البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

إخوان الدماء


لماذا الدماء عندهم رخيصة؟! ألا يعرفون شيئا من الإسلام فيدركون أن هدم الكعبة أهون عند الله من قتل إنسان يدب على الأرض آمنا مطمئنا يسعى في أرجائها لاكتساب معايشه؟! ألم يقرأ أحدهم آية من آيات القرآن ويتدبرها فيفهم أن الله حرَّم القتل، لا أظن أن هؤلاء يفهمون أو يتدبرون، ولكنهم يخرجون أقبح ما فيهم ثم يقولون: "إن هذا "القبيح" هو الدين نفسه وما نحن إلا الفئة الناجية التي تسعى لتطبيق الدين"! وكأن تطبيق شرع الله لا يقوم إلا بقتل المصريين الأبرياء، يضعون قنابلهم في المترو والقطار والمدرسة، لا يهمهم أن يسفر عن تفجيراتهم وقوع عشرات الضحايا، فقد قضوا أعمارهم وهم يستحلون الدماء ويبيحون الاغتيال العشوائي، ويرتبون للاغتيال المنظم، أثبت التاريخ معظم جرائمهم، وحينما أرادوا أن يتنصلوا منها كذبوا، كان من ضحاياهم علي باشا ماهر رئيس وزراء مصر الذي قتلوه عام 1945 انتقاما لسقوط البنا في الانتخابات، وقتلوا محمود فهمي النقراشي رئيس وزراء مصر انتقاما لأنه أصدر قرارا بحل الجماعة، ثم قتلوا من قبل المستشار الخازندار دون أن يطرف لهم رمش.
وإن أنسى لا أنسى أبدا ما قاله لي أحمد عادل كمال، أحد قادة النظام الخاص في عهد البنا، وهو جالس معي في مكتبي في غضون عام 2002، من أنه شارك في عملية اغتيال ولم يتم القبض عليه فيها، وإنه إلى الآن لا يزال مضطرب الفؤاد يبكي عندما يخلو إلى نفسه خوفا من الله بسبب هذا الجرم، وقد كتبت ما قاله لي في مقالة نشرت عام 2003 فضلا عن تدويني لما قاله لي في كتابين من كتبي، وقلت: لقد أيقن الرجل بعد أكثر من خمسين عاما بأنه ارتكب جريرة خالف فيها الإسلام مخالفة صريحة، ورغم أنه تاب وأناب ومزق نياط قلبه من البكاء، إلا أنه لم يكتب للشباب الجدد عن خطيئته ولم يحذرهم من الوقوع في مثيلاتها، فكتبت أنا شهادته هذه وقلت: وكأن الله كتب علينا أن ننتظر خمسين عاما أخرى ليعرف الشباب الجدد حين يصلوا لسن الشيخوخة الفانية أنهم ارتكبوا خطيئة في حق الدين والوطن!.
أما كيف اشترك أحمد عادل كمال في اغتيال الخازندار فهذا هو الاعتراف الذي صدر منه في الرابع عشر من أغسطس من عام 2014 حيث قال في حوار له بموقع "ويكيبديا الإخوان" الإلكتروني إنه شارك في عملية اغتيال الخازندار إذ أنه كان يعمل موظفا في بنك القاهرة وكان الإخوان يبحثون عن عنوان الخازندار فلا يجدونه، فقد كان سكنه محاطا بسرية كبيرة لأنه سبق وأن تلقى تهديدات بالقتل ، وتصادف أن قام المستشار الخازندار بفتح حساب في بنك القاهرة ، وكان أحمد عادل كمال هو الذي استقبله بالبنك وأخذ منه بياناته ومن سكنه، وبعد أن عرف العنوان وأنه كائن في شارع الرياض بحلوان قام بتقديم هذه البيانات لعبد الرحمن السندي الذي كان هو المسئول الأعلى له ، وهذا يدل على أن الاتفاق على قتل الخازندار كان منتهيا ومتوافقا عليه داخل الجماعة، وبعد أن حصل السندي على عنوان الخازندار قام بتكليف الشابين الذي وقع عليهما الاختيار فقاما بالجريمة النكراء.
ولم تبق من ذكرى الخازندار إلا تلك المشاعر الحزينة التي اجتاحت قلوب أهل مصر، إذ شعروا بأن الاعتداء على قدسية القضاء يعد شيئا خطيرا ليست له سابقة في مجتمعنا، ولكن أقلام الأخوان تحركت وكتبت وغيّرت التاريخ حتى بتنا نسمع صرير أقلامهم التي أهالت التراب على قاضٍ من أعلى قضاة مصر، فكأنهم بهذا اغتالوه مرتين، مرة بالرصاص، ومرة بالقلم الرصاص.