الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

معركة القضاة لاسترداد الوطن (4ـ 4)

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news


 

 الرئاسة تتحدى والقضاء يرد

خرج المتحدث باسم الرئاسة، ليصرح فى ٣ أبريل ٢٠١٣ بأن النائب العام باقٍ فى منصبه، وأنه تتم حاليًا دراسة حكم الاستئناف والقاضى ببطلان تعيين المستشار طلعت عبد الله. وأن المرحلة الراهنة تحتاج للاستقرار، وعقد المجلس الأعلى للقضاء فى السابع من أبريل اجتماعًا بحضور كل أعضائه، لمناقشة حكم محكمة استئناف القاهرة، والقاضى ببطلان تعيين النائب العام، المستشار طلعت عبد الله، وبطلان عزل المستشار عبد المجيد محمود. ورأى بيان المجلس أن هناك رأيين قانونيين حول آلية تنفيذ الحكم تمهيدًا للوصول إلى الأرجح قانونًا:

الرأى الأول: أن الحكم غير واجب النفاذ، طالما تم الطعن عليه فى غضون ٦٠ يومًا، كما أنه غير واجب النفاذ إلى أن تقضى دائرة رجال القضاء بمحكمة النقض بتأييده.

الرأى الثانى: يذهب إلى أن الحكم واجب النفاذ رغم الطعن عليه؛ استنادًا إلى أنه صادر من محكمة الاستئناف، فلا يجوز الطعن عليه أمامها، وأحكامها تعامل كأحكام محكمة القضاء الإدارى، وتكون واجبة التنفيذ فور صدورها.

ورحب نادى القضاة ببيان «القضاء الأعلى» بشأن حكم بطلان تعيين النائب العام، ووصفه المستشار أحمد الزند بـ«المتوازن والعقلانى»، مؤكدًا أن «عدم استجابة المستشار طلعت عبد الله ليست فى مصلحته، وأن كيان النيابة يتعرض للانتقاص من هيبته يوميًا». وبالفعل فى ١١ أبريل تسلم التفتيش القضائى أول مذكرة من رئيس محكمة شمال القاهرة، رفعها إليه رئيس محكمة جنح الساحل، جاء بها أسباب اعتراضه على عقد جلسات المحكمة لرفضه تمثيل النيابة العامة، استنادًا لحكم محكمة استئناف القاهرة، الذى قضى ببطلان قرار تعيين المستشار طلعت عبد الله نائبًا عامًا.

وبدأت تتصاعد لهجة التهديد من الرئيس وجماعته أكثر فأكثر والتلويح بقانون السلطة القضائية الذى كانت تتم مناقشته داخل أروقة مجلس الشورى. وفى ١٨ أبريل أكدت «لجنة شباب القضاة والنيابة العامة» فى بيان لها  أن القضاء المصري  يعانى من  اضطهاد ومحاولات فرض السيطرة عليه بالقوة من فصائل سياسية، إما منتمية أو موالية للنظام الحاكم، وأوضح البيان أن هناك مؤامرة تدار للنيل من القضاء من خلال الضغط بكل السبل المشروعة وغير المشروعة على القضاة، ليقبلوا مناقشة قانون صادر من مجلس الشورى، المعين غالبيته، بغير انتخاب من قِبل الحزب الحاكم، والذى كان جوهره تفريغ القضاء من كوادره ورموزه وكانت المؤامرة ستطال ٣٥٠٠ قاضٍ من المخضرمين، وكان يعد ليعين بديلًا عنهم قضاة من المنتمين إلى الجماعة والموالين لها.

تطهير القضاء أم ذبح القضاة؟

عقب المليونية الشهيرة التى أطلقت عليها الجماعة الإرهابية وحلفاؤها، مليونية «تطهير القضاء»، تصاعدت حدة غضب القضاة، إزاء ما وصفوه بالهجمة الشرسة ضد السلطة القضائية، ومحاولة الانتقام من القضاة عن طريق التقدم بمشروع لتعديل قانون السلطة القضائية إلى مجلس الشورى لمناقشته، وإصداره متضمنًا التعديل بتخفيض سن تقاعد القضاة، ما سيؤدى إلى عزل نحو ٣٥٠٠ قاضٍ من شيوخ القضاة، واستنكر  مجلس القضاء الأعلى المظاهرات التى أطلق عليها «تطهير القضاء» التى أساءت إلى جموع القضاة فى مصر، وجاء فى بيان  صادر  عن  مجلس القضاء الأعلى «أن قضاة مصر كانوا ولا يزالون ملاذ كل مظلوم، وأنهم لا هم لهم سوى تطبيق القانون، صحيح القانون، وأنهم يقولون كلمة الحق وفق ما تمليه عليهم ضمائرهم، وما تسفر عنه أوراق كل قضية على حدة، وعلى كل متضرر من حكم قضائى أن يطعن فيه بالطرق التى رسمها القانون».

نادى القضاة والتصعيد

وفى الوقت نفسه دعا نادى القضاة لعمومية طارئة مؤكدًا أن «كل الخيارات مفتوحة للتصعيد»، وقال رئيس نادى «قضاة جنوب سيناء»: إن قانون السلطة القضائية الجديد لن يمر إلا على جثثنا، وصرح المستشار أحمد الزند رئيس نادى قضاة مصر بأن «أصحاب دعوة التطهير لا يريدون سوى الضغط لتمرير قانون السلطة القضائية، مشددًا على أن نادى القضاة يستعد لعقد مؤتمر دولى لوقف الاعتداء على القضاة، وأكد الزند أن النادى سيقيم دعوى لبطلان مجلس الشورى».

وفى ٢١ إبريل ٢٠١٣ تقدم مجلس إدارة نادى قضاة مصر، بإنذار إلى  رئيس مجلس الشورى، أنذره فيه بسرعة وقف إجراءات تعديل ومناقشة قانون السلطة القضائية بمجلس الشورى، وذلك لعدم اختصاص المجلس بنظر القانون، نظرًا لتوليه السلطة التشريعية بصفة استثنائية مؤقتة من أجل إصدار قوانين معينة، فى أضيق الحدود وفقًا لمقتضيات الضرورة.

وأعقب هذا التصريح لرئيس نادى قضاة مصر، اجتماع للجمعية العمومية للقضاة، ناقش أزمة تعديل قانون السلطة القضائية، والنائب العام والتجاوزات ضد القضاء، واعتبرت «عمومية القضاة»، قانون حزب الوسط الموالى للإخوان حول «السلطة القضائية»، كأن لم يكن، وطالبت بسحبه من «الشورى»، وأوصت بتقديم الرئيس مشروعاً جديداً، وطالبت بتنفيذ حكم النائب العام، وردًا على تلك اللهجة الحاسمة من الجمعية العمومية لقضاة مصر، وفى محاولة للالتفاف حول قراراتها، تقدم المستشار طلعت عبد الله، النائب العام السابق فى ٢٥ إبريل بالطعن بالنقض على الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة، بإلغاء الإعلان الدستورى الصادر من رئيس الجمهورية بتعيين النائب العام.

ومع استمرار مناقشة قانون السلطة القضائية داخل مجلس الشورى، وتحدى إرادة قضاة مصر من قبل الرئيس وجماعته، توالت اعتذارات الهيئات القضائية عن حضور «مؤتمر العدالة»، الذى كان من المقرر انعقاده فى أواخر مايو ٢٠١٣.

وفى ١٢ مايو ٢٠١٣ حجزت المحكمة الدستورية العليا برئاسة المستشار ماهر البحيرى، نظر دعاوى حل مجلس الشورى، والجمعية التأسيسية لوضع الدستور، إلى جلسة ٢ يونيو  ٢٠١٣ للنطق بالحكم، وجاء حكم المحكمة الدستورية ببطلان ثلث مقاعد مجلس الشورى، وبطلان اللجنة التأسيسية مع إقرار الدستور، بسبب استفتاء الشعب عليه.

وعقب حكم الدستورية قرّر المستشار محمد ممتاز، رئيس المجلس الأعلى للقضاء، دعوة أعضاء المجلس لعقد جلسة طارئة فى ٣ يونيو بدار القضاء العالي، لبحث أحكام المحكمة الدستورية العليا الخاصة بمجلس الشورى والجمعية التأسيسية للدستور، وأزمة قانون السلطة القضائية الذى يناقشه مجلس الشورى.

وفى ٢ يوليو، وبالتزامن مع ثورة الشعب المجيدة، أصدرت محكمة النقض حكمًا نهائيًا وباتًا بعودة المستشار عبد المجيد محمود نائبًا عامًا.

وجاء حكمها بعودة المستشار عبد المجيد محمود نائبًا عامًا نهائيًا، لا يجوز الطعن عليه، لأن دائرة رجال القضاء بمحكمة النقض هى محكمة موضوع وثانى درجة فى التقاضى بالنسبة لرجال القضاء، وأحكامها نهائية ونافذة.

وفى ٥ يوليو أعلن المستشار الدكتور عبدالمجيد محمود النائب العام، أنه يعتزم التقدم بطلب إلى مجلس القضاء الأعلى للعودة إلى منصة القضاء معتذرًا عن عدم الاستمرار فى منصب النائب العام، مبررًا إقدامه على هذه الخطوة بأنها تأتى «استشعارًا منه للحرج مما يستلزمه المستقبل من إجراءات وقرارات قضائية تخص من قاموا بعزله من منصبه»، وبالفعل وافق المجلس الأعلى للقضاء برئاسة المستشار حامد عبد الله رئيس المجلس، على قبول استقالة المستشار عبد المجيد محمود من منصب النائب العام، حيث تقدم بطلب للمجلس الأعلى للقضاء، يعتذر فيه بشكل رسمى عن عدم الاستمرار فى مسئولية النائب العام والعودة لمنصة القضاء.

وبانتصار ثورة الثلاثين من يونيو ٢٠١٣ المجيدة، التى ساهم فى التمهيد لها، وشارك فيها بقوة قضاة مصر العظام، انتهت آخر فصول قصة مواجهة قضاة مصر للجماعة الإرهابية، وانتصارها لإرادة الشعب المصرى العظيم، الذى خرج فى أعداد لم يشهد التاريخ مثيلًا لها، لرفض ولفظ الجماعة الإرهابية، وعزل رئيسها عن الحكم.

إن التاريخ مرآة الشعوب، والتاريخ لن ينسى معركة الحق والعدالة، تلك التى خاضها قضاة مصر العظام بكل مخاطرها وتبعاتها الكارثية، حال انتصار الجماعة الإرهابية وحلفائها.

معركة الدفاع عن وطن ظنته الجماعة الإرهابية مستباحًا، فوقف لهم قضاتنا العظام بكل شجاعة، معلنين راية الكفاح، ونحن إذ نحتفل اليوم بانتصارهم وانتصارنا، نخلد لحظات الصمود والبطولة، ونقول بالفم المليان: والله أبدًا لن يضيع وطن أنتم رجاله..فتحية لكم ولمواقفكم وبطولاتكم المشرفة.