الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

أبو الغيط لوزراء الخارجية العرب: لا تضعوا الأمانة العامة في موقف العاجز

ابو الغيط
ابو الغيط
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
دعا أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، ألا توضع الأمانة العامة للجامعة في موقف العجز أو التقصير بسبب غياب الإمكانيات أو ضعف الإرادة، قائلا "إننا نُشارف نهاية عامنا هذا، ولم تتلق الأمانة سوى أقل من نصف مساهمات الميزانية وهو موقف لا بد وأن يزعج كل حريص على العمل العربي المشترك، وكل من يعرف قيمة هذا العمل وتكلفة غيابه أو تراجعه.
جاء ذلك في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري الدورة العادية (150) الذي عقد اليوم برئاسة الدكتور الدرديري محمد أحمد الدخيري وزير خارجية جمهورية السودان خلفا للسعودية.
وقال: تستمر سنوات الشِدة العربية، ويتواصل في ذات الوقت صمود العرب في مواجهة التحديات والمخاطر، وما زالت الأوضاع في مناطق الصراع تدعو للقلق الشديد، بل وتتصاعد خطورتها، كما في الحالة السورية، ومؤخرًا في ليبيا، على أن الأسوأ قد يكون وراء ظهورنا، فقريبًا سوف يحل وقتُ مداواة الجراح وإعادة البناء وعودة اللاجئين لديارهم، وإعادة إعمار ما تهدم، واستعادة روح الأمل والتحدي.
واضاف :"ها هي المدن التي دنستها جحافل العصابات الإرهابية الداعشية تتنفس نسائم الحرية من جديد، وها هو العراق يُحقق نصرًا غاليًا، ويُجري انتخابات تُعزز استقراره وسيادته على كامل التراب الوطني، موضحا أن قوى الإرهاب ما زالت كامنة في الأركان، وخلاياه رابضة في الشقوق، غير أن قدرتنا الجماعية على مواجهة هذا الفيروس الخطير قد تعززت بعد أن صارت لدى مجتمعاتنا إرادة النصر والصمود ودحر الإرهاب واستئصال شأفته، وسيذكر التاريخ بكل الفخر التضحيات التي سطرها أبناء القوات المسلحة والأجهزة الأمنية للدول العربية كافة في هذه المرحلة الخطيرة من أجل الدفاع عن أمننا وإنسانيتنا في مواجهة مغول العصر.
واشار إلى ان القضية الفلسطينية تتعرض لهجمة شرسة ما زالت فصولها تتلاحق أمام أعيننا، ثمة رغبة أمريكية غير مسبوقة في إفراغ القضية الفلسطينية من محتواها القانوني والسياسي والتاريخي والإنساني، ونقول في عبارة واضحة: ماذا يتبقى من القضية الفلسطينية إذا أبعدت قضايا القدس واللاجئين من الطاولة؟ علام يتفاوض الفلسطينيون إذن؟ أي معنى يبقى لحل الدولتين الذي أيدته القمة العربية ويسانده المجتمع الدولي؟
اليوم.. يجري نعت القيادة الفلسطينية بالتصلب والتعنت، ويقولون إنها ترفض صفقة لم تُعرض عليها بعد، ولكن المؤشرات والدلائل ماثلة أمامنا جميعًا، وهي ليست شكوكًا في النوايا، ولا رجمًا بالغيب وإنما جملة من الأفعال والسياسات والتصريحات تواترت وتلاحقت عبر العام الماضي، فقد جرى الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، في تحدٍ للإرادة الدولية، وليس فقط العربية أو الفلسطينية، مضيفا: "واليوم تنفض الولايات المتحدة يدها من الأونروا، مطالبة بتفكيكها واستبدالها".
وأكد أبو الغيط أن الهدف مكشوف ويتجاوز مسألة المساهمة المالية إلى التشكيك في شرعية الأونروا ذاتها –وهي منشأة بقرار أممي- وضرب مصداقيتها، تمهيدًا للتشكيك في قضية اللاجئين برمتها، وكأن من أخرجوا من ديارهم قبل سبعين عامًا كانوا أشباحًا، وكأن أبناءهم وأحفادهم فقدوا الحق في الوطن الذي طرد منه الآباء والأجداد، قائلا "لو أن الأمر بهذه البساطة، ولو أن التاريخ يُكتب بهذه الصورة المجحفة، فعلام كان الصراع من الأصل؟ أليست القضية الفلسطينية، في جوهرها وأساسها، قضية أرض اغتُصبت وشعب شُرد لاجئًا ونازحًا؟
وأكد أن الموقف العربي واضح من قضية اللاجئين وسقفه هو المبادرة العربية للسلام التي تبنتها القمة العربية في مارس 2002.. "التوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين يتفق عليه وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194"، مع رفض كل أشكال التوطين... لم يرفض العرب أو الفلسطينيون التفاوض بل هم سعوا إليه ما استطاعوا إلى ذلك سبيلًا، ما نرفضه اليوم هو أن يُفرغ التفاوض من أي مضمون، وتُغلق قضاياه الرئيسية واحدة تلو الأخرى قبل أن يبدأ الحديث حولها، مؤكدا أن هذا ليس تفاوضًا بأي حال، وإنما فرض لإرادة طرف، وترسيخ لواقع الاحتلال.
واضاف قائلا " يخطئ من يظن أن إجراءات مثل غلق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية بواشنطن ستؤدي إلى تطويع الإرادة الفلسطينية، يخطئ من يظن الفلسطينيين يقفون وحدهم، ويُخطئ من لا يُدرك دلالة تسمية القمة العربية الأخيرة في الظهران بقمة القدس، مؤكدا ان حقيقة الأمر أن من يريد عزل الفلسطينيين لا ينجح سوى في عزل نفسه، ها هي الإرادة الدولية تجتمع في يونيو الماضي على استصدار قرار أممي (بتأييد 120 دولة واعتراض ثمانية دول فقط) يدعو لتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني بعد ما تعرض أبناؤه من المتظاهرين السلميين للقتل بدمٍ بارد على يد قوات الاحتلال، وها هي إسرائيل تتراجع عن مسعاها في الترشح للعضوية غير الدائمة لمجلس الأمن بعد أن ووجهت بحقيقة الرفض الدولي لمسلكها وسياستها، وها هي دولة من أقصى الأرض تضع المبادئ قبل المصالح، والحق فوق القوة، وفي 5 سبتمبر الماضي قررت الحكومة الجديدة في باراجواي الرجوع عن قرار اتخذته الحكومة السابقة بنقل سفارتها إلى القدس، موجها التحية الى باراجواي ورئيسها الجديد "ماريو عبده" الذي بادر –بشجاعة واستقامة- إلى تصحيح الخطأ، وأعاد الأمور إلى نصابها.
ونوه باستفحال بعض الأزمات العربية، فالوضع في سوريا يدمي قلوبنا، حيث السكان المدنيون في إدلب محاصرون بين سندان الإرهاب الأسود ومطرقة النظام وحلفائه، ولا أحد منا يرغب في ضياع سوريا الوطن ولا أحد منا يريد لسوريا الدولة أن تربح الحرب وتخسر الشعب، وكلنا يريد استعادة سوريا العربية التي نعرفها بتركيبتها السكانية التي نعرفها.. باستقلالها الحقيقي من دون تبعية أو تدخل خارجي، مؤكدا انه لا مخرج حقيقيا سوى بمصالحة جادة تشمل المجتمع بكل أطيافه وطوائفه إلا مع من مارس منهم الإرهاب واستحل الدم ولا بديل عن عملية سياسية يشترك فيها الجميع وتجد فيها المعارضة المدنية المعتدلة تمثيلًا حقيقيًا، تحت مظلة الأمم المتحدة والقرار 2254.
وأكد أن الوضع في اليمن ما زال يعكس إصرارًا من ميليشيات الحوثيين، مستندين إلى حلفائهم في طهران، على التمترس خلف موقفهم الانقلابي ورفض أي حلول وسط حتى أنها استنكفوا الحضور إلى المحادثات التي دعا إليها المبعوث الأممي في جنيف قبل أيام متذرعين بحجج واهية، قائلا : إنهم يتحملون المسئولية عن معاناة الشعب اليمني، ويمثلون خطرًا داهمًا على الأمن العربي-خاصة في منطقة البحر الأحمر- يتعين الاستمرار في مجابهته والتصدي له.
وحول الوضع في ليبيا، قال انه تعرض مؤخرًا لانحدار جديد إلى العنف في طرابلس، وبما يبعدنا أكثر عن تحقيق التوافق الدستوري وعقد الانتخابات المنشودة ومن الجلي تمامًا أن هناك ميليشيات وعصابات تقتات على الفوضى وتسعى إلى تمديد حالة الصراع لأنه لا حياة لها بغير استمرار فوضى السلاح وغياب السلطة والنظام العام.. هؤلاء الانتهازيون يتحملون النصيب الأكبر من معاناة أهلنا في اليمن وليبيا.
ودعا إلى بذل أقصى الجهد في التحضير الجماعي الجيد للقمة الاقتصادية القادمة في بيروت في يناير القادم، مؤكدا أنه من المهم الحفاظ على دورية انعقاد القمة الاقتصادية كل أربعة أعوام، ذلك أن المرحلة القادمة تستوجب توجيه العمل العربي الجماعي بشكل أكبر إلى هذا الجانب، سواء فيما يتعلق بتعزيز التعاون الاقتصادي أو تحقيق الربط بين خطط التنمية المختلفة، أو تنسيق الجهد المشترك لإعادة الإعمار.