الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الإعلام الجديد بين التقنية والمهنية والتشريع

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أصبحت التقنية ذات صلة وثيقة بصناعة واحتراف الإعلام في جميع وسائطه ووسائله، ولكنها تبدو أكثر التصاقًا بصناع الإعلام الإلكتروني، لما يتطلبه الإنتاج من فهم سمات الوسيلة وإمكاناتها ومحاولة تطويعها لصياغة رسالة إعلامية قوية على المستويين المهني (الإعلامي) والتقني.
ولكن الكثير من الدعوات صارت ترتكز على تطوير المهارات التقنية للعاملين في الإعلام الإلكتروني، وكأن هذا الإعلام يقوم فقط على التفوق التقني.. وإذا كان هذا صحيحًا؛ فلمَ لا يقوم بصناعته المطورون والمصممون والتقنيون الماهرون بالتكنولوجيا أكثر من أي أحد آخر؟.
الإجابة بالطبع: لا يمكن هذا، لأن صناعة الإعلام الإلكتروني تستعين بالمهارات التكنولوجية، شأنها شأن بقية القطاعات الإعلامية في الوسائل الأخرى، وإنما عمل القائم بالاتصال ينبثق من المهنية الصحفية/ الإعلامية والفهم لسمات واحتياجات الجمهور، وتطبيق السياسات التحريرية وأهداف الموقع، فضلًا عن مواكبة التغيرات التكنولوجية الدائمة والتي تؤثر في صناعة الرسالة.
من هنا.. يصح القول إن التقنية لا تعد إلا دائرة واحدة من ثلاث دوائر ينبغي على القائم بالاتصال على الإنترنت أن يعمل بها، وهي دوائر: النص، التقنية، التفاعل، والاندهاش بالتقنية، واستخدامها المرتجل لا يصنعان بمجردهما إعلامًا محترفًا، في الوقت الذي أصبح فيه المواطنون صحفيين، لا ينقصهم من صفات إعلاميي الإنترنت إلا سمات "الاحتراف"!
وبذلك، فإن الرهان ليس على استبعاد وتهميش صحافة المواطن والتدوين والصحافة المدنية، وإنما على المنافسة بأدوات الاحتراف واستيعاب هذه الظواهر التي أصبحت واقعًا يجب التعامل معه.. وعلى القائم بالاتصال أن يتذكر دائمًا أن استيعاب هذه الظواهر يُعلي من شأن موقعه ويجعله أكثر مصداقية واهتمامًا من قبل الجمهور، بل ويثري الحوار والديمقراطية معًا.
ومن المؤسف في مصر، أنه لا ذكر لكلمة "إنترنت" في القانون المصري حتى الآن، ولاسيما قانون الصحافة، الذي يحتاج بدوره إلى إعادة تعريف مفهوم "الصحفي"، وربما استحداث مفهوم "الإعلامي".. ومن هنا فإن العاملين في الإعلام الجديد يمارسون عملهم دون وجود تشريعات تنظم عملهم ودون ضوابط أخلاقية تؤطر ممارستهم لمهنتهم المستحدثة.
كما يعمل محررو وصحفيو الويب بلا أي غطاء من أي مؤسسة أو تنظيم أو وزارة، وأقصى ما يطمح إليه البعض أن يتم تعيينهم "موظفين" بـ"شركات" (غطاء شبه رسمي للمواقع الإلكترونية) حتى يتم التأمين عليهم صحيًّا واجتماعيًّا.. وهؤلاء هم المحظوظون!.
أما السواد الأعظم من الإعلاميين في الإعلام الإلكتروني؛ فإنهم لا يتمتعون بأي مزايا اجتماعية أو صحية، ولا حتى بالاستقرار الوظيفي في أماكن عملهم، ولا توجد مؤسسة تدافع عنهم، فقط يحاول بعضهم أن يصل الليل بالنهار كي يعمل في مؤسسة أو جريدة ورقية تؤمن له القليل مما يستحق.
ويرتكز إصلاح هذا الوضع على ضرورة إصدار قوانين وتشريعات في الدستور الجديد المنتظر، وأيضًا إصدار قوانين جديدة تكفل العمل الإعلامي على الإنترنت، وتحمي العاملين به من خلال إنشاء كيان تنظيمي جديد يرعى شئونه، أو إعادة النظر في دور الكيان القائم فعلًا (نقابة الصحفيين) في رعاية العمل الإعلامي على الإنترنت، والعاملين فيه، وتدريبهم، وتشجيع المهنية الصحفية على الإنترنت.
ومن جهة أخرى، فإننا نأمل أن تقوم المواقع بدور أكبر في تدريب محرريها والعاملين بها، ومحاولة تحسين أوضاعهم المادية والتأمين عليهم، فضلًا عن الاهتمام بعقد اجتماعات دورية حول أساسيات العمل، مثل تحديد طبيعة الجمهور ومتطلباته، وأهداف الموقع، ومناقشة السياسة التحريرية، وتقييم العمل بشكل دوري، والاهتمام بقياس الرضا الوظيفي.
ومن هنا ـأتي أهمية أن يقوم إعلاميو الإنترنت بتنظيم المعلومات وربط الأحداث والاهتمام بالتفسير والإيجاز، وإدارة حوارات "راشدة" في الفضاء الإلكتروني، الذي أنهكته الفتن والتحزبات والتهكمات.