الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

ملابس الكنيسة.. من المعمودية حتى البابا

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تقام القداسات الإلهية فى الغالب أيام الأحد والجمعة من كل أسبوع، وهناك الكثير من الكنائس التى تقيم القداسات بصفة يومية مستمرة، وعندما نقرر حضور أحد تلك القداسات فى وقت مبكر من الصباح، سنشاهد الشمامسة وهى تصلى صلوات باكر بملابسها العادية التى حضرت بها من منزلها، وتمر الدقائق، وبانتهاء صلوات باكر يخرج راعى الكنيسة، الذى سيرأس الصلاة وشماس من شنطته الخاصة جلابية بيضاء عليها الرسومات ليقوموا بارتدائها قبل بدء صلوات القداس الإلهى.
وفى بعض الأيام، وعند انتهاء القداس قد نفاجأ بالألحان والزغاريد وزفة جميلة لوليد، وهو يرتدى ملابس تشبه ملابس البابا بروحانياتها، إنها فرحة معمودية هذا الطفل الذى مر على ولادته أكثر من 80 يوما، إن كان ولدا، وإن كانت الزفة لبنت فقد يجب أن يكون مر على ولادتها أكثر من 80 يوما إن كانت الأم هى التى ستكون لها «الإشبين».
وكلمة «إشبين» كلمة سريانية معناها الحارس، كما أنه المسئول الروحى أمام الكنيسة عن تربية الطفل المعمد تربية روحية مثالية حتى يكبر وينمو فى الفضيلة والسلوك المسيحي، ويكون مسئولا على إمداده بالمعلومات الكنسية الصحيحة التى تجعله ينمو فى الإيمان.


صانع الملابس: أسقف أطفيح والجيزة ما زالا يرتديان الملابس حسب الطقس الكنسى



تستعرض «البوابة» بعضا من الملابس التى يتم ارتداؤها داخل الكنيسة، والتى تباع فى الكثير من المحلات التجارية من الطفل الصغير والشماس وملابس البابا، فلكل منها شكل يختلف عن الآخر حسب رتبته فى الكنيسة.
التقت «البوابة» بصاحب أقدم محل يقوم بتفصيل وبيع تلك الملابس الكنسية، بنى هذا المحال منذ منذ عهد البابا كيرلس، فعلى بعد أمتار قليلة من الكاتدرائية المرقسية بشارع كلود بيك برمسيس بالقاهرة، نجد محلا صغيرا لاتتجاوز مساحته أمتارا قليلة، يقف فها شاب لا يتخطى عقده الثالث، اشتهر بأنه أقدم صانع للملابس الكهنوتية، تلك المهنة التى ورثها أبا عن جد، ورغم أنه فى مرحلة الشباب غير أنه لم يحاول البحث عن وظيفة أخرى، حبا منه فى تلك المهنة التى شرب أصولها من جده الأكبر.
يحكى جورج أنيس غبريال سند أن جده الأكبر سند، هو الذى اختص من قبل البابا كيرلس السادس بتصنيع كافة ملابسه، كما تحدث عن العلاقة الكبيرة والمحبة التى جمعت ما بين جده وقداسة البابا كيرلس السادس بسبب تميز وإصرار جده على تفصيل تلك الملابس قديما حسب الطقس الكنسى، مؤكدا أنها كانت تصنع يدويا ولا تتدخل فيها أى آلات، مثلما يحدث اليوم وكانت الخيوط المستخدمة معدنية فضية، وأحيانا كانت تطلى بماء الذهب، أما اليوم فإن الخيوط المستخدمة فهى خيوط صينية، كما أن «عمه» الكاهن قديما التى يرتديها فوق رأسه، كانت مصنوعة بطريقة التضفير حسب الطقس الكنسى، أما اليوم فهى على شكل دائرة عادية.
ويضيف «أنيس» حسب خبرتى فإن هناك القليل من المطارنة الذين ما زالوا يرتدون ملابسهم داخل وخارج الكنيسة حسب الطريقة الطقسية أبرزهم الأنبا زوسيما، أسقف أطفيح والأنبا ثيؤدوسيوس، أسقف الجيزة.
ويوضح أن الأسعار اختلفت كثيرا عن السابق، فالأسعار العالمية لها دور فعال فى تلك الأسعار الذى يجدها البعض أنها مرتفعة، لأنهم يقومون باستيراد الخيوط والكثير من الخامات من الخارج، خاصة أن الصين سيطرت بنسبة كبيرة على الكثير من تلك الخامات.


ومن أشهر القطع التى يقبل الكثيرون على شرائها: 
التونية، وهى تصنع من قماش ناصع البياض يشترك فى لبسها جميع خدام المذبح من شماس وكاهن وأسقف، تتزين بصلبان، والاختلاف ما بين تونية الشماس والكاهن أن تونية الشماس تحتوى على ثلاثة صلبان، صليب واحد من الأمام، والاثنان الآخران على الأكمام، أما تونية الكاهن فتزيد عليها صليبا رابعا على الخلف.
ويلبس الكاهن التونية قبل بدء صلوات القداس الإلهى، بعد أن يرشمها ثلاث رشوم، ويصلى على باقى التوانى التى سيرتديها الشمامسة على شرط الاستعداد للمشاركة فى التناول.
وتصنع من الحرير أو خامات قريبا منه حتى لا تؤثر على من يرتديها، وتلبس فوق الملابس التى يلبسها صاحبها بعد ذهابه للكنيسة، يتراوح سعرها ما بين 200 جنيه إلى 620 جنيها.
البدرشيل، يلبسه الآرشيدياكون «رئيس شمامسة» على الجهة اليسرى تحت الإبط الأيمن، وطرفاه متدليان الواحد من الأمام والآخر من الخلف، وباقى الشمامسة يلبسونه على شكل صليب من خلف، ومن الأمام على شكل حزام، ويصنع من الحرير ولونه يقترب من اللون الأحمر وسعره يتراوح مابين 70 جنيها إلى 100 جنيه.
الأكمام: «تخص الآباء الكهنة ورؤساء الكهنة، وترتدى فوق أكمام التونية، وتكون أقل ضيقا حتى يستطيع أن يتحرك بيديه أثناء الصلاة، دون حدوث مشاكل من أكمام التونية الواسعة، وحسب الطقس، فإنها إشارة إلى الوثاق الذى قيد به السيد المسيح، يكتبون على الكم الأيمن يمين الرب رفعتنى يمين الرب صنعت قوة»، وعلى الكم الأيسر يداك صنعتانى وجبلتانى أفهمنى فأتعلم وصاياك.
البلين، قطعة من ملابس الكهنوت خاصة برئيس الكهنة، يغطى بها رأسه ويأخذ كل طرف ويلفه تحت الإبط، ثم يوضع على الكتف المخالف ثم ينزل الطرفان ويوضعان تحت المنطقة، وبذلك يكون البلين بهيئة صليب على الصدر وعلى الظهر.
البرنس، عبارة عن رداء طويل متسع بلا أكمام مفتوح من فوق إلى أسفل محلى بخيوط الذهب والفضة والبرودرية ذا ألوان زاهية، وفى الجزء العلوى من البرنس يكون بهيئة قصلة مزينة بخيوط الذهب والبرودرية، وهى ملابس الأسقف، أما القس فلا يكون البرنس الذى يرتديه قصلة، وذكر فى العهد القديم باسم الرداء أو الجبة، يكون عليه نقوش من الصلبان والفروع التى تشبه فروع الشجر وتترواح أسعاره مابين 1300 جنيه إلى 4000 جنيه تقريبا.
الصدرة، تخص الآباء الكهنة والأساقفة بدلا من البدرشيل، تكون مطرزة بالصلبان وعليها بعض الحجارة الكريمة، تشبه الصدرة التى كان يلبسها هرون قديمًا، ولها فتحة فى أعلاه ويلبس حول العنق ويتدلى فقط من الأمام للقدمين، وصدرة رئيس الكهنة يرسم عليها صور الاثنى عشر تلميذا.
تصنع من الحرير وبها تطريزات مختلفة وتصاميم مما يجعل السعر يتفاوت مابين 550 جنيها إلى 2000 جنيه، وألوانها ما بين الأبيض الذى يلبس فى القداس الإلهى، والأزرق والأسود يلبس فى صلوات الجمعة العظيمة، وتزين بالخيوط الذهبى والبيضاء.
التاج، يرتديه الأسقف أو البابا أثناء صلوات القداس الإلهى، ولكن يتم خلعه أثناء قراءة الإنجيل فى القداس، ويرسم عليه صور القديسين وصورة للسيد المسيح، ويختلف سعره حسب الأحجار التى توضع فيه والخيوط المستخدمة فى الرسم وقد يصل سعره لآلاف الجنيهات.
العمة السوداء، وهى تلك العمة التى يرتديها الكاهن خارج الكنيسة أو الأسقف، تصنع من قماش الجوخ، يتراوح سعرها ما بين 300 إلى 600 جنيه.

ملابس المعمودية
هذه الملابس تخص الأطفال الذين لم يتعمدوا بعد أولادا كانوا أو بنات، حيث إن الولد يعمد بعد أن يصل من العمر أربعين يوما والبنت 80 يوما، والولد يرتدى ملابس تشبه ملابس البطرك الكاملة التى يرتديها يوم العيد، وتراوح أسعارها مابين 180 جنيها إلى 300 جنيه، وأما البنت فترتدى الفستان الذى يشبه فستان العروسة، وهناك من يفضل أن يلبس ابنته مثل ملابس السيدة العذراء التى تظهر فى صورى تجليها، ويتراوح أسعارها ما بين 140 جنيها إلى 250 جنيها.
الطيلسانة.. على شكل مثلث ويلبسها الأب الكاهن على الرأس، وتتصل بقطعة قماش طويلة تتدلى من خلف الرأس إلى القدمين، وتتزين بثلاثة صلبان اثنان على الرأس من الأمام والخلف والثالث على الظهر.

ملابس الكهنة بالكنيسة السريانية.. صنعت للمجد والبهاء
الأب أنطونيوس لحدو: عدد قطع «الحلة الكهنوتية» يزداد مع ارتفاع الرتبة
يقول الأب أنطونيوس لحدو، مدرس اللاهوت الدفاعى فى كلية «مار أفرام» السرياني، إنه لا يمكن أن نفهم عظمة وجمال الثياب الكهنوتية المقدسة إلاَّ من خلال «يسوع» الكاهن الأعظم، فهى صنعت «للمجد والبهاء» (خر 28: 2)، ليس لمجد الكاهن وبهائه الشخصي، وإنما لمجد السيد المسيح الذى يتمثل الكاهن به، لذلك اهتم الله بذاته بهذه الثياب، فهو من وضع فكرة هذه الثياب ورسم تصميمها، واهتم بكل قطعة منها ابتداء من نوع القماش ولونه، إلى كيفية حياكته ونوع الخيوط وصور الزخرفة والنقوش التى تزين كل قطعة وفق ما ورد فى العهد القديم بسفر الخروج، وفرض الله طقوسا (ترتيب)، خاصة لطريقة تكريس وارتداء الكاهن لهذه الثياب بيد نبيه موسى، وما يعمله موسى النبى بأمر من الله، هو ذاته ما يفعله البطريرك أو المطران عند رسامته للكهنة، فأثناء الرسامة الكهنوتية يبارك البطريرك أو المطران كل قطعة من ثياب الكاهن الجديد، ويلبسه إياها قطعة تلو الأخرى بترتيب معين.
وأضاف الأب السرياني، قد يسأل البعض: لماذا كل هذا الاهتمام من الله بهذه الثياب وتفاصيلها؟ والإجابة لأنها صورة الكاهن الأعظم الرب يسوع المسيح، ولذلك كان القديس أثناسيوس يرى أن هارون لبس ثيابًا كهنوتية ليعمل ككاهن، وكان هذا رمزًا لابن الله الذى لبس جسدًا حتى يخدم لحسابنا ككاهن يشفع فينا بدمه.
وعندما نقرأ عن ثياب الكاهن فى الكتاب المقدس نرى أمورا عجيبة، مثلا الرداء والزنار مصنوعان من نفس مواد خيمة الاجتماع «مكان الصلاة فى التوراة»، أى من الكتان المبروم والأسمانجونى والأرجوان والقرمز مضافًا إليه مادة الذهب، وهذه المواد وجدت بكثرة فى خيمة الاجتماع.
فالعمل الكهنوتى المرتبط بالكنيسة، يقدم صورة حية لسمات السيد المسيح نفسه، مثل: النقاوة المشار إليها بالكتان، والحياة السماوية (الأسمانجونى والذهب) والفكر الملوكى (الأرجوان) والتقديس بدم المسيح (القرمز)، وشرف الكهنوت عظيم، لكن إن أخطأ الكهنة فهلاكهم فظيع، لذلك إكراما لسرّ القربان المقدّس واقتداء ببعض رسوم العهد القديم، فرضت الكنيسة استعمال ملابس كهنوتيّة خاصّة عند القيام بتقريب الذّبيحة الإلهية والأسرار الأخرى، وتسمّى بالثّياب الطّقسية أو المقدّسة (خر 35: 19 و28: 2 )، وعندما يباشر الكاهن بارتدائها يتلو عليها آية من المزامير تعبر عن الغرض والهدف من هذه القطعة، مع رشهما بإشارة الصليب بأعداد معينة وتقبيلها.
وعن طقوس ارتداء الملابس الكهنوتية، يقول الأب أنطونيوس لحدو، إنه قبل أى قداس يجب على الكاهن الاستحمام وتنظيف بدنه جيدا استعدادا لما هو مقبل عليه، وهذا ما أمر الله به نبيه موسى «وَتُقَدِّمُ هَارُونَ وَبَنِيهِ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ الاِجْتِمَاعِ وَتَغْسِلُهُمْ بِمَاءٍ» (خر 29: 4)، ثم ينـزع ثيابه الخاصّة (جبه، جاكيت شتوي) أثناء الخدمة الثانية بعد تهيئة القرابين على المذبح، وهى تشير إلى تقدمات هارون وبنيه فى الناموس، قائلا: «انزع عنّى أيّها الرّب الإله الثّياب الوسخة الّتى ألبسنى إيّاها الشّيطان بسبب أعمالى الشّريرة، وأَلبِسنى ثيابا مختارة تليق بخدمة وقارك ولتمجيد اسمك القدّوس ربّنا وإلهنا إلى أبد الآبدين»، وهذا يشير إلى تجرّده بالكامل من الأمور العالميّة وابتعاده عن الأرضيّات والجسديّات، وخلع الإنسان العتيق ولبس الإنسان الجديد «إذْ خَلَعْتُمُ الإِنْسَانَ الْعَتِيقَ مَعَ أعْمَالِهِ» (كو 3: 9).
وعن الحلة الكهنوتية فى الكنيسة السريانية قال «لحدو»، إنها تتكون من عدة قطع يزداد عددها بارتفاع الرتبة الكهنوتية، ما بين الكاهن والمطران والبطريرك (البابا) رئيس الكنيسة.