهو ما لا ترغب فيه الدولة وما استشعرناه أيضا حين تواصلنا مع الدكتور محمد مهران رئيس الإدارة المركزية للآثار اليهودية حين قال "هات تصريح من الوزارة علشان أقدر أكلمك لأن الكلام في الحاجات دى ممنوع شوية، ودى تعليمات علشان الظروف السياسية فانت هات تصريح وأنا تحت أمرك في أي حاجة"، بين تلك الإجابات الخمسة تختبئ الحقيقة التي باتت مفهومة لدى الكثير عن سبل التعتيم الذي تم ممارسته من قبل التعليم والأثار.
في نفس هذا اليوم كنت أمر أمام نقابة الصحفيين وخطر على بالى "صنوع" رائد الصحافة الساخرة في مصر وصاحب أشهر مجلات سياسية ساخرة دافع فيها عن مصر رغم كونه يهودى تم طرده أيام الخديو إسماعيل، تلقى صنوف العلوم في أوروبا ثم عاد إلى مصر وعمل مدرسا بإحدى المدارس، وعاش لبضع سنوات مدرسا أول في المهندس خانة وعضوا في لجنة امتحان المدارس الأميرية وخلال عام 1870 أنشأ أول مسرح عربى في القاهرة ووضع بذلك تاريخ إنشاء المسرح في مصر وهو ما أثار إعجاب الخديو إسماعيل، الذي كان يسعى دائما لجعل مصر قطعة من أوروبا، وأهداه لقب "موليير مصر"، وبدأ في عرض مسرحيات بطابع اجتماعي وسياسي ناقد كانت تندد بالتدخل الأجنبي وزيادة الضرائب وهاجمت الوزراء بأسلوب ساخر كما شجعت المصريين على المطالبة بحقهم إلى أن قام عرض مسرحية" الوطن والحرية" سخر فيها من فساد الحكم الملكى في مصر ما أثار غضب الخديو إسماعيل وأصدر أوامر بغلق مسرح يعقوب صنوع وصدر القرار بنفيه إلى فرنسا.
أنشأ صنوع جمعيتين إحداهما اجتماعية والثانية علمية، ثم سافر إلى أوروبا في عام 1874، وبقى هناك فترة عاد من بعدها شغوفًا بالحياة الأوروبية وبحضارة الغرب، ولما عاد إلى اشتدت صلته بالسيد جمال الدين الأفغانى وتلميذه الشيخ محمد عبده، واتفق ثلاثتهم على تأسيس مجلة عربية هزلية يديرها صنوع، لانتقاد أعمال العائلة الخديوية وكشف مساوئ الحكام واطلق عليها اسم "النظارة الزرقاء" وصدر العدد الأول سنة 1877 تحت اسم "أبونظارة" والتي اتخذت طريق المعارضة في وجه نظام حكم الخديو إسماعيل ومن بعده ابنه الخديو محمد توفيق، وبالفعل نجحت الجريدة في حملته على الحكومة ومعالجة المسائل العامة، ما اضطر إسماعيل لغلق تلك الجريدة وكان صنوع يصدر جريدته من فرنسا وقام بتغير اسمها اثنتى عشر مرة منها "أبو نظارة زرقاء.. رحلة أبى نظارة زرقاء.. أبوزمارة.. النظارات المصرية.. أبونظارة.. الثرثارة المصرية.. أبوصفارة".
تحيلنا فكرة "صنوع" عن اليهود وصانعى الصحافة في مصر حيث كان لليهود دور كبير في الصحافه المصرية قبل وبعد أحداث 48 حيث كانت الصحافة لها دور كبير في حياة اليهود في مصر منهم ما كان له علاقة بالحركة الصهيونية ويروج لها ومنهم ما كان وطنى يدافع عن القضية الفلسيطينة، كان لليهود في مصر أكثر من 50 جريدة بلغات مختلفة بدأت عام 1879 عندما قام "موشى كاستيل" بإصدار مجلة الكوكب المصرى والتي كانت مجلة سياسية أدبية وفنية ثم تلاها "كاستيل" بمجلة ساخرة بعنوان "الميمون" كان ذلك بعد نحو 10 سنوات
وصدرت في عام 1934 جريدة "الشمس" باللغه العربية وكان يرأس تحريرها "سعد يعقوب المالكى" واهتمت بالأحوال الخاصة بالطائفة كما كان لها دور في انتقاد المظاهر السلبية بها مثل تسول فقراء اليهود، واهتمت أيضا بالحياة السياسية والحركة الوطنية في مصر ومطالبها ولكن تم اتخاذ قرار بإغلاقها في 11 يونيو 1948 بناء على طلب الجامعة العربية وذلك لأنها جريدة طائفية وليست عامة تختص بالشئون اليهودية فقط.
ثم بعد ذلك صدرت جريدة "الكليم" عن طائفة اليهود القرائين وتجاهلت تماما الحركة الصهيونية واقتصرت فقط على كل ما يتعلق باليهود المصريين كما اهتمت بنشر أخبار ثورة يوليو وقياداتها عقب القيام بالثورة.
كما كان لليهود أيضا عدة صحف تهتم بالشأن الوطنى المصرى مثل "الصراحة" في عام 1950 و"التسعيرة" في عام 1944 والتي أسسها يعقوب مزراحى بمساعدة فؤاد سراج الدين باشا لأهداف تجارية تحولت فيما بعد لسياسية، وجريدة "الصباح" التي تم إصدار أول عدد فيها عام 1946.
في المقابل كانت هناك عدة صحف يهودية تروج للفكر الصهيونى والسفر لإسرائيل مثل جريدة "متسرايم" في عام 1904 و"لاتريبونا" عام 1906 والتي صدرت بالفرنسية ومجلة إسرائيل والتي صدرت بالفرنسية أيضا عام 1911 والمجلة الإسرائيلية في مصر "ولاريفية إسرائيليت دييجيبت" وغيرهم العديد من الصحف التي كانت تعادى الوطنية المصرية.
في النهاية كما وجدنا صحف ضد الوطنية وجدنا صحف تنادى بالاحتفاظ بالهوية المصرية وتناضل ضد الفكر الصهيونى وكلاهما "يهود" وهو ما يعنى أن الخائن لا يكمن أن نحصره داخل دين معين أو إطار ولكن الجميع كانوا مصريين منهم الخائن ومنهم الشريف.
كما كان لهم مجال رائد في الصحافة المصرية كان أيضا لليهود أبطال رياضين مثلو مصر وهو ما سنتحدث عنه في الحلقه القادمة التي سنكشف فيها لقائنا الخاص بالدكتورة نولة درويش إبنة الراحل المصري اليهودى يوسف درويش محامى العمال في مصر والذي أسلم فيما بعد وعن رحلته مع صديقة المناضل اليهودى المصرى اليسارى الراحل شحاته هارون.

الخروج الثاني (1)

الخروج الثاني (2)

الخروج الثاني (3)

الخروج الثاني (4)

الخروج الثاني (5)

الخروج الثاني (6)

الخروج الثاني (7)

الخروج الثاني (8)

الخروج الثاني "9"