الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

عن الذي فعله اللواء عباس كامل!!

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا بد أن السؤال اقتحمك وعلامات الاستفهام حاصرتك، وأنت تتابع التسجيلات المنسوبة إلى اللواء عباس كامل، أحاديث متناثرة عن محمد مرسي ومكان احتجازه.. سيارة ترحيلات أبوزعبل ومن ماتوا فيها.. الإعلام وبرنامج باسم يوسف، ولا بد أنك بحثت عن حدود الدور الذي لعبه هذا الرجل خلال الشهور التي أعقبت 30 يونيو، وتساءلت عن حجم الصلاحيات الممنوحة له، والتي يتحرك على أساسها في كل اتجاه، وهو تساؤل مشروع جدًا، بل وضروري.

عباس كامل هو الرجل الأكثر قربًا من الرئيس السيسي، والأعمق تأثيرًا فيه، كان مديرًا لمكتبه عندما كان رئيسًا للمخابرات الحربية، وانتقل ملازمًا له عندما أصبح وزيرًا للدفاع، وعندما استقال من منصبه ورشح نفسه للانتخابات الرئاسية كان هو العقل المفكر والمنظم لكل ما يتعلق بالحملة الانتخابية، وقبل أن يدخل السيسى القصر الرئاسى، كان عباس قد سبقه إليه، ورغم أن صديق عمر السيسى ليس له توصيف محدد الآن، فلا هو رسميًا مديرًا لمكتب الرئيس، ولا هو تنفيذيًا رئيس الديوان، إلا أن الدور الذي يقوم به يتجاوز حدود الوظائف والمسميات.

هل أعنى شيئًا بالإشارة إلى قرب عباس كامل من الرئيس السيسي؟

بالطبع، فأنا أقصد تحديدًا أن هذا الرجل لا يتحرك من فراغ، ولا في فراغ أبدًا، فهو يدور في المدى لا ينحرف عنه أبدًا، يسير خلف السيسى خطوة بخطوة، وكلمة بكلمة.

ولذلك فإن التسجيلات المنسوبة لعباس كامل، والتي حاول من سربوها تشويهه، والتدليل على أنه كان يتدخل في الشأن السياسي، وتوجيهه إلى الوجهة التي يريدها، لم يفعلوا ذلك ليصيبوا عباس في مقتل، لكنهم كانوا يمدون أيديهم إلى عنق السيسى شخصيًا.
لكن هل كان فيما فعله عباس كامل خطأ؟
هل وقع في تجاوز يمكن أن يكون سببًا في إزاحة الأضواء من على وجهه؟

عندما نتأمل ما جرى سنجد أنفسنا أمام نظام جديد، يقف على أطلال نظام تهاوى في عام واحد فقط، كان النظام الجديد الذي وقف في مقدمته المستشار عدلى منصور كرئيس انتقالي، في يد السيسى بشكل كامل، فوزير الدفاع تولى مسئولية الشئون العسكرية والأمنية، وكانت لديه صلاحيات تنفيذية يستمدها من كونه نائبًا لرئيس
الوزراء.
كان السيسى هو الرجل القوى الذي يحرك كل الخيوط، ولأن الخيوط كانت متشابكة، فقد تعامل معها بمنطق الأمر الواقع، وكان طبيعيًا أن يتجاوز الأمر الواقع حدود القانون.

ما حدث في ٣٠ يونيو كان ثورة، ولأن لكل ثورة قانونها ومنطقها، فقد تعامل القائمون على هذه الثورة مع مستجدات الأحداث، بما يتوافق مع الحلول المنطقية، كان أمامنا عدو واضح وصريح ومفضوح، يريد أن ينقض على المصريين جميعًا، ولم يكن أمام من يباشرون الأمر حقيقة، إلا أن يتعاملوا بمنطق الحرب التي تقع
فيها تجاوزات، لكنها لا يمكن أن تتوقف لأجل هذه التجاوزات.

كان عباس كامل هو الجندى المجهول في المعركة، كانت لديه كل البيانات والمعلومات، عندما سألوا السيسى عن عدد ضحايا فض اعتصامى رابعة والنهضة، قال ببساطة وسرعة: اسألوا عباس. في إشارة إلى أنه يعرف كل شيء.
منطق الأشياء يقول إن عباس كامل لم يتصرف في أي وقت من تلقاء نفسه، كان مترجمًا لتوجهات نظام كامل، ولذلك لو تعامل معه البعض على أنه تجاوز، فيجب أن نعامل النظام كله على أنه تجاوز، لكن هل هذه هي المشكلة؟

هل ما جاء في التسريبات يسبب أزمة، يمكن أن تكون مصدرًا لتوتر الرجل القوى في قصر الرئاسة؟

أعتقد أن ما جاء في التسريبات أمر عادى وطبيعي، فنظام في حالة حرب مع أشباح الإرهاب، ماذا نريد منه أو نتوقع؟

لكن الأخطر هو ما ومن يقف خلف التسريبات، وماذا يريد بالضبط؟

تسريبات عباس كامل تحديدًا مثل كرة البلياردو التي انطلقت بهدف إصابة الجميع، هناك من رأى أن صديق السيسى المقرب والأصدق والأكثر إخلاصا له، أصبح مسيطرًا على كل شيء، فقرر أن يخفف من وطأة سيطرته ونفوذه.

قد ترى في الأفق غموضًا هائلًا وحادًا، لكن عندما تفكر بروية، ستكتشف أن بعض الأجنحة في النظام، تريد أن تقص ريش بعضها البعض، وهو ما ينذر بخطر كبير، سيكون من الصعب على السيسى أن يرده، فالسهم خرج من القوس، وليس علينا إلا أن نتفاداه.

يعرف السيسى جيدًا دور عباس كامل في حياته، ولا بد أنه يعرف الآن ما يراد بمن دخلوا معه القصر، وقد يكون هذا كافيًا لأن يحمى رجله الأمين وأن يمنع عنه سهام من يريدون إقصاءه، اللهم إلا إذا كانت هناك أمور أخرى لا
نعرفها، وساعتها لن يكون أمامنا إلا انتظار القادم، الذي نتمنى ألا يكون أسوأ.