الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

مؤامرة على طبق الفول.. شحنة "6600 طن" مسوس تسللت للبلاد.. تحوي حشرات خطيرة تصيب بأمراض لعينة.. الزراعة: ليست مسئوليتنا.. خبير: الحشرة تغير تركيب الفول كيميائيًّا ليصبح بعد ذلك مسرطنًا

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ضاعت الحقيقة وبقيت الشائعات والاتهامات بين ثلاث جهات مهمة في مصر، الصحة والزراعة وهيئة الرقابة على الصادرات والواردات، بعد دخول شحنة فول مسوس للبلاد متسللة، مَن المسئول عن الخطر الجديد؟، سؤال طرح نفسه بعد أن وصل الأمر إلى البرلمان لمناقشة أبعاد المؤامرة على طبق الفول وصحة المواطن المصري.



كان النائب مجدى ملك، عضو لجنة الزراعة بمجلس النواب، قد كشف عن دخول مصر شحنة من الفول المسوس غير المطابقة للمواصفات تقدر بـ 6600 طن عبر ميناء دمياط فى شهر ديسمبر الماضى، مضيفًا أن الشحنة تم التحفظ عليها لوجود حشرات بها ونسبة شوائب وأن الشحنة غير صالحة للاستخدام الآدمي، مؤكدًا أن هيئة الرقابة على الصادرات والواردات أعطت تصاريح للشحنة بأنها مطابقة للمواصفات.
فيما ردت الإدارة المركزية للحجر الزراعي بوزارة الزراعة، بأن الشحنة تم اكتشاف حشرات ميتة بها وهذا لا يعنى أنها فاسدة ولكن من يؤكد فسادها من عدمه هي وزارة الصحة.



غير أن الدكتور حامد عبدالدايم، المتحدث الرسمى لوزارة الزراعة، تبرأ من المسئولية وقال إن صحة المواطنين مسئول عنها وزارة الصحة خاصة إذا كان الأمر يتعلق بسلعة مستوردة من الخارج، مضيفًا أن دور الإدارة المركزية للحجر الزراعي يتمثل فى ان أى شحنة مستوردة تدخل مصر يتم الكشف عليها لمعرفة هل فيها حشرات أم لا ولكن مَن يؤكد تأثيرها على صحة الإنسان هي وزارة الصحة.
أضاف عبدالدايم، أن دور إدارة الحجر الزراعي هو منع وجود أى آفة حجرية حية فقط، مضيفًا أنه لو كانت الشحنة مصابة بالحشرات وهذه الحشرات موجودة لدينا فى مصر فليس هناك أى مشكلة ولكن نحن نطلب أن يتم تبخير الشحنة حتى لا تدخل الحشرات حية فى الشحنة.



ويكشف الدكتور خالد غانم، أستاذ الزراعات العضوية والعلوم البيئية بكلية الزراعة جامعة الأزهر، أن خطورة وجود حشرات ميتة في الفول على الصحة العامة هذا يرجع إلى أنه لا بد أن نرجع للمواصفات القياسية والتي يجب ألا تزيد فيها نسبة المواد الحيوانية أو الحشرات الميتة على 0.1 من الوزن، لافتا إلى أنه إذا زادت هذه النسبة عن ذلك يكون له تأثيرات صحية خطيرة على صحة مستهلكيه، حيث يمكن أن يعمل هذا على نمو وتزايد الميكروبات الضارة نتيجة لتهيئة البيئة المناسبة لنموها مثل فطريات الافلاتوكسين وهي فطريات شديدة السمية على صحة الإنسان وتأثيراتها خطيرة على الكبد والكلى حيث تؤدي إلى الإصابة بالسرطانات، وبصفة عامة علينا اتباع المواصفات القياسية وعدم تجاوزها في أي حال من الأحوال.



ورأى الدكتور مروان سالم، الباحث فى الغذاء والدواء، أن البعض قد يعتقد ان الفول المسوس قد يصلح تناوله وهذا اعتقاد خاطئ لأن دورة حياة الحشرة تتم عبر مراحل، تضع بيضًا دقيقًا لا يرى بالعين المجردة عبارة عن مادة جيلاتينية داخل حبة الفول فيفقس الى يرقات فتنمو وتتغذى على الحبوب بل يقضي جزء من حياته داخل الحبة والخطير هنا هو انتقال الحشرات من مكان لآخر لأن الحشرة لها أهداب، وتساعد تلك الأهداب على تجمع البكتيريا والفطريات خاصة عند وجود رطوبة وظروف مهيئة.
وقال سالم: الأخطر أن الحشرة عندما تضع البيض تفرز إنزيمًا كيميائيًا يسمى الليبيز يغير من التركيب الكيميائي لحبة الفول وتغير من قيمتها الغذائية ونكهتها لذلك نحن أمام وجبة فول مسرطنة على المدى البعيد قد تصيب بنزلات معوية شديدة وقد يتجاوز الأمر إلى اكثر من هذا.



وأوضح الدكتور محمود عمرو، أستاذ السموم ومؤسس وحدة السموم بكلية طب قصر العينى، أن مَن يقول إن الحشرات الميتة ليس لها تأثير على صحة الإنسان هو عذر أقبح من ذنب، ضاربًا مثلًا أنه لو وضعنا طبق فاكهة فى غرفة ما ثم قمنا برش بيروسول فى هواء الغرفة فوقع الذباب على الفاكهة ميتا هل يمكن تناول الذباب مع الفاكهة ميتا؟، مضيفًا أن الفول المسوس الذى وجد به حشرات ميتة غير صالح للاستخدام الآدمي لأنه اصبح به حشرات ميتة لا يمكن تناولها، إضافة الى أننا سنتناول المبيد الذى قتلها هذا بالإضافة إلى السموم التى أفرزتها الحشرة، هذا بالإضافة إلى الفضلات التي تركتها الحشرة داخل الفول. 



ومن جهته قال الدكتور هشام سرور، أستاذ الكيمياء الفيزيائية والبيئية: إن الحشرات الميتة وأغلبها ما نسميها عامة بالسوسة أو خنافس الدقيق ونحن نسميها خنفساء الطحين الحمراء وهذه الحشرة الميتة لم توجد ميتة ولكن يسبقها فترة نشاط ولها أضرار على القمح على سبيل المثال فإنها تصبغه بلون يميل إلى الرمادي، بالإضافة إلى رائحة كريهة تنتقل إلى الطعم في المنتج النهائي، وتُشجع بذلك على تشكّل العفن والرائحة التي تأتي من مركبات أو فضلات الحشرات أبرزها مركبات الكينيون السامة والتي تكون بنسب لا تُذكر ولكن في النهاية هي سم ورغم أن هناك قوانين تسمح بدخول القمح وبداخله حشرات إلا أن دولة مثل أمريكا تسمح بكل 100 جرام مسموح أن يكون فيها 32 حبة مخربة أو أكثر، ومخربة تعني أن السوسة قد قامت بالواجب بإفرازاتها.

وأضاف سرور، أن هناك دراسة أُجريت في مصر على مدى عشر سنوات أخذت عينات من القمح ومن الطحين ومن الحشرات نفسها وحللتها على جهاز التحليل الكرموتوجرافي للبحث عن المواد السامة وكانت النتائج صادمة فبداية من تأثيرها في الدقيق الذي يفقده بعض خصائصه الميكانيكية في العجين وصفات المنتجات المخبوزة إلا أن بقايا هذه الحشرات عملت على إحداث عملية تزنخ سامة فهي تنتج مركبات الكينونات وهي مركبات هيدروكربونية حلقية وهي إخراجية من الحشرة وهي مركبات لا تتكسر بسهولة وتؤثر على خصائص الطعم والرائحة للمخبوزات واستخدامها على مدى سنوات يؤدي إلى ظهور السرطانات، وقد قام فريق البحث بتغذية حيوانات التجارب على مخبوزات كانت مصابة بهذه السوسة لمدة 8 أسابيع فتأثرت وظائف الكبد والكلى معا ونقص في مادة الألبومين ونقص في فيتامين أ وهـ في الدم وهي مضادة للأكسدة وبالتالي يفقد الحيوان جزء من مناعته ويصبح عرضه لأمراض الكبد والفشل الكلوي، وهنا أثبتت الدراسة كذب مقولة أن "بالنار كله بيروح وينظف"، وفي درجات حرارة عالية اكتشفنا أن مواد الكيونونات تظل ثابتة على سميتها.


وأكد النائب رائف تمراز، وكيل لجنة الزراعة بمجلس النواب، أن مكتشف شحنة الفول المسوس التى بها حشرات هى لجنة الزراعة في البرلمان، موضحًا أن هذه الشحنة تم التحفظ عليها بعد أن دخلت مصر ومنعت النيابة العامة تداولها في الأسواق لحين الكشف عليها مرة أخرى بمعرفة جهة محايدة هل الشحنة مطابقة من عدمه وذلك حتى يتم تداولها في الأسواق أو السماح لها كعلف للحيوانات، ونحن كنواب فى لجنة الزراعة نتابع هذا الأمر حتى نعرف ماذا سيحدث في هذه الشحنة.