البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

السيسى في الحلقة الرابعة من حواره مع "عكاظ" السعودية: مصر أكبر من الكرسي.. وأعظم من شهوة السلطة.. ولا أفكر الآن إلا في سلامتها

الرئيس عبد الفتاح
الرئيس عبد الفتاح السيسي

السودان يحتاج إلى مصر.. ومصر لا تستغني عن السودان.. وعلينا دعمه بكل ما نستطيع

الوضع خطير.. والثقة ضعيفة بيننا.. وإذا لم نتحرك سريعًا فإننا نخطئ بحق أوطاننا

تعرض ليبيا لأي أخطار يعني تضررنا مباشرة ولن نسمح بذلك في كل الأحوال

السودان يحتاج إلى مصر.. ومصر لا تستغني عن السودان.. وعلينا دعمه بكل ما نستطيع

•• قلت لفخامة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وأنا أودعه عند باب مكتبه: أتمنى أن أراكم في اللقاء القادم وقد تحقق كل ما سمعته منكم اليوم لمصر.. أو للمنطقة العربية التي بدوت مهموماً بها همك بأوضاع بلدك أيضاً..

•• هز الرجل رأسه.. وأطلق العنان لبسمة متفائل وقال: «لا تكن متشائماً يا رجل، فما دامت الشعوب حريصة على الحفاظ على أوطانها ومكتسباتها .. فإنه لاخوف عليها ولا على أوطانها».

•• نظرت إلى وجه فخامته الهادئ الملامح وإن بدا الرجل عاصفاً من الداخل .. فهو يجمع في شخصيته بين قوة .. وصلابة القادة العسكريين .. ودهاء .. وحنكة الساسة .. وإن لم تغب عن شخصيته .. ثقافة ابن القرية .. والغيط المتمثلة بأصالتها وعمق ارتباطها بالأرض .. ونكهة التاريخ..

•• ولم أجد ما أقوله عند ذاك.. سوى أن أشكره على استقباله الكريم لي.. وتقديره لصحيفتي وقبل هذا لبلادي .. ولخادم الحرمين الشريفين الذي كان أول من فطن إلى حقيقة هذه الشخصية وعلق عليها آمالاً عراضاً للخروج بمصر من واقعها المؤلم وفتح أبواب ونوافذ الأمل نحو مستقبل أكثر إشراقاً..

•• وفي هذه الحلقة من هذا الحوار الماتع والهام .. فإنني لابد أن أشكر كل من ساهم في إنجاز هذا اللقاء الهام سواء في ديوان الرئاسة أو هيئة الاستعلامات أو السفارة المصرية بالمملكة وللجميع الشكر والامتنان.


الوضع خطير .. ولا علاج إلا بالعمل المشترك

فخامة الرئيس، هل أنتم متفائلون بعودة حالة الاستقرار والهدوء إلى المنطقة بشكل عام وفي العراق وسوريا بصورة أكثر تحديداً؟

•• التفاؤل مطلوب.. لكن لا يكفي لإبعاد دولنا وشعوبنا عن التعرض لمزيد من الأخطار.. نحن بحاجة إلى العمل.. وإلى الثقة ببعضنا البعض.. وإلى الاعتماد – بعد الله سبحانه وتعالى – على شعوبنا وليس على غيرها.. وعلى الاستعانة القصوى بمقدرات أوطاننا الهائلة لتمكيننا من الصمود.. وإلا فإن الوضع خطير للغاية.. وإذا نحن لم نُسارع بالعمل المشترك وتحقيق التكامل بيننا فإننا نفرط كثيراً في أمانتنا تجاه أوطاننا وشعوبنا.

 

جاهزون للاستجابة للشعب الليبي والحفاظ على بلاده

تابعت فخامة الرئيس حديثكم عن الوضع الليبي – خلال حضوركم المناورة الأخيرة للقوات البحرية.. وذلك بالتأكيد على أن مصر مع السلطة الشرعية والجيش هناك لكن ردود فعل ليبية داخلية وإقليمية خارجية صدرت لتؤكد رفضها لفرض سياسة الأمر الواقع – كما تقول – فبماذا تعلقون على ذلك؟

•• مصر مع إرادة الشعب الليبي.. وإذا طلب منا هذا الشعب ما يراه محققاً لسلامة واستقرار بلاده فإننا لن نتردد في الوقوف إلى جانبه ودعم مطالبه.

تقصدون – فخامتكم – بذلك الدعم العسكري أو المزيد من الدعم السياسي فقط؟

•• مصر لا تتدخل في شؤون الآخرين بأي حال من الأحوال.. كلنا سنقف إلى جانب الشعب الليبي وسلطته الشرعية وجيشه المؤمن بحقوق وطنه في الاستقرار والحفاظ على استقلاله وضمان سيادته على كامل أراضيه ومنع تفكك أجزائه.. وعلينا أن ندرك أن تعرض ليبيا لأي أخطار يعني تضرر مصر بصورة مباشرة وهذا الأمر لن نسمح به بأي حال من الأحوال.

وماذا تتوقعون أن تسفر عنه التطورات الراهنة على الأراضي الليبية.. ولاسيما في ظل اصطفاف أطراف إقليمية حول القوى المتطرفة بداخلها؟

•• إذا استمر صمود الشعب الليبي خلف برلمانه المنتخب وحكومته الشرعية.. وبدعم صادق ومخلص وأمين من أشقائه وأصدقائه.. فإنه لا خوف على ليبيا.. ونحن من جانبنا متيقظون لكل ما يحدث في الداخل الليبي أو من خارج ليبيا.. وما نريده هو أن تنتصر في النهاية إرادة الليبيين أنفسهم على عوامل التخريب والتدمير لمقدرات الدولة الليبية.. وهم قادرون بإذن الله تعالى على إبعاد وطنهم عن كل ما سيؤدي به إلى المزيد من الفوضى.. والخروج به من هذه الحالة المؤسفة وإعادة بنائه على أسس مؤسساتية تساعد على قيام دولة حديثة بكل المقاييس.. والليبيون يستحقون ذلك وقادرون على تحقيقه إذا اجتمعت كلمتهم.

مصر والسودان.. لاخيار لهما غير العمل المشترك

فخامة الرئيس.. حديثكم السابق عن أن لقاءكم بفخامة الرئيس السوداني عمر البشير قد أسفر عن تفاهمات عديدة أبرزها تركيزكم على المشتركات وتجنبكم الخوض في القضايا الخلافية المعلقة.. هذا الحديث.. لا يبدو مطمئنا لا للشعب المصري ولا للشعب السوداني .. فإلى أين تتجه الأمور؟

•• نحن بلدان يجمعهما مصير واحد.. ولا خيار أمامهما إلا بالتكامل والتعاون والتشاور والتنسيق الدائم في كل صغيرة وكبيرة.. ودعك مما يردده البعض من مثيري الفتن بين دولنا وشعوبنا.. لقد اتفقنا على أشياء كثيرة.. فالسودان يحتاج إلى مصر .. ومصر لا تستغني عن السودان.. وباختصار شديد فإن مصر تعرف جيداً احتياجات وأولويات السودان ولن تتأخر عن دعمه بكل ما تستطيع.. وعلى كل المستويات.. من طرق.. ومشاريع.. وضرورات قصوى من شأنها أن تساعده على استمرار عجلة التنمية دون توقف..

 

لا خوف على السودان من التلوث الثقافي

هناك من يتحدث عن تقارب كبير بين الأشقاء في السودان وبين إيران.. في وقت تعاني فيه المنطقة من التدخلات الإيرانية في أكثر من بلد وموقع.. كيف تنظرون فخامتكم إلى هذه المخاوف؟

•• السودان دولة مستقلة.. وهي تملك قراراتها.. وترسم توجهاتها بنفسها.. ولا أظنها بالأغلبية الساحقة فيها وبثقافتها تتجه نحو خيار كهذا بالرغم من حاجتهم إلى الدعم والمؤازرة، وهو الدعم الذي لا يجب أن نتأخر – نحن أشقاءها - في تقديمه لهم.. وما يعنينا في مصر هو أن يظل السودان قوياً.. ومتماسكا.. وأن يعمل بلدانا بالتعاون والتفاهم والتشاور المستمر على إبعاده عن كل الأخطار.. نقول هذا لأنفسنا.. كما نقوله لكل الدول العربية الشقيقة والصديقة.. لأن بقاء السودان قوياً هو في مصلحة الجميع.

 

لن نـُستدرج إلى مستنقعات الصراع العربي

فخامة الرئيس.. ألا تخشون من الاستدراج إلى مناطق التوتر في الصراعات المحيطة بكم.. في وقت تعملون فيه على تثبيت أركان الدولة المصرية القوية بجهود مضاعفة؟

•• مصر واعية لكل ما يدور حولها.. ومدركة لما يجب عليها أن تفعل لأن لديها رؤية واضحة ومحددة.. وأولويات دقيقة تحكمها حسابات مدروسة.. فبقدر ما نحن مهتمون كل الاهتمام بإعادة بناء بلادنا.. وتنمية كافة أوجه الحياة فيها.. فإننا نعيش هموم وأوضاع منطقتنا جيداً.. ولن نقف منها موقفاً سلبياً لا يتجاوز حدود المشاهدة.. لأن لمصر أدواراً حيوية لا يمكن أن تتخلى عنها.. كما أن لها سياسات ثابتة يجب التمسك بها والعمل على تنفيذها في المكان والزمان المناسبين دون تهور أو اندفاع.. وبما يحافظ على دورنا الإقليمي ومساهمتنا الفعالة في تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة والعالم.. إن الاستدراج الذي تتحدثون عنه شيء والمشاركة الفعالة في إنقاذ المنطقة من الانهيار شيء آخر.. ونحن نزن الأمور بميزان دقيق.. فلا إفراط ولا تفريط.. فمصر كبيرة بتاريخها.. وبجيشها.. وقبل هذا وذاك بشعبها الذي يعي مسؤوليته جيداً ويحرص على محافظة بلاده على مكانتها في الإقليم وعلى المستوى الدولي على حد سواء.

 

تأخرنا في التحرك لمواجهة الأخطار .. ولكن

ألم نتأخر كثيراً في العمل وفق هذا المنظور بدليل تعرض العديد من الدول العربية لمختلف أشكال الفوضى حتى اقترب بعضها الآن من اشتعال الحروب الأهلية بين شعوبها؟

•• مازال أمامنا متسع من الوقت لتجميع صفوفنا وتعزيز الثقة بين بعضنا البعض بهدف البناء على المشتركات وتجسير الفجوات القائمة بيننا.. وإعادة الحياة من جديد إلى العمل العربي المشترك.. ودرء الأخطار عن دولنا وأوطاننا وشعوبنا.. المهم الآن هو ألا نتأخر أكثر مما تأخرنا..

فخامة الرئيس.. ماذا تقول ــ بصورة أكثر تحديداً ــ لشباب مصر.. لاسيما أن هناك من يحاول أن يسمم عقولهم.. ويشككهم في قدرة بلادهم على الانطلاق إلى المستقبل الأفضل تحقيقاً لتطلعاتهم؟

•• الذين يتحدثون عن شباب مصر بهذه الصورة لا يعرفونه على حقيقته.. ولا يفهمون لماذا قام بثورتين متعاقبتين خلال عامين.. ولا كيف يفكر في المستقبل.. ولا كيف يعمل الآن على تأمين سلامة بلده.. إن شباب مصر.. من مختلف مواقعهم.. في الجامعة أو المدرسة.. أو القوات المسلحة.. أو أجهزة الأمن المختلفة وفي كل محافظة ومدينة وقرية هو الذي يؤمن مصر الحاضر ويعمل على تنميتها من أجل المستقبل.. وأستطيع أن أقول إن شباب مصر الذي قدم صورة وطنية راقية في التضحية وصنع التغيير الذي نعيشه هو الذي يقود مسيرة مصر نحو المستقبل المنشود.

 

تطلعات الشباب مشروعة وواجبة التحقيق

هل هناك خطط وبرامج ومشاريع توفر آلاف الفرص الوظيفية وتستوعب هذا الشباب في مختلف مجالات الحياة المصرية؟

•• بكل تأكيد.. فنحن وإن كانت الإمكانات الحالية محدودة لمواجهة مختلف التحديات التي تعترض طريقنا إلا أن عشرات المشاريع والبرامج والتصورات التي فرغنا منها أو باشرنا العمل فيها كلها تؤدي إلى ذات الأهداف التي تتحدثون عنها..

فنحن نعيد صياغة الحياة المصرية.. وثقافة الإنسان ونعمل على تهيئة بيئة العمل الصالحة وتنويع فرصه.. ونطالب الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني وكافة النخب ووسائل الإعلام بالتعاون من أجل تحقيق تطلعات الشباب وآماله.. وهي تطلعات مشروعة وواجبة التحقيق لقيام دولة العدالة والديمقراطية، وذلك جنباً إلى جنب مع قيام مؤسسات الدولة والقطاع الخاص بواجبها في هذا الاتجاه وغيره.. ولديَّ الثقة القصوى في أن أرى شباب مصر في كل موقع ومكان يليق به ويمكنه من تحقيق تطلعات وطنه في حياة كريمة.. وآمنة.. ومستقرة.. وسوف ترون هذا الشباب بكل تأكيد من خلال كافة مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية وفي كل ميادين العمل والنشاط كقوة منتجة وفعالة ولديها الكثير مما يمكن أن تقدمه ليس فقط لمصر.. وإنما لأمتها العربية أيضاً.

هل هذا التصور -فخامة الرئيس- واضح أمام الحكومة وفي كل أجهزة الدولة ومؤسسات المجتمع؟

•• نعم.. وسوف نراه بصورة أكثر وضوحاً بعد انتخاب مجلس النواب الجديد وكمسؤولية أساسية تقع على كاهل الحكومة عند ذاك.. بإذنه تعالى..

وأريد أن أوكد على أن مستقبل مصر الذي نشترك الآن جميعاً في رسم ملامحه وتحويلها إلى إنجازات في بضع سنوات يقوم على الجمع بين الأمل والعمل.. وكل المصريين إن شاء الله على مستوى التحدي وسوف يثبتون للعالم أنهم قادرون على تجاوز كل الصعاب وتعزيز إرادة التغيير المستمدة من إرادة الله ثم من عزيمتهم الصلبة.

 

نفكر «فقط» في مستقبل مصر الجميل

فخامة الرئيس.. هل بدأت التفكير من الآن في الدورة الرئاسية الثانية؟

•• ابتسم بهدوء.. وبشعور مليء بالثقة.. وصمت برهة ثم قال:

شغل مصر الشاغل الآن.. وشعبها العظيم ومؤسسة الرئاسة وحكومتها هو.. كيف نحافظ على مصر قوية.. لأن مصر تستحق منا جميعا أن نصونها ونحميها.. ونستثمر قدراتها وإمكاناتها وطاقات شعبها الهائلة لصنع المستقبل الأفضل للإنسان المصري.. لأن مصر أكبر من الكرسي.. وأعظم من شهوة السلطة.. ومستقبلها في رقبتنا.